إلى كل طبيب ربط بـالـ«بالطو»

تقول «إيرما بومبيك»: «هناك خيط رفيع جدًا يفصل بين الضحك والألم، الكوميديا والتراچيديا، الفكاهة والأذى».. ويقول «أرسطو»، «الذين يفكرون يرون الحياة كوميديا والذين يشعرون يرونها تراچيديا».

وأنت لن تشعر إلا عندما تعيش المواقف الحياتية، ولن تعيشها إلا إذا كنت جزءًا منها، فردًا من أفرادها، حتى تلمس كيانك وتتأثر بها، وذلك بالتحديد ما سيشعر به ويعايشه الأطباء حديثى التخرج وهم يشاهدون العمل الفنى (بالطو) الذى يُعرض على منصة «watch it» بأحداث مكثفة ومواقف متنوعة يتعرض لها أطباء التكليف وتنتمى لنوعية الكوميديا السوداء.

 ذلك النوع الذى يعتمد على كوميديا الموقف، ولكن ليس أى موقف بل حدث اجتماعى يكشف عن ألم أو جهل وتتم السخرية منه، فيجمع بين الكوميديا -خاصة لمن لا علاقة لهم بتلك المواقف التى يعرضها- والتراچيديا لمن عاشوا تلك المواقف ونالوا قسطًا من ألمها ووقعها السلبى على النفس.

فمسلسل (بالطو) مأخوذ عن كتاب (بالطو وفانلة وتاب) للطبيب «أحمد عاطف فياض» الذى أُسند إليه أيضًا كتابة السيناريو والحوار والذى تميز بالعفوية والصدق، مستخدمًا حوارًا يحاكى الواقع.

وما يدفعك كمشاهد للشعور بتلك الواقعية والصدق هو الأداء التمثيلى لأبطال العمل والذين يعتبر اختيارهم لأداء الشخصيات مغامرة من صنّاع المسلسل، حيث جسد الشخصية الرئيسية، «الدكتور عاطف» وجه جديد سبق له أداء بعض الأدوار البسيطة وهو الممثل الشاب «عصام عمر» الذى تماهى مع الشخصية بشكل شبه كامل، فمن ناحية الرسم الجسمانى، تراه يرتدى نظارة الأطباء وملابس شاب فى منتصف العشرينيات مع حقيبة ظهر تراها دائمًا ضمن هيئة الشباب حديثى التخرج، أما الرسم النفسى للشخصية فتلمس توتره واندهاشه لكل شىء وصدماته الساكنة فى كل ما يحدث له مع إحباطه لعدم تحقيق طموحه الذى كان يأمل له بعد التخرج، ترى كل تلك المشاعر على تعبيرات وجهه ولغة جسده، حتى لعثمته فى الكلام وأحيانًا سكوته من هول المفاجآة، وعندما أدرك أنه لا مفر من هروبه من تلك الأزمة تحول إلى شخص ساخر لا يأبه لأحد.

كما أن مخرج العمل الشاب «عمر المهندس»، حفيد أحد أعمدة الكوميديا، الفنان الكبير «فؤاد المهندس» استطاع أن يدير موهبة «عصام عمر» بشكل احترافى ويوظفها بطريقة تحقق الهدف من العمل عند الجمهور، إلى جانب استعانته ببعض المواهب الشابة التى أضافت الكثير مثل «مريم الجندى» فى شخصية «هاجر» و«دنيا سامى» فى شخصية «ميس ألفت»، أما شخصية «ميس كوثر» التى تجسدها «عارفة عبدالرسول» فتشعر كمشاهد أنك تشاهد بالفعل رئيسة قسم التمريض فى وحدة صحية وتستمتع بأدائها الذى يجمع بين السلاسة والاحترافية.

واللافت للنظر أيضًا اختيار اسم العمل..(بالطو) الذى يعكس المسئولية الملقاة على عاتق «الدكتور عاطف» ويرتبط بها بشكل لا يستطيع التنصل منه وهى «بالطو الطبيب».

بالعودة لفكرة العمل الفنى وهى عرض المواقف المختلفة التى يتعرض لها أطباء التكليف، فتلك النوعية من الأعمال يمكن أن نصنع منها أجزاء لا تنتهى، فما أكثر المواقف وما أغربها فى كل نجع وقرية ومحافظة.