الإثنين 13 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
فرض النفوذ ومصادر الطاقة صراع جديد بين القوى الكبرى فى آسيا الوسطى

فرض النفوذ ومصادر الطاقة صراع جديد بين القوى الكبرى فى آسيا الوسطى

طرح برنامج «كلام فى السياسة» والذى يقدمه الكاتب الصحفى والإعلامى أحمد الطاهرى عبر شاشة «إكسترا نيوز» النقاش حول صراع القوى الكبرى على منطقة آسيا الوسطى، مشيرا إلى أن الأزمة «الروسية - الأوكرانية» كشفت أبعادا جديدة فى أدبيات الصراع الدولى، وفى خلفية هذا الصراع يدور تنافس استراتيجى حول النفوذ والطاقة والتواجد تحديدا فى منطقة آسيا الوسطى.



 

وأوضح «الطاهري» أن دول آسيا الوسطى تعتبر منتصف رقعة الشطرنج ومن يستطيع السيطرة عليها يفوز.

وتم عرض تقرير فى بداية الحلقة عن منطقة آسيا الوسطى وسبب تحولها إلى منطقة صراع كبير بين الدول الكبرى، وقال التقرير إن آسيا الوسطى أو بلاد ما وراء النهر هى منطقة جغرافية مغلقة فى قلب آسيا وتضم تركمانستان وطاجكستان وقرغيزستان وأوزبكستان، ولا تطل على أى بحر مفتوح، لكن موقعها الجغرافى يمنحها أهمية كبرى، وتقدر مساحة المنطقة بنحو 4 ملايين كيلومتر مربع، من الصين شرقا وحتى بحر قزوين، ويسكنها نحو 80 مليون نسمة يتحدثون عدة لغات.

واستضافت الحلقة كلا من السفير حسين هريدى مساعد وزير الخارجية الأسبق، وعزت إبراهيم رئيس تحرير الأهرام ويكلى، والدكتور أشرف سنجر خبير السياسات الدولية بقطاع أخبار المتحدة، والدكتورة نورهان الشيخ أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، والدكتور محمد فايز فرحات مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، والكاتب الصحفى والمحلل السياسى سيد جبيل.

وقال السفير حسين هريدى مساعد وزير الخارجية الأسبق، إن الصراع الصينى - الأمريكى فى منطقة وسط آسيا وما حولها يعود الى عام 2005 عندما بدأت الصين تحديث قوتها العسكرية، بخاصة البحرية، وفى 2005 فى حوار أمنى مشهور فى سنغافورة، حذر وزير الدفاع الأمريكى وقتها من تصاعد القوة البحرية الصينية، حيث إن الاستراتيجية العسكرية الأمريكية منذ بداية القرن الـ 20، تعتمد على أن من يسيطر على البحار يسيطر على اليابسة.

وأضاف هريدى إن الولايات المتحدة لديها نحو11 حاملة طائرات، ومجموعات دعم لهذه الحاملات، تسيطر بها على كل البحار والمحيطات، ولا تريد أن ينافسها أحد فى هذا المجال، وأن الصين بدأت تعمل على تحديث بحريتها، حتى أصبحت القطع البحرية الصينية أكثر من القطع الأمريكية ولكن تمتلك الصين 3 حاملات طائرات فقط، وهذا ما يمنح الولايات المتحدة أفضلية نوعية كبرى.

وأوضح أن الصراع الأمريكى - الروسى على آسيا الوسطى يعود إلى حقبة انتهاء الاتحاد السوفيتى، حيث سعت روسيا آنذاك إلى فرض سيطرتها بطريقة أو بأخرى بعد استقلال الجمهوريات السوفيتية، منعا لدخول الولايات المتحدة فيها، خاصة بعد أن لعبت الجماعات الأوزبكية دورا مع المجاهدين الأفغان وشباب العرب الذين كانوا يحاربون القوات السوفيتية.

ولفت هريدى إلى أن الولايات المتحدة الأمريكية، خاصة فى ظل الإدارة الديمقراطية الحالية، تريد تحقيق عدد من الأهداف فى آسيا الوسطى، منها ضرب التحالف الصينى - الروسى، وخلخلة التكتلات الأمنية التى تضم روسيا والصين ودول آسيا الوسطى، وزار أنتونى بلينكن وزير الخارجية الأمريكى كازاخستان، وتحدث عن شراكة استراتيجية معها، إذن أمريكا تريد التغلغل فى الفناء الخلفى لكل من روسيا والصين.

وقال عزت إبراهيم رئيس تحرير الأهرام ويكلى إن هناك منافسة بين دول القوى الكبرى روسيا والصين وأمريكا، مشيرا إلى أن بعض المنافسة هى التى تحكم قواعد اللعبة العالمية الآن فى آسيا الوسطى، حيث أن هناك تداخلا كبيرا فى المصالح الحيوية والاستراتيجية مع الدول.

وأضاف «رئيس تحرير الأهرام ويكلي» إن هناك إصرارا أمريكيا بضرورة السيطرة على منطقة آسيا الوسطى، وأرجع هذا إلى الرغبة الأمريكية القوية فى بناء استراتيجية جديدة لهذه المنطقة.

وتابع أن الولايات المتحدة ترغب فى التعاون مع دول آسيا الوسطى وإن هناك تسللا ناعما من أمريكا فى هذه المرحلة ومحاولة لدفع هذه الدول للتعاون فيما بينها لإقامة إطار اقتصادى وتعاون فى مجالات التنمية، حيث إن هذه الدول أضيرت بشدة من الأزمة الأوكرانية.

وقال الدكتور أشرف سنجر، خبير السياسات الدولية بقطاع أخبار المتحدة، إن الولايات المتحدة الأمريكية كانت فى حيرة بشأن الانسحاب من أفغانستان هل يكون انسحابًا سريعًا أم استمرارًا مع تحمل تكلفة عالية، باعتبار أن الأفغان لم يبنوا مؤسسات أمنية عسكرية.

وأضاف «سنجر» أن طالبان المتشددة مسئولة عن المشهد فى أفغانستان، مؤكدا أن أفغانستان تظل مصدر التهديد فى منطقة آسيا الوسطى لروسيا والصين.

وأوضح أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تسعى إلى استقرار هذه المنطقة، موضحا أن السياسة الأمريكية ترتب بشكل جيد لتحقيق أهدافها بطريقة تبعد عن المبادئ، وهى سلوك الضباع حينما يفترس النمر الفهد، مؤكدا أن الأمريكيين دوما يسعون لتطبيق هذه النظرية.

وتابع أن هناك أطرا لفهم إلى أين تتجه آسيا الوسطى، أولها الصعود الصينى أمام التراجع الأمريكى، وبالتالى تبدأ بعض المناطق فى الصعود بشكل هرمى على المحيط الإقليمى، فتأتى الدول الكبرى لتدير هذا الصعود بطريقة إدارتها للاتحاد الأوروبى.

ولفت إلى أن هذه الدول غنية بالموارد لكنها تعانى من التردى الاقتصادى، وينتظرها تحد آخر وهو أنه في2035 قد لا يكون هناك حاجة للنفط مثلا، فهذه الدول لا يوجد لديها قوة عسكرية أو قوة اقتصادية حتى تتمكن من صنع تكامل إقليمى يجعل منها قوة عالمية، وبالتالى تظل فى حاجة للدول الكبرى وتظل تعيش فى فوضى.

وفى السياق نفسه قالت الدكتورة نورهان الشيخ أستاذة العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إن الدول الكبرى تريد أن تجعل من آسيا الوسطى منطقة مستقرة، وهناك خلافات بين الدول الخمس فى هذه المنطقة ساهمت الدول الكبرى فى تهدئتها، وبالتالى لا يمكنهم التكتل كقوة إقليمية.

وأضافت إن روسيا يهمها أن تكون منطقة آسيا الوسطى مستقرة، فهى منطقة أمن قومى بالنسبة لها، لافتة إلى أن هناك خلافات بين هذه الدول، حيث كانت هناك خلافات حدودية بين كردستان وطاجكستان وحسمها الرئيس بوتين فى القمة الأخيرة.

وأشارت إلى أن روسيا أنهت التواجد العسكرى الأمريكى فى كردستان، واستعادت إلى حد كبير نفوذها فى هذه المنطقة.

وتابعت أن زيارة بلينكن هدفها إعادة الثقة لهذه الدول بعد أن فقدت ثقتها فى الولايات المتحدة إثر الانسحاب من أفغانستان، فأمريكا كان لها قاعدتان عسكريتان، فى أوزبكستان وقرغيزستان، وطردت أمريكا من قاعدة أوزبكستان وكذلك انسحبت من قاعدة قرغيزستان إثر حادث مقتل مواطنين على يد الجيش الأمريكى، وبالتالى عاد النفوذ الروسى إلى هذه المنطقة.

ولفتت الى أن هناك 3 دول مشتركة فى منظمة معاهدة الأمن الجماعى، وهو تحالف عسكرى مع روسيا، وهى طاجيكستان وقرغيزستان وكازاخستان، وهذه الدول لا يمكن أن تصنف دولاً محايدة فى الحرب الأوكرانية، وهناك أيضا التحالف الأوراسى بين قرغيزستان وكازاخستان، وفى الوقت نفسه وقعت قرغيزستان وكازاخستان وطاجيكستان وأوزبكستان على اتفاقية الحزام والطريق مع الصين.

وأوضحت إنه رغم هذه التحالفات، فإن هذه الدول لا تغلق الباب فى وجه أمريكا، لكنها لا تأمن لها بخاصة بعد وجود اتهامات بزعزعة استقرار هذه الدول، مثل قرغيزستان، ولكن هذا لا يمنع من الحوار، وتريد أن تسمع ما يمكن أن تقدمه أمريكا.

وذكرت أستاذة العلوم السياسية، أن الحضور الصينى فى دول آسيا الوسطى أكبر من الحضور الروسى اقتصاديا، رغم أنها كانت من جمهوريات الاتحاد السوفيتى سابقا، وأيضا هذه الدول تمثل المعبر الأساسى لمشروع الحزام والطريق، وبالتالى أى توتر فى هذه المنطقة قد يجهض المشروع أو على الأقل يعرقله مؤقتا.

 فيما قال الدكتور محمد فايز فرحات مدير مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن دول آسيا الوسطى ستتحول إلى منطقة تنافس، مضيفا إن التحرك الأمريكى الجديد فى هذه المنطقة يمكن وضعه تحت عنوانين، العنوان الأول هو احتواء ومحاصرة النفوذين الصينى والروسى، لأن هذه المنطقة هى ساحة نفوذ ضخم ومنسق بين الصين وروسيا، وهو جزء لا يتجزأ من محاولة محاصرة النفوذين الصينى والروسى حول العالم، والعنوان الثانى هو محاولة لتصحيح أخطاء الاهتمام الأمريكى ببعض الأقاليم.

وأضاف «فرحات» إن هذه المنطقة تعيش حالة اتفاق بين قادتها على محاولة صنع التوازن فى هذه الفترة، فمن جهة تحاول الحفاظ على علاقاتها مع روسيا بسبب الجغرافيا السياسية والعلاقات التاريخية، ومع الصين باعتبارها اللاعب القادم بقوة فى المنطقة، بمشروع الحزام والطريق مثلا، الذى تشكلت بموجبه مصالح بين دول المنطقة وبعضها وبالصين.

ولفت إلى أن أمريكا لا تستطيع الدخول فى صراع مع الصين وروسيا، ولكنها تحاول أن تحافظ على التوازن فى المنطقة، وأميل إلى النزول بسقف الممكن فى السياسة الخارجية الأمريكية، لأن الجغرافيا السياسية أصعب بكثير من أن تهزمها الولايات المتحدة الأمريكية.

وذكر أن مسألة الصين أصبحت عابرة للأحزاب والمؤسسات فى الولايات المتحدة الأمريكية، وأن الرئيس الأمريكى «بايدن» أكمل خطوات «ترامب» فى السياسات ضد الصين، لكن البنية الأمنية الموجودة فى هذه المنطقة تقوم على استبعاد الولايات المتحدة، فكل المنظمات والأحلاف الأمنية المنضمة لها دول وسط آسيا تقودها الصين وروسيا.

وقال الكاتب الصحفى سيد جبيل إنه لا يرى أن اللحظة التى طرحتها أزمة أوكرانيا تمثل لحظة استثنائية أو خاصة لمنطقة آسيا الوسطى، موضحا أن الأزمة عندما بدأت قسمت العالم لثلاثة معسكرات رئيسية معسكر صغير نسبيا وهى الدول التى دعمت بشكل مباشر العملية العسكرية وروسيا، ومعسكر أكبر وهو الغرب السياسى «الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسى وحلفاؤها فى آسيا»، والمعسكر الأكبر جدا باقى دول العالم الذى تنتمى إليه آسيا الوسطى.

وأضاف «جبيل» إن دول المعسكر الكبير الثالث شعار معظمها لا يؤيد أو يدعم فكرة الحرب الروسية على أوكرانيا وغير مستعد للانخراط فى حرب الولايات المتحدة ضد روسيا.

وأوضح أن الولايات المتحدة الأمريكية ليس لديها ما تقدمه لدول آسيا الوسطى، لافتا إلى أن مصالحها هى الشركات والغاز والثروات وعلى رأسها كازاخستان، ومصالح الحرب على الإرهاب والتى تشترك فيها الصين مع روسيا، ومصلحة التمدد فى منطقة بالغة الحيوية للصين وروسيا.