الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

#تريند ـ الأسبوع.. #رسائل _«الإمام»

يا صديقى، تجمعنا مئات المسائل فلا تفرقنا مسألة، لا تحاول الانتصار فى كل الاختلافات فأحيانا كسب القلوب أولى من كسب المواقف، لا تهدم الجسور التى بنيتها وعبرتها فربما تحتاجها للعودة يوما ما.. وفى كلمات أخرى، فوالله ما أدرى أللفوز والغنى أساق إليها أم أساق إلى القبر - إشارة إلى مصر - هى كلمات تمثل فكر ومنطق عالم جليل حياته زاخمة بالأحداث السراء منها والضراء، أثره واضح وباق فى جيل حقبته وما لحقه من أجيال إلى يومنا هذا. كلمات بمثابة منهج الإمام الشافعى انتقى منها صناع العمل وهما المؤلف: «محمد هشام عبية» والمخرج «الليث حجو» ليستهلا بها حلقات العمل الفنى (رسالة الإمام) الذى يعرض خلال موسم رمضان 2023، واختيرت تلك الكلمات بعناية فكل حلقة تبدأ بجمل من أشعار الشافعى تعبر عن فكر ذلك الفقيه وأيضا تعكس روح الحلقة وأحداثها وتعبر عما تتضمنه كل حلقة من جانب لحياة الشافعى خاصة فترة انتقاله لمصر وكيف تم ذلك وما الصعوبات التى واجهها.



كل ذلك فى إخراج احترافى للمشاهد التى تحكى بأكثر من طريقة، على سبيل المثال المونتاچ الذى انتقل فى إحدى مشاهد الحلقات الأولى بين شخصية الشافعى التى يجسدها «خالد النبوى» وشخصية «هارون الرشيد» التى يجسدها «خالد القيش»، فترى الفارق جليا سواء من ناحية الرسم الجسمانى أو النفسى للشخصيتين، حيث يظهر على الشافعى التعب والتعذيب والخوف وهو مسجون ينتظر حكم الإعدام وترى أيضا شعره الأشعس وجروحه التى تملأ جسده وملابسه المتسخة وعلى الجانب الآخر يظهر هارون الرشيد منعما فى حجرته بملابسه النظيفة الراقية مهندما مستريحا يغلب عليه الكبر، فتلمس من خلال ذلك المشهد فقط حالة كل منهما وما يشعر به ويعانيه وفى نهاية المشهد تضع يدك على تأثير كل منهما على الآخر وذلك ما كشفته الإضاءة المحترفة حيث أظهرت وجه الشافعى المضىء بعلمه ورجاحة عقله وعلى العكس بالنسبة لـ«هارون الرشيد» الذى بقى دقائق فى الظلام حتى اقترب من الشافعى وبدأ يميل لفكره وكلامه وهنا ظهرت الإضاءة على وجه «هارون الرشيد» كتعبير عن استنارة عقله بعد أمره بعتق الشافعى من السجن وحكم الإعدام.

ولكن هل لعمل فنى دينى يتناول شخصية تاريخية أى أثر بدون رسم قوى للشخصية الأساسية وهو الإمام الشافعى وتجسيد يلمس قلبك وعقلك ويقترب بك كمشاهد لتلك الشخصية الفارقة فى تاريخ البشرية، وهنا يتحقق نجاح العمل من فشله وذلك ما حققه «خالد النبوى» بإتقانه للغة العربية وانغماسه الشديد فى شخص الشافعى وفكره مع تجسيد متقن لرزانته وهدوئه وردود فعله الذكية على أى موقف، ما يجبرك كمشاهد على معايشة الشخصية معه بكل ما تتعرض له، تلك المعايشة التى أصر عليها صناع العمل بدءا بتتر المسلسل الذى يدخلك لعالم الشافعى وروح تلك الحقبة الزمنية، فترى تلوين التتر يعبر ويحكى مع شكل الحبر والورق إلى جانب سماعك للآلات الوترية وخاصة التشيللو مع النقر على الطبول وصوت مناجاة الله فيندمجا سويا ليدخل بك لذلك العالم وكأنك تفتح كتابا عتيقا تاريخيا وتشم رائحته وتتحسس شخصياته وأحداثه.