الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

اللاعبون الجدد تركيا إيران إسرائيل محاولات أخرى فى الدخول للمنافسة

منذ سقوط الاتحاد السوفيتى تسعينيات القرن الماضى، جاء بروز دول الوسط الآسيوى المعروفة ببلاد ما وراء النهر لتبرز أهمية استراتيجية وسياسية كبرى فى منطقة انقسمت فيها الدول وسط صراعات التقسيم بعد السوفييت.



وتستمد أهمية المنطقة بسبب موقعها الجغرافى الاستراتيجى من خلال ما كان يعرف بطريق الحرير الممتد من الصين إلى البحر المتوسط، وهى تدخل ضمن النطاق الجيوسياسى والاستراتيجى لمنطقة أورآسيا، وفى الوقت نفسه تشكل منطقة عازلة تحد من الاحتكاك المباشر بين هذه القوى الآسيوية الإقليمية، وتطل معظم هذه الدول على بحر قزوين الغنى بالنفط والغاز، إذ تتعدى احتياطاته أكثر من 150 مليار برميل من النفط، وتقدر احتياطاته من الغاز الطبيعى بأكثر من 75 ألف مليار متر مكعب. كما يوجد بها مصادر تعدينية أخرى مثل الذهب والحديد واليورانيوم، وتبلغ مساحة الدول مجتمعة نحو 4 ملايين كم2، وتسكنها شعوب ولغات وأعراق متنوعة.

النفوذ الدولي

وبرزت الدوافع الرئيسية للقوى الدولية والإقليمية، من حيث وجود منافع ومصالح لها داخل منطقة آسيا الوسطى، وكان أكثر الدول اهتماماً هى الولايات المتحدة الأمريكية وذلك بقصد تطويق وحصار روسيا والصين ضمن النطاق الجغرافى لهما، وحتى لا تكون لهما أدوار عالمية مؤثرة فى المستقبل، وبالتالى إشغالهما بأمورهما الإقليمية، وقد اتخذت الولايات المتحدة التواجد العسكرى فى آسيا الوسطى كأسلوب للتأثير فى العمق الاستراتيجى لروسيا والصين. أما بخصوص روسيا، فكانت دوافعها كثيرة ومتنوعة وعلى رأسها إعادة السيطرة الإقليمية لها، كون تلك الجمهوريات كانت جزءا من إرثها التاريخى إبان الاتحاد السوفيتى السابق، والسبب الثانى هو السيطرة على مصادر الطاقة العالمية النفط والغاز، كونها تتحكم فى مناطق العبور، وهى على يقين بأن فقدان السيطرة على هذه المنطقة سيؤثر بشكل سلبى، ويقلل من دورها الإقليمى كقوة مؤثرة.

أما للصين، فكان لها دور بارز أيضًا فقد وجدت فى تلك الجمهوريات غايتها السهلة فى تزويدها بالطاقة اللازمة لمواكبة نهضتها المتصاعدة، أما السبب الثانى هو القرب الجغرافى، والخطر المتمثل فى القواعد العسكرية والتواجد الأمريكى فى تلك الجمهوريات، ومن هنا سعت الصين وعبر الاتفاقيات من خلال منظمة شنعهاى للتعاون، التى كان لها دور كبير فى التنسيق الأمنى بين تلك الجمهوريات والصين، أما السبب الآخر هو استغلال الموقع الجغرافى والاستراتيجى من حيث الربط بين آسيا وأوروبا، ويظهر ذلك جلياً فى الاستثمارات الضخمة المقدمة فى مجالات البنية التحتية لتسهيل سرعة وصول البضائع الصينية واستغلال تلك الجمهوريات كأسواق اقتصادية مهمة لها انعكاسات إيجابية على الاقتصاد الصينى المتنامى

وتملتلك آسيا الوسطى الكثير من العوامل الجيواستراتيجية والاقتصادية التى تجعل العديد من من القوى الإقليمية والدولية تسعى بكل اهتمام للتواجد داخل تلك البلاد وإقامة علاقات تعاون وتحالفات مختلفة معها، وقد حاولت هذه القوى بشكل أو بآخر جذب شعوب هذه الشعوب وحكومات المنطقة للدخول فى شراكات معها وليست الصين وروسيا أو الولايات المتحدة فقط، بل عملت دول أخرى فى محاولة لدخول هذه المنطقة والتوغل فيها.

تركيا

تنظر تركيا إلى دول آسيا الوسطى على أنها المواطن الأصلى للأتراك وأن الروابط التاريخية واللغوية باستثناء طاجيكستان الناطقة بالفارسية، هى من أهم القواسم المشتركة التى تجعل من العلاقات بين الطرفين لها أهمية تسعى إليها، لذا تعتبر تركيا منطقة آسيا الوسطى الحديقة الخلفية لها، حيث ترتبط أربع من دول الإقليم الخمس مع تركيا بعضوية منظمة الدول الناطقة بالتركية، الى جانب ذلك يوجد كثير من العلاقات التاريخية التى أوجدت كثيرا من الروابط المشتركة بين شعوب المنطقة مع تركيا ، وهذا ما جعل أنقرة تتجه بقوة نحو آسيا الوسطى بعد استقلالها وتؤسس لشراكة اقتصادية وعلاقات سياسية وثقافية مع الإقليم.

إيران

ترتبط إيران أيضا بعلاقات تاريخية مع شعوب آسيا الوسطى، حيث تقاسمت الإمبراطورية الفارسية الإقليم مع الإمبراطورية الروسية لفترات طويلة، كما ترتبط فى الوقت الراهن بعلاقات ثقافية ولغوية خاصة طاجيكستان، الناطقة بالفارسية،كذلك كما تتشاطر دولتان فى الحدود مع طهران وهما كازاخستان وتركمانستان.

وتسعى إيران إلى أن تكون بوابة إقليم آسيا الوسطى البحرية إلى العالم الخارجى، حيث أقامت شبكة من الطرق البرية والسكك الحديدية بين دول الإقليم وموانيها على الخليج وخاصة ميناء بندرعباس، التى تأمل فى أن تكون المركز التجارى والاقتصادى لدول آسيا الوسطى ضمن مشروع الحزام والطريق الذى اقترحته الصين وتعمل على تنفيذه مع نحو 65 دولة، وخاصة أن دول آسيا الوسطى من الدول التى لا تتمتع باى من الحدود البحرية المفتوحة.

إسرائيل

بعد ما أبرز الصراع الروسي- الأمريكى الصينى فى هذه المنطقة، دخلت إسرائيل على نفس الطريق، فى محاولة منها لتحقيق أى من المصالح الاقتصادية أو الأمنية أو السياسية، أو أحد تلك المجالات.

وتنظر تل أبيب إلى آسيا الوسطى من منظور استراتيجى حيث يرتبط الإقليم بحدود مباشرة مع إيران- العدو الأكبر لإسرائيل فى المنطقة، كما تعتبر دول آسيا الوسطى المنطقة التى يمكن أن تحقق لها العديد من المصالح السياسية والاقتصادية، خاصة وأن الإقليم كان مصدرًا لهجرة العجيج من يهود الاتحاد السوفيتى السابق إلى إسرائيل، لذلك سارعت تل أبيب فى إقامة علاقات اقتصادية وتجارية مع هذا الإقليم، حيث تعتبر من أهم مصدرى السلاح لدول وسط آسيا، إلى جانب حجم الاستثمارات المتنامى لإسرائيل فى دول الإقليم وهذا ما جعلها تعمل على تسيير خطوط طيران مباشر مع العديد من دول الأقليم بصرف النظر عن الجدوى الاقتصادية.

التوجهات والمصالح

مع بروز الأهمية الاستراتيجية لهذه المنطقة والصراعات الدولية حولها، يبقى السؤال الأهم ما هى توجهات دول آسيا الوسطى فى علاقاتها الخارجية؟

وفق محللين فإن منطقة آسيا الوسطى ربما تكون منطقة فرض نفوذ وصراعات خلال الأعوام المقبلة، وتعمل دول الوسط الآسيوى على إعادة علاقاتها مع العالم الخارجى بعد خضوعها لأكثر من ثلاث عقود تحت النفوذ الروسى، وكانت الحرب الروسية الأوكرانية هى النقطة الفاصلة لعدد من دول الإقليم ومن المتوقع أن تتجه دول ما وراء البحر إلى المزيد من الانفتاح على العالم خاصة وأن العالم الغربى الآن يتجه إلى فتح مجالات كبرى لاستقطاب دول وسط آسيا، وبالتالى فإن التنافس انتقل من شرق آسيا، بين الصين والولايات المتحدة، وآوروبا وروسيا، فتحت ساحة جديدة لصراع نفوذ آخر فى وسط آسيا.