الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

الرئيس السيسى فى زيارة تهدف لتعزيز العلاقات الاقتصادية والأمنية والدفاعية القوى العظمى تتسارع لاستقطاب الهند..ونيودلهى تسعى لتوثيق التعاون مع مصر

تتزامن زيارة الرئيس المصرى عبد الفتاح السيسى إلى دولة الهند مع وقت تتنافس فيه القوى العظمى، الصين والولايات المتحدة الأمريكية، على استقطاب تلك الدولة، ونظراً لموقع الهند الجغرافى الفريد وقوتها الوطنية الشاملة وإمكاناتها التنموية، فإن موقفها فى هذا الصراع الذى يتعلق بالقوى العظمى أمر بالغ الأهمية.



وقد احتفت الصحف الهندية بزيارة الرئيس المصرى حيث تتميز العلاقات المصرية - الهندية بتاريخها العريق وتعكس العلاقات المعاصرة أيضا التعاون بين دولتين كبيرتين، حيث تمثل كل منهما ثقلا إقليميا خاصا فى منطقتها، وقد ترسخت هذه العلاقات من التطلعات والتحديات المشتركة التى يواجهها البلدان. وانعكست العلاقات المصرية الهندية الخاصة والهامة بوضوح فى عدد كبير من الاتفاقيات المشتركة فى المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية.

وشهدت العلاقات المصرية - الهندية تطورا كبيرا خلال الفترة الماضية على كافة المجالات السياسية والاقتصادية والعلمية والثقافية، وحرص الجانبان على تعزيز العلاقات الثنائية من خلال تكثيف الزيارات رفيعة المستوى، فضلا عن الدبلوماسية المصرية الجادة لتعزيز التعاون مع القوى الكبرى فى القارة الآسيوية، بما فى ذلك الهند.

 احتفاء هندى

وقالت صحيفة «تايمز أوف أنديا» الهندية إن الزيارة تشمل توقيع العديد من الاتفاقيات الثنائية، كما تدرس الحكومة الهندية أيضًا توريد المزيد من القمح الهندى لمصر.

وأشارت إلى أنها تأتى فى وقت يتطلع فيه البلدان إلى تعزيز العلاقات الاقتصادية والأمنية والدفاعية كما يتضح من زيارة وزير الخارجية الهندى إس جايشانكار ووزير الدفاع راجناث سينج العام الماضى إلى مصر أكبر دولة عربية من حيث عدد السكان وثالث أكبر اقتصاد لها.

وأشاد السفير الهندى بالقاهرة أجيت جوبتيه بالعلاقات التاريخية بين بلاده ومصر، مؤكدا أن زيارات الرئيس عبد الفتاح السيسى للهند عامى 2015 و2016 أعطت دفعة إضافية للعلاقات الثنائية.

وسلط السفير الهندى الضوء على الزيارات المتبادلة بين مسؤولى البلدين فى السنوات القليلة الماضية، لا سيما زيارة وزيرة الخارجية الهندية السابقة سوشما سواراج لمصر عام 2015 وزيارة وزير الخارجية المصرى سامح شكرى للهند عام 2018.

كما أشار تحليل لموقع يوراسيا ريفيو إلى أن مصر لاعب محورى وهى أيضًا دولة تتمتع مع الهند بعلاقة وثيقة بشكل استثنائى فى العقدين الأولين بعد الاستقلال.

وأظهرت مصر مرة أخرى نيتها، أولًا من خلال مشاركتها فى قمة منتدى الهند وأفريقيا فى دلهى فى عام 2015 ومرة أخرى من خلال زيارة دولة فى عام 2016 وكان من المتوقع على نطاق واسع أن يقوم رئيس الوزراء ناريندرا مودى برد الزيارة فى عام 2020 ولكــن تم تغـيير الخـطط بسـبب جائحة كوفيد - 19، تم تنفيذ بعض الأعمال الأساسية من خلال زيارات متتالية إلى القاهرة قام بها وزير الدفاع راجناث سينج فى سبتمبر 2022 ووزير الشؤون الخارجية الدكتور جايشانكار فى أكتوبر الماضى.

ومن الواضح أن التعاون الدفاعى هو أحد الموضوعات الرئيسية على الطاولة، وقد أدت التبادلات رفيعة المستوى على مدار العامين الماضيين إلى إطلاق أول تدريب تكتيكى مشترك على الإطلاق من قبل القوات الجوية للبلدين، وتعد التدريبات الأخيرة بين القوات الخاصة هى مؤشر آخر على الرغبة المتزايدة لدى مصر والهند فى العمل معا وأبدت مصر أيضًا بعض الاهتمام بطائرات تيجاس المقاتلة الهندية وطائرات الهليكوبتر الهجومية الخفيفة Dhruv، على الرغم من أن هذا لا يزال فى مرحلة أولية إلى حد ما وبنفس القدر من الأهمية هو الدعم من وراء الكواليس الذى قدمته القاهرة لنيودلهى فى منتديات مثل منظمة التعاون الإسلامى.

 الصين والهند

شهدت العلاقات بين الهند والصين تقلبات شديدة للغاية خلال السنوات الثلاث الماضية، فالقوات المسلحة الهندية والجيش الصينى فى حالة مواجهة بمنطقة لاداخ منذ أبريل عام 2020. ولا يزال الوضع غير مستقر، حيث يقوم الجانبان بتطوير بنيتهما التحتية العسكرية سريعاً عند خط السيطرة الفعلى، ومع ذلك، تتفاوض الصين والهند فى نفس الوقت على المستويين العسكرى والدبلوماسى للحد من الأعمال العدائية وحسم حالة المواجهة سلمياً.

ومع ذلك يمثل الصراع بين الصين والهند قنبلة موقوتة قد تنفجر فى أى لحظة، حيث إن الدولتين تمثلان ما يقرب من نصف سكان العالم مع انضمام الدول المتحالفة إلى أى من الدولتين، كما حدث فى الحرب العالمية الأولى والثانية علاوة على قواتهما العسكرية العادية والنووية. وعلى الرغم من ذلك، فإن المخاوف المتبادلة بينهما تجعلهما تعملان على احتواء كل مواطن التوتر والنزاع، خصوصاً أن البلدين أصبحا الأقرب إلى تحقيق توازن متكافئ، فلم تعد كفة الصين مرجحة تماماً على الرغم من التفوق الملحوظ مثلما كان فى الستينيات من القرن العشرين حيث عملت الهند على تطوير البنية التحتية على حدودها كما قامت بعقد تحالفات إقليمية ودولية. وقد أكد وزير الخارجية الصينى وانج يى، استعداد بلاده للعمل مع الهند من خلال النمو المطرد والسليم للعلاقات. وقال وانج إن الصين والهند حافظتا على الاتصالات من خلال القنوات الدبلوماسية والعسكرية، وكلا البلدين ملتزمان بالحفاظ على الاستقرار فى المناطق الحدودية، ونحن على استعداد للعمل مع الهند لتحقيق النمو المطرد والسليم للعلاقات بين البلدين.

 حصار ثنائى

ومع ذلك، تهدف التدريبات العسكرية الهندية-الأمريكية المشتركة الأخيرة بالقرب من خط السيطرة الفعلية (LAC)، والمناورات العسكرية الفلبينية الأمريكية وحتى اشتباك تاوانغ الحدودى مع الهند، لخلق مزيد من التوتر لحصار الصين من جميع الجوانب الأمر الذى يعنى فتح المجال لظهور المزيد من نقاط الاحتكاك والتوتر بين الصين وأستراليا واليابان وكوريا الجنوبية وحتى تايوان على التوالى، لضمان إحداث اختراقات ولو جزئيًا للتنفيس عن أزمتها العميقة، عبر محاصرة الصين وإنهاك الهند ومِن ورائهما كامل آسيا ضمن صراعات بينية. ومع ذلك، راكمت القوى الصاعدة تجارب كافية فى استراتيجية إطفاء الحرائق وتأريض التوترات ووضع حد لمشروع الفوضى الأمريكى بمختلف أشكاله وتجلياته، كالتجربة التراكمية للصين بترسيم الحدود وحل النزاعات مع الدول المجاورة من خلال المفاوضات السلمية مع 12 من أصل 14 دولة فيما تبقت الهند وبوتان، ونزاع الصين مع بوتان هو نزاع حدودى بحكم الواقع مع الهند، كما أن الاتفاقيات التى حلت بها الصين نزاعاتها الحدودية مع الاتحاد السوفيتى ساعدت على البدء بحقبة جديدة من العلاقات بين البلدين، لذا فإن إمكانية حل القضايا العالقة بين البلدين وجعلِها واقعًا أعلى بكثير بما يكفى لكى تعيد الجارتان كتابة علاقاتهما الثنائية.

 حذر استراتيجى

وأصبحت الصين حذرة بشكل متزايد من الشراكة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة والهند خلال السنوات الأخيرة. وكانت هذه القضية بنداً رئيسياً فى خطاب الصين حول الهند، وقد اكتسبت المزيد من الأهمية فى أعقاب المناورات العسكرية بين الولايات المتحدة والهند .وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية، تشاو ليجيان، إن المناورات تنتهك اتفاقيات الحدود الصينية الهندية، واستشهد باتفاقيتين تم توقيعهما فى عامى 1993 و1996، واعتبرهما حاسمتين للحفاظ على السلام على طول خط السيطرة الفعلية بين الصين والهند. 

ومع ذلك، ردت الهند بأن القوات الصينية انتهكت اتفاقيات ثنائية متعددة بشأن خط السيطرة لسنوات.وتعتقد الصين أن الولايات المتحدة تروج للهند باعتبارها المرساة الغربية لمنطقة المحيطين الهندى والهادئ فى محاولة لاحتواء الصين على نحو مشترك. وإضافة إلى ذلك، ترى الصين الهند لاعباً رئيسياً يستعد للتأثير على المنافسة الاستراتيجية بين الصين والولايات المتحدة. 

وهناك العديد من العوامل التى تؤثر حالياً على الوضع على الحدود الصينية - الهندية. أولاً، كثف الجانبان تطوير البنية التحتية وأدخلا أحدث منصات أسلحتهما إلى المنطقة. وأدى ذلك إلى أن صار الجيشان قريبين من بعضهما البعض، مما زاد بشكل كبير من فرص المواجهات على الحدود.وثانياً، وصلت مفاوضات النزاع الحدودى بين الصين والهند، والجارية منذ عام 2020، إلى طريق مسدود، حيث أنشأ كلا الجيشين مناطق عازلة فى 5 مناطق متنازع عليها، وتتطلب المناطق المتنازع عليها المتبقية فى ديبسانج وديمشوك تدخلاً سياسياً رفيع المستوى للمضى قدماً.وثالثاً، يؤدى إحباط الصين من التعاون بين الولايات المتحدة والهند ودور الهند المتنامى فى منطقة المحيطين الهندى والهادئ إلى تأجيج التوترات، وأخيراً، ظلت الصين تقليدياً وراء الستار واستخدمت باكستان لزيادة مخاوف الهند الأمنية.وفى الختام، يقول كومار إن الهند والصين يقودهما ساسة محنكون، يتسمون بالصرامة، ويتمتعون بسلطة هائلة كل فى دولته. ومع ذلك، هم يرون النزاع الحدودى بشكل مختلف. وقبل صعود شى إلى السلطة، كانت المواجهات الحدودية بين الصين والهند أقل حدة ولم تكن بحاجة إلى تدخلات سياسية رفيعة المستوى لتسويتها.