السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

دراما من زمن فات (دموع فى عيون وقحة) و(رأفت الهجّان) أكثر من أربعين عامًا على أول ثنائية دراما المخابرات المصرية فى رمضان (الحلقة الأولى)

لا يعرفُ الكثيرُ من الجيل الجديد مذاقَ مسلسلات رمضان، قبل الهجمة التكنولوچية والإنترنت التى اجتاحت العالم، وغيّرت إلى حد كبير ثقافتنا الآن.. هذا الجيل، لا يعرفُ أيضًا طقسَ انتظار مسلسلات رمضان بعد الفوازير والبرامج الترفيهية التى كانت متاحة على قناتين أو ثلاث يبثها التليفزيون المصرى. منذ بداية ثمانينيات القرن الماضى، كان طقس مسلسلات رمضان مثل انتظار يوم العيد، كنا ننتظر مسلسل التاسعة مساءً، بشغف لا يمنعه هذا الكم الهائل من الإعلانات التى أصبحت تصيبنا بالثقل الذهنى فى السنوات الأخيرة.



فى العام 1980 كانت المرّة الأولى التى تجتمع فيها الأسَر المصرية بطبقاتها الاجتماعية المختلفة لمشاهدة مسلسل تليفزيونى بوليسى يكشف لأول مرّة خفايا معارك مصريين خدموا وطنهم على مدار عقود وسنوات طويلة.. فكان أول مسلسل من ملفات المخابرات المصرية (دموع فى عيون وقحة) والذى عُرض فى أول أيام رمضان من العام 1400هـ والموافق 13 يوليو من عام 1980م.. 

كانت الأسر المصرية لا تزال تتذوق طعم الانتصار الحقيقى فى حرب أكتوبر، لكن ألم الهزيمة عام 1967 كان عالقًا فى أذهان أجيال الآباء والأمهات منهم. 

كانوا ينتظرون بشغف مسلسلاً تليفزيونيًا يشاهدونه وهم يتناولون البقلاوة والقطايف والزلابية يكشف ولأول مرّة عن أسرار وخفايا حقيقية مأخوذة من ملف المخابرات المصرية وهو (دموع فى عيون وقحة) كواحد من أوائل المسلسلات المصرية التى كشفت عن عالم الجواسيس وأنشطة المخابرات العامة ودورهم فى حرب أكتوبر 1973.. وكان هذا النوع من المسلسلات يشبع رغبة المصريين آنذاك من معرفة ما حدث خلف الكواليس من خلال قصص كان أبطالها مصرين حقيقيين، ساعدوا فى نجاة مصر من دم الاحتلال الإسرائيلى... فكان المُشاهد فى الثمانينيات يحرص على متابعة هذا العمل والذى يُصنف الأول فى تاريخ الدراما البوليسية؛ لأنه يكشف أحداثًا وأسرارًا كشفت عنها المخابرات المصرية، مما تبعث فى داخلنا شعورًا بالوطنية وإحساسًا بالفخر من هؤلاء الأبطال الحقيقيين. 

وبعد ثمانية أعوام، ونجاح مسلسل (دموع فى عيون وقحة) جاءت ملحمة وطنية أخرى من ملف المخابرات العامة، وهى مسلسل (رأفت الهجّان) بأجزائه الثلاثة. وقد عُرضت الحلقة الأولى من الجزء الأول 17 أبريل 1988م الموافق 1 رمضان 1408هـ.. ولكل منهما مكانة خاصة ونجاح استثنائى فى تاريخ الدراما المصرية الوطنية حتى كتابة هذه السطور. 

وما يربط كلا العملين هى ثلاثة أضلاع أساسية، كانت السبب الحقيقى وراء هذا النجاح والتأثير وهم المخرج يحيى العلمى، والمؤلف صالح مرسى، والملحن الموسيقى عمار الشريعى..

 (دموع فى عيون وقحة)

وهو مسلسل بوليسى مبنى على قصة حقيقية أيضًا لإحدى العمليات المخابراتية المصرية ضد جهاز الموساد الإسرائيلى، كان بطلها العميل المصرى (أحمد محمد عبدالرحمن الهوان)، والذى ظهر خلال المسلسل باسم «جمعة الشوّان»، وقد جسّد شخصيته الممثل المصرى عادل إمام، ويروى المسلسل قصة شاب مصرى ينتمى إلى فئة اجتماعية بائسة يقوم بإعالة أسرته الفقيرة ويعمل فى ميناء السويس، يحاول جهاز المخابرات الإسرائيلى «الموساد» تجنيده، ولكنه يلجأ للمخابرات المصرية لإخبارهم بما حدث، فيطلبون منه الاستجابة للعدو، من أجل الحصول على معلومات منهم وتسريب أخبار خاطئة لهم، ومن ثم يستمر «الشوّان» فى العمل مع الموساد الإسرائيلى كعميل مزدوج لهم داخل مصر لمدة ست سنوات قبل أن ينجح فى سرقة تكنولوچيا التجسُّس من الموساد لصالح المخابرات المصرية..

وبعد سنوات من عرض المسلسل قيل إن شخصية الضابط المصرى المسئول عنه والذى كان اسمه «الريس زكريا» ولعب دوره صلاح قابيل، هو اللواء عبدالسلام المحجوب محافظ الإسكندرية الأسبق، وأن الضابط الإسرائيلى المخدوع، أبو داود، الذى لعب دوره مصطفى فهمى، هو شيمون بيريز.. 

 (رأفت الهجّان) ملحمة وطنية من واقع ملفات المخابرات العامة المصرية

منذ بث الحلقة الأولى فى الأول من رمضان  1408هـ، والشوارع تخلو تمامًا، الجميع جالس أمام شاشة التليفزيون، يتابع بلهف دراما بوليسية شيقة.. وقتها كان محمود عبدالعزيز، نجمًا سينمائيًا وتليفزيونيًا مؤثرًا فى ذلك الوقت، ولديه شعبية كبيرة فى مصر وجميع أنحاء الوطن العربى.

المسلسل كما أشرنا من قبل أنه مأخوذ من قصص حقيقية من ملفات المخابرات المصرية، عن قصة الجاسوس المصرى «رفعت على سليمان الجمّال» والذى كان قد تم زرعه داخل المجتمع الإسرائيلى لـ17 عامًا للتجسُّس على مراكز اتخاذ القرار الإسرائيلية لصالح المخابرات العامة المصرية. 

توالى عرض الجزئين الثانى والثالث عامَى1990 و1992 اللذين يتناولان الكثير من حياة الجمّال، وذلك منذ اختيار الجاسوس وسنوات حياته قبل تجنيده مرورًا بمرحلة زرعه داخل المجتمع اليهودى داخل مصر قبل إرساله إلى تل أبيب حتى وفاته بدولة ألمانيا عام 1982.

(1)

الخلاف بين عادل إمام ومحمود عبدالعزيز بسبب «الهجّان» 

بعد النجاح الذى حققه مسلسل (دموع فى عيون وقحة)، والذى كان أول دور يقوم به عادل إمام فى إطار جديد بالنسبة له بعيدًا ومختلفًا عن أدواره والمعروف عنها كوميديا شيقة، وهادفة أيضًا. وقتها كان «إمام» نجم الشباك الأول فى السينما.. كان «إمام» متحمسًا لتكرار دور الجاسوس مرّة أخرى، عندما طلب منه المخرج يحيى العلمى والمؤلف وكاتب السيناريو «صالح مرسى» القيام ببطولة مسلسل (رأفت الهجّان) والذى سَمّياه باسم البطل ذاته بعد أن تحوّل اسم بطل المسلسل «جمعة الشوّان» كأنه اسم للمسلسل.. 

بالفعل وفى عام 1987 بدأ عادل إمام بعمل بروفات وقراءة السيناريو، لكن قبل فترة من بدء التصوير، طلب عادل إمام تغيير مقدمة بداية الحلقة الأولى من الجزء الأول من (رأفت الهجّان) والتى بدأها صالح مرسى بمشهد النهاية وبوفاة الهجّان فى ألمانيا، واعترافه لزوجته وحبيبته «هيلين» أنه ليس إسرائيليًا ولا يهوديًا، إنه مصرى ومسلم.. وقتها رفض عادل إمام تلك البداية، وطلب أن تكون البداية عادية وتقليدية مع إلغاء الفلاش باك، مبررًا رفضه أن المشهد الأول المفترض أن يكون مشهد النهاية، وليس البداية.. ولأن عادل إمام كان يراهن على نجوميته وأنه لا يمكن لأى مخرج أو كاتب سيناريو رفض طلباته؛ إلا أن «صالح مرسى» أصر على عدم تغيير المشهد، وبالتالى كان المخرج يحيى العلمى على نفس موقف المؤلف.. 

مرّت شهور وكان وقتها الفنان «محمود عبدالعزيز» هو أيضًا نجم سينما وتليفزيون، مرشحًا للقيام بدور «سليمان غانم» والذى قام بدوره صلاح السعدنى فى مسلسل (ليالى الحلمية).. وعندما عرض عليه المخرج يحيى العلمى القيام بتجسيد دور رأفت الهجّان، لم يتردد وقتها عبدالعزيز، ووافق دونما أن يتفاوض على أجره ودون أى شروط، واعتذر بعد ذلك عن دوره فى مسلسل (ليالى الحلمية). 

بدأ محمود عبدالعزيز البروفات والتصوير، وعندما علم عادل إمام بقيام «عبدالعزيز» بالدور، غضب عادل إمام، وبات خلاف طويل وبارد من الجانبين وقطيعة دامت سنوات، وفى إحدى المرّات ذكر عادل إمام أنه كان من المفترض أن يخبره «عبدالعزيز» بأنه سوف يقوم بالدور بدلًا منه. 

ومن خلال (رأفت الهجّان) حقق محمود عبدالعزيز نجاحًا كبيرًا فى الشارع المصرى الذى ارتبط وجدانيًا بمسلسله وجميع أبطاله، وحفظ أسماء شخصياتهم داخل هذا العمل الملحمى أبرزهم «محسن ممتاز، نديم هاشم، إستر بولينسكى، سيرينا أهارونى».

كان يعرف الفنان محمود عبدالعزيز أن هذا الدور سوف يضيف له الكثير، على الجانب الفنى، وأيضًا تأثيره على جمهور الوطن العربى بأكمله.. ولأن دور «رأفت الهجّان» أو «ديفيد شارل سمحون» كان من أهم أدواره التى جسّدها، فقد كان الممثل الوحيد الذى نعته المخابرات العامة المصرية بعد وفاته فى العام 2016. 

(2)

صالح مرسى رائد أدب الجاسوسية وحكايته مع الهجّان

صالح مرسى، والمولود عام 1929 كان واحدًا من رواد وكتّاب أدب الجاسوسية فى العالم العربى، ويُعتبر واحدًا من المدنيين الذين عملوا لسنوات فى كتابة روايات من ملفات جهاز المخابرات العامة المصرية. 

فى عام 1987، روى الكاتب الراحل صالح مرسى فى أحد لقاءاته كيف ظهرت قصته عن عميل المخابرات المصرية «رأفت الهجّان». وذكر أنه التقى صدفة بأحد ضباط المخابرات المصرية، والذى طلب أن يقرأ ملخصًا لعملية من عمليات المخابرات العامة. 

فى اليوم التالى بدأ فى القراءة، وتمالكه إعجاب وتقدير كبير لشخصية «رأفت الهجّان» أو «رفعت على سليمان الجمّال». وقرر أن يلتقى مع «محسن ممتاز» (عبدالمحسن فايق أحد الضباط الذين قاموا بتجنيد الهجّان) للحصول على تفاصيل إضافية تساعده فى الكتابة، لكن محسن ممتاز رفض أن يعطيه معلومات حول شخصية الهجّان الحقيقية.. بَعدها التقى صالح مرسى مع عبدالعزيز الطودى المتخفى باسم عزيز الجبالى الذى راح يروى على مدى عشرة فصول مخطوطة وعلى 208 أوراق ما حدث على مدى ما يقرب من عشرين عامًا منذ ظهور قصة «رفعت الجمَّال» إلى الوجود، كرواية مسلسلة، حملت اسم رأفت الهجَّان.

 فى عام 1986، نشرت قصة الهجّان على صفحات مجلة المصوِّر المصرية، وهو ما جذب انتباه الكثير من القراء الذين طالعوا الأحداث فى شغف مدهش، لم يسبق له مثيل، وتعلَّقوا بالشخصية إلى حد الهَوَس، وأدركوا جميعًا، سواء المتخصّصين أو غيرهم، أنهم أمام ميلاد جديد، لروايات عالم المخابرات، وأدب الجاسوسية.

بعدها قرر «صالح مرسى» تحويل القصة إلى مسلسل تليفزيونى أثار إعجاب العالم العربى بأكمله وأثار جدلًا واسعًا بعد تحوّله من مجرَّد رواية فى أدب الجاسوسية، تفتح بعض ملفات المخابرات المصرية، حملت اسم «رأفت الهجّان». 

وفى عام 1987 بدأ صالح مرسى فى كتابة المعالجة التليفزيونية والسيناريو والحوار لملحمة (رأفت الهجّان)، وبدأ فعليًا فى عقد جلسات عمل طويلة ومكثفة مع المخرج يحيى العلمى. 

ومن أهم أعمال الجاسوسية التى كتبها صالح مرسى وخرجت على الشاشة (دموع فى عيون وقحة) و(الحفار) و(الصعود إلى الهاوية).

(3)

ثنائية دراما المخابرات المصرية بين العلمى ومرسى

تناول يحيى العلمى مسلسلات الجاسوسية باقتدار، فقدم عام 1980 مسلسل (دموع فى عيون وقحة) تأليف صالح مرسى وبطولة عادل إمام، معالى زايد ومحمود الجندى.. وقد كان اختيار عادل إمام لتسجيد دور «جمعة الشوّان» اختيارًا غريبًا فى البداية؛ خصوصًا أنه كان فى ذلك الوقت معروفًا بالأدوار الكوميدية، لكن أمام سيناريو محكم وشيق من جانب صالح مرسى، وإدارة مخرج مميز وله شكل مميز فى تقديم الدراما التليفزيونية استطاع أن يحقق نجاحًا كبيرًا؛ فقد تخلى «عادل إمام» عن طبيعة الأدوار التى كان يقدمها، فأضاف للمسلسل بريقًا مختلفًا، وبذلك ساهم «يحيى العلمى» مجددًا فى تعريف الأجيال السابقة والحالية والمقبلة بتاريخ قصة من قصص المخابرات المصرية التى لم يكن يعرفها أحد.

نجح المسلسل نجاحًا كبيرًا جماهيريًا ونقديًا ومن ثم جاء ثانى أهم مسلسل صُنع عن الجاسوسية عن رأفت الهجّان الذى قدّمه عام 1987 عن قصة الجاسوس المصرى (جاك بيتون) أو رفعت الجمّال الذى زرعته المخابرات المصرية بنجاح داخل إسرائيل لأكثر من عشرين عامًا. نجح المسلسل نجاحًا ساحقًا وعلى الفور أصبح إحدى أيقونات الدراما المصرية بل وربما أشهر مسلسلاتها على الإطلاق.

كان هذان العملان هما البداية التى جعلت من يحيى العلمى واحدًا من مخريجى جيله الذين أبدعوا فى تقديم أعمال درامية تمجّد وتوثق حكايات حقيقية مأخوذة من ملفات المخابرات.

ومن ثم توالت أعماله التى قدّمها ما بين سينما وتليفزيون مثل (دموع صاحبة الجلالة) و(الحاوى)، و(الزينى بركات) وغيرها من المسلسلات التى لا ينساها أحد. 

وعُرف عن «العَلمى» منذ أوائل أعماله أنه مخرج دراما المخابرات والجواسيس.. فبعد أن قدم فى السابق مسلسلات تليفزيونية مميزة- لا نزال نتذكرها حتى الآن- مثل (هو وهى) عام 1985 الذى كتبه صلاح جاهين، وقام بالبطولة سعاد حسنى وأحمد زكى، كذلك مسلسل (الأيام) 1979 والمأخوذ عن رواية «الأيام» لعميد الأدب العربى طه حسين، فى منتصف السبعينيات وقام ببطولته أيضًا أحمد زكى.. 

بدأ يحيى العلمى مشواره كمُخرج تليفزيونى وسينمائى عقب تخرُّجه فى كلية الحقوق فى ستينيات القرن الماضى، وكان واحدًا من مخرجى الجيل الثانى، والذى بدأ العمل فى التليفزيون منذ افتتاحه مع زميليه إسماعيل عبدالحافظ، ومحمد فاضل.. 

(4)

الإنتاج والتصوير

كانت ظروف الإنتاج فى ذاك الوقت محترفة، فى ظل غياب التطور التكنولوچى الذى تعتمد عليه الآن عملية الإنتاج الدرامى فى الوقت الحالى. 

لم يكن هناك خيارات كثيرة أمام فريق العمل، سوى التصوير فى استديوهات التليفزيون والبالغ عددها فى ذلك الوقت عشرة استديوهات، كانت دائمًا وعلى مدار العام، تضج من الزحام وجداول زمنية لا يمكن لأى فرد أن يتخلف عنها.

فى العملين المذكورين سابقًا، تولى مرحلة الإنتاج المخرج يحيى العلمى، والذى كان وقتها مسئول استديو 5 بالتليفزيون، وبعدها نائبًا لرئيس قطاع الإنتاج على مدى أربعة أعوام قبل رئاسة ممدوح الليثى له، ومن بعد كان رئيسًا للإنتاج الدرامى بمدينة الإنتاج الإعلامى. 

وخلال تلك الفترة شهدت استديو هات التليفزيون والتى بدأت فى تصوير معظم وأهم الأعمال التليفزيونية منذ ستينيات القرن الماضى، تصوير الكثير منها مثل (هو وهى)، و(الأيام)، و(دموع صاحبة الجلالة) وهى أيضًا من إخراج يحيى العلمى، الذى أطلقوا عليه «حاوى» الدراما- نسبة إلى مسلسله (الحاوى). لم تكن فى ذلك الوقت كيانات الإنتاج الضخمة، ولا القنوات العربية، التى أصبحت الآن ذات النصيب الأكبر فى حصة الإنتاج.

كان الإنتاج والتوزيع فى ذلك الوقت يتبناه قطاع الشئون المالية والاقتصادية باتحاد الإذاعة والتليفزيون- قبل سنوات من إنشاء قطاع الإنتاج، واستديوهات مدينة الإنتاج الإعلامى- والذى شهد العصر الذهبى لأضخم وأهم إنتاجات الدراما التليفزيونية فى رمضان وباقى السَّنة.

بالعودة إلى اثنين من المسلسلات المخابراتية التى اخترناها فى الحلقة الأولى، يأتى مسلسل (دموع فى عيون وقحة) فى المقدمة، والذى أنتجه قطاع التليفزيون المصرى، وقتها لم يكن هناك منتجٌ بعينه يتولى تنفيذ عملية الإنتاج، إلى أن قام «العلمى» بدور المنتج المنفذ إلى جانب إخراجه، وتم تصوير كل المَشاهد الداخلية للمسلسل فى استديو 5 بمبنى التليفزيون. كذلك الحال فى الثلاثية التى قدمها العلمى وصالح مرسى وهى (رأفت الهجّان) كملحمة وطنية من ملف المخابرات العامة المصرية.

ومثلما كانت ظروف الإنتاج وقتها ضئيلة، وعدم ظهور التكنولوچيا بالتصوير؛ فقد تم تصوير جميع المسلسلات التليفزيونية ولسنوات طويلة بكاميرات أغلبها من ماركة سونى الشهيرة، والتى كانت وقتها على شرائط بيتا كام.

وفى الغالب ما كانوا يصورون بأكثر من ثلاث كاميرات كبيرة الحجم، وكم هائل من استخدام الإضاءة فى بلاتوهات التصوير. وما قد يجعلنا نشعر نحن كمُشاهدين بقرب الشخصيات الدرامية والخيالية التى يجبرنا المخرج وكاتب السيناريو أن نكون دائما جزءًا من الحكاية المروية، باعتمادهما بشكل أساسى على اللقطة المتوسطة فى معظم مَشاهد المسلسل.. على العكس تمامًا من شكل الصورة التى تظهر الآن للمسلسلات التليفزيونية والتى تستخدم فيها أحدث كاميرات تصوير السينما- مثل آرى-، وأحيانًا كاميرا أو اثنتين فقط.

(5)

موسيقى الشريعى الخالدة 

يعتبر عمار الشريعى من فئة المؤلفين الموسيقيين- بمعنى أنه لا يكتفى بالتلحين فقط بل يمتد إنتاجه إلى العمل الموسيقى الكامل بكل عناصره الموسيقية، وتتميز موسيقاه بـالجَمع بـين الأصالة العربية والسهولة فى الانتقال بين المقامات العربية فى سلاسة تامة فى اللحـن الواحـد، وبين الموسيقى الغربية فى استعماله للهارمونى والكونتربوينت والتلوين الصوتى بما يشكل مزيجًا فريدًا فى العمل الموسيقى.

واستطاع عمار الشريعى أن يعزف عدة مقطوعات بين الحماسى والمثير والتراچيدى، ليُعَبر عن ملحمة بطولية ظُلِم صاحبها الأصلى ولم ينصفها سوى ذلك العمل الفنى لصالح مرسى وتكون الجملة الموجودة فى الحلقة الأخيرة هى ختام الملحمة.

 تميز عمار الشريعى فى العمل الموسيقى وفهمه التام للدراما، وبدا ذلك واضحًا فى صياغته للموسيقى التصويرية التى وضعها للكثير من الأعمال.. فموسيقاه التصويرية أصبحت علامة مميزة منذ (دموع فى عيون وقحة) وثلاثية (رأفت الهجّان).

وفى دراسة بحثية كشفت أن الموسيقار عمار الشريعى عندما قام بصياغة وتأليف موسيقى مسلسل (رأفت الهجّان) استخدم «اللحن الدال»- ورائدها الألمانى ريتشارد فاجنر المتوفى 1883 - للدلالة على مَشاهد البطل «رأفت» فى أحداث المسلسل.

بحيث استدل بلحن معين على الشخصية كلما ظهرت فى مواقف تخص هذه الشخصية، ما بين مَشاهد الحنين إلى الوطن أو الخوف أو الترقب إلخ،.. وكان هذا هو اللحن الرئيسى فى تتر مقدمة المسلسل، تمهيدًا منه للظهور داخل المسلسل فى إشارة إلى البطل الرئيسى للعمل، وهذا الفكر يشبه إلى حد كبير طريقة تأليف افتتاحية الأوبرا.

وذكرت الدراسة أن اللحن المميز لشخصية رأفت الهجّان اعتمد بشكل أساسى فى عزف اللحن على آلة العود فى أغلب الأحيان بحيث تكون هى الآلة الأساسية لتحقيق اللحن، وقسّم المؤلف رؤيته الفنية فى تناوُله للحن إلى عدة أساليب مختلفة وكل أسلوب يصب فى تحقيق حالة درامية معينة تتباين مع الأحداث.

 

 

(دموع فى عيون وقحة) 

عدد الحلقات 14.

مدة الحلقة 45 دقيقة.

إنتاج: اتحاد الإذاعة والتليفزيون 1980.

تاريخ أول عرض: 13 يوليو 1980م/

1 رمضان 1400هـ. 

قناة العرض: الأولى.

المنتج المنفذ: يحيى العلمى. 

التأليف والسيناريو الحوار: صالح مرسى. 

الموسيقى التصويرية: عمار الشريعى.

المسلسل رقم 8 للفنان عادل إمام من 17 مسلسلاً.

الشخصية الحقيقية: أحمد محمد عبدالرحمن الهوان، وشهرته جمعة الشوّان.

 البطولة: عادل إمام، معالى زايد، صلاح قابيل، مصطفى فهمى، محمود الجندى، أسامة عباس، مشيرة إسماعيل.

مديرو التصوير: رمزى إبراهيم/ سيد بخاتى/ تيمور بكير.

مهندس الديكور: بدر عامر. 

أماكن التصوير الداخلية: استديو 5 مبنى الإذاعة والتليفزيون. 

أماكن التصوير الخارجية: مصر، فرنسا، اليونان، إنجلترا.

(رأفت الهجّان) 

ثلاثة أجزاء. 

عدد الحلقات 56.

مدة كل حلقة 35 دقيقة.

إنتاج: قطاع الإنتاج، اتحاد الإذاعة والتليفزيون ١٩٨٨.

تاريخ أول عرض (الجزء الأول): 17 أبريل 1988م / 1 رمضان 1408هـ.

عرض الجزء الثانى:27 مارس 1990م/ 1 رمضان 1414هـ.

عرض الجزء الثالث: 4 مارس 1992 (خارج سباق رمضان) 

قناة العرض: الثانية.

المنتج المنفذ: يحيى العلمى. 

التأليف والسيناريو الحوار: صالح مرسى. 

الموسيقى التصويرية: عمار الشريعى. 

المسلسل رقم 11 للفنان محمود عبدالعزيز من 18 مسلسلاً.

الشخصية الحقيقية: رفعت على سليمان الجمّال

البطولة: محمود عبدالعزيز، يسرا، عفاف شعيب، تهانى راشد، يوسف شعبان، محمد وفيق، ألفت إمام، صلاح ذو الفقار. 

مدير التصوير: تيمور بكير، محمود كامل، قدرى أبو العلى.

مهندس الديكور: قوت القلوب على.

أماكن التصوير الداخلية: استديو 10 مبنى الإذاعة والتليفزيون. 

أماكن التصوير الخارجية: مصر، ألمانيا، اليونان، إيطاليا، لندن.