الأحد 28 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
الضحك  والنفس الحزينة

الضحك والنفس الحزينة

 كان الشاعر «بيرون» يقول: ما ضحكت على مشهد بشرى زائل إلا وكان ضحكى بديلاً أستعين به على البكاء.. وهذا يعنى أنه كلما اشتد به الحزن قاده إحساسه الجميل العميق إلى الضحك والابتسام.. بدلاً من الاستسلام للكآبة.. أو كما يقول رجاء النقاش فى كتابه البديع «تأملات فى الإنسان» أن التعبير القوى عن الحزن فهو الفرح والبشاشة ومقاومة الأسى وتذليله وعزف الموسيقى له.. أما «أوسكار وايلد» فقد ناقش نفسه طويلاً فى مسألة الحزن والابتسام وتوصل أخيرًا إلى أن الطريقة الوحيدة للقضاء على متاعب الحياة وتغيير هذه المتاعب؛ هى الابتسام.. هذا ما يفعله دائمًًا الممثلون والممثلات الذين ينتمون إلى عالم الكوميديا.. فالمفارقة الغريبة تكشف لنا قسوة الحياة التى يعيشها أغلبهم والتى يخفون عذاباتهم محاولين الاستعلاء عليها وعلى الحزن والموت بالكوميديا التى تعنى الفرح بالحياة والاحتفال بها.. وهذه الحقيقة نفسها هى التى جعلت المصريين القدماء يحملون فى قلوبهم أقوى الأحزان.. ثم يعبرون عن هذه النفس الحزينة بالفرح والنكتة.



فى كتابه الممتع «ملح السينما» يكشف الكاتب الساخر «مؤمن المحمدى» عن نماذج من نجوم الفكاهة أثروا السينما المصرية بأدوارهم المميزة وتعلقت بهم الجماهير.. وضحكت معهم وعليهم كثيرًا.. بينما كانت حياتهم البائسة التى حاولوا فيها احتمالها وتجاوز آلامها هى طاقتهم الروحية الجبارة لمحاولة إسعاد متلقين لا يدركون هول ما يعانون، منهم على سبيل المثال «رياض القصبجى» الشهير «بالشاويش عطية» الذى أصيب بشلل نصفى منعه من الحركة، لكن حينما سأل عليه المخرج الكبير «حسن الإمام» الذى كان يحتاجه فى دور من أدوار فيلم «الخطايا».. قالوا له أن حالته الصحية تحسنت وبدأ يتحرك بشكل طبيعى .. فطلب مقابلته.. تحامل «القصبجى» على نفسه وذهب إلى البلاتوه يرافقه قريب له يتساند عليه.. فأدرك «حسن الإمام» أن الصورة التى نقلوها عنه غير حقيقية فالرجل يتحرك بصعوبة بالغة.. ولن يمكنه أن يقف أمام الكاميرا... ربت عليه «حسن الإمام» بود وقال له: «أنا بس كنت عاوز أطمن عليك.. وإن شاء الله قريب حتاخد أدوار رئيسية فى كل الأفلام الجاية»..

«القصبجى» فهم.. وطب ساكت مغمى عليه.

ولم يحدث أن «حسن الإمام» أسند أى أدوار لـ«القصبجى» لأنه بعد تلك الواقعة بشهور قليلة توفى.