الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

تركيبة جديدة للبرلمان التونسى

رهانات تواجه تونس بين الإقبال الضعيف على التصويت فى الانتخابات، وتحديات الأزمة الاقتصادية فى وقت تتصاعد التساؤلات حول الأولويات التى سيواجهها مجلس النواب. وسيكون البرلمان المقبل بصلاحيات محدودة بشكل كبير، إذ لا يشترط الدستور الجديد الذى دخل فى وقت سابق حيز التنفيذ أن تنال الحكومة التى يعينها الرئيس الثقة منه، ولا يمكنه مساءلة أو عزل الرئيس. وبحسب نظام الحكم الجديد فى البلاد وهو رئاسى ستكون لرئيس الجمهورية قيس سعيد الأولوية فى اقتراح مشاريع القوانين.



وقال الرئيس التونسى قيس سعيد إن الإقبال المتدنى للغاية فى الانتخابات البرلمانية يظهر أن التونسيين لم يعد لديهم ثقة فى البرلمان بسبب «العبث» الذى حصل فيه خلال العقد الماضى، رافضًا اعتبار ذلك دليلاً على تراجع شعبيته.

وأعلنت هيئة الانتخابات التى عينها سعيد نفسه أن 11.4 % فقط من الناخبين صوتوا فى جولات الإعادة للانتخابات البرلمانية، واعتبر منتقدوه أن مراكز الاقتراع الفارغة دليلا على ازدراء شعبى واسع لبرنامجه السياسى وسيطرته شبه الكاملة على كل السلطات.

 المرحلة الأخيرة

وتعد الانتخابات البرلمانية آخر محطة من خريطة طريق شاملة كان قد أقرها الرئيس التونسى فى عام 2021 عقب إطاحته البرلمان والحكومة اللتين كانت تسيطر عليهما «حركة النهضة الإسلامية»، وخلال هذه الفترة دعا سعيد إلى استشارة وطنية تستهدف استكشاف آراء التونسيين فى شأن القضايا الحساسة والخلافية، ومن ثم حوار وطنى لم تدع إليه أحزاب المعارضة الرئيسية، قبل أن يتم سن دستور جديد وتمريره فى استفتاء شعبى جرى فى 25 يوليو وصولًا إلى الاستحقاق البرلمانى.

ودعت أحزاب المعارضة سعيد إلى الاستقالة بعد ما وصفته «بالفشل الكبير» فى الانتخابات، قائلة إن الانتخابات البرلمانية والرئاسية المبكرة ستكون السبيل الوحيد للخروج من الأزمة، لكن سعيد رفض اتهامات من وصفهم «بالخونة».

وقال سعيد: «90 % لم يصوتوا.. هذا يؤكد أن التونسيين لم يعودوا يثقون بهذه المؤسسة.. خلال العقد الماضى كان البرلمان مؤسسة تعبث بالدولة وكان دولة داخل الدولة»، وأضاف خلال لقاء مع رئيسة الوزراء نجلاء بودن قوله: «عمقنا الشعبى أكبر من عمقهم الشعبى».

 أزمة اقتصادية

ويأتى انتخاب البرلمان الجديد فى وقت تشهد البلاد أزمة اقتصادية متفاقمة ستزيد من الضغط حتمًا على البرلمانيين الجدد، فى ظل المحادثات التى تأمل تونس استئنافها مع صندوق النقد الدولى للتوصل إلى اتفاق فى شأن تمويل جديد سيكون رهن إصلاحات توصف بالموجعة.

وقالت النائبة فى البرلمان الجديد فاطمة مسدى إن «أولويات البرلمان المقبل من المؤكد سيتم إقرارها بشكل جماعى فور تنصيبه فى وقت لاحق». أضافت فور الإعلان عن فوزها فى محافظة صفاقس (جنوب) المعروفة بثقلها الاقتصادى «هناك أولويتان، بحسب رأيى، لبرلماننا الجديد، أولاها إقرار حزمة من التشريعات التى سيتم التداول فيها، والأولوية الثانية تتمثل فى الوضع الاقتصادى الصعب الذى يحتم تشريعات لإنقاذ اقتصاد البلاد وتحديد بعض الإجراءات التى قد تكون فى موازنة تكميلية».

وواجهت المساعى التى بذلتها الحكومة التونسية برئاسة نجلاء بودن للتوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولى حول تمويل جديد انتكاسة، عندما تم سحب ملف البلاد وتأجيل النظر فيه، فى وقت تزيد التصنيفات السلبية للاقتصاد متاعب بودن وفريقها.

 عزوف شعبى

ويرى المحللون أن دائرة العزوف الشعبى ستتسع ما لم تبادر حكومة بودن إلى الإصلاحات الاقتصادية، وخاصة أن الانتخابات التشريعية فى دورها الثانى كشفت أن التونسيين قد عزفوا فعلا عن السياسة والسياسيين، وهى رسالة مهمة تدعو الرئيس قيس سعيد إلى فهمها والتعامل معها. رسالة تقول إن ما يهم الناس هو وضعهم الاقتصادى وظروف عيشهم، ليس أكثر.

ويرى البعض أن تشكيل برلمان جديد سيغلق الباب أمام المزايدات بشأن شرعية المؤسسات، لكنه سيلقى بأعباء كثيرة على النواب الجدد فى ظل حملة تشكّك فى إمكانيات مَن تم انتخابهم، مشددا على أن استمرار فشل الحكومة فى جلب الاستثمارات وتوفير مناصب عمل جديدة لآلاف من الشباب، ستزيد من اتساع دائرة العزوف عن الشأن السياسى وستحصل قطيعة مع السياسيين أيا كان خطابهم وتاريخهم.

 تركيبة جديدة

أفرزت النتائج الأولية للانتخابات التشريعية فى دورها الثانى، التى جرت أول أمس الأحد، تركيبة جديدة لمجلس نواب الشعب، ما يقارب نصفها (73 مقعدا) من الفئات العمرية الشابة الأقل من 45 سنة، وأكثر من 16 بالمائة منها نساء، فى حين لم يحز فيها المترشحون «المتحزبون» سوى على 8.44 بالمائة من المقاعد.

ورغم أن القانون الانتخابى الجديد لم يقر مبدأ التناصف بين الرجال والنساء فى الترشح للبرلمان، على خلاف انتخابات برلمانى 2014 و2019، فقد تمكنت 25 امرأة من الحصول على مقاعد بمجلس نواب الشعب، وهو ما يمثل نسبة 16.2 من المقاعد الجملية، مقابل تمثيلية للمرأة فى برلمان 2019 بلغت نسبة 23 فى المائة، و36 فى المائة برلمان 2014.

وتوزعت أعمار الفائزين بمجمل مقاعد مجلس نواب الشعب (154 مقعدا) بين 44.16 بالمائة للفئة العمرية بين 46 سنة و60 سنة (68 مقعدا) و42.21 بالمائة للفئة العمرية بين 30 و45 سنة (65 مقعدا) و5.19 بالمائة للفئة العمرية أقل من 30 سنة (8 مقاعد) و8.44 بالمائة للفئة العمرية الأكبر من 60 سنة (13 مقعدا).

واستحوذت الفئة العمرية الأقل من 45 سنة على 73 مقعدا من جملة 154 تم انتخابهم، أى بنسبة 47.40 بالمائة، وهى تمثيلية مضاعفة للفئة الشبابية مقارنة بما كان عليه الشأن فى تركيبة البرلمانات المنتخبة بعد 2011.

ولم يفرض النظام الانتخابى الجديد مبدأ التمييز الإيجابى للفئات الشبابية، ورغم ذلك حصدت هذه الفئة ما يقارب نصف عدد المقاعد المعروضة على الناخبين، أى 73 مقعدا من بين 154. أما بخصوص مشاركة الأحزاب فى هذا الاستحقاق التشريعى، فقد تمكن 13 مترشحا، ممن أعلنوا انتماءاتهم لأحزاب سياسية، من الفوز بمقاعد، وذلك من بين 67 كانوا قدموا ترشحاتهم، وهو ما يمثل نسبة 8.44 بالمائة.وتمكن مترشح واحد منهم من الفوز بمقعد منذ الدور الأول، فى حين فاز 12 مترشحا بمقاعد فى الدور الثانى، من بين 22 تمكنوا من المرور إلى هذا الدور. وتوزع المترشحون المنتمون إلى أحزاب سياسية بعد إعلان نتائج الدور الأول لانتخابات البرلمان الجديد، بين مترشّح لحركة تونس إلى الأمام و3 مترشّحين عن حزب حركة شباب تونس الوطنى - حراك 25 جويلية و12 مترشّحا عن حركة الشعب و7 مترشّحين عن حزب صوت الجمهورية.