الجمعة 9 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

«فلويد» لن يكون الأخير عنف الشرطة الأمريكية.. سيناريو متكرر!

موجة غضب جديدة تصيب الشارع الأمريكى بعد نشر فيديو يوثق مقتل تيرى نيكولز، ضحية جديدة تثبت عنف الشرطة الأمريكية خاصة مع ذوى البشرة السوداء أو للأقلية السمراء داخل المجتمع الذى أصبح العنف والقتل سمة تنبئ عن غضب متزايد تجاه كل ما هو مختلف عن العرق الأبيض.



وبعد انتشار ذلك الفيديو على مختلف مواقع التواصل الاجتماعى انفجر «تسونامى» الغضب فى مختلف أرجاء الولايات مرة أخرى ليعيدنا إلى أحداث 2020 بعد مقتل الضحية الأشهر جورج فلويد (ذات البشرة السوداء) على يد رجال الشرطة الأمريكية أيضًا، وارتفع صوت المطالبات بوقف نزيف ذلك العنف وسط شعور عام بأن المظاهرات الضخمة التى شهدتها البلاد عام 2020 لم تفض إلى تسوية لهذه المعضلة.

 

ومؤخرا، توفى تايرى نيكولز الأمريكى الأسود البالغ من العمر 29 عاما فى المستشفى، بعد ثلاثة أيام من تعرضه للضرب المبرح بأيدى عناصر سود من الشرطة وجهت إليهم لاحقا تهمة القتل.

وصرحت لورا كينج، ابنة رودنى كينج، الذى أثار تعرضه للضرب العنيف بأيدى شرطيين عام 1991 موجة اضطرابات فى لوس أنجلوس، وقالت لشبكة سى إن إن: «من المحزن أن الوضع ما زال على حاله فى أمريكا، لا يسعنى أن أصدق».

وأضافت: «علينا القيام بالمزيد، هذا غير مقبول».

 القتل المستمر

وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعى مقطع فيديو نشرته سلطات مدينة ممفيس الأمريكية، يظهر خمسة شرطيين ينهالون ضربا على رجل أسود (29 عاما)، فى أثناء اعتقاله، ما أدى إلى وفاته بعد ثلاثة أيام من نقله إلى المستشفى.

وأظهر مقطع الفيديو الذى وصف بـ«المؤلم» عناصر الشرطة وهم ينهالون ضربا على تاير نيكولز وهو ينادى والدته فى أثناء تعرضه للضرب.

وفى 7 يناير، أراد الشرطيون اعتقال نيكولز لارتكابه مخالفة مرورية، وقد أقيلوا مذاك من مهماتهم، وأظهرت مشاهد نيكولز وهو يئن بسبب إقدام العناصر على ركله ولكمه مرارا.

ونقلت وكالة «الأسوشيتيد برس» الأمريكية، تفاصيل الحادث بعد أيام من انتشار الفيديو وانفجار القضية على مواقع التواصل الاجتماعى، وأوضحت أن خمسة من ضباط شرطة ممفيس الأمريكية اتهموا بارتكاب جرائم قتل من الدرجة الثانية وجرائم أخرى فى مقتل نيكولز.

ونشرت الوكالة الأمريكية لقطات فيديو حول ما حدث ليلة 7 يناير عندما قام مجموعة من ضباط شرطة ولاية تينيسى بلكم وركل نيكولز- تلقى ما لا يقل عن ست ضربات- بينما كان قابعًا على الأرض، وهو يصرخ من أجل والدته، وأفضت هذه الضربات إلى وفاته فى نهاية الأمر.

 عار عليكم

وأثارت الواقعة دعوات إلى الاحتجاج، ومخاوف من احتمال حصول اضطرابات فى البلاد، بينما عبر الرئيس الأمريكى جو بايدن عن «غضبه وألمه الشديد» بسبب تلك المشاهد، قائلا إنها «ستجعل غضب الناس مبررا»، داعيا المتظاهرين للبقاء مسالمين.

وكرر بايدن دعوته إلى المتظاهرين للبقاء مسالمين، قائلا: «من يسعون للعدالة يجب ألا يلجأوا إلى العنف أو التخريب».

وخلال مؤتمر صحفى، دعت والدة الضحية روفون ويلز إلى التزام الهدوء، لكنها توجهت إلى الشرطيين الذين ضربوا ابنها «حتى الموت» على حد تعبيرها، بالقول: «لقد تسببتم بالعار لعائلاتكم بفعلتكم هذه».

وتحدث بايدن مع ويلز، التى قال إنها «من الواضح أنها تعانى ألما شديدا»، وأثنى على «شجاعة الأسرة وقوتها» و«مناشدتها القوية» من أجل احتجاجات سلمية، مؤكدًا على إجراء «تحقيق سريع وكامل وشفاف» فى هذه المأساة، ودعا وزارة العدل أن تجرى تحقيقها، وتواصل السلطات عملها بصورة سريعه لوقف هذا النزيف من الحوادث الدامية.

 صرخة الاحتجاجات

وفى وسط مدينة ممفيس، تجمع نحو 50 متظاهرا فى حديقة الشهداء المركزية، وأغلقوا لاحقا طريقا رئيسيا، وساروا هاتفين: «لا عدالة، لا سلام» و«قل اسمه: تاير نيكولز».

كما تجمع نحو 100 شخص فى تايمز سكوير بنيويورك، ورددوا شعارات مماثلة، ورفعوا لافتات كتب عليها: «ضعوا حدا لإرهاب الشرطة».كما اندلعت الاحتجاجا فى لوس أنجلوس واصدم المحتجون برجال الشرطة وشرعوا فى تكسير عربات الشرطة الأمريكية وتم القبض على نحو 3 من المحتجين.

المتظاهرون طالبوا حسب وسائل إعلام أمريكية بـ«إنهاء استخدام الشرطة للقوة»، وحملوا عبارات كتب عليها «رجال الشرطة القتلة» و«العدالة لتاير نيكولز»، لكن هذه العدالة يبدو أنها لن تتحقق فى ظل غياب قرارات حاسمة من قبل الإدارة الأمريكية والانقسامات الكبيرة بشأن السلطات الممنوحة للشرطة على خطوط الحزبين الديمقراطى والجمهورى.

وقد أوضح الكاتب بيرى بيكون جونيور، فى مقال بصحيفة «واشنطن بوست» تعليقًا على مقتل نيكولز: إن هذه الجريمة ما هى إلا تذكير بأن علينا أن نغير منظومة الشرطة فى الولايات المتحدة، مشيرا إلى أن الحادثة الجديدة ما هى إلا مثال فظيع على وحشية الشرطة.

بيكون أوضح أن طرد ضباط الشرطة الذين قتلوا نيكولز وتوجيه تهم لهم لا يعتبر دليلًا على أن منظومة الشرطة تعمل بشكل جيد، فالرجل قتل على يد أشخاص مكلفين بالحفاظ على حياة المدنيين وليس أخذها، ومهما فعل نيكولز وهو قيادة السيارة بتهور، لا يجب أن ينتهى بالموت على أيدى مسؤولين يمثلون الحكومة الأمريكية فى بلد تزعم أنها قائدة الديمقراطية فى العالم.

من جانبه، أوضح المحامى بن كرامب الذى كان يمثل عائلة جورج فلويد ويدعم اليوم عائلة تايرى نيكولز على دور «ثقافة منتشرة على صعيد مؤسسة الشرطة تتساهل حيال الإسراف فى استخدام القوة، وخصوصا ضدّ الأقليّات». وقال كرامب خلال مؤتمر صحفى «يتحتم علينا إجراء هذا (النقاش) مرارا وتكرارا إلى أن يتوقّف ذلك».

واعتبر مدير مكتب التحقيق فى تينيسى ديفيد راوش أن ما حصل «غير مقبول» و«إجرامى» و«ما كان يجب أن يحدث»، معربًا عن «صدمته» و«اشمئزازه» لما رآه. وأضاف: «بكلمة واحدة، إنه أمر مروع للغاية».

وأحدثت القضية ضجة فى بلد لا يزال متأثرا بمقتل جورج فلويد فى مايو 2020، وما أحدثته هذه المأساة من تظاهرات لحركة «بلاك لايفز ماتر» (حياة السود مهمة) ضد العنصرية وعنف الشرطة.

 فلويد لم يكن الأخير

وكان مقتل الشاب الأسود جورج فلويد حين ضغط شرطى أبيض بركبته على عنقه حد الاختناق نقطة فاصلة فى التاريخ الأمريكى الحديث، وأثارت هذه القضية وبعد اندلاع مظاهرات فى جميع الولايات المتحدة بل وخارجها أيضًا إلى ظهور حركة «بلاك لايفز ماتير» إلى إحداث بعض التغيرات أو الإصلاحات فى جهاز الشرطة الأمريكى الذى يضم 18 ألف كيان وهيئة مستقلة للشرطة لكن هذه التغيرات لم تتم بصورة صحيحة حتى الوقت الراهن.

وبعد عامين من حادث فلويد، بلغ عدد الذين قتلوا فى احتكاك مع الشرطة مستوى قياسيا هو الأعلى منذ عشر سنوات وصل إلى 1186 قتيلا خلال العام 2022، وفق ما أورد موقع «مابينج بوليس فايلنس» (مسح عنف الشرطة)، بينهم 26% من السود فى حين أنهم لا يمثلون سوى 13% من مجموع السكان. ويرى الناشطون أن المشكلة تكمن فى الصلاحيات الواسعة الممنوحة للشرطة الأمريكية لتوقيف أشخاص حتى فى قضايا مخالفات صغرى. ورأت كاثى سينباك مديرة الفرع المحلى للاتحاد الأمريكى للحقوق المدنية، أنه «يجب أن نتوقف عن الاعتماد على الشرطة لمعالجة المشكلات المرتبطة بالفقر أو سوء الاستثمار فى بعض الأحياء»، مضيفة أن «هذا يقود إلى أعمال أكثر تواترا وغير مفيدة وعدوانية».