الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

صُناع فيلم «البرىء» يطالبون بمنعه! "الحلقة السابعة"

كعادتها دائمًا كانت «روزاليوسف»- ولاتزال- تستضيف على صفحاتها تاريخ الفنانين وحكاياتهم.. نستكشف من مسيرة العمر ومشواره قصص الكفاح والحب والأمل والصعود.. لأننا نؤمن أن تاريخ البلد ووجدان الشعب ما هو إلا محصلة أيام ويوميات وحكايات رموزه.



يصحبنا فى هذه السطور الكاتب الصحفى الكبير محمد توفيق فى رحلة ممتعة مع فتى الشاشة الأسمر عبر كتابه «أحمد زكى86».. ونتيح لحضراتكم فصلًا من حياته وأحد أهم أعوامه زخمًا وفنًا وتأثيرًا.

ونحن بنشر الكتاب على فصول نؤكد أن حكاية فنان بحجم أحمد زكى هى ملك لكل محبيه وجمهوره.. بحلوها ومرها.. بما حققه من إنجازات وبطولات.. وبكل ما قابله من خذلان.. لأنه رمز كبير وهذا قدر الكبار.

 

"1"

كان أحمد كلما ضربه الألم على سرير المرض بالمستشفى يقول لنفسه: «اثبت... ماتخلّيش ولا واحد يشمت».

تلك العبارة التى اتخذها أحمد شعارًا لحياته، ورددها كثيرًا قبل أن يكتبها جاهين، فقد قالها حين رسب لعامين متتاليين فى امتحانات دبلوم الصنايع حتى تم رفته، وأكمل تعليمه منزليًّا، ولم يكن يملك ثمن رسوم دخول الامتحان، وثمن استمارة الدبلوم.

يومها لم يذهب إلى أحد من أقاربه ليطلب مساعدة، لكن مدير المدرسة «كامل إسماعيل نجم» منحه خمسة جنيهات من جيبه مكافأة، تقديرًا لموهبته ولنشاطه الفنى فى المدرسة، فدفع تلك الجنيهات ليدخل الامتحان.

ودخل أحمد امتحانات الدبلوم للمرة الثالثة، ونجح أخيرًا بعد خمس سنوات قضاها فى المدرسة الثانوية، وفور تخرجه تقدم لاختبارات معهد الفنون المسرحية، وفى أثناء تأديته أحد المشاهد أمام لجنة التحكيم وجد أعضاء اللجنة يتحدث بعضهم مع بعض، فأصابه الضيق، ونسى الدور الذى يؤديه، وارتبك، فرسب فى الاختبار.

وعاد أحمد إلى الشرقية مرة أخرى، وقدم أوراقه للمعهد العالى الصناعى، لكنه لم يذهب إليه، وقضى عامًا كاملًا فى مسارح قصور الثقافة، ومراكز الشباب فى أبو كبير وفاقوس، وغيرهما من مراكز المحافظة.

وكان يقوم بجمع فريق المسرح الذين يعمل بعضهم بقالًا ومكوجيًّا وسباكًا ومدرِّسًا، ويمر عليهم واحدًا واحدًا من أجل البروفة، بل كان يدفع من جيبه ثمن تذاكر القطار لفرقته المسرحية حتى يتجول بها فى مراكز المحافظة.

وفى تلك الأثناء جاء الفنان محمد توفيق لإخراج مسرحية لفرقة كوّنتها إدارة العلاقات العامة بمحافظة الشرقية، وعندما لم يجد أحمد زكى سأل عنه قائلًا: «فيه ولد أسمر جاء للامتحان فى معهد الفنون المسرحية وسقط... هو كويس وممكن ينجح بس محتاج رعاية».

وطلب توفيق أن يحضروا له أحمد، وجاء إليه، والتحق بالفرقة، وبدأ الممثل الكبير يكشف له بعض أسرار المهنة، ويحمسه للتقدم لاختبارات المعهد مرة أخرى.

"2"

وفى العام التالى تقدم أحمد للاختبارات، وساعده أستاذه فى المدرسة وفيق فهمى، وعرض عليه أن يستقبله أسبوعًا فى بيته بالقاهرة حتى يجتاز الاختبارات.

وتدرب أحمد على يد وفيق فهمى وواصل الليل بالنهار ليصل إلى أفضل شيء لديه، فلم يكن يتحمل أحمد صدمة الرسوب مرة أخرى.

وذهب إلى اختبارات المعهد العالى للفنون المسرحية، ووجد عددًا هائًلا من الطلاب المتقدمين، وشعر أن فرصته ضئيلة، وجلس إلى جوار شاب اسمه سامى العدل وشابة اسمها شهيرة، وجلس إلى جوار الثلاثة شاب فى يده «كارت توصية» من خاله الذى يعمل وكيل وزارة، فتضاعف قلق أحمد وخشى أن يتم رفضه للمرة الثانية، فأعصابه لا تتحمل.

ودخل إلى غرفة الاختبار، وكان المطلوب من أحمد أن يؤدى مشهدين؛ واحدًا بالعامية والآخر بالفصحى، وبعد أن أداهما طلب منه بعض أعضاء اللجنة أن يؤدى مشاهد أخرى، ونفّذ ما طُلب منه، وبعد أن انتهى من تمثيل ما طلبوه منه، قال له أحدهم: «مبروك... أنت نجحت».

وكانت تلك من المرات القليلة التى تخبر فيها اللجنة طالبًا بأنه نجح قبل ظهور النتيجة رسميًّا.

لكنّ أحمد لم يطمئنّ لما قيل له، فقد تعوَّد على الخذلان، وظل فى حالة ترقب وقلق من أن يتكرر معه ما حدث فى المرة الأولى، ويوم ظهور النتيجة ذهب أحمد مبكرًا قبل أن تُعلَّق الأوراق على الجدران، ووجد الشاب الذى كان يحمل كارت التوصية يقف أمامه، ويسأل أحد العاملين فى المعهد عن نتيجته، فقال له: «مش عارف... بس فيه واد فلاح ميكانيكى خريج صنايع جاب درجات عالية قوى».

وأدرك أحمد أنه المقصود، لكنه لم يطمئن إلا بعد أن قرأ اسمه الثلاثى فى كشوف الناجحين، وعلم أن ترتيبه الأول بين المتقدمين.

وخرج أحمد من بوابة المعهد، ليطوف شوارع القاهرة فرحًا بنجاحه، ويتأمل أفيشات الأفلام والمسارح، ويحلم باليوم الذى سيجد فيه صورته تتصدر الأفيش.

ومن ذلك اليوم استقر أحمد فى القاهرة، وظل لمدة شهرين فى بيت وفيق فهمى، ثم انتقل إلى بيت أحد أقاربه. مرت الأيام الأولى فى القاهرة صعبة، بل صعبة جدًّا على شاب صغير ترك المدرسة فى الزقازيق منذ شهور قليلة، وليس هذا فحسب، فقد حمل معه بساطة الريفى وبراءته.

ربما تلك البراءة هى التى استدعاها حين عُرض عليه فيلم «البرىء»، فشخصية «أحمد سبع الليل» حملت جزءًا من شخصية أحمد زكى حاول إخفاءه كثيرًا؛ فكلاهما أحمد، وكلاهما برىء، لكن الذكاء أنقذ «زكي» من مصير «سبع الليل».

 

"3"

لم يَنَمْ أحمد فى تلك الليلة جيدًا، فقد خاصم النوم جفونه، وظل يتقلب فى فراشه محاولًا التحايل عليه والإمساك به، لكنه أصر على الفرار.

ولم تكن تلك المرة الأولى التى يطارد فيها أحمد النوم ولا يستطيع القبض عليه، والسبب لم يكن الآثار الجانبية للعملية التى أجراها منذ أكثر من عشرين يومًا، لكن ما قرأه فى الصحف كان كفيلًا بألا ينام لأسابيع قادمة. فقد نشرت جريدة «الأخبار» خبرًا بعنوان:

- «البريء» يرفضه مهرجان «كان».

وجاء فيه: «رفضت لجنة مشاهدة أفلام المسابقة الرسمية لمهرجان (كان) السينمائى الدولى بفرنسا فيلم (البرىء) إخراج عاطف الطيب، وبطولة محمود عبدالعزيز، وأحمد زكى، لعرضه بين أفلام المسابقة».

لم يصدق أحمد الخبر، وظن أنها مجرد اجتهادات لا أصل لها. لكن بعد يومين نشرت صحيفة «الجمهورية» خبرًا بعنوان:

- خرجت السينما المصرية من مهرجان «كان» قبل أن يبدأ.

وجاء فيه: «تلقى المركز القومى للسينما قرار مهرجان (كان) السينمائى برفض فيلم عاطف الطيب (البرىء) الذى رشحته لجنة المهرجانات بالقاهرة، وقالت لجنة اختيار الأفلام المتنافسة إن الفيلم دون مستوى الأفلام المنافسة».

إلى هنا كان يمكن تصديق أن مهرجان «كان» رفض فيلم «البريء» لضعف مستواه، لكنّ الغريب أن ما نشرته جريدة «الجمهورية» كذّبته جريدة «أخبار اليوم» التى أكدت أن السبب ليس ضعف المستوى لكن لأن الفيلم لم يصل فى الموعد المحدد له، وبالتالى لم يتم عرضه، ولم يشاهده أحد من مهرجان «كان».

لكنّ أغرب ما قرأه أحمد هو ما نشرته «أخبار اليوم» فى السابع عشر من مايو (أى بعد بداية مهرجان «كان» بثمانية أيام) تحت عنوان:

- ظلموا «البريء» فى مهرجان «كان».

وجاء فى التفاصيل: «(البريء) هو الفيلم المصرى الوحيد الذى قَبِلته إدارة مهرجان (كان) السينمائى هذا العام، ورغم ذلك فإن الفيلم لن يُعرض فى المهرجان، والسبب أن نسخة الفيلم غير صالحة للعرض بسبب رداءتها صوتًا وصورة على الرغم من أن نسخة الفيلم جديدة تمامًا».

"4"

وبعد أن انتهت دورة المهرجان، سيقت أسباب كثيرة لعدم عرض فيلم «البريء» فى مهرجان «كان»، منها أن المسئولين عن إرسال الفيلم لم يكتبوا اسمه باللغة الفرنسية أو حتى بالإنجليزية على العلبة الخاصة به، ولم يوضحوا القسم الذى سيشارك فيه الفيلم، وقيل أيضًا إن الفيلم ظل فى مخازن الإدارة إلى ما بعد الموعد المحدد لوصوله، وبالتالى لم تنطبق شروط الاشتراك فى المهرجان.

المدهش أن تلك الواقعة تكررت أكثر من مرة، ومع أكثر من فيلم لنفس المخرج عاطف الطيب.!

وطارت أحلام عاطف الطيب ووحيد حامد، وطاردتهما أسئلة كثيرة، وتلك الأسئلة نفسها طرأت فى ذهن أحمد زكي:

- هل فعلًا إهمال الموظفين هو السبب فى استبعاد فيلم «البرىء» من مهرجان «كان» السينمائى أم أن هناك مَن تعمَّد عدم إرسال الفيلم فى موعده؟

- هل خشى البعض من عرض النسخة الأصلية من الفيلم فى مهرجان «كان»؟ أم حدث طلب مباشر باستبعاد الفيلم بطريقة بيروقراطية لا تثير الشبهات؟

- إذا كان الموظفون لا يعرفون طريقة إرسال الأفلام إلى مهرجان «كان» فكيف ذهب فيلم «الحب فوق هضبة الهرم» فى العام السابق، وهو لنفس البطل أحمد زكى، ولنفس المخرج لعاطف الطيب، وذهب لنفس المهرجان الفرنسى دون أن تحدث له أى مشكلات أو عراقيل؟

وتساءل أحمد: هل لعبت الخلافات بين صناع الفيلم دورًا فى عدم وصول نسخة من الفيلم إلى مهرجان «كان»؟

"5"

لم يجد أحمد وهو يجلس على سرير المستشفى فى لندن إجابات شافية ووافية وحقيقية وقاطعة لتلك الأسئلة التى شغلته وأرّقته، لكنه انشغل بخبر آخر زاد من غضبه بعنوان: «الخلاف مستمر بين صناع فيلم (البريء)».

كان أحمد قد علم بعض تفاصيل هذا الخلاف قبل مرضه وسفره؛ وحاول تقريب وجهات النظر بين الطرفين لكنه لم يفلح، وظن أنها مسألة أيام قليلة ويذوب الخلاف، لكنه لم يتصور أن يمتد الخلاف لشهور، بل يصل إلى ساحة القضاء بعد أن وصل الخلاف بين الفريقين إلى طريق مسدود…

فبعد أن ظن الجميع أن أزمة فيلم «البريء» قد انتهت بمجرد السماح بعرضه بقرار من وزير الدفاع؛ فوجئوا بأن الأزمة قد بدأت.

فبمجرد أن علم مؤلف الفيلم وحيد حامد، ومخرجه عاطف الطيب بما جرى فى العرض الخاص للفيلم، حتى طالبا بمنع عرضه، لأن الفيلم لم يُعرض كاملًا على المشير أبو غزالة، لكنه عُرض بعد أن تم حذف مشهد النهاية منه، وبعض المشاهد الأخرى.

ولم يكتفِ حامد والطيب بذلك، بل أعلنا رفضهما لطلب وزير الدفاع تحديد فترة زمنية لأحداث الفيلم، وأكد وحيد أنه كمؤلف لا يقصد فترة الستينيات على الإطلاق، وأن فيلمه يناقش قضية القهر فى كل زمان ومكان.

واشتدّ الخلاف بين المنتج صفوت غطاس وزوجته الفنانة سميرة أحمد من جانب، والكاتب وحيد حامد والمخرج عاطف الطيب من جانب آخر، وبعد أن كانت تلك الخلافات فى الغرف المغلقة خرجت إلى الناس عبر صفحات الجرائد والمجلات.

وصارت الصحف والمجلات تتنافس على نشر تفاصيل ما جرى بين صناع الفيلم الذى لا يبدو أنه سيرى النور، فما يحدث فيه غريب، بل إن البعض يراه مريبًا.

 

"6"

وأرسل وحيد حامد وعاطف الطيب شكوى إلى نقيب السينمائيين سعد الدين وهبة، ونشرتها الصحف، جاء فيها: «أتاح لنا المناخ الديمقراطى السائد فى مصر فى هذه السنوات التفكير فى عمل سينمائى يناهض أساليب القمع ويشيد بالحرية والعدالة والفهم الواعى لدور الإنسان فى مجتمعه، فكان فيلم (البرىء)، وقد وافقت الرقابة على المصنفات الفنية على الفيلم فى كل المراحل الرقابية من قصة إلى سيناريو إلى شريط سينمائى كاملًا ودون حذف. وعُرض الفيلم فى مهرجان القاهرة السينمائى وشاهده كثير من النقاد المصريين والأجانب والجمهور، وعندما اعترضت وزارة الدفاع على الفيلم سارعت السيدة مديرة الرقابة باستدعاء لجنة الرقابة العليا التى قررت حذف مشهد النهاية وظل الأمر متوقفًا حتى عرض الفيلم أخيرًا على السيد المشير محمد عبدالحليم أبوغزالة نائب رئيس الوزراء ووزير الدفاع، والسيد وزير الداخلية، والسيد وزير الثقافة، وبحضور سيادتكم وآخرين سبق لهم مشاهدة الفيلم بالكامل».

وواصل حامد والطيب شكواهما قائلين: «قد تم عرض الفيلم دون حضور المؤلف والمخرج، وذلك لأنه لم يتم إخطارهما سواء من المنتج أو من أجهزة وزارة الثقافة والنقابة، والكل يعلم موعد العرض مسبقًا، كأن الأمر مُحكم التدبير، فقد عُرض الفيلم على السادة المسئولين غير كامل، ومحذوفة منه مَشاهد مختلفة فى مناطق عديدة من الفيلم خلاف ما قررته لجنة الرقابة العليا، الأمر الذى يدمر الفيلم تدميرًا، ويشوّه كل الملامح الفكرية والإنسانية به، ولما كنّا نحرص أولًا وأخيرًا على المصلحة العامة والمباشرة لكل الأطراف بمن فيهم المنتج، وعدم تعريضه للخسارة، وكذلك عدم المساس بنظام الدولة أو هيئاتها أو قوانينها وحرصنا الشديد على عملنا السينمائى، ولأن المؤلف والمخرج بنص القانون هما المسئولان فنيًّا وفكريًّا عن الفيلم، فإنهما أصحاب الحق الوحيد فى إجراء أى تعديل بالحذف أو الإضافة، إلا أن ما حدث ضرب بالقانون عرض الحائط إلى جانب تحويل الفيلم إلى مسخ سينمائى لا نقبله ولا نرتضيه».

وفى نهاية الشكوى أكد وحيد حامد وعاطف الطيب أنهما سيلجآن إلى القضاء، وطالبا النقيب بعدم التعرض لنيجاتيف الفيلم بالحذف أو بالإضافة، وعدم عرض الفيلم جماهيريًّا بأى صورة مشوَّهة، وعدم طبع الفيلم على شرائط الفيديو أو تصديره إلى الخارج حتى يصدر حكم القضاء.

"7"

شرد ذهن أحمد قليلًا بعد أن قرأ الشكوى التى نشرتها جريدة «الأخبار»، وتذكر حين عرّض حياته للخطر فى أثناء تصوير الفيلم، وأصر على أن ينزل بنفسه إلى الترعة رغم ما فيها من فضلات بشرية وحيوانية، وحاول عاطف الطيب ثنيه عن قراره خوفًا عليه من الإصابة بالبلهارسيا أو بأى أمراض أخرى قد تحويها الفضلات، لكنه لم يكترث، فقد اعتاد أن يخاطر بحياته فى سبيل أن يخرج المشهد صادقًا، وقال للطيب يومها: «هاتلى حُقنة تيتانوس... ومالكش دعوة».

واستجاب الطيب وأخذ أحمد حقنة التيتانوس، وخلع ملابسه، وقفز فى الترعة، وسط ذهول من الجميع.

واستفاق أحمد من غفوته، وعاد ليقرأ فى نفس الصفحة رد المنتج صفوت غطاس على تلك الشكوى قائلًا: «عندما عرض عليَّ المؤلف وحيد حامد موضوع فيلم (البريء) قرأته وتحمست لإنتاجه.. ونظرًا لحساسية الموضوع فقد اقترحت على المخرج أن يكون زيّ الممثلين فانتازيًّا أو خياليًّا وغير مرتبط بأى بلد أو مكان؛ لكنه أصر على رأيه، وقانون النقابة يمنع تعرض المنتج لعمل المخرج، ثم تم عرض الفيلم على الرقابة، وتم التصريح بعرضه وتصديره، إلا أن وزارة الدفاع اعترضت على بعض اللقطات والمشاهد فأوقفت التصريح بالعرض والتصدير، ثم تم عرض الفيلم على لجنة التظلمات بالرقابة فوافقت على العرض بعد حذف المشهد الأخير؛ لكنّ هذا القرار لم يسرِ لأن وزارة الدفاع معترضة، وقرارها سيادى».

وواصل غطاس حديثه قائلًا: «تدخل مشكورًا الأستاذ سعد الدين وهبة لدى السيد وزير الثقافة الدكتور أحمد هيكل، الذى لم يدّخر جهًدا من أجل السينما فقام بالاتصال بالسيد المشير محمد عبد الحليم أبو غزالة وزير الدفاع، وطلب منه مشاهدة الفيلم لاتخاذ القرار.

ووافق المشير، وحدد موعدًا لمشاهدة الفيلم، وتمت دعوة وزير الداخلية لحضور العرض، وطلب منى وزير الثقافة أن نتقيد تمامًا بتعليمات لجنة التظلمات بحذف مشهد النهاية، وبعض اللقطات الصغيرة الأخرى.

واستطرد غطاس قائلًا: «لم أستطع العثور على مخرج الفيلم الأستاذ عاطف الطيب، ونظرًا لضيق الوقت قمت بحذف اللقطات».

وتساءل غطاس: «هل أكون بذلك قد خرجت على القوانين والتقاليد الفنية؟ وهل أستجيب لما يطالب به المخرج والمؤلف بأن أمنع عرض الفيلم بسبب ما تم حذفه؟ وهل ألقى بتكاليف هذا الفيلم الجاد والتى بلغت 400 ألف جنيه فى عرض البحر؟ إن كل ما يقولان به هو محاولة منهما ليصبحا شهداء الفن على حسابى».

واختتم غطاس حديثه قائلًا: «المؤلف والمخرج يملكان شركة إنتاج، ولا مانع عندى أن يعطيانى نفقات الفيلم ويأخذانه، وليفعلا به ما يشاءان».

انتهت رسالة المنتج صفوت غطاس لكن الأزمة لم تنتهِ.