الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

‎السفير وانغ دى مدير عام إدارة غرب آسيا وشمال إفريقيا بوزارة الخارجية الصينية: نجاحنا فى المصالحة بين المملكة العربية السعودية وإيران هو انتصار لإرادة السلام

‎تحت وساطة صينية، أجرت كل من المملكة العربية السعودية وإيران مفاوضات بين 6 و10 مارس الجارى، انتهت بإعلان استئناف العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، وفتح التعاون فى مختلف المجالات.



‎من جانبها، أوضحت القاهرة موقفها من إعلان الاتفاق على استئناف العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران.

‎جاء ذلك فى بيان للخارجية المصرية، ذكرت فيه: أن مصر تتابع باهتمام اتفاق استئناف العلاقات الدبلوماسية بين السعودية وإيران، وتتطلع إلى أن يسهم فى تخفيف حدة التوتر فى المنطقة.

‎وأعربت مصر وفقا للبيان عن تطلعها لأن يسهم الاتفاق فى تخفيف حدة التوتر فى المنطقة، وأن يعزز من دعائم الاستقرار والحفاظ على مقدرات الأمن القومى العربى، وتطلعات شعوب المنطقة فى الرخاء والتنمية والاستقرار.

‎ورأى خبراء فى شئون الشرق الأوسط أن الاتفاق السياسى والأمنى، الذى توصلت إليه المملكة العربية السعودية وإيران مؤخرا بوساطة دبلوماسية صينية، يعد إنجازا سياسيا إقليميا ودوليا مهما للغاية.

‎ففى خطوة سبقتها خمس جولات تفاوض فى بغداد، ثم وساطة صينية تضمنت جولات مشاورات فى بكين والرياض، أعلن البلدان فى بيان صدر حديثا استئناف العلاقات بينهما بشكل رسمى، بعد قطيعة دبلوماسية استمرت سبع سنوات.

‎جاء التوصل لهذا الاتفاق بعد مباحثات جرت فى الصين مع الرئيس شى جين بينغ، سبقتها زيارة رئيس الصين للرياض ولقائه قادة المنطقة، ونقل رسائل إيران إلى الرياض، تلا ذلك ترتيب لقاءات بين مسئولى الأمن من البلدين، السعودية وإيران، على رأسهم على شمخانى الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومى الإيرانى، ومساعد بن محمد العيبان وزير الدولة عضو مجلس الوزراء ومستشار الأمن الوطنى السعودى.

‎ففى فبراير زار الرئيس الإيرانى إبراهيم رئيسى، الصين والتقى رئيسها شى جين بينغ، وكانت ضمن المباحثات، حلّ المشكلات بين طهران والرياض بشكل نهائى.

‎وهكذا لعبت بكين بشكل متسارع دورا فى استعادة العلاقة بين البلدين، ذلك لما تمتلكه من إمكانات وساطة بعلاقاتها الجيدة مع البلدين وروابط سياسية واقتصادية تجمعها بهما، ورغبة بكين فى دعم الاستقرار فى المنطقة.

‎وكانت بنود الاتفاق الذى وقع فى بكين بحضور ممثلين عن إيران والسعودية والصين، أولُا: استئناف العلاقات الدبلوماسية وإعادة فتح السفارتين والممثليات الدبلوماسية فى غضون شهرين. وثانيًا: الاتفاق على مناقشة سُبل تعزيز العلاقات من خلال اجتماع وزيرى خارجية السعودية وإيران للتشاور. وثالثًا: تفعيل اتفاقية التعاون الأمنى بينهما، ورابعًا: احترام سيادة الدول وعدم التدخل فى شؤونها الداخلية.

‎وفى تصريحات خاصة لروزاليوسف، تحدث السفير وانغ دى مدير عام إدارة غرب آسيا وشمال إفريقيا بوزارة الخارجية الصينية، عن نجاح الوساطة الصينية فى استعادة العلاقات بين السعودية وإيران.واستعرض نتائج المحادثات بين الجانبين والموقف الصينى تجاه قضايا المنطقة.

فى البداية سألناه، لقد لاحظنا أن هناك ثلاثة إجراءات دبلوماسية هامة قامت بها الصين فى الآونة الاخيرة تجاه القضايا العربية قد تغير خريطة العلاقات الدولية.. فعلى سبيل المثال قد طالبت بكين واشنطن بإنهاء احتلال قواتها غير المشروع من سوريا فورا. وتبنت بكين أيضا حل الدولتين فى فلسطين.. كما لعبت دورا هاما مؤخرا فى إعادة العلاقات بين السعودية وإيران.. فهل يعنى ذلك دورًا أكبر لبكين فى الشرق الاوسط ومزيدًا من الدعم للقضايا العربية وهل نشهد عهدًا جديدًا للدبلوماسية الصينية فى منطقتنا العربية ؟

- ‎إن تعزيز السلام والمحادثات هو موقف صينى ثابت بشأن القضايا الدولية الساخنة. وبالمقارنة مع بعض الدول الغربية، فإن الصين تقيم علاقات ودية مع دول فى الشرق الأوسط وتتمسّك بسياسة محايدة. وهو يكسبها مصداقية للوساطة فى القضايا الساخنة.

‎كما أن الوساطة الصينية الناجحة بين المملكة العربية السعودية وإيران لم تكن مصادفة. فقد تمسكت الصين منذ فترة طويلة بموقف عادل وصادق، الشيء الذى جعلها تصبح وسيطا تثق به جميع الأطراف.

‎وتدعو الصين إلى تنفيذ مبادرة الأمن العالمى، والالتزام بمفهوم أمنى مشترك وشامل وتعاونى ومستدام، وتدعو إلى مسار أمنى جديد يتميز بالحوار بدلًا من المواجهة، والشراكة بدلًا من التحالف والفوز المشترك بدلًا من المعادلة الصفرية. وفيما يتعلق بقضايا الشرق الأوسط، ترحب الصين وتدعم دول المنطقة، بما فى ذلك المملكة العربية السعودية وإيران، لإجراء حوارات أمنية وبناء نظام أمنى مستقل للمنطقة، يتوافق مع الواقع الإقليمى ويأخذ فى الاعتبار مصالح جميع الاطراف.

ولكن كيف استطاعت الصين فعل ذلك وإقناع الطرفين باستئناف المفاوضات؟

- يعود السبب بالدرجة الأولى إلى الرغبة فى السلام والتنمية، ولقد بدأت بالفعل فى أرض الشرق الأوسط، كما أن هذه الرغبة تزداد، وتزداد قوة بذور السلام لاختراق جميع الحواجز، والحروب المدمرة، وهذا يتوافق إلى حد كبير مع مبادرة الأمن العالمى للصين ومبادرة التنمية العالمية. وكدولة رئيسية مسؤولة، تعاملت الصين دائمًا مع دول الشرق الأوسط بطريقة ودية، وكانت دائمًا قوة بناءة مهمة فى تعزيز السلام ودعم التنمية فى الشرق الأوسط. وعلى مر السنين، نشطت الصين فى تعزيز السلام والأمن الإقليميين، واتخذت مبادرة للتحدث علنا عن حلول سياسية لقضايا النقاط الساخنة الإقليمية. وحوار السعودية وإيران مثال ناجح لمبادرة الأمن العالمى.

‎وقد نال حسن نية الصين وإخلاصها ثقة جميع الأطراف المعنية، كما تم الاعتراف بالحل الصينى من قبل جميع الأطراف وأظهر جاذبية قوية، ما يدل على أنه بغض النظر عن مدى تعقيد المشكلات ومدى حدة التحديات، فطالما هناك حوارات على قدم المساواة بروح الاحترام المتبادل، سنكون بالتأكيد قادرين على إيجاد حل مقبول للطرفين، وقد كانت الزيارة الناجحة التى قام بها الرئيس شى جين بينغ إلى المملكة العربية السعودية فى ديسمبر من العام الماضى، وزيارة الرئيس الإيرانى محمد رئيسى إلى الصين فى فبراير من العام الحالى، تعبّر على أن الصين صديق موثوق بالنسبة للجانبين.

‎ومنذ عام 2019، عقدت الصين منتديين حول الأمن فى الشرق الأوسط، وساهمت بحكمتها فى بناء إجماع واسع لتعزيز الأمن والاستقرار فى الشرق الأوسط. وقد مهدت هذه الخطوات الدبلوماسية الطريق للصين لتعزيز المصالحة بين السعودية وإيران. ويمكن القول إن هذا الحوار، مثل ممارسة ناجحة للتنفيذ الفعال لمبادرة الأمن العالمى.

‎كما يجب أن نشير أيضا إلى أن الصين ودول الشرق الأوسط، تجمعهم علاقات تاريخية طويلة وشراكة ودية. وقد عبرت المصالحة «السعودية - الإيرانية» فى بكين، عن اعتراف وثقة البلدين فى الصين وسياساتها فى الشرق الأوسط.

برأيك.. ما مدى تأثير تلك المصالحة من وجهة نظر بكين على الإقليم بالكامل ؟

‎إن المصالحة «السعودية - الإيرانية» فى بكين تعد علامة فارقة، كما توفر عينة ونموذجًا لتسوية النزاعات المعقدة. ويمكن للناس فى اليمن وسوريا وحتى أوكرانيا وغيرها من المناطق التى مزقتها الحرب فى جميع أنحاء العالم أن يروا الأمل وفجر السلام فى الحوار.

‎فالمملكة العربية السعودية وإيران قد اتخذتا خطوة تاريخية فى بكين، ووضعتا خارطة طريق وجدولا زمنيا لتحسين العلاقات، وأساسا متينا للتعاون. كما مثلت المصالحة، نموذجا لبقية دول المنطقة لحل النزاعات والخلافات من خلال الحوار والتشاور، وتحقيق حسن الجوار والتعايش السلمى الأمر الذى سيمكن دول المنطقة من تجنب التدخل الأجنبى والتحكم فى مصائرها بنفسها.

‎والشرق الأوسط يعد من أكثر المناطق تعقيدا فى العالم. لكن المصالحة «السعودية - الإيرانية»، بينت أنه مهما كانت المشاكل معقدة، ومهما بلغت التحديات، فإن دول المنطقة تبقى من خلال الحوار وروح التفاهم والاحترام المتبادل، قادرة على إيجاد حلول مقبولة لدى الجميع.

كيف تنظرون إلى الموقف الأمريكى من المصالحة والأطراف الإقليمية الأخرى؟

‎- لا توجد مصلحة ذاتية فى وساطة الصين لاستئناف العلاقات الدبلوماسية السعودية - الايرانية، ونحن سعداء حقًا بالتقدم الذى أحرزته السعودية وإيران، كما نود أن نرى القوى العالمية، بما فى ذلك الولايات المتحدة، جنبًا إلى جنب مع الصين، للمواجهة بشكل صحيح، واحترام الدعوة إلى السلام والتنمية فى الشرق الأوسط، وبذل جهود حقيقية وبناءة للتوصل إلى حل سياسى للخلافات فى هذه المنطقة وحتى المزيد من مناطق العالم. ونحن نؤمن بأن تحقيق الحل السلمى من خلال الحوار وتحقيق التنمية من خلال السلام لهما القدرة على اختراق قلوب الناس فى هذا العصر، وأن انتصار السلام وحده هو الانتصار الحقيقى.

 وكيف تقيمون تأثير هذا الاتفاق على سوق الطاقة العالمية؟

‎- إن التوسط فى اتفاق بين إيران والسعودية لاستئناف العلاقات الدبلوماسية يمكن أن يساعد فى حماية إمدادات الطاقة العالمية.

‎ وبعد الاتفاق التاريخى بين الدولتين، فإن كلتيهما من الدول الغنية بالموارد، ويمكن أن يساعد تحسن العلاقات بينهما فى حماية إمدادات الطاقة العالمية. 

‎فقد تعطلت سلاسل إمداد الطاقة مؤخرًا، مما أدى إلى تفاقم نقص العرض والطلب على الطاقة العالمية، وبالتالى رأينا تقلبات فى أسعار الطاقة العالمية، مما أدى إلى تقييد نمو الاقتصاد العالمى حيث تعد كل من المملكة العربية السعودية وإيران دولتين غنيتين بالموارد فى منطقة الخليج، تقع أيضًا على طول الطرق الاستراتيجية، التى يمر من خلالها النفط والغاز العالمى، لذلك أعتقد أن تحسن العلاقات بينهما أمر جيد للسلام والاستقرار الإقليميين.

‎ولذلك فبالإضافة إلى كونه مثالًا جيدًا، فإن المغزى الآخر لهذا الحوار هو أن تحسين العلاقات يمكن أن يساعد فى حماية إمدادات الطاقة العالمية وضمان إمدادات كافية من النفط والغاز، وأعتقد أن هذا فى مصلحة جميع البلدان.

سؤال أخير: هل يمكن أن يكون لتلك المصالحة تأثير إيجابى على الحرب الدائرة فى اليمن؟

‎لقد مهدت الأعمال الدبلوماسية الأخيرة الطريق للنجاح الصينى فى تحقيق المصالحة بين السعودية وإيران. وتدعو الصين جميع الدول إلى الالتزام بمفهوم الأمن المشترك والشامل والتعاونى والمستدام وعلى استعداد للعمل مع المزيد من الدول لتعزيز تنفيذ مبادرة الأمن العالمى وبناء عالم يسوده السلام الدائم والأمن العالمى بشكل مشترك.

‎ونأمل أن تؤدى مباحثات بكين بين السعودية وإيران ونتائجها المهمة إلى خلق ظروف مواتية لتحسين الأوضاع فى اليمن وأن تغتنم جميع الأطراف اليمنية هذه الفرصة لبناء الثقة المتبادلة والتوصل إلى الاتفاق بشأن تمديد الهدنة فى أسرع وقت ممكن، والعودة إلى طاولة المفاوضات والبدء فى مرحلة جديدة.

وستواصل الصين تعزيز التواصل مع جميع الأطراف فى اليمن والحفاظ على التنسيق مع دول المنطقة والعمل مع المجتمع الدولى لدعم الجهود من المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة بشأن اليمن من أجل عودة السلام فى اليمن والحياة الآمنة والسعيدة والمزدهرة للشعب اليمنى ولنعمل سويا لإعطاء فرصة للحوار والسلام في اليمن.