السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

حكايات الفن والسياسة "الحلقة 3"

نستعرض كتاب «حكايات الفن والسياسة» للزميلة الكاتبة الصحفية إيمان القصاص، الذى يضم عشرات الحوارات مع كبار النجوم من ممثلين ومخرجين ومذيعين... 



الكتاب يكشف أسرارًا وحكايات تنشر لأول مرة على لسان هؤلاء النجوم، إلى جانب عدد من الملفات المهمة التى ناقشت علاقة الفن بالسياسة وغيرها من الملفات والموضوعات.

 

عزت العلايلى قبل وفاته بأيام: دورى فى (الاختيار) هو شخصيتى الحقيقية

لم أكن أتوقع أن يصبح لقائى الأول بالفنان «عزت العلايلى» هو اللقاء الأخير، كان هذا الحوار يمثل لى عبر الأيام الماضية خصوصية لم أتمكن من تفسيرها حتى قرأتُ خبرَ وفاته.. تكلم كثيرًا عن أحلامه، ماضيه، أفكاره، أفلامه، حُبه الوحيد، مشواره الثرىّ.

ذهبتُ إليه فى منزله الأنيق الكلاسيكى بمدينة 6 أكتوبر، الذى يشبه رُقيه وهدوءه، جلستُ بجواره على الكنبة التى يفضل الجلوسَ عليها وأمامه الجرائد الصباحية كان يقرأ فيها، وقدّم لنا الطباخ الأنيق ذو الصوت الهادئ القهوة، لم أكن أتخيل أن الشخص الذى جلستُ معه وهو فى حالة تسامُح ورضا وبحالة ذهنية جيدة وذاكرة رائعة؛ سيرحل عنا بعد هذا اللقاء بأربعة أيام فقط.

لم يكن حوارًا فنيًا فقط؛ إذ فتح قلبه ليقول ويعترف ويتذكر.. ويروى حكايات لا تنقطع عن ذلك الزمن الجميل ونجومه، وعن تفاصيل مشواره من المَهد إلى المَجد، كأنه يؤدى مونولوجًا من مونولوجاته التى استمتعنا بها فى الكثير من الأعمال.. ربما كان يعلم أنه المونولوج الأخير.. وبهذه الطريقة بدأ الحوار: مونولوج (1) فى فيلم (السقا مات) عندما نظرت إلى المرآة، وقال: «مش كنتى تقوليلى يا أم آمنة إن الدنيا راحت والدنيا اتغيرت.. مش كنتى تقوليلى أبص فى المراية قبل ما أطلع».

متى تحدث عزت العلايلى للمرأة؟

رد باستغراب: لا أتحدث للمرأة، أنا أجرى حوارات مع نفسى وأدير حوارًا كاملاً مع عزت، وليست بصوت عالٍ فى صمت شديد وأبلور المواقف التى أمرّ بها.

ما آخر حوار أجريته مع نفسك وفى أى موقف؟

صمت لثوانٍ يتذكر: دائمًا أفكر فى إن لو ربنا أعطانى العمر ما القادم؟ ماذا سأقدم للجمهور، ما المختلف والجديد؟!

هل الخوف بيمنع من الحياة؟

صمت قليلًا ثم قال: جدًا.  

مونولوج (2) من فيلم «السقا مات» وقال فيه: جبان.. الموت جبان.. أنا مش خايف منك.. علشان عارف ألاعيبك وعمايلك.. بتستفيد إيه!!.. بتستخبى ورا سكينة وورا شومة.. تعالى خدنى أنا مش خايف منك.. طالما الحزن لعبتك اشرخ زى ما انت عايز.

هل الموت كان جبانًا فى اللحظة التى فقدت فيها زوجتك سناء؟

بمنتهى الحزن والتأثر قال: بالتأكيد.. لم يخبرنى أنها ستموت.. أنا عندى كانت تعمل أى حاجة إلا إنها تسيبنى، كانت تروح تعيش مع أولادها، تقول لى أنا مش عايزاك.. إنما تموت، كانت قسوة ما بعدها قسوة، لم أكن أتخيل هذه الصدمة، تخيلت لحظات صعبة كثيرة فى الحياة إلا أن سناء زوجتى وحبيبتى تفارق الحياة، كنت متخيل أنا اللى هموت وكنت دائمًا أوصيها على الأولاد وعلى الأحفاد، وبصوت متأثر كنت أخبرها أنها ستشفى وسنسافر مع بعض.

عمَّ اعتذرت لها وهى على سرير المرض قبل وفاتها؟

لا يوجد أى شىء فى حياتنا أريد الاعتذار عنه.. فهى كانت لدىّ أهم وأعز إنسانة فى حياتى.

ابتسمت قائلة: ولا حتى أيام الشقاوة؟

ضحك وقال: كانت أحيانًا توصلها شائعات، ولكنها كانت سيدة عاقلة وتسألنى مباشرة وأنا أجاوبها بمنتهى الصراحة.. لكن كانت زوجة حقيقية وصادقة وأمًا رائعة.

مونولوج (3) من مسرحية «أهلا يا بكوات» وقال فيه:

تحصنوا بالمعرفة.. تزودوا بالعلم.. الحب علم.. الشجاعة علم.. والإيمان علم.. والرحمن علّم الإنسان.

ما علاقتك بحزب الوفد؟

جاءت إجابته سريعة وبدون تفكير وقال: ليس لدىّ أى علاقة به إطلاقًا، قيل إنى انضممت، لكن هذا ليس حقيقيًا فأنا أقدرهم جدًا.

وهل انضممت للفدائيين فى القنال؟

كنت أنوى الانضمام، لكن القدر لم يمهلنى.

ما الفكرة التى انتميت لها سياسيًا؟

لم أنتمِ لمنطقة معينة، أنا انتميت للإنسان.. وهذا ما يهمنى.. فلا يوجد أى حزب شدنى إليه، الذى كنت أفضله إنى أحارب مع الفدائيين وأروح الإسماعيلية وأقاتل معهم.. لأن ده شكل من أشكال الوطنية.

حضرت فترات وأحداث مهمة فى تاريخ مصر.. ما هى المرحلة التى كنت متسقًا مع أفكارها سياسيًا؟ 

مرحلة حرب أكتوبر.. أنا قبلها كتبت حلقات «اعرف عدوك».. حوالى 26 حلقة واتمثلوا فى التليفزيون، كنت ببات فى مصلحة الاستعلامات لكى أحصل على المادة.. فحرب أكتوبر أحدثت لى مصالحة مع نفسى رهيبة جدًا.. فكنت قبلها فاقد توازنى كنت مهتزًا نفسيًا. 

أى من المونولوجات التى قدمتها تمثلك وتعبر عنك؟

كلها بالتأكيد تخصنى بنسبة %100 أنا لا أقول أى شىء غير مقتنع به.

وأتذكر أنى جلست مع «يوسف السباعى» و«صلاح أبوسيف» الكاتب العظيم نتحدث عن فلسفة الموت وعن اقتحامه للشخص، والغريبة أنه توفى بعد 15 يومًا من هذه الجلسة، وفى حياتى ما زعلت بهذا الشكل.. واتخضيت من خبر وفاته، ومن صدمتى بعد وفاته مباشرة وجدته جالسًا أمامى على الكنبة.

بداية طريق الفن

ما اللحظة اللى قررت فيها تكون ممثلاً؟

بضحكة صافية بريئة: أنا لم أقرر.. أنا قررت أكون ممثل، وأنا صغير - تقريبًا عشر سنين - كنت بعمل حاجات غريبة جدًا، كنت بجيب قشر البطيخ وأضعه تحت القميص وأضرب فيه سكينة وأنام تحت السفرة، وتصرخ إخواتى البنات عنايات ونجوان من الخضة، ويفتكروا إنى انتحرت.

ومن ضمن الأشياء الغريبة أيضًا.. أننى عندما تخرج والدتى من المنزل كنت أحضر خشب السرير أعمله خشبة مسرح وأضع كراسى السفرة جنب بعضها، وأطلع أقول منولوجات مع نفسى.. وأتخيل أن هناك جمهورًا يشاهدنى.

لكن أين رأيت كل هذا؟

والدى كان محاسبًا وكان عاشقًا للمسرح وخصوصًا لنجيب الريحانى ويوسف وهبى، وكان يأخذنى معه وأول مرة كان لى علاقة بخشبة المسرح ذهبت لتقبيلها، إلى الآن هناك علاقة حب تجمعنا.. تصل لدرجة العشق، فهى الحب الأول المستمر وتزداد عشقًا وأزداد عشقًا لها.

وبمن تأثرت أكثر: نجيب الريحانى أم يوسف وهبى؟

أعشق تجربة الاثنين، لكن جماهيرية الريحانى جذبتنى جدًا، وطلته على المسرح والكاريزما الخاصة به، وكان أبويا يقول لى: شايف البنوار اللى هناك ده قاعد فيه وزير كذا ووزير كذا.. وأنا أنبهر بده، وحضرت أيضًا لـ يوسف وهبى مسرحية اسمها «الذبائح» وشفته لما اشتغلنا فى الاختيار مع بعض، وقلت له: أنا اتأثرت بيك جدًا.

حدثنا عن بداية المشوار بعد التخرج فى معهد فنون مسرحية؟

أنا اتخرجت فى المعهد العالى للفنون المسرحية عام 1960، وتم تعيينى كمدير استديو بالتليفزيون المصرى أنا وصديقي العمر رشوان توفيق وأحمد توفيق، وقابلت الدكتور عبدالقادر حاتم.. كان وقتها وزير الإعلام.. واقترحت عليه أننا نقدم أعمالاً مسرحية ونكون فرقة وكلمته عن التفاصيل وأعجب بالفكرة.

واتصل بـ«المعهد البريطانى» يرسلون لى دعوة خاصة لدراسة المسرح، وبالتأكيد كانت فرصة كبيرة فى بداية مشوارى، وطلبت مهندس ديكور يرافقنى فى هذه الرحلة لدراسة طريقة تجهيز المسرح.

وبالفعل بعد أسبوع فقط.. أرسلوا لنا الدعوة وابتدا المشوار الخاص بمسيرتى الفنية، وقد أقمنا فى لندن حوالى من ثلاثة إلى أربعة أشهر فى مشاهدة المسارح والديكورات والمساحات والتكاليف والميزانيات وزيارات عديدة للسفارة المصرية.

وماذا عن تفاصيل تلك الرحلة؟ 

هناك، وعلى الرغم أننى لم أكن مشهورًا فى ذلك الوقت، فإنهم دعمونى وساعدونى فى جميع التفاصيل التى سهلت مهمتنا، وعدت بدراسة وافية عن إمكانية تنفيذ المسارح، وبدأنا بتنفيذ أول فرقة، ثم بعدها ثلاث فرق دفعة واحدة تعمل فى نفس الوقت.

وكان الإقبال عليهم كبيرًا جدا، ثم قررنا أن نكون عشر فرق مسرحية من كثرة الإقبال، كانت فى البداية العروض مجانية، ثم قررنا أن تكون نظير مقابل مادى.. هذا المشروع الضخم فتح الباب أمام المؤلفين والشعراء والموسيقيين وخريجى الأكاديمية أن يعملوا، وأنا كنت أدير هذا المشروع الكبير.. وأيضًا كنت ممثلاً وأقوم بكتابة معظم النصوص.

هل تتذكر موقفًا بعينه أثر فيك فى تلك الفترة؟

من أهم الأحداث التى أتذكرها أن الصحفى الكبير محمد التابعى رحمة الله عليه - كان ينشر قصة فى أخبار اليوم تحت عنوان «ثورة فلاحة»، وذهبت إليه وطلبت منه أن أعمل القصة كمسرحية، ورحب بالفكرة وشجعنى عليها، وبالفعل كتبتها فى ثلاثة فصول وسميتها «ثورة قرية» وعمل فيه عادل إمام وسعيد صالح والسعدنى.

وأنت تنظر إلى مشوارك الفنى الآن.. ما قيمة التمثيل بالنسبة لك؟

هو محاكاة للواقع الذى نعيشه، فعندما أعمل طبيبًا أو مهندسًا أو مهرجًا يجب أن تكون المحاكاة صادقة، فجميعنا نحب أن نخرج من حياتنا ندخل حياة أخرى.

فالممثل هو فرد يعكس واقع الإنسان بصفة عامة وطموحاته ورؤيته وآماله بشكل تعبيرى، ويخرج أسراره إلى الناس بصوت عالٍ. 

هل تقصد أن التمثيل ينقل الشخص إلى عوالم أخرى؟

بالتأكيد.. فالشخص يحتاج من وقت لآخر الدخول فى عوالم مختلفة، وإذا لم يفعلها سيصاب بالجنون، فهى مهنة شاقة للغاية ويجب دائمًا أن تكون هى والممثل كيانًا واحدًا.. لازم تحضنها وتطبطب عليها ومن هنا تحضر عذابات الفنان.

تؤثر «عذابات الممثل» عليه وعلى مشواره وفى وجدانه.. ماذا عن عذاباتك أنت؟

أحيانًا كنت أعرف أفصل وأحيانًا لا.. والفترة التى لم أتمكن فيها من ذلك فترة النكسة، لدرجة أننى مرضت والذى أنقذنى فيلم الأرض.

 أين تشعر بلذة الممثل المطلقة؟

صمت قليلاً ثم قال: عندما أرى فى عين المتفرج أو المتلقى استحسانًا، وفى المقام الأول يجب أن أكون راضيًا تمامًا عن الدور الذى أقدمه ومتمكن منه، وعندما يظهر عزت يقولى شكرًا وأحسنت.

ومتى ظهر عزت وقال لك «أحسنت»؟

أحيانًا كثيرة.. وفى أوقات كان يغضب منى، وفى أول مرة طلع قاللى شكرًا.. وفى «الاختيار» قاللى: «يخربيتك».. لأنه كان دورًا مهلكًا للغاية ومهمًا جدًا فى مسيرتى الفنية.

يمثل دورك فى فيلم «الأرض» انطلاقة كبيرة بالنسبة لك.. ماذا عن كواليس ذلك الدور؟

كنت أمثل مسرحية «ميرامار» المأخوذة عن رواية نجيب محفوظ، وكان لى أحد الأصدقاء فى المسرحية قالى لى: المخرج يوسف شاهين يبحث عنك، وبعد حديثنا هذا بفترة قصيرة سمعت جرس باب منزلى يدق فى السابعة صباحًا، وفتحت وجدته «يوسف شاهين» قال لى إنه يجهز لفيلم الأرض رواية الروائى الكبير عبدالرحمن الشرقاوى، وأنه مرشحنى لتجسيد دور «عبدالهادى» الفلاح، وسيكتبه صديقى الكاتب الصحفى الكبير حسن فؤاد.. أحد نجوم مؤسسة «روزاليوسف» ومجلة «صباح الخير».

وكانت فترة عصيبة جدًا ومريرة تمر بها البلاد بعد نكسة 67، وكانت فكرة الفيلم عظيمة.. وهى التمسك بالأرض والوطن، وبالطبع يعتبر نقلة ومشهدًا مهمًا جدًا فى بداية مشوارى.. فوضعنى الفيلم فى مكانة كبيرة لدى الجمهور، وهذا الفيلم بالتحديد نال استحسان الجمهور ونجح نجاحًا غير مسبوق.

 متى بدأت علاقتك بالكاتب الصحفى الكبير حسن فؤاد؟

عرفته فى المعتقل.. عندما اتهمت بمقتل الرئيس الأسبق جمال عبدالناصر، وفى الهايكستب توطدت علاقتى به هو وآخرين من العظماء.

 اتهمت وقتها بقتل الرئيس الأسبق جمال عبدالناصر؟

الموضوع ببساطة شديدة، عام 55، ذهبت إلى محامٍ فى منطقة السيدة زينب لتسجيل اسمى للانضمام للفدائيين لمحاربة الإنجليز فى الإسماعيلية، وكان يؤيد الشباب الثوريين جدًا، وبعد فترة طويلة عندما تم الاعتداء على جمال عبدالناصر.. كانت المفاجأة أن المحامى كان ينتمى لجماعة الإخوان المسلمين، وعندما تم القبض عليه وجدوا اسمى ضمن الشباب الفدائيين وتم القبض علىَّ، وبعد فترة تأكدوا من الحقيقة.. وأننى لا أتبع أى تنظيم وتم الإفراج عنى.

 من وجهة نظرك: هل أفكار يوسف شاهين المختلفة.. أخرت عزت العلايلى أم بلورت موهبته؟

رد سريعًا وقال: بالتأكيد أضاف لى الكثير، فيوسف شاهين مخرج كبير له رؤيته الخاصة، ويتميز بالدقة فهو يستحق جدًا كل ما ناله، لأن سيناريوهاته مشرفة وشىء محترم، ولديه رأى خاص يحترم حتى إن اختلفت معه فى بعض الأشياء.

 وما أوجه الاختلاف بينكما؟

الاختلافات كثيرة جدًا.. نحن اتفقنا على الرئيس جمال عبدالناصر واختلفنا فى التفصيلات والمصائر.

 ما معنى أنكما مختلفان فى المصائر.. هل كان يوسف شاهين كان لا يؤمن بالقدر؟ 

لا أعلم، نحن اختلفنا لأن يوسف كان براجماتيًا، دقيقًا فى كل شىء.. حتى فى أكله ونومه، ولا يسمح لأى شخص أن يمس طرفًا من إبداعه وفكره أو تفاصيله الخاصة، أنا كنت بحترمه جدًا رغم أنى كنت أرى أحيانًا أنه ليس على صواب، ولكنه مقتنع تمامًا بما يفعله وهذا يكفى.

 وماذا عن دورك فى فيلم «الاختيار»؟

كواليس هذا العمل مختلفة تمامًا، فأنا كنت هخرج وهكتب إلى جانب الكاتب الكبير «نجيب محفوظ» هذا العمل، وسيقوم يوسف شاهين بالتمثيل، ولكنه فجأة تراجع عن أداء هذا الدور، واتفقنا على إسناد الدور إلى الفنان الكبير محمود يس، ولكنه انشغل بمسلسل «نحن لا نزرع الشوك»، وهذا الفيلم كان يحتاج إلى تفرغ تام، وبعد مناقشات استقررنا أننى سأقدم الفيلم إلى جانب بطلته سعاد حسنى.

 ما اللحظة التى ولدت لديك فكرة فيلم «الاختيار»؟ 

الوقت الذى به كان العبق السياسى عليك أن تختار.. إما أن تتمسك بالوطن، أو تعيش البوهيمية.. من هنا كانت النقطة.. الوقت الذى كان فيه صراعات كثيرة فكرية وأيديولوجية.

 المسافة الإنسانية بين الشخصيتين اللتين قدمتهما فى «الاختيار» كبيرة جدًا.. من هوعزت العلايلى فى الشخصيتين؟ 

أنا أمتلك الشخصيتين، وكل الناس كذلك، أحيانًا نكون عاقلين ونحكم بعقلنا، وأحيانًا نريد أن ننطلق.

 بصراحة شديدة.. هل الشخصية التى كتبتها ومثلتها فى «الاختيار» هى شخصيتك الحقيقية؟

بعد صمت: الحقيقة آه، هذه شخصيتى، وهذا هو صراعى النفسى الذى أعيشه، لذلك ظهرت الشخصية بمنتهى الصدق، لأنى كتبت الذى أشعر به، وليس شخصيتى أنا فقط وشخصية أيضًا يوسف شاهين، فنحن نتلاقى فى هذا الصراع، والوحيدة التى كانت تعرف هذا السر هى سعاد حسنى لأنها كانت قريبة منا وتعرف شخصياتنا الحقيقية.

 ماذا عن أكبر حرب دخلتها مع نفسك ومتى؟

قال: طوال الوقت أحارب مع نفسى، وطوال الوقت لدىّ صراع للنجاح، وفى أوقات كثيرة أرفض أعمالاً كثيرة وأنا فى أشد الحاجة للفلوس، «باكون مفلس» وأرفضها.. حرصًا على ما قدمته من نجاح والمحافظة على مكانتى.

وماذا عن الحرب الشخصية؟ 

الحرب النفسية القوية التى مررت بها كانت بعد حرب 67 أثرت فىَّ نفسيًا جدًا، لدرجة أنها كسرتنى، خصوصًا أنى كنت عامل عمل وطنى عبارة عن مجموعة كبيرة من الحلقات تحت عنوان «اعرف عدوك» وكنت بعرى اليهود تعرية كاملة، كنت ببات فى مصلحة الاستعلامات لكى أعد لهذه الحلقات، وكنت جمعت تاريخهم من أول ما عرضوا رشوة على سلطان تركيا وطردهم، لوقت وصولهم سنة 1901 بدأوا يكونوا الحركة الصهيونية العالمية.