الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

تعرضت للتنمُّر فى الصف الثالث الابتدائى ودخلت فى حالة نفسية سيئة واكتئاب شديد لكنها سرعان ما تغلبت عليه جنى محمد: أتمنى أكون دكتورة جامعية

التنمُّر هو سلوك عدوانى تجاه الآخرين، وهو من أكثر وأشد أنواع العنف انتشارًا؛ خصوصًا فى المدارس، فهو يصيب الأشخاص بأذًى نفسى شديد قد يصل إلى حد الانتحار، لذا مناهضة العنف والتربية الإيجابية السليمة من أهم الأولويات التى تتصدّى لها الدولة الآن، ويجب أن تتكاتف كل مؤسّسات الدولة؛ خصوصًا وزارة التربية والتعليم لمناهضة العنف بكل أشكاله، فنحن نقول التربية أولاً لأنها تنشئ شخصًا سويًا فى المجتمع ويتمتع بأخلاق كريمة وقيم عالية ويأتى بَعد ذلك التعليم، وأيضًا لا بُدّ من الاهتمام بالتربية الإيجابية داخل المنزل وتعليم القيم لأبنائنا.



 

جنى محمد شعبان، طفلة من قرية قرنشو بمركز بسيون بمحافظة الغربية، فتاة فى الصف السادس الابتدائى من ذوى الإعاقة، لكن نسبة ذكائها حاد تمتلك العديد من المواهب وحصلت على الكثير من التكريمات سواء من الإدارة التعليمية أو الأحزاب، تعرضت للتنمُّر فى الصف الثالث الابتدائى ودخلت فى حالة نفسية سيئة واكتئاب شديد لكنها سرعان ما تغلبت عليه، وأجرت أكثر من 22 عملية جراحية بالصف الرابع الابتدائى بصبر واحتمال، مرهفة المَشاعر والأحاسيس لم تُشعر مَن حولها بمدى الألم قدر ما كانت تتألم من تعبهم معها أثناء خضوعها للعمليات الجراحية، وفى الصف السادس الابتدائى تعرضت للتنمُّر مرّة أخرى من أقرب أصدقائها لتفوُّقها وحصولها على أعلى الدرجات.

قامت «روزاليوسف» بالحديث مع والدة جنى لمعرفة تفاصيل الواقعة..

تروى والدة جنى الطفلة المتنمَّر عليها التفاصيل فتقول: أنا من قرية قرنشو بمركز بسيون التابع لمحافظة الغربية، وجنى ده بنتى الكبيرة وأول فرحتى وأغلى حاجة عندى فى الدنيا، اسمها جنى محمد شعبان وفى الصف السادس الابتدائى، ولدت جنى فى 1/4/2011 وكان النخاع الشوكى لديها غير مكتمل فتعانى من شلل بالنصف السفلى، فى عمر 15 يومًا ظهر كيس دهنى بظهرها يشبه الحَرْق والطبيب قال لازم يتشال فعملت عملية وتمّت إزالته، وبعد العملية وجدنا رأسها بتكبر فالدكتور قال لازم تعمل جهاز شنط المخ وعملته لمّا تمّت شهرين، وبعد ذلك وجدنا كيس بظهرها ينتفخ ويزداد حجمه فقال الطبيب إنه نتيجة اعوجاج فى العمود الفقرى ولا نستطيع عمل عملية لها فى ذلك التوقيت لأن سنّها صغير، فذهبت أنا ووالدها لأكثر من طبيب فى الإسكندرية والمحلة والمنصورة والكل قال سنّها صغير منقدرش نعمل العملية.

الرّغبة فى التعلم

أضافت الأم: فكرتُ ألا أدخلها مدرسة ولكن وجدت أن لها رغبة فى التعلم تحب أن تمسك القلم وتحب أن ترسم وتمسك القصص، فاتفقنا أنا ووالدها ألا نحرمها من التعليم، وبالفعل فى سن 4 سنوات التحقت بحضانة تابعة للجمعية الشرعية وكانت تذهب فى الوقت الذى يتواجد به الشيخ فقط لأنها كانت تخشى من الأطفال أن يوقعوها أو يضربوها، خلال سنة من ذهابها للحضانة بدأت تقرأ وتكتب كويس، وبعد ذلك دخلت مدرسة الشهيد عبدالله ممدوح الصاوى، فى الأول المدير قال ملهاش مكان عندنا، لكن والدها تكلم مع بعض المدرسين فتدخّل مدرس وقال للمدير إنها متميزة ومخها كويس وتستطيع أن تتعلم مثل أى طفل طبيعى فتم قبولها بعد ذلك بالمدرسة، وفى الصف الثالث الابتدائى وجدت بعض الأولاد بالمدرسة يوقعوها من الكرسى ويسبوها ويقولولها انتى بتتعلمى ليه؟ وأنتى جاية هنا ليه؟، فبدأت البنت تتعب نفسيًا ولا تريد الذهاب للمدرسة ودخلت فى حالة اكتئاب لا تريد أن تتكلم مع أحد إطلاقًا ولم تقل لنا أن زملاءها فى المدرسة قالوا لها أى شىء، وكانت تستيقظ نصف الليل وتبكى وتصرخ «مش عايزة أروح المدرسة».

 عدة عمليات

وتابعت الأم: تواصلنا مع د.أحمد النحراوى رئيس قسم الأسرة والطفولة بمركز بسيون وهو يعرفها ويعرف حالتها من أيام ذهابها للجمعية الشرعية، فطلب منّى أن أحضرها له فأخذتها إليه، وعمل لها اختبار ذكاء وتكلم مع البنت لماذا لا تريدين الذهاب للمدرسة فأفصحت عمّا بداخلها وقالت له أصحابى بيقولولى حاجات بتزعلنى وبيعيرونى ويزقونى وكمان أخشى أن تعرف أمى وأبى فتحدث مشاكل ويتخانقوا فى المدرسة، فقال لها لازم يعرفوا الأمر لأنهم بيحبوكى وخايفين عليكى وكمان مسئولين عن رعايتك، وقالى نسبة ذكائها عالية جدًا وتزداد، ورجعت المدرسة لكن فى الصف الرابع الابتدائى ذهبنا للطبيب الذى أقرّ بضرورة عمل العملية، ودخلت العمليات لإجراء عملية كبيرة فى العمود الفقرى، واستغرقت فى حجرة العمليات أكثر من 10 ساعات وبَعد أسبوعين من العملية وجدنا جسمها غير متقبل للشرائح والمسامير التى وضعها الطبيب وعملت لها قرح شديدة، فدخلت فى عدة عمليات بعد ذلك وبين كل عملية والأخرى من أسبوع إلى 10 أيام وكانت معاناة شديدة لها ولكنها تحمّلت الكثير.

 أنا خليفتك

وتابعت الأم وهى تبكى: كانت البنت بتقولى ماما أنا لو مت هريحك.. وبعد عدة عمليات ذهبت إلى المدرسة مرة أخرى، ولكن هذا العام وجدت أصحابها القريبين يهينوها ويقولولها انتى واحدة ما تتصاحبيش وكلام صعب كثير فكلمت طبيبها النفسى وقالت له مش عايزة أروح المدرسة ثانى ولكنه أكد لها تفوُّقها وذكاءها وأن من مصلحتها تكمل تعليمها، كما ذهبت إلى المدرسة ووقفت فى وسط الفصل وتكلمت مع الأولاد قلت لهم «جنى عملت أكثر من 20 عملية فى 6 شهور والكرسى اللى قاعدة عليه هو رجلها فلو ينفع أن حد فيكم يلعب فى رجله أو يعمل فيها حاجة يلعب فى الكرسى ويزقه»، كما أن المدرسة كلمت الأولاد وقالت اللى هيزعلها ثانى هيتفصل، و«جنى» درجاتها ممتازة وكمان مش بتحب الغش، وبعد المدرسة تذهب لحفظ القرآن كما تحب قراءة القصص وتتمنى أن تكون دكتورة فى الجامعة، وبتقول للدكتور أحمد أنا خليفتك ونفسى أبقى زيك.

 ذكاء حاد

يقول د.أحمد النحراوى: جنى عندها شلل نصفى نتج عنه انحناء فى العمود الفقرى، تقابلت معها فى الجمعية الشرعية لأنها كانت تحفظ القرآن الكريم، وحدث لها انتكاسة نفسية، خضعت لأكثر من 22 عملية لتعمل تصحيح للعمود الفقرى، ونسبة الذكاء لديها حاد 120/100 وتم تكريمها كثيرًا من بعض الأحزاب والإدارة الاجتماعية لبسيون، لكن فى الفترة الأخيرة، حدث تنمُّر من بعض الطالبات وتنمُّر من أحد المدرسين بألفاظ وأفعال، هى من ذوى الإعاقة لكن مخها سليم ومتفوقة، لمّا علمنا المشكلة بلغنا مدير الإدارة التعليمية لأنها طفلة واقع عليها عنف وفوجئت أن مدير الإدارة أيضًا من ذوى الإعاقة فتواصَل مع مدير المدرسة للتصرف بالأمر، كما أن والدتها ذهبت للفصل وكلمت الأولاد أن هى أختكم والكرسى الذى تجلس عليه هو قدمها التى تتحرك بها لذا لا بُدّ من عدم المساس به، فعملت نوع من التصور الإيجابى، كما يوجد إخصائيون بالمدرسة للتوعية، ولكن الكثافة بالفصول كبيرة، نجد البنت نتيجة لتفوقها فبعض الأولاد يغتاظون منها فيقومون بمضايقتها، وهذه ثقافة أيضًا تحتاج إلى تغيير؛ خصوصًا لو الآباء والأمهات فى المنازل ينظرون إليها ويقولون لأولادهم «شوفوا جنى جابت كام» مما يثير حقدهم عليها وبالتالى التنمُّر عليها ومضايقتها.

 العامل النفسى

ومن جانبها تقول أ.مها محروس مدير عام التنمية وشئون المرأة بالتضامن بالغربية: لم تشتكِ «جنى» من التنمُّر الذى وقع عليها إلا إنها كانت بنت حساسة جدًا، ونحن من خلال حملات التوعية ضمْن «16 يومًا لمناهضة العنف» قمنا بحملات ضد التنمُّر، ويجب أن تعمل كل الجهات على ذلك لمواجهة التنمُّر، ففى المدرسة التربية والتعليم لا بُدّ أن يكون لها دور، والشباب والرياضة أيضًا، ومن خلال برنامج التربية الإيجابية تتم توعية الآباء والأمهات بتعليم أولادهم عدم التنمّر على زملائهم سواء مختلفين أو ضعفاء أو عندهم ظروف خاصة، والحملة ستستمر حتى 30 ديسمبر وسوف ننظم أيامًا أخرى للتنمّر ونعمل ندوات واسكتشات عن التنمّر. 

والدولة تعمل تسهيلات كثيرة الآن لذوى الإعاقة وأيضًا مَن يتعامل معهم تسهل لهم كل الخدمات.