الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

نائب رئيس منتدى البرلمانيين العرب للسكان والتنمية لـ«روزاليوسف» د.سمر حداد: مصر رائدة فى مناهضة العنف ضد المرأة

أكدت د.سمر حداد نائب رئيس منتدى البرلمانيين العرب للسكان والتنمية أن الدولة المصرية بذلت جهودا كبيرة من أجل حماية المرأة وشرعت القوانين من أجل حمايتها ومناهضة العنف ضدها، موضحة أن هناك دورا فعالا قامت به مؤسسة الأزهر لتدريب القيادات الدينية على قضايا المرأة لمحاربة جميع أشكال العنف ضدها.



 

 وأضافت فى حوار خاص مع مجلة «روزاليوسف» أن العنف الذى تتعرض له المرأة العربية يرجع إلى عدم الاستقرار والحروب المتكررة فى المنطقة العربية.

وقالت إن «زواج القاصرات» و«جرائم الشرف» هما من القضايا التى تتصدر ممارسات العنف ضد المرأة وفيما يلى نص الحوار:

فى البداية كيف ترين جهود الدولة المصرية فى مواجهة العنف الموجه ضد المرأة؟

- منذ عام 2020 وهناك تدخل تشريعى كبير فى مصر فى محاولة لمناهضة العنف ضد النساء، وتوقفت كثيرا أمام تنفيذ حملة الـ 16 يومًا لمواجهة العنف ضد المرأة التى كانت مميزة للغاية والتشديد على تنفيذ كل الاتفاقيات الخاصة بالتصدى لكل أشكال العنف ضد المرأة، وأيضًا هناك دور فعال تقوم به مؤسسة الأزهر لتدريب القيادات الدينية على مجابهة العنف ضد المرأة، حيث أطلقوا ملف حزمات الخدمات الأساسية للنساء المتعرضات للعنف، كما شهدت مصر أول دراسة بشأن التكلفة الاقتصادية للعنف ضد المرأة للوقوف على الخسائر الاقتصادية الناتجة عن هذا النوع من العنف، وهو محاولة أيضا لإلقاء الضوء على أن هذه التكلفة الاقتصادية قد توفر كثيرًا على ميزانية الدولة، فضلا عن إقرار قانون حماية البيانات الشخصية للأفراد، وأيضًا القانون الخاص بحماية بيانات المجنى عليهن للتحرش والاعتداء الجنسى، فضلا عن الاستراتيجية الوطنية لمكافحة ختان الإناث ومثلها لمكافحة الزواج المبكر، ومصر إجمالا رائدة فى هذا المجال الخاص بمناهضة العنف ولكن تبقى أمور أخرى كما هى فى كل العالم العربى يعانى منها الجميع لاسيما فى قوانين الأحوال الشخصية التى تعتبر أكثر قوانين مجحفة تحمل إذلالا للمرأة وهذا الإذلال أبشع عنف ويدمر أكثر من العنف الجسدى.

هل مازال العنف القائم على النوع الاجتماعى والمقصود هنا تجاه المرأة والفتيات حاكما وظاهرا فى العالم العربى؟

- النوع الاجتماعى هو الخصائص المبينة للرجال والنساء مثل الأعراف والأدوار والعلاقات بين الذكر والأنثى، وبالطبع تختلف من مجتمع إلى آخر وبالتالى من الممكن تغييرها، إذن مفهوم النوع الاجتماعى يتعلق بالدرجة الأولى بأدوار الذكر والأنثى فى المجتمع وكيفية رؤية الثقافة المحلية لهما أى أن ذلك له ارتباط وثيق بالمجتمع وأعرافه وتقاليده، والعنف القائم على النوع الاجتماعى يعرف أنه الفعل المؤذى الذى يرتكب ضد إرادة الشخص الآخر، ويكون مبنيا على الفوارق بين الذكور والإناث التى يعزى وجودها لأسباب اجتماعية أى عنف قائم على الأدوار الاجتماعية بين الذكر والأنثى وبالطبع من المتعارف عليه أن الغالبية العظمى من هذا العنف بكل الثقافات من الفتيات والنساء، وأنواع العنف المبنية على النوع الاجتماعى هى جسدى وجنسى واقتصادى ونفسى، والأهم هو الممارسات المؤذية مثل الزواج المبكر وزواج القاصرات وجرائم الشرف، وتجدر الإشارة إلى أن تلك الأنواع متداخلة وليس بالضرورى أن يحدث كل نوع بشكل مستقل أى من الممكن أن يكون ذلك جماعيا، فعندما تحرم المرأة من العمل بالإكراه يحمل ذلك عنفًا اقتصاديًا ونفسيًا على السواء، وبالرغم ما يحدث من تطور فكرى فى كثير من مجتمعاتنا إلا أن العنف القائم على النوع الاجتماعى لاسيما ضد الفتيات والنساء للأسف مازال ظاهرا وحاكما وجليا للغاية فى بلداننا العربية وهذا يرجع لأسباب عدة منها الحروب وعدم الاستقرار والنزوح وما وراء ذلك من موجات لجوء وعدم الأمان وأسباب أخرى تجعل هذا العنف مازال حاكما ومتحكما، والأهم من ذلك التقاليد والموروثات التى نعيشها فى عالمنا العربى وتحمل قدرا كبيرا من التمييز بين الرجل والمرأة.

على الرغم من تطور الزمن واختلاف الوضع الخاص بتعليم الفتيات وعمل المرأة إلى الأفضل فى العالم العربي.. فلماذا هذا العنف مازال ظاهرة؟

- إذا كان هناك بعض من التطور كما ذكرت هنا سواء فيما يتعلق بنسب تعليم الفتيات وعمل المرأة وزيادة تلك المساحات إلا أن ذلك ليس بكاف، أصبح هناك بعض من التطور فيما يخص دور المرأة المجتمعى ووضع الفتيات إلا أنه للأسف لم يخفف من ظاهرة العنف، لاتزال الأرقام عالية جدا، حيث إن واحدة من كل 3 نساء بحسب الإحصائيات الأخيرة تتعرض للعنف فى العالم العربى أى الثلث، وهى نسبة كبيرة وذلك يرجع لأسباب عدة منها طريقة العيش فى عالمنا العربى فى ظل معاناة فيما يتعلق بعدم الاستقرار والحروب المتكررة وفى أغلب البلدان يكون هناك معاناة تخص عدم تطبيق القانون القائم ومع أى تطور تشريعى لا نشهد للأسف أى تطبيق للقانون الوضعى، مما يضاعف العنف ضد المرأة ويفاقمه، لن نرى خفوتًا لظاهرة العنف ضد النساء والفتيات إلا مع تحقيق الأمن بكل جوانبه لمجتمعاتنا بجميع الصور والأشكال، حيث أنه إجمالا فى الكثير من بلداننا العربية، تكون أشكال الأمن التى ذكرتها ناقصة بشكل كبير، فالمرأة ليس لديها أمان اقتصادى أو صحى أو اجتماعى، فكيف لهذه المرأة أن تبدأ وتضع جدران الدفاع عن نفسها دون الأمان؟!، بالاضافة إلى أمر فى غاية الأهمية، نحن فى عالمنا العربى يوجد بجانب القضاء المدنى ما يعرف بالمحاكم الدينية التى تعتمد على قوانين أحوال شخصية متعلقة بالمذاهب والطوائف، وقوانين الأحوال الشخصية فى دولنا يكون الاعتماد فيها على المرجعيات الدينية فيما يتعلق بالزواج والطلاق، وفى أغلب الأحيان يكون هناك معاناة للمرأة فى محاكم الأحوال الشخصية لاسيما فى أمور الطلاق لدرجة أنها تذوق الذل والمرار فعليا، حتى المحاسبة بالقوانين فهى تحمل تفرقة صريحة بين الرجل.

هل العنف القائم على النوع يقل مقارنة بعقود ماضية أم ما نقف أمامه حاليا أنه يزداد فى العالم العربي؟

- لا يقل، وسأتناول هنا ما جرى وقت جائحة كورونا التى زعزعت الأمن الاقتصادى والاجتماعى فى كل المجتمعات بسبب تدابير الحجر الصحى ومنع التجوال من جانب السلطات فى كل العالم حتى توقفت أعمال ومهن وجلس الكثير من العاملين والموظفين فى منازلهم لأوقات طويلة مما أدى إلى زيادة حجم الخلافات الأسرية لدرجة أن المنازل لم تعد آمنة للنساء حيث تضاعفت على سبيل المثال نسب التبليغ على الخطوط الساخنة لقوى الأمن والشرطة الرسمية بنسبة 100 % من النساء، وذلك بحسب دراسة عن عام 2021، فضلا عن خطوط ساخنة لجمعيات ومؤسسات نسوية بلغت نفس نسب التبليغ من النساء عن تعرضهن لعنف منزلى زاد بجائحة كورونا، وأكثر مكان ظهر فيه العنف ضد النساء ليس فقط من المنازل، الأكثر فى بعض البلدان مثل لبنان كان من نساء يعشن فى مخيمات اللاجئين، وذلك يرجع لعدم الاستقرار عبر الانتقال من منزل إلى خيمة تجلس فيها المرأة، وأيضا وقت الجائحة زادت نسبة التحرش لاسيما عبر الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعى.

 ما أكثر الدول العربية التى يتصدر فيها وجود العنف القائم على النوع وأكثر الدول التى تحاول مواجهته؟

- لا أستطيع القول أن هناك دولاً عربية يتصدر فيها العنف ضد الفتيات والنساء عن بلدان أخرى فى ظل وجود كل تلك الأسباب والأوضاع التى ذكرتها، كل البلدان بالعالم العربى تحمل هذا العنف وبها تزايد ضخم، الأزمة الاقتصادية التى تضرب العالم والتى لحقت بجائحة كورونا، تضاعف العنف ضد المرأة وأكثر من ذلك فى البلدان التى تشهد حروبًا فى العالم العربى.

كيف يتعامل منتدى البرلمانيين العرب للسكان والتنمية مع الحكومات فى مواجهة هذا النوع من العنف؟

- منتدى البرلمانيين العرب للسكان والتنمية انبثق من المؤتمر الأول للسكان والتنمية بالقاهرة عام 1994،أسس عام 2002، وبدأ عمله الفعلى عام 2012، والمنتدى يعمل مع البرلمانات ويضم اللجان السكانية بالمجالس النيابية بالعالم العربى عبر نواب متخصصين فى هذا المجال، ويعقد المنتدى اجتماعات فى إطار الاهتمام الخاص بالسكان والتنمية ويحول التوصيات إلى مشروعات قوانين يعمل على إقرارها البرلمانيون عبر مجالسهم النيابية، ومن جهة أخرى، يعمل المنتدى مع منظمات حكومية وغير ذلك ومنظمات تعمل داخل البلدان على تحسين أوضاع السكان، فهو يعمل على أكثر من جبهة ما بين البرلمانات والدعم والمساعدة بجميع الأوجه على الأرض، وكان للمنتدى فى العديد من الدول تأثير أدى إلى تعديل قوانين وكان له الأثر الأكبر على سبيل المثال فى تعديل القانون الذى يخص ختان الإناث فى السودان وأيضًا تشريعات أخرى فى الكثير من الدول، بجانب ذلك يعمل المنتدى على تدريب البرلمانيين وتوعيتهم على قضايا السكان والتنمية، وتنظيميا رئاسة المنتدى كانت لمصر الأعوام الثلاث الماضية وانتقلت الرئاسة إلى لبنان فى شخص النائب والوزير السابق بيار أبو عاصى الذى انتخب رئيسا لمنتدى البرلمانيين العرب للسكان والتنمية هذه السنة.

إلى أى مدى يكون لتحقيق أهداف التنمية المستدامة 2030 دور فى مواجهة هذا النوع من العنف؟

- نستهدف تلك المواجهة وصولا إلى عام 2030 وخطة التنمية المستدامة المتعلقة بذلك، ونتطرق هنا إلى ذلك بداية مما نقوم به من 2023، وهو العام الذى حددناه لمحاربة العنف القائم على النوع الاجتماعى كعنوان وتنفيذ واقعى، وسيكون لدينا لقاءات واجتماعات وورش عمل ولجان توعية فى عدة بلدان، ونجهز حاليا للاجتماع الإقليمى الذى سيقام فى إندونيسيا خلال مارس المقبل، فإن أبرز طرق للنجاح فى مناهضة العنف القائم على النوع الاجتماعى لاسيما العنف البارز على النساء والفتيات هو تمكين المرأة، وذلك بالإجمال دور واضح لمنتدى البرلمانيين العرب الذى يعمل جاهدا من أجل تحقيق التنمية المستدامة وأهداف المؤتمر العالمى للسكان الذى وضع خطة 2030 من أجل مجتمع سالم وآمن.

كيف يمكن القضاء على ظاهرة إفقار المرأة فى العالم العربى؟

- نحن بحاجة لخطة شاملة لمواجهة العنف القائم على النوع ضد المرأة خلال الأزمات التى نمر بها الأمر الذى يطرح تحديات لا يستهان بها، وهنا يجب الوقوف أمام اختلال توازن القوى والسيطرة، وهذ الخلل ينبع من عدم المساواة بين الرجل والمرأة فى ظل المعتقدات التمييزية والقوالب النمطية والأعراف التى تتسامح مع العنف وسوء المعاملة فى وجود هياكل مجتمعية تكرر عدم المساواة، فإذا كان هناك رغبة فى العمل على العنف ضد النساء والفتيات سنكون فى حاجة لمناهج استراتيجية طويلة المدى لعلاج تلك الأسباب ومن المؤكد أن الدور هنا على صناع القرار فى الدول العربية بحماية الفئات المهمشة والضعيفة وأن تكون تلك الفئات فى طليعة خطط الاستجابة، وأبرز طريق لمكافحة هذه الآفة الخاصة بالعنف القائم على النوع تتمثل فى تحقيق أهداف التنمية المستدامة وخطة 2030 والتى من أبرز أهدافها هى المساواة بين الجنسين وتحقيق ذلك يتطلب سياسات سليمة وتشريعات قابلة للتنفيذ، وقبل كل ذلك تمكين المرأة والفتيات الذى يتم فى عدة أوجه بتأمين العمل للمرأة عبر المشاريع الصغيرة والمتوسطة وأيضا التجارة الإلكترونية التى باتت ضلعًا اقتصاديًا مهمًا وإتاحة الاستفادة من الفرص التعليمية، كل ذلك يؤدى إلى تقليص العقبات التى تواجه النساء والفتيات، حتى نصل فى النهاية لما هو أهم وهو العدالة، وكل ذلك يتطلب سياسات تتوجه نحو التنمية ودعم الإنتاجية وفرص العمل اللائقة وفتح مجالات للأعمال الحرة حيث إن النساء لديهن القدرة على الابتكار ولكنهن فى حاجة للتشجيع وهنا يجب أن يكون هناك إطار تشريعى وقانونى سليم، حتى نصل إلى هيكل دول متحضرة وحاضرة تحتضن جميع أبنائها وبناتها، لأن مجرد محو تلك الحواجز يعتبر بناء لدولة قوية، يجب ضرورة العمل على الحد من انعدام المساواة وضمان تكافؤ الفرص وإزالة وجود القوانين والسياسات التمييزية حتى نصل إلى مجتمع مسالم بوجود مؤسسات فعالة وشفافة خاضعة للمساءلة على جميع المستويات، العنف ضد الفتيات ليس جزءا حتميا من ثقافاتنا، بالإمكان منعه ويجب إيقافه.