الأربعاء 8 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

إحالة الرئيس المنتخب للمحاكمة بتهم موجهة بموجب قوانين إحدى الولايات ستدخل حيزًا قانونيًا مجهولاً: ترامب لن يحاكم إلا فى منتصف حملته الرئاسية فى 2024

عاد الرئيس الأمريكى السابق دونالد ترامب إلى واجهة الأحداث الأمريكية والعالمية من جديد بعدما دعا أنصاره إلى التظاهر دعمًا له قائلاً إنه سيتم إلقاء القبض عليه فى أى لحظة تحسبًا لاحتمال توجيه تهم رسمية إليه فى قضية تقديم مبالغ مالية مشبوهة كرشوة منذ سنوات. وتتزامن دعوات ترامب مع استعادة حساباته فى منصات التواصل الاجتماعى وأهمها يوتيوب وفيسبوك، حيث يمتلك 34 مليون متابع على فيسبوك وأكثر من 2.6 مليون متابع على يوتيوب، ويأتى هذا بعد أسابيع من استعادة حسابه أيضًا فى تويتر الذى سبق أن منع منه على خلفية موقفه المؤيد لمظاهرات أنصاره العنيفة التى اقتحمت مبنى الكابيتول الذى يمثل مقر الكونجرس عقب خسارته الانتخابات الرئاسية عام 2022 أمام الرئيس الحالى چو بايدن والتى رفض الرئيس السابق الإقرار بها.



 

وكتــب الرئيـس الجـمهورى السابق 2017-2021 الذى أعلن ترشحه للانتخابات الرئاسية لعام 2024 فى حسابه على منصته الاجتماعية الخاصة Truth Social فى منشور بأحرف كبيرة: تظاهروا! استعيدوا بلادنا! محذرًا من الدعاوى القضائية مع العلم أن الإدانة لو تمت فستكون أمرًا يحدث لأول مرة لرئيس سابق فى الولايات المتحدة فى حال اعتقل أو حتى مجرد توجيه اتهامات له رسميًا.

ويركز التحقيق على دفع مبلغ 130 ألف دولار قبل أسابيع من انتخابات الرئاسة فى عام 2016 لشراء صمت ممثلة حول علاقة معها منذ سنوات الأمر الذى كان سيضر بحظوظ ترامب الذى ترشح وفاز فى تلك الانتخابات الرئاسية. ورغم أن دفع هذا المبلغ يعتبر بحد ذاته قانونيًا فى الولايات المتحدة، فإنه يطرح مشكلة على اعتبار أن مكتب المدعى العام فى نيويورك الذى يقود التحقيق يتعامل معه على أنه تبرع خفى فى إطار حملة الرئيس، وهو ما يعد انتهاكًا لقوانين التمويل الانتخابى ومساهمة غير مشروعة فى الحملة الانتخابية، حيث استفاد ترشحه لأرفع منصب فى البلاد من صمتها وفقًا لما يقوله مكتب المدعى العام. وتنطلق إشارة ترامب الجديدة على خلفية تسريبات من النيابة العامة لولاية نيويورك فى منطقة مانهاتن وشائعات تتكاثر منذ أيام حول احتمال صدور لائحة اتهام جنائية محتملة فى قضية الممثلة ستورمى دانييلز من جانب هيئة محلفين كبرى، وهى لجنة مواطنين تتمتع بسلطات تحقيق واسعة ومسئولة عن التصديق على لائحة الاتهام، حيث وصف ترامب مكتب المدعى العام لمنطقة مانهاتن ألفين براج وهو قاضٍ منتخب وديمقراطى بأنه فاسد ومسيّس.

اللافت فى القضية الجديدة أن محاميه الشخصى السابق مايكل كوهين الذى أصبح من ألد أعدائه إثر خلافات لاحقة بينهما هو المسئول عن دفع مبلغ 130 ألف دولار إلى الممثلة، وقد أدلى مايكل كوهين الذى أدين فى هذه القضية بشهادته مرتين على الأقل أمام هيئة المحلفين الكبرى فى هذا التحقيق الأسبوع الماضى. وليست تلك التهمة الوحيدة التى تلاحقه فهناك دعوى احتيال من ولاية نيويورك بقيمة 250 مليون دولار تواجه ترامب أيضًا وتزعم وجود مخطط استمر لعشر سنوات للتلاعب بأكثر من 200 تقييم للأصول ولصافى ثروته للفوز ببنود أفضل من البنوك وشركات التأمين غير أن ترامب وصف الدعاوى القضائية بأنها مكيدة. على أن الإدانة لو تمت فلا يمكن الجزم بعواقبها المحتملة على مسيرة ترامب فى حملته لتولى فترة رئاسية جديدة، وقد أكد أنه لا يعتزم سحب ترشحه حتى إذا تمت إدانته فى ظل إمكانية مضى مرور شهور أو سنوات فى بعض الحالات قبل أن يصدر الادعاء الاتهام. بجانب ذلك، فإن الإدانة لا تمنع ترامب قانونيًا من الترشح فى انتخابات الرئاسة لعام 2024، لكن وفقًا للأعراف الانتخابية فإنها قد تكون مادة للتراشق الانتخابى بين المتنافسين على كسب ود القواعد المؤيدة للحزب الجمهورى وسط جدل قد يرافق أى مرشح مدان بتهم تقديم مبالغ مالية مشبوهة.

وتثير هذه الدعوة الاحتجاجية من ترامب مخاوف جديدة للسلطات الأمريكية تذكر الشارع بأصداء الدعوة التى أطلقها فى عام 2020 زاعما فيها أن الانتخابات الرئاسية سرقت منه ليدفع الآلاف من أنصاره للتظاهر فى العاصمة واشنطن فى السادس من يناير 2021 فى محاولة منهم لمنع المصادقة على انتخاب چو بايدن رئيسًا.. تداعيات تصريحات ترامب أحدثت ردود فعل عند العديد من الحاقدين عليه ومن بينهم رئيسة مجلس النواب السابقة الديمقراطية نانسى بيلوسى التى كانت داخل مبنى الكابيتول وقت الهجوم عليه عام 2022 وقالت إن إعلان ترامب خطير متهمة إياه بالرغبة فى الاستمرار فى تصدر العناوين وإثارة مؤيديه، كما يتوقع أن تشحن تصريحاته حماسة بعض أنصاره خصوصًا وأنه كتب على منصتى فيسبوك ويوتيوب فى أول إطلالة بعد استعادة الحسابات: «لقد عدت» مرفقًا إياها بمقطع استغرق 12 ثانية وقال فيه آسف لجعلكم تنتظرون إنه عمل معقد وهو ما قوبل بآلاف التعليقات وكان كثير منها مؤيدًا لعودته على تلك المنصات. 

وأثارت عودة ترامب لمنصات التواصل جدلاً قانونيًا واجتماعيًا، إذ اتخذ الادعاء من منشورات ترامب الهجومية على وسائل التواصل الاجتماعى دليلًا فى الدعاوى القضائية المرفوعة ضده وضد إدارته، بالإضافة إلى ذلك تعارض مجموعات ناشطين مثل ميديا ماترز فور أمريكا السماح لترامب باستغلال إمكانات الاتصال التى يوفرها عمالقة التكنولوچيا واتهمت شركة ميتا المشغلة لتطبيق فيسبوك بتجاهل مخاطر ترامب المستمرة على السلامة العامة.

ويقول خبراء متخصصون بالحملات الانتخابية إن فوز ترامب المفاجئ فى انتخابات 2016 يعود جزئيًا إلى نفوذه على وسائل التواصل الاجتماعى وانتشاره الرقمى الهائل، وتقول تقارير بأن ترامب لا يزال يتمتع بشعبية واسعة بين ناخبيه على الرغم من هزيمته فى الانتخابات الرئاسية والانتقادات التى تعرض لها بسبب أعمال العنف التى وقعت فى يناير بالكونجرس فقد كشف استطلاع للرأى فى فبراير 2023 أن نسبة 46 % من الناخبين الذين صوتوا لترامب سابقًا سيصوتون له مرة أخرى لو أنشأ حزبًا جديدًا، وهو ما استبعده ترامب نفسه خشية الانشقاقات داخل الحزب الجمهورى. وانتقد رئيس مجلس النواب الأمريكى كيڤن مكارثى التحقيقات واعتبرها ذات دوافع سياسية وقال أقوم بتوجيه اللجان ذات الصلة فى مجلس النواب للتحقيق الفورى فيما إذا كانت الأموال الفيدرالية تستخدم لتقويض ديمقراطيتنا من خلال التدخل فى الانتخابات أو الملاحقات القضائية ذات الدوافع السياسية.

وكان مايكل كوهين محامى ترامب السابق أدلى بشهادته فى 14 مارس الجارى أمام هيئة محلفين كبرى فى نيويورك فى إطار التحقيق حول قضية الأموال المدفوعة لممثلة الأفلام الإباحية. وقال مايكل كوهين لوسائل إعلام لدى وصوله إلى المحكمة إن ترامب عليه أن يدفع ثمن أفعاله الدنيئة مؤكدًا رغبته فى قول الحقيقة وعدم السعى للانتقام. وأكد محامى ترامب لانى ديڤيس أن موكله يخضع للاستجواب من جانب هيئة محلفين كبرى مؤلفة من مواطنين وتتمتع بصلاحيات واسعة فى مجال التحقيق. وجاء دفع هذا المبلغ قبل أسبوعين من الانتخابات الرئاسية التى فاز فيها المرشح الجمهورى على الديمقراطية هيلارى كلينتون. وحكم على محامى ترامب السابق بعدما أقر بالتهم الموجهة إليه بالسجن 3 سنوات لتدبيره دفع المبلغ فى انتهاك لقوانين تمويل الحملات الانتخابية، مؤكدًا أنه تصرف بتصريح واضح من المرشح الجمهورى فى ذلك الوقت ترامب الذى أعاد له المبلغ ما إن دخل البيت الأبيض. 

ودفع مايكل كوهين، المحامى الشخصى السابق لترامب مبلغ 130 ألف دولار لدانيلز واسمها الحقيقى ستيفانى كليفورد فى الأيام الأخيرة من الحملة الرئاسية عام 2016 لتلتزم الصمت تجاه ما تزعم أنه علاقة أقامتها مع ترامب، ونفى الرئيس السابق ذلك وصور محاموه هذه الأموال على أنها مدفوعات ابتزاز، ويبحث المدعى العام فى مانهاتن ألفين براج ما إذا كان سيتهم ترامب بتزوير سجلات تجارية بعد أن سددت منظمة ترمب لكوهين هذه المدفوعات قبل أن تسجلها كمصروفات قانونية. وتعتبر القضية معقدة قانونيًا إذ يسعى القضاء فى نيويورك إلى تحديد ما إذا كان ترامب مذنبًا بتزوير بيانات وهو ما يعد حجة أو بسبب خرق قوانين تمويل الحملات الانتخابية مما يشكل جريمة جنائية. وأشارت ABC NEWS إلى أن المتهمين الجنائيين ذوى الياقات البيضاء (مرتكبى الجرائم المالية) فى نيويورك عادة ما يسمح لهم بالتفاوض بشأن تسليم أنفسهم.

والسؤال هنا: هل لو حدث وتم إلقاء القبض على ترامب وتوجيه إتهامات له هل من الممكن أن ينجح فى انتخابات 2024، يقول خبراء قانونيون إن أى محاكمة لترامب لن تبدأ ربما إلا بعد أكثر من عام وقد تتزامن مع الأشهر الختامية للحملة الانتخابية لرئاسة البيت فى 2024 والتى يسعى فيها ترامب للعودة إلى المكتب البيضاوى. وتظهر استطلاعات رأى أنه متقدم على منافسين محتملين لنيل ترشيح الحزب الجمهورى لخوض انتخابات الرئاسة ومن بينهم حاكم ولاية فلوريدا رون دى سانتيس الذى يتوقع بشكل كبير أن يخوض سباق الترشح. وإذا ما وجهت السلطات له اتهامات سيكون ترامب أول رئيس أمريكى سابق يخضع للتقاضى باتهامات جنائية.