الإثنين 13 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
السلام.. الاستقرار.. التنمية..  محددات مصر  والأمن القومى لا يحركه «بوست وهاشتاج» مصر فى  طريقها  للاعتراف بها كقوة صاعدة

السلام.. الاستقرار.. التنمية.. محددات مصر والأمن القومى لا يحركه «بوست وهاشتاج» مصر فى طريقها للاعتراف بها كقوة صاعدة

أكد الكاتب الصحفى والإعلامى أحمد الطاهرى  رئيس تحرير مجلة «روزاليوسف» ورئيس قطاع الأخبار بالشركة المتحدة للخدمات الإعلامية، أن الجلسة النقاشية التي شارك بها رئيس الجمهورية الرئيس عبدالفتاح السيسي فى القمة العالمية للحكومات التي عُقِدت فى دبى قد ينظر البعض إليها على أنها استعراض للنموذج التنموى لمصر أو تجربتها.



 أما بالنسبة لى فرأيت أن السيد الرئيس لخَّص رحلة مصر من دولة على وشك التصنيف أنها فاشلة فى 2011 دولة معدل النمو بها 2 % وأقل من معدل الزيادة السكانية لها، ليس بها أمن ولا مؤسسات، تحولت إلى دولة فى الطريق إلى الاعتراف بها كقوة صاعدة، فرق كبير فى التحوُّل من دولة فاشلة إلى دولة صاعدة، فقوة صاعدة تطلق على الأمم التي تتحقق بها طفرات سريعة فى عناصر القوة الشاملة بها سواء الاقتصاد، القوى العسكرية، قوة المجتمع وقوة تأثيرها السياسى ويتنامى حضورها فى السياسة الدولية فقد تكون قوة صاعدة ولا يعترف بها، لكن مصر فى الطريق للاعتراف بها كقوة صاعدة، التوقعات كلها تقول ذلك، ونحن فى مرحلة انتقال للنظام العالمى، فالثقل ينتقل للشرق بشكل أو بآخر، والشرق يعنى مصر والمملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة؛ لذا ليس من الغريب أن نسمع وزير خارجية روسيا يتحدث عن هذه الدول بالاسم، وأيضًا وزير خارجية أمريكا فى القاهرة يتحدث عن أهمية مصر وقوة مصر ودورها، وفى اليوم التالى نجد وزير خارجية مصر فى موسكو، هناك حالة ارتضاء فى الضمير العالمى لهذا الدور المتنامى.

وقال الأستاذ أحمد الطاهرى فى لقاء خاص بقناة «الحياة» مع الإعلامى محمد مصطفى شردى: بالطبع من حقنا كدولة أن نفتخر، ومن حقنا ونحن نحتفل بمرور عشر سنوات على ثورة يونيو أن يكون ليس مجرد احتفال فقط؛ بل توثيق لهذه المعجزة المصرية، فالعالم هو توازنات قوة، فمعضلة الأزمة «الروسية-الأوكرانية» أن الصين تجاوزت مرحلة القوة الصاعدة ولم تصل بعد إلى مرحلة القوة المهيمنة، فى حين أن الولايات المتحدة فى وضع اقتصادى وأوضاع داخلية كثيرة وتراكمات فى العشرين سنة الماضية لا تستطيع أن تلعب دور القوة المهيمنة كما يجب، فنحن أمام صراع دولى كل دولة تريد أن تفرض هيمنتها إلى أن تتفاوض الاثنتان وتنتهى الأزمة، روسيا نجحت كقوة صاعدة ولكنها أرادت أن يتم الاعتراف بها عالميًا كرقم بالغ الأهمية فى التأثير فى المعادلة الدولية، وهذا ما قاومته الولايات المتحدة خلال العشرين سنة الماضية باستخدام أوروبا، والآن نجد الاتحاد الأوروبى يتراجع بقوة، فهى مرحلة انتقال للنظام العالمى، الثقل ينقل إلينا ليس من فراغ ولكن من منطقة تمتلك الثروة وتمتلك محددات فاصلة فى الصراع العالمى وهى الطاقة والممرات الملاحية والقدرة على السيطرة على الممرات الملاحية، منطقة بينها تناغم، ليس لديها الإرث الأوروبى البينى بين الدول الأوروبية، وصلت لمرحلة كبرى من النضج السياسى تعرف الوحدات الرئيسية فى هذا الإقليم متى تتفق مع هذا الملف ومتى تختلف والمصالح مستمرة، ولا نستغرب إدراك الولايات المتحدة لهذا الأمر مبكرًا.

وأضاف: هناك رسائل واضحة، زمن الحماية الأجنبية انتهى ونستطيع الدفاع عن أنفسنا لأن الكل عربى لا يتجزأ، ثوابتنا واضحة نعمل على مصالحنا مع الجميع، رسالة أعقبتها القمة «الصينية- العربية».

وحول دور مصر فى ذلك وخصوصًا أنها تقف كركيزة أساسية وقوة فى المنطقة، أوضح أن طبيعة الدور تحدده طبيعة التحديات وطبيعة الفرص بشكل أو بآخر، مصر على الدوام كبيرة فى منطقتها؛ ولكن انتقال مصر كقوة صاعدة والاعتراف بها كقوة صاعدة تعتبر أول مرة فى تاريخ مصر وهذا لم يتحقق إلا بزيادة الكم الاستراتيجى لمصر، فمصر استراتيجيًا لها محددات مرتبطة بالجغرافيا السياسية فهى تمتلك أهم ممر ملاحى عالمى وتمتلك قوة مسلحة قادرة وكتلة سكانية متمركزة وغيرها من المقومات، هذا الكم الاستراتيجى  أضيفت إليه  أبعاد أخرى فأصبحت مركز طاقة فى منطقة  شرق المتوسط وأضيف إليه تنامٍ متصاعد فى قدرات قواتها المسلحة، وتقديم نفسك كقوة سلام واستقرار وتنمية فى المنطقة وليس قوة بطش، ومن هذا السياق مصر فرضت معادلة إقليمية، فمن يريد أن يلتقى مصر يلتقيها عند هذه المحددات السلام، الاستقرار، والتنمية للجميع، ثم انتقلت المسألة للمجال الحيوى لمصر سواء الدائرة العربية المباشرة أو الدائرة الإفريقية، فإصلاح البيت العربى ككل كان مهمة بالغة الأهمية بعد الفترة التي ضربت منظومة الأمن الإقليمى العربى من 2011 حتى من 2017 تقريبًا، والبناء بها كان مدروسًا فلم يعد العراق بمفرده بعيدًا عن الحضور العربى ولم تعد ليبيا بمفردها الآن، هذا بالإضافة إلى نجاحك فى المعركة مع الإرهاب، فمعركة مصر مع الإرهاب لم تكن سهلة فمصر فى عام 2015 وصل متوسط العمليات الإرهابية بها إلى 1500 عملية فى هذا العام بمعدل 4 عمليات إرهابية فى اليوم، واليوم يتحدث الرئيس فى الإمارات عن الإرهاب بأنه أصبح تاريخًا، ننظر للصورة بشكل بانورامى أكثر نجد أن الإسلام السياسى بالمنطقة تغلق صفحته، فالدول الحاضنة للإسلام السياسى تبرأت منه ودول رفعت يدها ودول أغلقت أبوابها ودول رحلتهم خارج الإقليم العربى.

وحول إذا ما كانت الدول التي أنشأت الإسلام السياسى ستعترف بفشلهم بعد أربعين عامًا من التخطيط لهذا، أكد الأستاذ أحمد الطاهرى، أن الجماعات الإرهابية فى تشخيصها جماعات وظيفية، والجماعات الوظيفية دورها لن ينتهى بل ينتقل من جماعات إسلام سياسى لشركات حراسات خاصة لها دور فى تصفية الصراعات الدولية لنموذج آخر قد يتم استحداثه، لكن احتضان المنطقة لفكر الإسلام السياسى هذا الأمر قد تم لفظه من الإقليم العربى تمامًا.

ونجد الرئيس يتحدث كثيرًا الآن عن خطر الزيادة السكانية وخطر الفكر المغلوط  فى الدين وخطورة التورط فى حروب غير محسوبة، وسبب تراجع مصر خلال المائة عام الماضية يتمثل فى هذا المثلث: الزيادة السكانية غير المنضبطة، الإسلام السياسى وأفكاره، وأخيرًا تورط مصر فى حروب كان من الأفضل ألا تدخلها.

وفى شأن المثل الذي تضربه مصر فى ملف إثيوبيا أشار إلى أن صاحب الحق دائمًا قوى، ومصر دولة يحكمها نسق قيمى على مدار تاريخها ونحن أصحاب حقوق ولا ندعى حقوقًا، والنظام الدولى الراهن لا تزال به قواعد حاكمة، فنحن نتمسك بالثوابت وقادرون على الحفاظ عليها لذا نتكلم بلغة الحق والقانون.

والأمن القومى لا يحركه «بوست وهاشتاج»، الأمن القومى لدولة بحجم وثقل وتاريخ مصر فى إفريقيا صعب أن يتحكم فى مسارها بوست وهاشتاج، فهى دولة قادرة فى الحفاظ على حقوقها وحقوق شعبها وحقوق الأجيال القادمة، علينا أن نعترف أن ثورة يناير لها نتيجتان لولاهما لما بنى طوبة واحدة على النيل، فانتقال سد النهضة من فكرة لأمر واقع تم فى مارس أو فبراير 2011، وما كان الإرهاب يتمكن أبدًا من حكم مصر والحقيقتان لا بد أن تكونا نصب أعيننا.

وأضاف الطاهرى: لا نستطيع أن نغفل أنه حدث شرخ مجتمعى فى النسيج الوطني وتم عمل قوائم سوداء وبدأ المجتمع يدخل فى أنفاق اللجان الإلكترونية، بعض الأمور تم ترميمها ولكن بعض الأمور تحتاج لوقت، بعض الأمور ضرب الرئيس مثلا وقدوة للجميع بها فنجد تهنئة الرئيس وذهابه للكاتدرائية للمعايدة على الإخوة الأقباط، بالإضافة إلى البناء المؤسسى، فالكيانات الحكومية والمؤسسية كانت مجرد مظهر من 2011 - 2014 ولم يستطع أى مسؤول اتخاذ القرار، ومن 2014 - 2018 أصبحت تسمى مرحلة التثبيت المؤسسى لتعود المؤسسات مرة أخرى وهى عودة الدولة. وهذه هى المعجزة أن تمتلك مشروعًا وطنيًا يعمل بالتوازى على كل الأهداف التي تريد تحقيقها. فقبل  تداعيات كورونا وقبل تداعيات الحرب «الروسية-الأوكرانية»، أى فى الربع الأخير من العام المالى 2020 كان معدل النمو الذي حققته مصر 7.7 ومعدل النمو السكانى 2 % أى وصلنا 3 أضعاف معدل الزيادة السكانية، لذا كمجتمع نستطيع أن نتنفس ولولا ما تم من بناء فى هذه السنوات ما كنا نتحمل الوضع الراهن.

وفى الوقت الذي كنا نبنى به ونعمل على إعادة الالتفاف العربى مرة أخرى نحو القضية الفلسطينية وجدنا عاصفة شديدة جدًا اسمها صفقة القرن، ولكن استطعنا الحفاظ والدفاع عن ثوابتنا وفى الوقت نفسه، أصبح هناك نضج عربى فالدول العربية ذات سيادة ومن حق كل دولة أن تنظر لمصالحها ولكن كإطار عربى جامع الكل يتمسك بثوابت القضية الفلسطينية، لذا نحن فى مرحلة إعادة صياغة لأشياء كثيرة للغاية بدأت تظهر فى مسار اقتصادى متقدم على المسار السياسى فى عملية السلام حتى لو لم يأخذ زخمه. 

وأوضح الأستاذ أحمد الطاهرى، أن اهتمام الناس بالشأن العام شىء جيد وأمر طبيعى، ولكن سلامة الرؤية تحدد من توافر أبعاد الرؤية الشاملة؛ أى رؤيتى كصحفى تختلف عن رؤية المسؤول عن الملف نفسه، إذن رؤية رئيس الجمهورية أوسع وأشمل، خاصة أنه قائد عام للقوات المسلحة، ولا يمكن التوازن النسبى لمتخذ القرار السياسى، ورؤية المتابع، هناك آراء لها سلامتها، لكن الكثير من الآراء تغيب عنها العديد من الحقائق والأبعاد الخاصة بالصورة، وفكرة العمل على مسارات متوازية تمثل «فرض عين» على مصر لأنها لا تمتلك رفاهية الوقت، ورفاهية الفشل.

وأشار إلى المؤتمر الصحفى الذي عقد عام 2016 بألمانيا، حينما قال الرئيس السيسي صراحة: «لم أنتظر تلك اللحظة التي يلقى فيها الطعام لشعبى من الطائرات»، فالفلسفة المصرية بشكل عام تكمن فى تحويل التحدى لإنجاز، وعلى سبيل المثال فيروس سى الذي شهدت مصر أعلى معدلاته، وكذلك عجز الطاقة، وهناك ما هو أبعد فى أعوام 2013،2012،2011، كانت التحديات على الاتجاهات الاستراتيجية الأربعة، الاتجاه الشرقى والغربى يحويه الإرهاب، وثروتك  فى شرق المتوسط تحتاج القدرة على حمايتها واستخراجها، وإحدى  الشركات الأجنبية ظلت مقيمة بهذا الموقع سنوات عدة، لكن الآن وبعد مرور 10سنوات على ثورة يونيو النتيجة أن وجهة نظر مصر هى الصحيحة، ومحدداتنا واضحة وتكمن فى السلام، التنمية، الاستقرار، ومصر حاضرة بقوة فى آسيا الوسطى، ونجد أن من آسيا الوسطى إلى القرن الإفريقى، للمغرب العربى لمنطقة شمال المتوسط وجنوب أوروبا، كل ذلك أصبح مجالًا  حيويًا  لمصر، وعودة العراق لكى يقوم بدوره فى المنظومة العربية تمثل مكسبًا كبيرًا، وتاريخيًا مناطق التهديد للأمن القومى المصري عندما كانت تأتى من خارج الإقليم العربى كانت نقطة التماس بشكل مباشر هما المشرق والجزيرة العربية، والعلاقة بين السعودية ومصر لا بُد من تصنيفها كحتمية استراتيجية، وهى ثنائية فريدة فى السياسة الدولية، فدور السعودية لا ينقص من دور مصر ولكن يضيف إليه، والعكس صحيح، وهذه العلاقة ممتدة، لا تحدثنى عن قوة مصر والخليج فى حالة ضعف، ولا تحدثنى عن خليج قوى وأمن مستقر ومصر تمر بتهديد، لكن الذي ينقصنا هو دور النخب، مصر تمتلك مشروعًا وطنيًا فريدًا ومحدداته واضحة ولكن لم تستوعبه النخب ولم تحمله بالقدر الكافى.

وأوضح، أن تجربة «روزاليوسف» شاركنى فيها أبناء جيلى، لم أكن وحدى صاحب هذه التجربة، ومدين لهم بالكثير، وما فعلناه أننا استمددنا شخصيتها الجديدة من تراثها، بعد أن كانت موضوعاتها آخر ثلاثين عامًا تسير على وتيرة واحدة ومعروفة دون تغيير، رجعنا لفترة إحسان عبدالقدوس، وبنيت النسخة الحديثة من صياغة إحسان عبدالقدوس.

واختتم الأستاذ أحمد الطاهرى بقوله إن الرئيس جمال عبدالناصر كان محظوظًا بنخبته التي تسلمها من العصر الملكى وكانت مؤمنة بمشروعه وحملته، فالنخبة تستوعب ثم تعبر بآرائها لتسبق مجتمعها بخطوة، فهنا نتحدث عن قادة رأى وليس أصحاب رأى، مما يجعلنا نتساءل: ماذا فعل المثقفون فى السنوات الماضية؟ تجربة 2011 فتت المجتمع  وأحدثت تجريفًا، مع تراجع دور المؤسسات، وأيضا دور التعليم، فغاب الدور التنويرى التثقيفى، والرهان الآن على الأكاديمية الوطنية لخلق كوادر قادرة على القيادة فى كل المجالات، فالجمهورية الفرنسية الخامسة التي لم تسقط عصب رئيسى فيها هى الأكاديمية الوطنية، إذا كنا نحتاج إعادة صياغة علاقة الدولة بالشباب، فلنبدأ البرنامج الرئاسى لتأهيل الشباب، ثم تطور الأمر وأصبح منتدى شباب العالم الذي تم اعتماده الآن من المجلس الاقتصادى الاجتماعى بالأمم المتحدة كمنصة رئيسية للتعبير عن رأى الشباب فى العالم، وهناك العديد من الأفعال الحضارية التي قامت مصر بها والتي تهم الإنسانية فى كل مناحى الحياة منها: مبادرة العودة للجذور، موكب المومياوات، طريق الكباش، المتحف القومى الكبير، إذن نحن فى الطريق إلى الاعتراف بمصر كقوة صاعدة فى المجتمع الدولى وهذا لم يأت من فراغ، والمشروع الوطني الراهن استوعب كل تجارب التاريخ، وكل ما رصده، وقوتنا قوة سلام وليست بطش، بتقدم نفسك للعالم أنك قوة سلام وتنمية واستقرار.