الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

5 أعوام على رحيل (ملكة الأغنية الوطنية) شادية.. دلوعة السينما

هى دلوعة السينما المصرية والعربية.. معبودة الجماهير على الشاشة الفضية لسنوات طويلة وحتى الآن.. متنوعة المواهب.. قادرة على الإضحاك بأبسط أداء..وفى التراجيديا هى فى أول قائمة الفنانات المتمكنات فى إقناع المشاهد فى كل مشهد تطل علينا من خلاله.. أما موهبتها فى الغناء فحدث ولا حرج.. هى العبقرية «شادية» التى يشهد الشهر الجارى وتحديدًا يوم 28 نوفمبر ذكرى رحيلها الخامسة.



ولأنها فنانة غير عادية واستحقت أيضًا لقب (صوت مصر) فإن سيرتها يجب أن تكون حاضرة دومًا فى عقولنا وقلوبنا ووجداننا، والبداية يجب أن نتحدث عن النشأة لأن البيئة التى يولد فيها أى شخص تشكل مسار حياته بطرق مختلفة، اسمها الحقيقى فاطمة أحمد كمال شاكر، وشهرتها «شادية» ولدت فى 8 فبراير 1931، بمنطقة الحلمية الجديدة فى حى عابدين بالقاهرة، وترجع أصولها إلى محافظة الشرقية المصرية، ولكن جذور عائلتها تعود إلى أصول شركسية.

 البداية الفنية

اكتشف والدها موهبتها الفنية منذ الصغر، وطلب من الفنان فريد غصن تعليمها الغناء، وأسند إلى الفنان المصرى الكبير عبدالوارث عسر مهمة تعليمها التمثيل والإلقاء، وتردد أن «عسر» هو الذى أطلق عليها لقب شادية عندما سمع صوتها لأول مرة وقال عنها «شادية الكلمات».

وفى عام 1947، شاركت شادية وعمرها 16 عامًا فى مسابقة نظمتها شركة اتحاد الفنانين لاكتشاف مواهب جديدة، وتحمس لها المخرج أحمد بدرخان، ورشحها على الفور للمشاركة فى فيلم بعنوان «أزهار وأشواك» بجوار هند رستم ومديحة يسرى، وابتسم الحظ لهذه الفنانة الموهوبة، بعدما عملت مع الفنان محمد فوزى فى فيلم «العقل فى إجازة»، إذ حقق الفيلم نجاحًا كبيرًا، ما دفع محمد فوزى إلى الاستعانة بها فى عدد كبير من أفلامه.

 التاريخ السينمائى

وبمرور الأيام وتعدد التجارب، أصبحت شادية نجمة وتصدرت صورتها الأفيشات، ومنحها النقاد عدة ألقاب أهمها «دلوعة السينما» ومعبودة الجماهير.. وبالطبع (ملكة الأغنية الوطنية) وصوت مصر لأغانيها الوطنية الشهيرة وأبرزها (يا حبيبتى يا مصر).

على مدار40 عاماً قدمت شادية 115 فيلمًا ستظل هذه الأفلام شاهدة على براعتها وموهبتها ونجوميتها وتألقها وحضورها، كما أنها قدمت ما يزيد على 500 أغنية منها 300 أغنية سينمائية ملأت وجداننا بالشجن من خلال صوتها العذب الصافى، ومن خلال هذا النضج الفنى الشديد والتنوع الرائع لأدوارها.

 الأعمال الكوميدية

 لا بد أن نشير هنا إلى أنها ورغم هذه الأفلام الجادة الرائعة الذى عالجت قضايا اجتماعية وسياسية بالغة الخطورة والحساسية.

قدمت شادية الكوميديا من خلال عدد من الأفلام التى تعد من أروع الأفلام الكوميدية فى السينما المصرية نذكر منها «الزوجة 13 عام 1963- مراتى مدير عام- كرامة زوجتى 1967-عفريت مراتى 1968- نص ساعة جواز 1969» هذه الأفلام جميعها كانت من إخراج صانع الكوميديا المخرج «فطين عبدالوهاب» وأيضاً شاركها بطولة هذه السلسلة من الأفلام الكوميدية الرائعة الفنان صلاح ذوالفقار باستثناء الفيلم الأول والأخير الذى شاركها بطولتهما الفنان والنجم رشدى أباظة وهما «فيلما الزوجة 13 ،ونص ساعة جواز».

لم تكن حريصة على أن تقدم أفلاماً كثيرة بقدر ما تجنح نحو التنوع فى أدوارها ليس من ناحية الحجم، لكن من ناحية الكيف ظلت شادية محافظة على نجوميتها وبريقها من خلال تنوع أدوارها وحرصها على تقديم أدوار الأم فى عدد من أفلامها الأخيرة ومن أهم أفلامها خلال هذه الفترة «نحن لا نزرع الشوك» مع المخرج حسين كمال 1970، «لمسة حنان» مع حلمى رفلة عام 1971، «أضواء المدينة» مع فطين عبدالوهاب1972، «الهارب» مع كمال الشيخ 1974، «امرأة عاشقة» مع أشرف فهمى 1974، ومعه أيضاً «أمواج بلا شاطئ» عام 1976، ثم «الشك ياحبيبى» عام1979، و«وادى الذكريات» عام 1981 والفيلمان من إخراج بركات.

وكان فيلمها الأخير «لا تسألنى من أنا» مع أشرف فهمى عام 1984 واحداً من أهم أفلامها، بل من أكثرها شجناً وعذوبة وقدمت خلاله دور وشخصية الأم ببراعة فائقة، وكانت أماً ليسرا وهشام سليم وطارق دسوقى وإلهام شاهين، ويعتبر هذا الفيلم الرائع خير ختام لهذا المشوار السينمائى الحافل لهذه الفنانة والنجمة القديرة.

 الثنائيات الفنية

وشادية هى صاحبة أشهر ثنائيات فنية عرفتها السينما المصرية ومن خلال هذه الثنائيات ظلت لسنوات طويلة الورقة الرابحة لصناع السينما ومن نجمات الشباك الأوائل، وكان الثنائى الأول فى مشوارها السينمائى مع نجم وأسطورة الكوميديا «إسماعيل ياسين»، حيث قدمت معه 18 فيلماً بعضها كان فى نهاية الأربعينات وطوال حقبة الخمسينيات من القرن الماضى، وكان أول أفلامهما معاً «صاحبة الملاليم» عام 1949 ثم توالت أفلامها الناجحة مثل «ليلة العيد- البطل- حماتى قنبلة ذرية- قطر الندى- بيت النتاش- الهوا مالوش دوا- قليل البخت- بشرة خير- قدم الخير- مغامرات إسماعيل ياسين- اوعى تفكر- الستات مايعرفوش يكدبوا- اللص الشريف- الحقونى بالمأذون- أنسى الدنيا ماتقولش لحد».

 العمل مع عماد حمدى

أما الثنائى السينمائى الثانى فى حياة شادية كممثلة فكان مع النجم «عماد حمدى» وقدمت معه 14 فيلماً، وكان أول أفلامهما معاً «مشغول بغيرى- أشكى لمين- أقوى من الحب- شرف البنت- الظلم حرام- ليلة من عمرى - ارحم حبى - شاطئ الذكريات»، ثم كان الثنائى الثالث لها مع الفنان «شكرى سرحان» وقدما معا عدداً من الأفلام الناجحة وصل إلى 13 فيلماً منها «غضب الوالدين- حياتى أنت- بائعة الخبز- ماليش غيرك- الهاربة- المرأة المجهولة- اللص والكلاب»، كما شكلت أيضاً ثنائياً مع محسن سرحان وقدما 9 أفلام منها «أشكى لمين- بنت الشاطئ- غضب الوالدين- ظلمت روحى».

 التمثيل مع كمال الشناوى

قدمت الفنانة الكبيرة شادية مع النجم كمال الشناوى ما يعد من أشهر الثنائيات عبر 16 فيلماً أيضاً تتضمن عددًا من الدويتوهات الغنائية الشهيرة ومن أهم أفلامها مع كمال الشناوى: «حمامة السلام- فى الهوا سوا- ساعة لقلبك- وداع فى الفجر- الدنيا حلوة- المرأة المجهولة- قلوب العذارى- ظلمونى الناس» وبالتأكيد يذكر جمهور السينما أفلامها الكوميدية التى قدمتها مع الفنان صلاح ذوالفقار فى الستينيات وقد كونت معه ثنائيات ناجحة قدما أفلامًا من الصعب نسيانها ومنها «عيون سهرانه- أغلى من حياتي- مراتى مدير عام- كرامة زوجتى - عفريت مراتى».

 ريا وسكينة

وفى النهاية كانت التجربة الأولى والأخيرة فى تاريخ مشوارها الفنى، حين وقفت أمام عمالقة المسرح، ولم تقل عنهم تألقًا وإمتاعًا، بل كانت على قدم وساق معهم كأنها نجمة مسرحية خاضت هذه التجربة مرات ومرات ولم نشعر بفارق بينها وبين عمالقة المسرح الفنان عبدالمنعم مدبولى والفنانة سهير البابلى،الذين أقرا بأنهما لم يريا جمهوراً مثل جمهور مسرحية «ريا وسكينة».

 المشوار الغنائى

غنائيًا.. فصوت  شادية لم ولن يتكرر وقدمت العديد من الأغانى التى لا تزال تعيش معنا الى الآن  وكانت البداية مع دعاء «اللهم اقبل دعايا» من كلمات عبدالوهاب محمد وألحان الموسيقار الراحل بليغ حمدى والذى كون معها ثنائيًا رائعًا فى فترات عديدة، فمن منا لا يتذكر شدو شادية الجميل وألحان عبقرى الموسيقى المصرى «بليغ حمدى» فى أغنيات «مكسوفة، خدنى معاك، قولوا لعين الشمس، وخلاص مسافر» وغير ذلك من أغنيات جميلة، فضلاً عن أغنية وطنية رائعة حملت عنوان «ادخلوها سالمين» وكان هذا اللقاء آخر غناء وطنى لشادية قبيل اعتزالها، وقد شهد تاريخ الغناء الوطنى لقاء الثلاثى الرائع «شادية بليغ حمدى ومحمد حمزة» فى أغنية «يا حبيبتى يا مصر» التى أصبحت الأغنية الوطنية الأشهر والأحب للجماهير المصرية منذ قرابة ثلاثين سنة.

 الزواج 3 مرات

على المستوى الاجتماعى لشادية، فقد تزوجت فى حياتها ثلاث مرات أولها كان زواجها من الممثل عماد حمدى عام 1953 على الرغم من رفض عائلتها لأنه يكبرها بعشرين عامًا، وواجه الزوجان ضائقةً ماليةً كبيرةً فى أول فترةٍ من زواجهما بسبب النفقة الشرعية التى طالبت بها طليقته الفنانة المعتزلة فتحية شريف، واستمر هذا الزواج ثلاث سنوات وانتهى بطلبها الطلاق بسبب صفعه إياها أمام أصدقائهما فى إحدى الحفلات نتيجة غيرته الشديدة عليها.

بعدها وقعت فى حب فريد الأطرش إلا أن الصحافة لم تترك لهما حرية إكمال قصة الحب تلك، إضافةً إلى نشوب بعض الخلافات بينهما، مما أدى إلى افتراقهما.

 الزواج من عزيز فتحى

تلاه زواجها من المهندس عزيز فتحى الذى يصغرها بعدة سنوات، وذلك بعد تعارفهما بمدةٍ قصيرة، إلّا أنّ هذا الزواج لم يستمر سوى أقل من عام؛ حيث اكتشفت شادية أنه كان متزوجًا قبلها ولم يخبرها بذلك وعندها بدأت المشاكل، إلّا أنّها حاولت الحفاظ على هذا الزواج وعملت على إدخال زوجها مجال التمثيل، إلّا أنه لم يفلح فى اختبار الأداء، مما جعله يضيق ذرعًا بعملها، عندها طلبت شادية الطلاق.

تزوجت بعدها من الفنان صلاح ذوالفقار عام 1967 واستمر زواجهما عامين فقط ثم انفصلا عام 1969 بسبب حالتها النفسية السيئة بعد إصرارها على الإنجاب وتأكيد الأطباء خطورة ذلك على حياتها، إذ إنها حملت مرتين قبلًا فى زواجيها السابقين ولم يكتمل الحمل، لكنها أصرت على قرارها، وفى الشهر الرابع مات الجنين فضاقت بها الحياة ودخلت فى أزمة نفسية تسببت لها فى العديد من المشاكل الزوجية.

 قرار الاعتزال

وقد بررت شادية اعتزالها للفن على الرغم من توهجها الفنى، قائلة: «لأننى فى عز مجدى أفكر فى الاعتزال، لا أريد أن أنتظر حتى تهجرنى الأضواء بعد أن تنحسر عنى رويدًا رويدًا، لا أحب أن أقوم بدور الأمهات العجائز فى الأفلام فى المستقبل بعد أن تعود الناس أن يرونى فى دور البطلة الشابة».

وأضافت شادية: «لا أحب أن يرى الناس التجاعيد فى وجهى ويقارنون بين صورة شادية الشابة التى عرفوها والعجوز التى سوف يشاهدونها، أريد أن يظل الناس محتفظين بأجمل صورة لى عندهم، لهذا فلن أنتظر حتى تعتزلنى الأضواء، وإنما سوف أهجرها فى الوقت المناسب قبل أن تهتز صورتى فى خيال الناس».

أصيبت شادية فى 4 نوفمبر 2017 بسكتة دماغية، دخلت على إثرها العناية المركزة، وبعد أيام تعافت من السكتة الدماغية، وعادت لوعيها، حسبما أكد وقتها ابن أخيها «خالد شاكر».

تعرفت شادية على أقاربها، واعتبر الطبيب المعالج أن ما حدث مؤشر على التعافى، إلا أنها وجدت صعوبة فى الكلام والتنفس، بسبب الإصابة بالتهاب رئوى حاد، وفى 28 نوفمبر 2017، توقف نبضها، وفقدت القدرة على التنفس، وماتت دلوعة السينما ومعبودة الجماهير العربية عن عمر يناهز 87 عاماً.. ولكنها باقية فى قلوب كل محبى الفن الراقى.