الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

خطر الإرهاب يهدد أوروبا «كييف» أصبحت «قبلة» جماعات التطرف

بدأت الدول الغربية تتجه إلى الحديث عن المخاطر الأمنية التى أصبحت تواجه بلادهم بسبب الحرب «الأوكرانية- الروسية»، وقد نقلت وكالات الاستخبارات الأوروبية عددًا من التقارير تحدثت فيها عن أن تهديدات الأمن الدولى قد تجاوزت الكتائب المتطرفة المسلحة مرورًا بالمقاتلين الأجانب الموجودين فى أوكرانيا وتسرب المجموعات الإرهابية إلى الدول الأوروبية، حتى إن الأسلحة الضخمة التى أرسلتها دول الغرب إلى تلك البلاد أصبح يتم تهريبها من كييف إلى دول أخرى فى أنحاء أوروبا؛ بل وأصبحت هناك مجموعة من عصابات التهريب تعمل على بيع تلك الأسلحة فى الأسواق السوداء إلى ساحات وبلدان أخرى، وبأسعار أقل مما بيعت به بكثير أيضًا. وهذا ما عبرت عنه بوضوح مديرة «اليوروبول» كاثرين دى بول فى أحد لقاءاتها الصحفية.



 

خطر الإرهاب «الأوكرانى»

فتحت الحرب «الروسية - الأوكرانية» الباب على مصراعيه لانخراط الكتائب المتطرفة اليمينية وغيرها، خاصة بعد توافد الآلاف من المقاتلين الأجانب والمرتزقة إلى كييف سواء للدفاع عن أوكرانيا أو للوقوف بجانب روسيا، لا سيما أن الرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى رحب بهم، وأنشأت أوكرانيا «فيلقًا دوليًا للأشخاص القادمين من الخارج»، كما لم يتردد الجانب الروسى فى استنفارهم أيضًا، حيث عملت موسكو مع حلفائها فى الشيشان وبيلاروسيا وبلدان اخرى إلى إرسال مقاتلين أجانب للوقوف بجانب القوات الروسية فى أوكرانيا.

وقد تم تشكيل شبكة يمينية داخل الجيش الأوكرانى. مع تصاعد حدة الصراع، تم دمج كتائب المتطوعين، وسيطر اليمين المتطرف أو ضمن وجوده المكثف داخل قوات الأمن فى البلاد: الجيش الأوكرانى، وإدارات الشرطة فى البلاد، بما فى ذلك الشرطة البلدية، والحرس الوطنى الذى تعد كتيبة آزوف التى تضم مئات الوافدين من الخارج والمرتزقة جزءًا منه.

تضمنت الوجهات الرئيسية لمقاتلى اليمين المتطرف العديد من كتائب المتطوعين الأوكرانية التى تتبنى علنًا أيديولوجيات اليمين المتطرف، مثل كتيبة آزوف، و«القطاع الأيمن»، ومنظمة القوميين الأوكرانيين وقد استخدم الرئيس الروسى فلاديمير بوتين وجود مثل هذه الوحدات داخل الجيش الأوكرانى كسبب للحرب. حيث دأبت حركة آزوف منذ عام 2015 على تجنيد متطرفين يمينيين متطرفين بشكل منهجى للترويج لأجندتها الدولية الخاصة. وفى أكتوبر 2019، طلب أعضاء مجلس النواب الديمقراطى الأمريكى تصنيف كتيبة آزوف كمنظمة إرهابية بعد إطلاق النار على مسجد كرايستشيرش فى نيوزيلندا فى وقت سابق من ذلك العام، وقد تم العثور على صلة محتملة بين مطلق النار الجماعى برينتون تارانت والجماعة المتطرفة.

واعتبارًا من الأول مارس 2022، كان لدى كتيبة آزوف ما يقدر بنحو (900) مقاتل، بمن فى ذلك الأوكرانيون والمقاتلون الأجانب من أوروبا والولايات المتحدة. حيث انضم مواطنو الولايات المتحدة، بمن فيهم أعضاء فرقة «أتوموافن» للنازيين الجدد، إلى وحدات مختلفة تحت مظلة آزوف حيث رأوا إمكانية تسريع انهيار المجتمع لإنشاء دولة عرقية بيضاء نقية. 

ولم تعد آزوف هى الجماعة الوحيدة التى تهدد الأمن الأوروبى، أو تحمل أجندة  متطرفة خلال الحرب الأوكرانية،  فمنذ إعلان الرئيس الأوكرانى فولوديمير زيلينسكى عن إنشاء الفيلق الدولى لأوكرانيا بعد ثلاثة أيام من بدء الحرب. وفقًا لمرسوم رئاسى صدر عام 2016، تمكن الأجانب فى التقدم للخدمة فى القوات المسلحة الأوكرانية (UAF) وقوات الدفاع الإقليمية.

ووفق الموقع الرسمى للفيلق، الذى اعتلاه أعلام ثمانى دول – الدنمارك وبولندا وإسرائيل ولاتفيا وكرواتيا وبريطانيا العظمى وهولندا وكندا تعبيرًا عن جنسيات أعضاء الفليق، الا أنه وفق تقرير لجهاز الاستخبارات الألمانية، أكد أن هناك جنسيات أخرى دخلت الفليق منذ أوائل مارس 2022، أكثر من (20000) شخص من (52) دولة قد أعربوا عن رغبتهم فى الانضمام إلى الفيلق، وفقًا لما ذكره العميد كيريلو بودانوف، قائد مديرية المخابرات الرئيسية بوزارة الدفاع الأوكرانية.

ويعمل الجيش الأوكرانى على إخفاء تفاصيل الفيلق، ويرفض تحديد حجم الوحدة أو عدد المتطوعين حسب البلد. ووفقًا لوزارة الدفاع الروسية فى يوليو 2022، جندت كييف أكثر من (6800) مرتزقة أجنبى.

 

المقاتلون الأجانب لروسيا

فى 11 مارس 2022 اقترح الرئيس الروسى فلاديمير بوتين، تجنيد المتطوعين الأجانب الذين أرادوا مساعدة سكان دونباس. وأشار إلى أن الدول الغربية تشجع بنشاط إرسال مقاتلين إلى أوكرانيا. بدوره، أشار رئيس وزارة الدفاع سيرجى شويجو إلى أن الدائرة تلقت أكثر من (16) ألف طلب من مقاتلين متطوعين من منطقة الشرق الأوسط وحدها.

وتم التعبير عن الاستعداد لمحاربة  «النازيين فى أوكرانيا» من قبل قدامى المحاربين فى عدد من الدول الحليفة لروسيا منها الشيشان وبيلاروسيا،  بالإضافة إلى حلفاء آخرين لبوتين.

وقد أعرب القوميون الصرب عن رغبتهم فى القتال إلى جانب روسيا. ويُزعم أن بعضهم موجود بالفعل فى دونباس، فى أوائل أبريل 2022.

أما الشيشان، فقد سارع القائد الشيشانى «رمضان قديروف»، حليف بوتين الأساسى فى المنطقة، إلى إرسال قوات خاصة إلى أوكرانيا، ولم يكف الرئيس الشيشانى عن الحديث عن إنجازات رجاله كما حدث حينما أعلن فى 3 مارس 2022 عن احتلال قواته قاعدة عسكرية كبرى كانت تابعة لـ«قوميين متطرفين أوكرانيين». كما أعلن قديروف فى 13 مارس 2022، أنه على بعد كيلومترات قليلة من كييف، وفى اليوم التالى نشر فيديو عبر حسابه بالعربية على تويتر يزعم أنه فى قبو داخل كييف حيث يخطط مع قواته للسيطرة على العاصمة 15 نوفمبر 2022. وأضاف رئيس الشيشان رمضان قديروف إن أكثر من (20) ألف مقاتل شيشانى شاركوا فى العملية العسكرية الروسية الخاصة فى أوكرانيا نحو 9 آلاف على خطوط الجبهة الأمامية. 

تقاتل إلى جانب روسيا العديد من الوحدات القتالية ضد القوات الأوكرانية، وقد انطوت تحت فيالق وكتائب خاصة، من أبرزها (فاجنر، القوقاز) وغيرهما من الجمهوريات المنشقة عن الاتحاد السوفيتى السابق.

السوق السوداء للمساعدات العسكرية

وخطر المرتزقة لم يكن الوحيد الذى تواجهه أوروبا، حيث كانت عمليات نقل الأسلحة الغربية الضخمة إلى كييف بمثابة كارثة، من منظور أمنى. فى مقابلة مع «الدفاع الوطنى» الأمريكى، اعترف العميد بالجيش الأوكرانى «فولوديمير كاربينك» بأن بلاده فقدت ما يقرب من (50 %) من جميع الأسلحة والمعدات التى تلقتها. تم تدمير بعضها، لكن هذه ليست القصة الكاملة.

وكان الجيش الأوكرانى قد تخلى عن الأسلحة أثناء انسحابه حيث تم تصوير صواريخ جيفلين الأمريكية الصنع والألغام المضادة للدبابات الألمانية وهى متروكة. علاوة على ذلك، ينتهى الأمر بالأسلحة المرسلة إلى أوكرانيا فى الأسواق السوداء ويتم بيعها فيما يسمى بـ«الشبكة المظلمة ومنصات الويب العميقة». هناك، يمكن للمرء شراء أنظمة جيفلين المضادة للدبابات بحوالى (30) ألف دولار، أو أنظمة NLAW البريطانية بنصف السعر. هناك طلب على ذلك بالطبع، والإرهابيون والعصابات الإجرامية هم المشترون.

وقد أعربت مديرة «اليوروبول» كاثرين دى بول فى 28 مايو 2022 عن مخاوفها من أن تؤدى الحرب إلى زيادة تدفق الأسلحة إلى الأسواق السوداء فى القارة. يمكن أن تصل هذه الأسلحة إلى اللاعبين السياسيين فى الشرق الأوسط المتورطين فى الصراعات المحلية، وتنتشر فى جميع أنحاء المنطقة، حتى تصل إلى مواقع غير مستقرة حاليًا مثل الصومال والسودان واليمن ومصر. يجرى التحقيق فى شحنات الأسلحة إلى البوسنة وكوسوفو وألبانيا، ويمكن أن يؤدى ذلك إلى تفاقم المشكلة الأمنية فى البلقان – وفى منطقة الساحل أيضًا.

وصرحت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية «ماريا زاخاروفا» فى 9 يونيو 2022 أن «شحن الأسلحة إلى أوكرانيا سيؤدى إلى ظهور سوق سوداء للأسلحة، خاصة فى أوروبا الغربية».

أعرب الأمين العام للإنتربول، «يورجن ستوك»، عن مخاوف مماثلة بشأن تحول إفريقيا والبلقان إلى وجهة للأسلحة الغربية التى يتم توريدها إلى كييف. وقال: «إن توافر الأسلحة على نطاق واسع خلال الصراع الحالى سيؤدى إلى انتشار الأسلحة غير المشروعة فى مرحلة ما بعد الصراع». فى الواقع، هذا يحدث بالفعل، كما رأينا فى «البلاك ويب».

وحذر مراقبون من خطورة الأمر، لأنه يحدث فوضى سلاح فى أوكرانيا، كما أن هؤلاء المقاتلين قد يكتسبون خبرة عسكرية تهدد الدول الأوروبية عندما يعودون إليها، كما حدث مع المسلحين الأجانب الذين سافروا إلى أفغانستان وسوريا فيما مضى.