السبت 27 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

توقعات العام الثانى للحرب محللون: الربيع قد يكون وحشيًا فى أوكرانيا

تحتدم المعارك بين الجانبين الروسى والأوكرانى يومًا بعد يوم، حيث يحاول الجيش الروسى بسط السيطرة الكاملة على مناطق أوكرانية، فيما تستمر كييف فى تلقى الدعم العسكرى واللوجيستى من حلفائها.



واستبعد أحد كبار المسئولين الأوكرانيين عقد محادثات سلام مع موسكو ما لم تنسحب روسيا من أوكرانيا، وذلك فى تكرار لموقف كييف قبل مؤتمر ميونيخ الدولى المتوقع أن يهيمن موضوع الحرب على مناقشاته.

 

كتب ميخايلو بودولياك، وهو المستشار السياسى للرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى، إنه كى لا يلحق الخزى بالسياسة العالمية والأمن العالمى الحقيقى «لا بد أن تنتهى الحرب بانتصار أوكرانيا».

وأضاف «يمكن أن تبدأ المفاوضات حينما تسحب روسيا قواتها من أراضى أوكرانيا. الخيارات الأخرى لا تفعل شيئًا إلا منح روسيا الوقت لإعادة تجميع قواتها واستئناف الأعمال القتالية فى أى لحظة».

هجوم الخريف

تحدثت صحف ومواقع عدة عن تحضيرات لهجوم روسى كبير على الجبهة الأوكرانية مع انتهاء الشتاء الحالى وما يفرضه من اعتبارات لوجيستية وعملياتية، كما تحدثت أخرى عن أنّ الغرب يعدّ الجيش الأوكرانى لهجوم واسع فى الربيع على غرار ما حصل فى الخريف الفائت.

وذكرت شبكة «سى بى إس نيوز» الأمريكية نقلًا عن «كبار مسئولى البنتاغون»، أنّ «الأشهر القليلة المقبلة حاسمة بالنسبة إلى الهجوم المضاد فى أوكرانيا فى الربيع»، وأشارت فى تقريرها إلى أنّ وزير الدفاع الأمريكى لويد أوستن أكّد أنّ «هناك فرصة سانحة قبل الربيع لتزويد أوكرانيا بالقدرات التى تحتاجها للشروع فى الهجوم».

ولفتت إلى أنّ رئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارك ميلى، الذى التقى وأوستن ممثلين من 54 دولة فى اجتماع موسّع لمجموعة الاتصال الدفاعى الأوكرانى فى قاعدة رامشتاين الجوية فى ألمانيا فى الأسبوع نفسه، صرّح عقب الاجتماع: «سيكون من الصعب جدًا جدًا عسكريًا إخراج روسيا بالكامل من أوكرانيا هذا العام»، ولكنّه أوضح أنه «اقترح أن ينفّذ الأوكرانيون عملية ناجحة لاستعادة بعض الأراضى التى تحتلها روسيا، اعتمادًا على التدريب والمعدات الجديدة التى سيتلقونها فى الأشهر القليلة المقبلة».

من جهة أخرى، نشرت شبكة «سى إن إن» الأمريكية، تقريرًا مطوّلًا يركّز على تدريب القوات الأوكرانية، وتوقعت أن يكون «الربيع وحشيًا فى أوكرانيا»، وقالت إنّ «الأوكرانيين يخشون أنّ هجومًا روسيًا ثانيًا، على غرار فبراير الماضى، قد يبدأ فى غضون شهرين؛ فبحلول الربيع، سيكون نحو 150 ألف روسى - تمّ تجنيدهم فى الخريف الماضى - قد أنهوا تدريبهم ودمجوا فى وحدات جاهزة للمعركة».

كذلك، ذكرت شبكة «فرانس24» الفرنسية، أنّ «مسئولًا أمريكيًا كبيرًا أوضح لها أنّ «أوكرانيا يجب ألّا تركز اهتمامها على الدفاع عن مدينة باخموت، لأنّ المهمة الأكثر أهمية تتمثل بالتحضير لهجوم الربيع المتوقع على نطاق واسع لتحقيق مكاسب كبيرة ضد الروس فى الجنوب».

ونشر موقع وكالة «يورونيوز» تقريرًا عن الموضوع، توقّع فيه أنّ الأمور فى أوكرانيا تتجه نحو «نقطة حاسمة»، ونقل فيه عن العقيد السابق فى الجيش الأمريكى ليام كولينز قوله إنّ «أوكرانيا بحاجة إلى شنّ هجوم قبل ذوبان الثلوج فى الربيع، لأن الأمور ستصبح أصعب بعد ذلك».

وأوضح، نقلًا عن المحلل الأوكرانى فى مجلس حلف الأطلسى بيتر ديكنسون، أنّ «أوكرانيا تحشد القوات والذخيرة لشنّ هجوم كبير جديد على المواقع الروسية»، مشيرًا إلى أنّ «شنّ هجوم جديد سيكون أيضًا حاسمًا للحفاظ على دعم المجتمع الدولى وإثبات أنّ جهود الغرب المالية والعسكرية الضخمة لأوكرانيا تؤتى ثمارها».

استبعاد الشتاء

على الرغم من أن التوقيت المثالى لإطلاق الطرفين، الروس والأوكران، أى عملية عسكرية واسعة هو الآن، لاستغلال الشتاء ضدّ الخصم والاستفادة من الجليد لنقل المعدات الثقيلة والآليات والمدرعات والجنود بشكل سريع وفعال، وكذلك لضمان عدم قدرة الخصم على الإعداد السريع لهجوم مضاد، فإن الأمر يبدو مستبعدًا.

الروس، من جهة، لا يريدون الاستعجال فى شنّ هجوم قبل إتمام تدريب القوات الإضافية التى تمّ استدعاؤها الخريف الفائت خلال عملية التعبئة الجزئية، إذ وصل عدد الملتحقين بالجيش إلى 300 ألف روسى، يقومون الآن بتدريبات على مستويات عدة فى روسيا وبيلاروسيا، ويستفيدون من تجربة هجوم الشتاء الفائت لتحقيق فعالية قصوى.

ويقوم الروس حاليًا بعملية مكثّفة لإعادة ملء المخازن العسكرية بالذخيرة وتجهيزها لهجوم كبير قد يحتاج إلى آلاف الأطنان منها، فيما تعمل المصانع الروسية على إنتاج العشرات من دبابات «تي-90» الحديثة، وإعادة تأهيل الدبابات التى شاركت فى العملية وتضررت، إضافة إلى صيانة الآليات والمدرعات وإنتاج المئات منها.

أما أوكرانيا، فى الجهة المقابلة، فمع تكبّدها خسائر فادحة خلال العام الفائت فى صفوف الجيش النظامى، فإنها تقوم حاليًا بتدريبات واسعة ومركّزة لقواتها الجديدة المكوّنة من موجات التعبئة الواسعة غرب أوكرانيا وفى بولندا وألمانيا وبريطانيا، مع طواقم تدريب بريطانية وأمريكية وأوروبية مختلفة، وعلى عدة مستويات، للتعامل مع الأسلحة الأمريكية والغربية الجديدة التى وصلت فى الآونة الأخيرة.

وتتحدث الأرقام المنشورة عن تشكيل 3 فيالق قتالية أوكرانية، بعدد إجمالى يصل إلى 75000 عسكرى، تتولى دول الناتو تسليحهم الآن، وتدريب 15 ألف جندى أوكرانى فى دول الاتحاد الأوروبى، 10 آلاف منهم فى بريطانيا وحدها.

ويحتاج العسكريون الأوكران حاليًا إلى «أخذ نفس» بعد ضغط كبير استمرّ خلال الشهور الماضية على مختلف الجبهات، وأدّى إلى استنزاف قدرة القوات الأوكرانية على التعامل مع التكتيكات الروسية الجديدة المعتمدة فى المعارك، والتى باتت تركّز على اعتماد قوات نخبوية فى عمليات مركزة مع إسناد مدفعى وجوي.

 الوضع الحالي

يرى خبراء عسكريون غربيون «متحمّسون» أنّ أوكرانيا «سترغب فى شن هجوم عندما تكون الأرض مجمدة ومواتية له»، ويستشهدون بأنّ صور الدبابات الروسية العالقة فى الطين خلال العملية العسكرية الربيع الفائت لا تزال ماثلة فى الأذهان، وأنّ الميدان كشف أنّ من الصعب للغاية شن هجوم وتحريك القوات فى الربيع.

ولكنّ القدرات العسكرية الحالية للجيش الأوكرانى تضعّف احتمالات استغلال كييف للشتاء لتشنّ هجومًا قبل حلول الربيع، إذ إنّ التسرّع فى هذا الأمر قد يعنى مقتلًا للهجوم وخسارة فادحة فى معركة قد تحسم الحرب بشكل نهائى، ما يجعل هذه الحماسة لهجوم أوكرانى مباغت نوعًا من البروباغندا أكثر من كونه مقاربة واقعية لظروف الميدان.

ولكن فى الوقت نفسه، فإنّ هجوم خاركيف الأوكرانى فى سبتمبر الماضى الذى سبقه تمويه استمرّ شهورًا بأنّ عملية عسكرية أوكرانيةً ستجرى فى الجنوب، يجعل الميدان قابلًا لظهور مفاجآت، وهذا ما أدركه الروس بشكل كبير بعد 11 شهرًا من العملية العسكرية، ما يعنى أنّ إمكانية الحسم بأنّ الأوكرانيين لن يقوموا بشيء ما هذا الشتاء لا يمكن إلغاؤها بشكل تام.

ولا بدّ من الإشارة إلى أنّ شهر أبريل من الصعب أن يكون مؤاتيًا لعملية نقل كبيرة للقوات الأوكرانية، وهو ما ستحتاجه أوكرانيا بشكل كبير فى أيّ هجوم محتمل، ما يعنى أنّ الأمور قد تتدحرج حتى الصيف، وهو سيناريو غير مستبعد.