مدرسة الكاريكاتير.. حسن حاكم.. المشاكسة بدون كلام!

 أتذكر فى مطلع التسعينيات بعد تحرير الكويت، كنت مواظبًا على قراءة مجلة كاريكاتير المصرية كل أسبوع والتى كان يرأس تحريرها فنان الكاريكاتير الأشهر مصطفى حسين وكنت معجبًا بموضوعاتها الساخرة ورسوماتها المتميزة لكوكبة من أهم فنانى الكاريكاتير فى مصر، وعلى رأسهم فنان الكاريكاتير الكبير حسن حاكم الشهير بحاكم (1929-1998) والذى يعد واحدًا من أهم وأبرز رسامى الكاريكاتير فى مصر والعالم العربى فهو فنان استثنائى بكل ما تحمله الكلمة من معنى وموهبة فذة لم ولن تتكرر فى تاريخ الكاريكاتير المصرى ولا يمكن استنساخها فلقد وضع بصمته الخاصة التى يصعب تقليدها.

أصبحت مدمنًا على قراءة مجلة كاريكاتير بسبب رسوم فنان الكاريكاتير السودانى الأصل حسن حاكم سواء رسومه على أغلفة المجلة أو الصفحتين اللتين كان يرسمهما بالداخل أو الموتيفات الصغيرة وعشقت شخصياته الكاريكاتيرية وأشهرها سلسلة الثنائى (نفيسة ومرسى) وهما زوجان مُسنان فى خريف العمر جسّد من خلالهما العلاقة بين الرجل والمرأة فكانت نفيسة دائمًا ما تشاكس مرسى ليقوم هو بالرد عليها: «عيب يا نفيسة» وكنت أشعر أن الفنان الكبير أستاذ لكل من يعمل فى المجلة وفى مجال الكاريكاتير بصفة عامة بمن فيهم الفنان مصطفى حسين رفيق دربه وذلك باعتراف الفنان مصطفى حسين نفسه كما عرفت فيما بعد.

رسم حاكم فى الصحافة قبل أن يتخرج فى  كلية الفنون الجميلة 1958 حيث عمل الفنان الكبير رسامًا للكاريكاتير بجريدة الجمهورية 1952 وجريدة المساء 1956 كما عمل فى مؤسسة دار الهلال فى مجلات الاثنين والدنيا وحواء والكواكب والمصور وميكى وسمير وكان أحد المؤسسين لمجلة كروان للأطفال وهى مجلة أسبوعية أصدرتها دار التحرير للطباعة والنشر عام 1964 تحت شعار مجلة البنات والصبيان وكان معه مصطفى حسين وصلاح الليثى محيى اللباد وكوكبة من المبدعين ولكن التجربة لم تستمر كثيرًا، وشارك الفنان الكبير فى أول فيلم رسوم متحركه عربى بعنوان «تيتى ورشوان» مع الفنان مصطفى حسين والفنان عبدالحليم البرجينى ومن إنتاج مؤسسة السينما سنة 1956..

عمل حاكم فى الكويت فى مجلة العربى كمستشارً فني ورسام للكاريكاتير وأقام هناك لأكثر من 20 عاما حيث شارك فى تأسيس مجلة العربى الصغير وهى مجلة شهرية مخصصة للأطفال تصدر عن وزارة الإعلام بدولة الكويت ورسم العديد من كتب الأطفال وعاد إلى مصر بعد الغزو العراقى للكويت وساهم فى تأسيس مجلة كاريكاتير المصرية مع صديقه الفنان مصطفى حسين وكان أحد أعمدتها الأساسية وكانت المجلة هى الوسيلة الأكثر شهرة وشعبية ليطل منها الفنان الكبير على جمهوره من محبى فن الكاريكاتير..

لم يضع الفنان الكبير حسن حاكم حواجز لخياله سواء على مستوى الأفكار أو على مستوى التكنيك والمعالجات الفنية ولم يقف أبدا عند تفصيلة محددة أو عناصر بصرية بعينها ولا يكرر رسم المشاهد والعناصر المستخدمة فى الكاريكاتير مثل غالبية الرسامين كل هذا مع حفاظه على أسلوبه الفنى وخطوطه التى يعرفها القارئ أو المتلقى دون الحاجة للبحث عن التوقيع وتحرر الفنان بالتدريج من القيود الفنية وتخلى عن التفاصيل وتميزت رسومه بالتلقائية الشديدة والبلاغة والأفكار اللماحة الذكية التى تكون فى أغلب الأحيان دون تعليق أو بتعليق من كلمة واحدة أو اثنتين على الأكثر فكاريكاتير حاكم له طابع فلسفى يدعو للتأمل والتفكير وليس مجرد الضحك وشخوصه المشاغبة خفيفة الظل التى تفجر الضحكات من خلال المفارقة الذكية والتعليق الساخر المقتضب..

حسن حاكم واحد من أعلام فن الكاريكاتير والرسم الصحفى على امتداد العالم العربى ومدرسة فنية يحتذى بها عربيا ودوليًا.