السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

تجتاز شهادة محو الأمية عن عمر 87 عامًا زبيدة شبكت الحروف وكتبت «بحبك يا ريس» حلم حياتى أقعد على تختة

يظل  الإصرار والعزيمة مع الرغبة والإرادة فى حياة الإنسان الجاد مهما تقدم به العمر، نرى نموذجًا لسيدة ملهمة بمحافظة المنوفية، زبيدة عبدالعال على الصعيدى من قرية دكما مركز شبين الكوم تبلغ من العمر 87 عامًا حرمت من التعليم وتزوجت وأنجبت وزوجت أبناءها، وكانت طوال الوقت تحرص على تعليم أبنائها وأحفادها، تخشى أن يتسرب أحد منهم من التعليم ويشعر بالحرمان والمعاناة مثلها، ففكرت كيف يطمئن قلبها أنهم بالمدرسة فكانت تبيع بعض البضائع البسيطة أمام المدرسة، وحين أتت لها الفرصة وسمعت عن فصول محو الأمية لم تتردد بل تقدمت وأصرت على أن تحضر بالفصول وتجلس على تختة ولا تأتى لها المعلمة بالمنزل وبالفعل نجحت وحصلت على شهادة محو الأمية.



 حلم حياتى

تقول زبيدة لروزاليوسف «لدى 87 عامًا، والدى كان تاجر حبوب بسيط وكنا 3 أخوات بنات و3 أولاد ولما قلتله عايزه أروح المدرسة قالى لا، مفيش بنات تتعلم»، لم يهتم الكثير من بلدتنا بتعليم الإناث فى ذلك الوقت لذا لم ألتحق بالمدرسة، تزوجت وعمرى 18 عامًا وعرضت على زوجى أن أتعلم أيضًا لكنه رفض لأنه كان يسير على نفس منهج والدى مفيش بنات تتعلم، ولكن بعد أن أنجبت قررت أن أعلم أولادى البنات والأولاد وأقنعت زوجى بذلك، قلت له مينفعش يكونوا أميين مثل أمهم ويتحرموا من التعليم، أنجبت4 أولاد و4 بنات، وكنت أذهب ببعض البضائع البسيطة أمام المدرسة حتى أطمئن على أولادى أنهم بالمدرسة ولا يتسربون من التعليم، علمت الأولاد حرفًا مع التعليم لكسب العيش، واحد منهم حداد والآخر كهربائى وواحد لتصليح ماكينات خياطة والأخير يعمل فى صيانة السيارات، أما البنات واحدة معيدة فى كلية بحلوان وواحدة فى كلية بالمعادى تدرس بالإنجليزى، وواحدة درست إدارة وسكرتارية أما الرابعة درست ترجمة عن الصم والبكم، مشيت معاهم فى العلم وزوجتهم ولدى الآن 13 حفيدًا وحفيدة، تمنيت أن أتعلم ولكن لم تتح لى الفرصة، فحرصت على تعليم أولادى وأحفادى وأنصح كل من يقابلنى بأهمية التعليم، ومن المواقف التى تعرضت لها فى حياتى بعد وفاة زوجى كان لدى أرض 4 قراريط وكنت مسئولة عنها وبعدين ذهبت لشراء شيكارة كيماوى للأرض، فالبائع بيقولى ابصمى على الورقة دى فقلتله لا همضى فقالى اتعلمتى أمتى؟ ده كل الجيل بتاعك مبيعرفش القراءة والكتابة، قلتله بس كنت بتابع وأشوف الأولاد وهما بيتعلموا وعرفت منهم حاجات كتير، الأول كان الغنى بس اللى بيعلم أولاده ولكن دلوقتى لازم الكل يتعلم.

 بحبك يا ريس

وأضافت زبيدة العلم نور والجهل شدة، وزى ما بنسمع فى التليفزيون «ياللى فاتك التعليم الفرصة لسة قدامك.. تعالى اتعلم» وفى مبادرة «لا أمية مع تكافل» التى تنفذها وزارة التضامن الاجتماعى عرضوا علىَّ أن أدخل فصول محو الأمية فوافقت على الفور وتمسكت بالتعليم، شعرت مدرسة الفصل أن الموضوع والانتقال سوف يكون صعبًا، فعرضت علىّ أن تأتى المنزل وتعلمنى، ولكنى رفضت وتمسكت بتعليمى داخل فصل وعلى تختة وقلت لها «حلم حياتى أقعد على تخته ومطرح ما تكونى هجيلك تعلمينى..أنا ما صدقت» وكنت أذهب يوميّن فى الأسبوع الأحد والأربعاء لتلقى الدروس، وأتمنى أروح أعمل عمره وأن كل واحد يهتم بتعليم أولاده، حتى لو اتعلم حرفة لازم يتعلم لأن ممكن يتعلم حرفة ويمضى ويبصم على بيته ويضيعه أو أرضه يضيعها لكن لو استطاع قراءة الورقة اللى أمامه هيخرج من المأزق، وأيضًا التعليم يعرف الشخص رايح فين وينور بصيرته، فالمال زائل لكن العلم باقى. بعد ما عرفت أقرأ وأكتب شبكت الحروف وكتبت «بحبك يا ريس» بشكر سيادة الرئيس على اهتمامه بنا وبتعليمنا.

 قاعدة بيانات

يقول د.سمير الفقى رئيس وحدة المعرفة والبحوث بوزارة التضامن: فى يناير 2020 وقعنا بروتوكولاً بين وزارة التضامن الاجتماعى وهيئة تعليم الكبار نستهدف فيه الأميين المسجلين على قاعدة بيانات «تكافل وكرامة» من سن 16 سنة فيما فوق، وفى البداية كنا نستهدف من 16 إلى 45 وهى سن العمل ولم تكن لدينا أى مشكلة فى أن يلتحق الكبار فى السن فى فصول محو الأمية وكنا نعمل لكن مع كورونا توقفنا قليلا، وفى بداية 2022 مع وزيرة التضامن الاجتماعى أطلقنا حملة «مليون مواطن من مستفيدى تكافل وكرامة»، ونجحنا فى محو أمية 132 ألفًا من شهر 7 وحتى الآن نعمل على مستوى الجمهورية فى 27 محافظة، ويُشارك معنا فى تكوين الفصول رؤساء الوحدات الاجتماعية المنتشرون على مستوى الجمهورية، ويدرس فى الفصول مستفيدو تكافل وكرامة حملة المؤهلات أو أحد أبنائهم ممن يحصل على مؤهل، وكان الغرض من ذلك هو زيادة دخلهم فيحضرون 3 أيام فى الأسبوع من ساعة لساعتين حسب الاستيعاب، والمدرس ياخذ مكافأة بسيطة 250 جنيهًا فى الشهر، الفصول ليست فى مدارس ولكن قد تكون فى أحد بيوت الدارسين أو أحد بيوت المدرسين أو مقر جمعية أهلية تابعة لوزارة التضامن الاجتماعى، وهدفنا أن السيدة التى تريد التعليم ولديها أبناء لا تستطيع تركهم أو الانتقال لمكان يبعد عن منزلها، لذا نحن حريصون على توفير مكان فى مدرسة أو مكان قريب من المنزل.

 9 آلاف فصل

وأضاف الفقى: لدينا حوالى 9 آلاف فصل حاليًا فى 27 محافظة، الفصل يتراوح من 8-15 دارسًا مسجلين مع هيئة تعليم الكبار بداية من شهر يوليو 2022، الشرقية والصعيد من أكبر المحافظات فى عدد الأمية وفى شمال سينا لدينا 129 فصلًا مفتوحًا فى ظل الأحداث الجارية،، هناك محافظات نستهدف بها 40 % من مستفيدى تكافل وكرامة وفى محافظات يتم استهدافها %100 وهذا يرجع إلى إقبال الناس والموارد المتاحة، المنوفية كنا مستهدفين %40 ولكن الآن نعمل على %100 من مستفيدى تكافل وكرامة، وبالفعل تم محو أمية إدارات كاملة ووحدات كاملة.

تغيير الوعى

وأكد الفقى أن أكثر تحدى يقابلهم هو عدم إقبال الناس على محو الأمية، فنجد البعض يردد «هو أنا بعد السن ده هتيجى تعلمينى» رغم أن التعليم فى هذه المرحلة وفقًا لرغبة الشخص وهو الذى يحدد المكان والميعاد الذى يتلقى فيه الدرس، ونجد بعض الدارسين بعد محو الأمية يسعون لتكميل تعليمهم، والبعض يأخذ الشهادة ويستطيع أن يحصل على رخصة ومن يستطيع أن يتابع أولاده فى الدروس وهناك من يستطيع قراءة كتاب الله، فمحو الأمية ليس الغرض منه التعليم فقط ولكن تغيير الوعى والثقافة والحفاظ على الحقوق فبدون تعليم لا يوجد وعى ولا استيعاب لأى ثقافة، والحاجة زبيدة بدأت المسيرة من شهر أغسطس وكانت حريصة على التعليم وحضور الفصول.