الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

مصر والسعودية.. عقيدة سياسية موحدة.. وقوة إقليمية أمام كافة التحديات

لم تكن العلاقات «المصرية - السعودية» على مدار التاريخ هى فقط علاقات جمعت بين دولتين فى قطر واحد؛ وإنما كانت على مدار التاريخ صورة توثيقية للأشقاء فى مختلف الأزمات وفى جميع المواقف، حيث اتسمت العلاقات بين الدولتين بتباين فى الرؤى السياسية والاستراتيجية منذ عقود، رغم اختلاف بعض الخطوات السياسية أو الرؤية لبعض القضايا الطفيفة لكن تبقى الركائز واحدة، وتعتبر القاهرة والرياض العمود الفقرى لتماسك المنطقة العربية ككل، خاصة فى ظل الظروف السياسية والاقتصادية الصعبة التى يمر بها العالم والمنطقة.



 

عوامل متأصلة

توجد أهمية  قصوى للروابط القوية  والعلاقات المتينة بين مصر والمملكة العربية السعودية سواء من الناحية التاريخية، أو السياسية، أو الاقتصادية، وتزداد أهمية هذه الروابط فى ظل التطورات والأزمات الحالية التى يشهدها العالم، ويمكن فى هذا الإطار الإشارة إلى المتغيرات التالية:

الروابط التاريخية: ترتبط مصر والمملكة العربية السعودية بروابط  وعلاقات وثيقة وذات جذور قوية، وكانت مصر والسعودية تقفان معا على الدوام لمواجهة التحديات المشتركة، وتم توقيع معاهدة صداقة بين مصر والسعودية فى عام 1926 وتوافقت آراء الدولتين فى مختلف المحافل والمنظمات الإقليمية والدولية، كما حدث تنسيق فى المواقف بين مصر والسعودية فى مختلف الأزمات التى تعرضت لها المنطقة، كما حدث على سبيل المثال خلال العدوان الثلاثى فى عام 1956، وفى حرب 1967، وأيضا فى حرب 1973 حيث تم استخدام سلاح البترول كأداة مؤثرة للدفاع عن الحقوق العربية، وقد تزايدت قوة ومتانة العلاقات «المصرية - السعودية» سواء على المستوى الرسمى، أو على المستوى الشعبى بصفة خاصة فى السنوات الأخيرة بدعم وتوجيه من الرئيس عبدالفتاح السيسى، وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وولى العهد الأمير محمد بن سلمان، ووصلت العلاقات بين الدولتين إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية والتى عبرت عن نفسها فى إقامة مجلس التنسيق «المصرى - السعودى» وإبرام العديد من الاتفاقات والبروتوكولات بين الجانبين.

أما الرابط الثانى والأهم، فهو الرابط السياسى، حيث ترجع أهمية العلاقات «المصرية - السعودية» إلى ما تمثلانه من أهمية وثقل سواء على المستوى العربى أو الإقليمى أو الدولى.

 ويمكن النظر إلى مصر والمملكة العربية السعودية باعتبارهما من القوى المهمة والمؤثرة فى المنطقة العربية ولذلك يقال إنه إذا توافقت مصر والسعودية فقد توافق العرب، وهو ما يعبر عن قوة وتأثير الدولتين فى المنطقة.

 وانعكس هذا التوافق على الأمن القومى العربى، كذلك فى إطار العالم الإسلامى، وكما هو الحال على المستوى الدولى فى القضايا المهمة التى ينشغل بها العالم والتحديات التى تواجهه مثل الإرهاب والفكر المتطرف.

 وتتشابه وتتوافق وجهتا النظر المصرية والسعودية إزاء العديد من القضايا والملفات المعاصرة سواء فى العالم أو فى الإقليم، كما يمكن الإشارة إلى نقطة تشابه أخرى بين مصر والسعودية فى تأثير وثقل كل منهما فى منطقته، فالسعودية لها وزن وثقل كبيران فى منطقة الخليج، كما يعد التوجه نحو الخليج من المحاور المهمة فى السياسة الخارجية المصرية مما يعطى المزيد من الأهمية للعلاقات المتميزة بين الدولتين، وتتشابه وتتوافق مواقف الدولتين بالنسبة لقضايا المنطقة والعالم والتى تتلخص فى العمل على حل المشكلات المختلفة سواء على المستوى الإقليمى أو على المستوى الدولى من خلال الطرق والوسائل السلمية والسياسية باعتبار ذلك الخيار الأفضل والذى يحقق مصلحة جميع الأطراف.

وفى الاجتماع الوزارى للجنة المتابعة والتشاور السياسى بين السعودية ومصر، الذى عقد يناير الماضى، بالعاصمة الرياض، أكد الجانبان تعزيز آفاق التعاون الثنائى بينهما فى كافة المجالات، ورفض أى محاولة للتدخل فى شئون الدول العربية وذلك إعمالًا لأحكام مذكرة التفاهم لإنشاء لجنة المتابعة والتشاور السياسى بينهما، الموقعة فى القاهرة يوم 26 يونيو 2007.

واستعرض الجانبان خلال هذه الجولة العلاقات الثنائية بين البلدين على كافة الأصعدة، وأشادا بما تم تحقيقه بين الجانبين من تعاون وتنسيق فى المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والثقافية بما يعزز أمن واستقرار البلدين، ويدعم مصالح الشعبين.

«عقيدة استراتيجية وسياسية» 

وفق المفاهيم السياسية والاستراتيجية، فإن بناء «العقيدة السياسية» يتطلب تكريس الإيمان بقيمة هذه العلاقات لذاتها ولأبعادها المستقبلية والتى تتجاوز أى حسابات بمكاسب مادية على مدى فترة زمنية قصيرة؛ وهو ما يعنى تراجع منطق الحسابات الضيقة للمكاسب والعوائد والتكاليف إزاء قيمة الهدف الاستراتيجى المتمثل فى كسب الآخر على مستوى الاستراتيجية والسياسة، وهو ما يعنى أهمية إيمان كل طرف بأن الإضافة العائدة إليه من شراكته الاستراتيجية مع الآخر على المديين القصير والبعيد، فالعلاقة بين البلدين استثمار و«بوليصة» تأمين فى المستقبل، ولا يعنى ذلك خضوع أى طرف للآخر، وإنما تأتى بناء على إيمان قوى بالأشقاء والتأكيد بأن مصلحة البلدين أو القطر العربى ككل تتأكد من خلال اتحاد القوى العربى وأهمها اتحاد القوتين الكبريين المتمثلتين فى القاهرة والرياض.

وقد شهدت العلاقات «المصرية - السعودية» خلال السنوات القليلة الماضية وهجًا وتناميًا غير مسبوق على كافة المستويات استمدته من الطابع الودى والأخوى الذى يجمع شعبى البلدين الشقيقين، فضلا عن الروابط القوية التى تجمع بين قادة البلدين على مر العقود والعهود، والتنسيق المستمر حيال الملفات والقضايا التى تهم البلدين على الساحتين الإقليمية والدولية؛ لدعم وتعزيز الأمن والاستقرار فى المنطقة والعالم، وذلك نظرًا للمكانة العالية والموقع الجغرافى الذى يتمتع به البلدان، مما عزَّز من ثقلهما على الأصعدة العربية والإسلامية والدولية.

وقد بنيت هذه العلاقات على أسس صلبة منذ أول لقاء تاريخى جمع الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود، بالملك فاروق عام 1945 ليضعا حجر الأساس لعلاقة قوية واستراتيجية، تزداد متانة وصلابة عامًا بعد عام، وصولاً إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود والرئيس عبدالفتاح السيسى رئيس جمهورية مصر العربية، لترتسم معالم المستقبل المشرق بين البلدين.

وفى عام 1945م، وافق الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن - رحمه الله - على «بروتوكول الإسكندرية»، معلنًا انضمام المملكة العربية السعودية للجامعة العربية، وفى 27 أكتوبر عام 1955م تم توقيع اتفاقية دفاع مشترك بين البلدين، وقد رأس وفد المملكة فى توقيعها بالقاهرة الملك فيصل بن عبدالعزيز.

وأثناء العدوان الثلاثى على مصر عام 1956م وقفت المملكة بكل ثقلها إلى جانب مصر فى كل المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية.

ومنذ عقود طويلة تتبادل المملكة ومصر التعاون والتنسيق الأمنى والعسكرى، ولا تنقطع الزيارات العسكرية المتبادلة بين القادة والمسئولين العسكريين فى كلا البلدين وبشكل دوري؛ لتبادل الآراء والخبرات والمعلومات العسكرية والأمنية والاستخباراتية التى تهم البلدين.

ومنذ أن تولى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، مقاليد الحكم فى المملكة توالت اللقاءات الرسمية بين القيادتين، إذْ عقد فى 1 مارس 2015م مع الرئيس عبدالفتاح السيسى جلسة مباحثات رسمية جرى خلالها استعراض أوجه التعاون الثنائى لما فيه مصلحة البلدين والشعبين الشقيقين.

وقد ارتقت العلاقات الثنائية بين مصر والمملكة، بدعم وتوجيه من الرئيس عبدالفتاح السيسى وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، والأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز، نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع السعودى، إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية من خلال إبرام حكومتى البلدين للعديد من الاتفاقيات والبروتوكولات ومذكرات التفاهم بين مؤسساتها الحكومية.

وتسعى مصر والسعودية إلى تعزيز التعاون فى العديد من الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية والفنية، بما يلبى طموحات وآمال البلدين تحت قيادة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود، والرئيس عبدالفتاح السيسى.