الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

فلسفة الصدفة وحرية الاختيار فى (11: 11)

تتجول فى الشارع يوميًا، سيرًا أو راكبًا، بالسيارة الملاكى أو الأجرة فتصادف الكثير من المارة، وجوه كثيرة، منها السعيد والبائس والقَلِق والمطمئن، فهل فكرت لحظة وسألت نفسك ما وراء كل منهم، حكايته ومصدر سعادته أو حزنه، سبب قلقه أو طمأنته، من أين جاء ولأى مكان يتوجه، فيما يفكر وما الذى يطمح إليه، والأهم هل تتخيل أن مقابلتك له فى أى مكان مجرد صدفة أم قدر، وأى قدر!



فهو القدر الذى تصنعه أنت باختياراتك اليومية العادية فكل تفصيلة فى حياتك وفى قراراتك تأخذك لاتجاه مختلف ومنه تقابل أناسًا وتقع أحداث تتشكل على أساسها حياتك بأكملها، فكل اختيار له ثمن ولا مجال للصدفة.

حول هذه الفكرة تقع أحداث العمل الفنى (11:11) الذى يعرض على منصة «نتفليكس» والذى اعتمد على وحدة الزمان والمكان فى سير الأحداث، فنجد الزمان واحدًا وهو يوم الخميس الساعة 11 فى الدقيقة الـ11.

الساعة والدقيقة التى يحاول فيها «سعيد» الذى يقوم بدوره «إياد نصار» الانتحار برصاصة طائشة، وفى نفس الثانية تتأثر حياة ثلاث شخصيات أخرى بذلك الحادث وكلٌ منهم حسب قصته والتفاصيل الصغيرة التى اختار كل منهم القيام بها أثناء يومه العادى من مساعدة أو جبر خاطر أو تهور وانفعال وعلى أساسها جاءت نهاية ذلك الحادث على كل منهم.

وهنا التقت شخصيات العمل فى زمن واحد وأيضًا مكان واحد جمعهم بمحض الصدفة لمن يجهل وبمحض إرادتهم واختياراتهم لمن يفهم ويتعمق فى فلسفة الحياة، ولذلك خرج (11 :11) ينتمى لنوعية الإثارة والتشويق فهو قائم على حبكة الكشف حيث يقع الحدث الأبرز والمحرك فى المشهد الافتتاحى ومنه تكتشف كمشاهد ماذا حدث وكيف، كما تتسم تلك الحبكة بالتعقيد، فالأحداث مركبة لا تسير بشكل تصاعدى تقليدى من بداية ووسط ونهاية، مما يجعلك كمشاهد تندمج فى الأحداث وتفكر فى حل ألغازها، خاصة أن العمل يتميز بالإيقاع السريع والإخراج المحترف لـ«كريم أبوزيد» الذى يوصل لك معنى المشهد بأبسط وأسرع طريقة ممكنة كما فى مشهد شخصية «عاليا» التى تؤدى دورها «غادة عادل» وهى تقوم بحقن نفسها أمام المرآة فى مشهد واحد بأكثر من لقطة وكل لقطة نفس الحدث بملابس مختلفة ليوصل إليك المعنى وهو تلقيها حقن التلقيح الصناعى لفترة من الزمن.

كما أن الأداء التمثيلى المتقن لعب دوره فى تحقيق الإثارة والتشويق وأدمج المشاهد أكثر فى الأحداث سواء «إياد نصار» فى شخصية «سعيد» حيث أدى مشهدًا من أكثر المشاهد تركيبًا فى العمل، يحمل مشاعر متناقضة فى أقل من دقيقتين، و«إنجى المقدم» فى دور «نرمين» الزوجة التى أهانها زوجها بخيانته لها، لكنها تمتلك من عزة النفس ما يجعلها صامدة أمامه لدرجة ادعائها خيانته حتى لا ترى نفسها مكسورة وتنتقم لكرامتها.

ولذلك فإن عمق الفكرة وفلسفتها مع الأداء المبدع لشخصيات العمل إلى جانب سرعة الإيقاع صنعت عملاً مؤثرًا يجعلك تفكر وتسقط كل ما تراه على حياتك واختياراتك وقراراتك التى هى بالتالى تشكلك أنت ومستقبلك القريب والبعيد.