الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

بعد نجاحه وارتباط الناس بقصصه وأبطاله: وبينا ميعاد.. الحب طريق التصالح مع الحياة

الحياة بدون حب لا تحمل أى قيمة.. ليس بالضرورة أن يكون الحب بين رجل وامرأة بل يكفى أن نحب بعضنا البعض كأسرة وأصدقاء.. حب الآباء والأبناء والأخوات وغيرها من المشاعر المتداخلة التى يتعرض لها مسلسل (وبينا ميعاد).. والذى استطاع أن يجذب أنظار الجمهور العربى فور عرض الحلقات الأولى منه.



المشاعر الإنسانية وحدها هى السبب فى نسج هذه القصة، فكيف يمكن أن تتحول امرأة صلبة المشاعر لعاشقة، وكيف يحيى الأمل فى قلب أب نسى عمره فى أولاده.. وكيف يمكن للابن أن يتصالح مع والده.. أما القصة الأكثر تشويقًا كيف يقتنع 4 شباب و4 بنات أن يعيشوا بسلام فى بيت واحد.

 قصة قديمة بأسلوب حديث

ربما استطاع صناع المسلسل أن يتحدوا المقارنة مع الفيلم الكوميدى (عالم عيال عيال) والذى كتبه الراحل «يوسف عوف» وقدمه المخرج «محمد عبدالعزيز» للسينما عام 1976. فربما تعد فكرة وقوع أب أرمل لديه عدد كبير من الأبناء فى حب سيدة مطلقة لديها نفس العدد من الأبناء مكررة.. فهى ليست بالجديدة أو المختلفة ولكن طريقة التناول والاستحداث هى التى جعلتها مميزة.

ولعل أكثر ما يميز قصة المسلسل هو قصة الحب التى بدأت رغما عن الطرفين، فكل منهما كان يعيش حياته معتقدًا أنه لا ينقصه شىء.. أو بمعنى أوضح كل منهما كان يقوم بدور الأب والأم معًا اعتقادًا منه أنه يبذل قصارى جهده وأن فكرة الزواج والحب مرة أخرى غير واردة بالمرة.. فنرى المهندسة «نادية» التى تقوم بدورها «شيرين رضا»، وهى أم صارمة لا تقبل أى خرق للنظام، حتى أن بناتها يضطررن فى بعض الأحيان إلى إخفاء أمورهن الحياتية عنها.. كابنتها التى تتمتع بموهبة التمثيل وتخاف أن تصارح والدتها بعملها بمسرح الجامعة.

وتمثل «نادية» أغلب السيدات المصريات المطلقات فى الوقت الحالى.. فالأب يهرب من المسئولية ويطلقها تاركًا لها أربع فتيات لتقوم بتربيتهن ورعايتهن وحدها دون مساعدة.. فتضطر مع الوقت لنسيان أنوثتها وأمومتها وتتحول تدريجيا لدور الأب الصارم الذى يأمر وينهى.. وإن كان حنانها يسيطر عليها فى الكثير من الأحيان فتتراجع عن قراراتها كالأطفال، ويحركها فى النهاية فكرة خوفها على بناتها.

وفى المقابل يظهر بحياتها المهندس «حسن»، يقوم بدوره «صبرى فواز» وهو على النقيض تماما عنها. فقد اعتاد أولاده الأربعة منه على الصدق والصراحة فهو يتعامل معهم كأنه شاب فى سنهم.. ويأخذ أمور الدنيا ومشاكلها ببساطة، وذلك على الرغم من شعوره الدائم بالضياع لعدم وجود أم تشيل عنه حمل الأسرة، فنراه يحاول تعويض أبنائه بالحنان الذى افتقدوه منذ وفاة والدتهم.

وكأن الحب يغير كل شىء ،فكل من الرجل والمرأة يعيشان فى عوالم متناقضة ولكن الظروف تجمعهما معا.. فهى تزيد من قوته على الحياة وهو يهدئ من حدتها فى معالجة الأمور.. ولكن يظل حب كل منهما لأبنائه فوق كل شىء. 

وقد استطاع المخرج «هانى كمال» أن يقدم العمل برتم هادئ دون ضجيج أو ملل فشهدت الحلقات الأولى ولادة قصة الحب التى بدأت بالعداوة ثم الصداقة.. مشاعر كل منهما المتخبطة.. كل هذا بمزيج من التلقائية فى الأداء من بطلى العمل «شيرين رضا» و«صبرى فواز» مع إبراز لجمال مصر الذى نعيش فيه من خلال استخدام أماكن طبيعية نراها حولنا طوال الوقت مما جعل الجمهور يتفاعل مع أبطال المسلسل وكأنهم جزء من عائلاتهم.

 فريقا البوم والغربان

ليس بالحب وحده تنحل العقد والمشاكل فقد كان الأبناء رافضين لفكرة الزواج كسائر الأبناء الذين يصيبهم نوع من الأنانية بامتلاك أهلهم.. فكيف تستوعب الفتيات بأن والدتهن وقعت بالحب، فى الوقت الذى تخاف عليهن من أى علاقة عابرة.

ومن جانب آخر تعامل الشباب باستهزاء مع مشاعر أبيهم رافضين أن تحل سيدة غريبة مكانة أمهم بقلبه وبمنزلهم.. ولكن سرعان ما يهدأون ويقرر كل فريق منهم أن يسمح لهما بالزواج على أن يتم إفشال الأمر تدريجيا.. وقسما أنفسهما لفريقين ففريق الفتيات أطلق على الشباب اسم «الغربان».. أما الشباب فأطلقوا على الفتيات اسم «البوم».

ومنذ بداية العمل لفت نظر الجمهور مجموعة الممثلين الشباب، وهم «داليا شوقى، أسامة الهادى، تسنيم هانى، يوسف الكدوانى، آية سليم، يوسف إبراهيم» والطفلان «كنزى رماح ومحمد العزازى». وعلى الرغم من أن هذا المسلسل ليس العمل الأول لأغلبهم، إلا أن مساحة الدور والتناغم وخفة الظل بينهم جعلته يحتل مكانة لدى جمهور الشباب.  فأصبح المسلسل مع أولى حلقاته حديث وسائل التواصل الاجتماعى، فالشباب بدأوا يتفاعلون مع أفعال الأولاد التى قد تظهر فى بعض الأحيان صبيانية، والبعض الآخر انتقامًا قاسيًا.. وما بين موافقة الجمهور على أفعال أبطال المسلسل ورفضهم أصبحت مواقف المسلسل وأغانيه «تريند» قويًا يزداد يومًا بعد يوم.

 

 قصص موازية

استطاع المسلسل أن يخرج من إطار الملل فى تمحور أحداثه حول عائلة واحدة.. فأصبح يعطى مساحة لمناقشة مواقف حياتية أخرى مثل علاقة «الأب رمزى»، «مدحت صالح»، بابنه الدكتور «إيهاب»، «خالد أنور».

والذى دائما ما يتعامل مع والده بجفاء بعدما علم بأن الأب قد وافق على فصل الأجهزة عن أمه عندما كانت حالتها ميئوس منها.

حالة مرتبكة يعيشها الأب بالذنب تجاه ابنه والذى يؤمن بداخله أن أبيه قاتل.. وهناك أيضا نموذج السيدة التى تقع فى حب «رمزى»، بأداء «بسمة»، وهى التى تستطيع أن تحل عقدة لسانه ليفتح قلبه لها ويحكى عن الماضى المظلم الذى بنى ألف سور بينه وبين ابنه.

وفى المقابل تظهر بحياة الطبيب الشاب سيدة مسنة أبدعت بتقديم دورها القديرة «نادية رشاد» وهى السيدة التى تمتلك من الحياة الخبرة الكافية لقراءة معادن الناس وأصلها.. وتغلبت على الكثير من المشكلات بحياتها مثل الزواج المبكر والغربة والخوف من الأب المتحكم وغيرها من الأمور.. بينما لاتزال تملك الكثير من الأسرار التى سيتم عرضها خلال الحلقات القادمة.

وقد استطاع المخرج «هانى كمال» أيضا، أن يقدم مشهد سرد ذكريات «رمزى» وابنه لحادثة وفاة الأم بوجهة نظر كلا الطرفين.. فكل منهما يسرد ما فى قلبه من أحداث ولكن بوجهة نظره الخاصة وبمشاعره. وقد برع كل من «مدحت صالح» و«خالد أنور» فى التعبير عما عانياه من ألم نفسى بكل ملامحهما ونبرات صوتهما وأيضا نظرات عينيهما.

بينما تحمل حلقات العمل عددًا  آخر من القصص الإنسانية ومنها قصة الأب «محمد سليمان» والذى عاد ليطالب برؤية بناته بعدما هجرهن لمدة 10 سنوات تقريبا ولم يطالب برؤيتهن طوال تلك الفترة.. ليبدأ بالبحث عنهن بعدما وصلن لعمر الشباب بعد علمه برغبة طليقته بالزواج مرة أخرى.. فيحاول الظهور ليفسد فرحتها ويطالب بأحقيته فى رؤية بناته.. مما يشكل نوعًا من الضغط على «نادية» التى تخاف أن يبتعدن بناتها عنها بعد أن أفنت عمرها لهن. وفى النهاية.. فإن قصص (وبينا ميعاد) ربما تكون مألوفة وتقليدية ولكنها ارتدت ثوبا جديدا فى التناول فظهرت جديدة ومشوقة وجذابة. والأهم أنها خلقت ألفة بين الأبطال والمشاهدين خلقت نوعًا من الارتباط والتعلق والرغبة فى معرفة كيف سيتطور بهم الحال وإلى أين ستأخذهم الأيام أو الحلقات المقبلة.