السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

للمرة الأولى فى تاريخه: روسيا تدرس خططًا لمنافسة المرشح الأمريكى لرئاسة البنك الدولى

قال كبير ممثلى روسيا لدى البنك الدولى: إن بلاده تتشاور مع حلفائها حول تحدى مرشح الولايات المتحدة لرئاسة البنك فى خطوة قد تعقد ما كان من المتوقع أن يكون عملية خلافة سلسة، ولا تزال روسيا عضوًا له حق التصويت فى البنك الدولى بالرغم من أن البنك أوقف جميع البرامج فى روسيا وبيلاروس فى مارس 2022 بسبب ما سماه الأعمال العدائية ضد شعب أوكرانيا فى أعقاب الحرب «الروسية - الأوكرانية».



أشار رومان مارشافين المدير التنفيذى للبنك الدولى الذى يمثل روسيا وسوريا إلى أن قائمة المرشحين المحتملين والمشاورات لا تزال جارية، لكنه لم يذكر تفاصيل، واكتفى بالقول إن القرار سيتخذ فى موسكو. وخطط روسيا حول المرشح القادم لرئاسة البنك الدولى وفقًا لمارشافين إنه يجرى مناقشات مع دول أخرى حول مرشحين محتملين من بينهم ممولون روس واقتصاديون أجانب ورؤساء سابقون لمنظمات دولية، بالإضافة إلى عدد من وزراء المالية السابقين ورؤساء بنوك مركزية.

وكان الرئيس الأمريكى چو بايدن أعلن الشهر الماضى ترشيح الرئيس التنفيذى السابق لشركة ماستركارد أجاى بانجا 63 عامًا ليحل محل ديڤيد مالپاس ويرأس البنك، وهو الذى يشرف على تمويل بمليارات الدولارات للدول النامية. وقال بانجا الذى يسافر إلى إفريقيا إنه حصل بالفعل على دعم من الهند وغانا وكينيا، كما حصل على تقييمات إيجابية من فرنسا وألمانيا فى اجتماع عقد الشهر الماضى لمسئولى المالية فى مجموعة العشرين وحصل على تأييد بنجلاديش أيضًا. وفى حين أن البنك سيقبل الترشيحات من الدول الأخرى حتى 29 مارس الحالى فإن ترشيح بايدن يؤكد أن بانجا سيشغل هذا المنصب.

ومنذ تأسيسه فى نهاية الحرب العالمية الثانية يرأس البنك الدولى شخص من الولايات المتحدة البلد الذى يعتبر المساهم المهيمن فى البنك. ومن غير المرجح أن يغير تحدى روسيا أو أى دولة حليفة النتيجة نظرًا لهيكل المساهمة، لكنه قد يكشف التوتر المتصاعد بين الولايات المتحدة وروسيا. وقال رئيس البنك الدولى ديڤيد مالپاس الشهر الماضى إنه سيستقيل من منصبه فى 30 يونيو القادم. والأمريكى البالغ من العمر 66 عامًا والرئيس الـ13 للمؤسسة التى تتخذ من واشنطن مقرًا لها أبلغ مجلس الإدارة نيته ترك المنصب الذى يشغله منذ 4 سنوات. وقال مالباس أنه بعد تفكير طويل قررت خوض تحديات جديدة، هذه فرصة لانتقال سلس للقيادة فيما تعمل مجموعة البنك لمواجهة التحديات العالمية المتزايدة. وهنا قد تردد سؤال وهو هل يمكن طرد روسيا من صندوق النقد الدولى؟ 

فمع بدء الحرب «الروسية - الأوكرانية» ظهرت دعوات لتعليق عضوية روسيا فى عدد من المنظمات الدولية كان آخرها الدعوات المطالبة بإنهاء عضويتها فى صندوق النقد الدولى والبنك الدولى. وفيما يبدو وكأنه رد على هذه المطالبات قالت المديرة العامة للصندوق كريستالينا چورچيڤا إنه لا مناقشات فى هذه المرحلة حول عضوية روسيا. وكان رئيس الوزراء الأوكرانى دينيس شميجال أعلن أنه وقع على طلب رسمى لحكومات أجنبية من بينها الولايات المتحدة بإنهاء عضوية روسيا، وبيلاروسيا فى صندوق النقد والبنك الدوليين.. معتبرا فى بيان أن هاتين الدولتين انتهكتا التزاماتهما ووجهتا سياساتهما نحو الحرب.

لكن ماذا تقول أنظمة المؤسستين عن إنهاء العضوية؟ تنص المادة الـ26 من اتفاقية تأسيس صندوق النقد الدولى الانسحاب من عضوية الصندوق ويتطرق القسم الأول من هذه المادة إلى حق الدول الأعضاء فى الانسحاب مبينا أنه يجوز لأى بلد عضو أن ينسحب من الصندوق فى أى وقت بإرسال إخطار كتابى إلى الصندوق على مقره الرئيسى، ويسرى الانسحاب من تاريخ تسلم الإخطار. أما الانسحاب الإلزامى فإنه يفرض بالتدرج كما يوضح القسم الثانى من هذه المادة الذى ينص على أنه إذا لم يتمكن العضو من الوفاء بالتزاماته بموجب أحكام هذه الاتفاقية يجوز للصندوق أن يعلن عدم أهلية هذا العضو لاستخدام موارد الصندوق العامة. ويضيف أنه إذا ظل البلد العضو بعد انقضاء مهلة معقولة من إعلان عدم أهليته عاجزًا عن الوفاء بالتزاماته بموجب أحكام هذه الاتفاقية يجوز للصندوق بأغلبية 70 % من مجموع القوة التصويتية تعليق حق هذا العضو فى التصويت. ويتابع إذا استمر البلد العضو بعد انقضاء مهلة معقولة من قرار التعليق عاجزا عن الوفاء بأى من التزاماته بموجب أحكام هذه الاتفاقية يجوز مطالبة هذا العضو بالانسحاب من عضوية الصندوق بمقتضى قرار من مجلس المحافظين يصدر بأغلبية 85 % من مجموع القوة التصويتية.

لكن قبل اللجوء إلى هذا الإجراء تنص الاتفاقية على إبلاغ البلد العضو فى وقت ملائم بالشكوى المقامة ضده ومنحه المهلة الكافية لعرض الوقائع والمبررات التى تدعم موقفه شفاهة وكتابة قبل اتخاذ أى إجراء ضده. كما ينص نظام الصندوق على ضرورة التزام الأعضاء بتجنب فرض القيود على المدفوعات الجارية بحيث لا يجوز لأى عضو أن يفرض قيودًا على أداء المدفوعات والتحويلات المتعلقة بالمعاملات الدولية الجارية. كما يجب على أعضاء الصندوق تجنب الممارسات النقدية التمييزية والعمل على تقديم المعلومات والتشاور بين الدول الأعضاء حول الاتفاقيات الدولية القائمة إضافة إلى الالتزام بالتعاون حول السياسات المعنية بالأصول الاحتياطية. وتتضمن الالتزامات العامة أيضًا التزام العضو بالسعى لتوجيه سياساته الاقتصادية والمالية نحو تعزيز النمو الاقتصادى المنظم والعمل على دعم الاستقرار بإرساء أوضاع اقتصادية ومالية منظمة، إضافة إلى تجنب التلاعب بأسعار الصرف أو النظام النقدى الدولى والعمل على انتهاج سياسات الصرف الأجنبى التى تتوافق مع اتفاقية الصندوق.

وبالنسبة لموقف روسيا ونظرًا لكون هذه الالتزامات التى يترتب على الإخلال بها تعليق العضوية تدور فى مجملها حول المسائل النقدية وليس القضايا السياسية، اعتبرت المديرة العامة للصندوق أن روسيا لم ترتكب حتى الآن ما يخل بهذه الالتزامات. وقالت كريستينا چورچيڤا إن قانون الصندوق يسمح باستبعاد الأعضاء إذا أخلوا بالتزاماتهم الاقتصادية، لكن روسيا ضمن تلك الالتزامات حاليًا. مضيفة: إن أعضاء الصندوق أدانوا الحرب، ولكن لا مناقشات فى هذه المرحلة حول عضوية موسكو، كما أن إسقاط العضوية يتطلب قوة تصويتية كبيرة 85 % من الصعب توفيرها. ومع إثارة احتمالية طرد روسيا من الصندوق، قال مسئول كبير بالاتحاد الأوروبى: إن طرد روسيا بالكامل ربما يكون غير واقعى بسبب النصاب المطلوب وذلك فى إشارة إلى الدعم الواسع المطلوب لإنجاز هذا بما فى ذلك من دول مثل الصين. وإذا كان تعليق عضوية روسيا فى صندوق النقد غير وارد فى الوقت الحالى، فالأمر نفسه كما يبدو بالنسبة للبنك الدولى. وعلى الرغم من أن البنك الدولى ينص فى نظامه على جواز تعليق عضوية أى عضو فى حال فشله فى الالتزام بواجباته، وذلك بقرار من غالبية المحافظين بناء على إجمالى القوة التصويتية، إلا أن العضوية فى البنك مترابطة عمومًا مع العضوية فى الصندوق. وينص نظام البنك على أن أى عضو تنتهى عضويته فى صندوق النقد الدولى فإنه يجب إنهاء عضويته آليًا فى البنك فى خلال 3 أشهر ما لم تصوت ثلاثة أرباع القوة التصويتية بالسماح له بالبقاء فى عضوية البنك. 

ومن ناحية أخرى، بالنسبة لصندوق النقد الدولى هناك سابقتان لانسحاب أعضاء من عضوية الصندوق؛ الأولى كانت اختيارية وهى كوبا التى انضمت إلى الصندوق فى مارس 1946 ثم انسحبت منه فى أبريل 1964، والثانية إلزامية وهى تايوان التى فقدت عضويتها فى الصندوق عام 1980 بعد أن فقدت دعم الرئيس الأمريكى حينها چيمى كارتر وحلت جمهورية الصين الشعبية رسميًا مكانها، كما حدث أن انسحبت بعض الدول من الصندوق ثم استأنفت عضويتها وذلك كما حدث مع إندونيسيا التى انضمت إلى الصندوق فى أبريل 1954 ثم انسحبت منه فى أغسطس 1965، قبل أن تعود مرة أخرى وتستأنف عضويتها فى فبراير 1967. وعلى الرغم من صعوبة إخراج روسيا من صندوق النقد فإن هذا لا يعنى أنه لا يمكن اتخاذ إجراءات ضدها فى إطار الصندوق.

وقال مسئولون أوروبيون: إن هناك خيارات أخرى قيد الدراسة لمعاقبة موسكو تشمل تعليق حق التصويت وكذلك حرمانها من حقوق السحب الخاصة. كما قال مسئول بوزارة الخزانة الأمريكية: إن الولايات المتحدة ملتزمة باتخاذ كل الإجراءات اللازمة لمنع روسيا من الاستفادة من حيازاتها من حقوق السحب الخاصة من الصندوق. وتلقت روسيا 17 مليار دولار من حقوق السحب الخاصة خلال مخصصات جديدة أتاحها الصندوق، لكن يجب على موسكو إذا أرادت إنفاقها أن تجد دولة شريكة تريد فى استبدالها بعملات أساسية فى شكل قرض بفائدة. وقال المسئول: إن الولايات المتحدة وشركاءها الذين يمثلون الغالبية العظمى من الشركاء المتاحين داخل منظومة معاملات حقوق السحب الخاصة بصندوق النقد الدولى لن يجروا أيًا من هذه المبادلات.