الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

100 مليون معاك ياسيسى.. العملية الشاملة «سيناء 2018» خير شاهد ودليل.. بتفويض من المصريين.. الرئيس حارب الإرهاب وأنقذ الأرض والشعب

لسنوات متتالية كان المانشيت الرئيسي في الصحف الصادرة أواخر أيام شهر رمضان حول استشهاد عدد من رجال القوات المسلحة في مواجهات مع الإرهابيين على أرض سيناء الحبيبة.



وطالما كان الألم يعتصر قلوب المصريين، حتى أن قدوم شهر رمضان كان يمثل رغم فرحته حالة من القلق التي تنتاب عموم الشعب المصري الذين اعتادوا على سماع وقراءة مثل تلك الأخبار الحزينة التي تتحدث عن استشهاد رجالنا من الجيش المصري بيد الإرهاب الآثم والغادر.

 

يومًا بعد الآخر استطاعت القوات المسلحة أن تفرض السيطرة مجددًا على كل شبر في سيناء ومختلف حدود مصر، وأصبح حتى أننا لم نعد نسمع عما يسمى «ولاية سيناء» أو الدواعش خلال السنوات الماضية وذلك بفضل العملية الشاملة سيناء 2018، وما سبقها وتلاها من إجراءات استهدفت القضاء على البؤر الإرهابية شديدة الخطورة التي كانت تهدد الأمن والسلم المصري.

30يونيو.. نحو الحفاظ على الهوية المصرية

واصلت مصر منذ ثورة الثلاثين من يونيو 2013 تنفيذ مقاربة شاملة للتعامل مع الأبعاد المختلفة لظاهرة الإرهاب، بهدف تقويض ما يسمى  بالجماعات «المتأسلمة»، وفى مقدمتها جماعة «الإخوان» الإرهابية، التي تتخذ من الدين ستارًا لتحقيق  مآربها السياسية في فرض نموذج تكفيري ينحرف عن صحيح الدين ومبادئه السمحة على المجتمع.

نصت المادة 237 من الدستور المصري على: «تلتزم الدولة بمواجهة الإرهاب بكافة صوره وأشكاله، وتعقُّب مصادر تمويله».

وصدر القانون رقم 94 لسنة 2015 لـمكافحة الإرهاب، وهو قانون شامل للتصدي لجرائم الإرهاب وتمويله من الناحيتين الموضوعية والإجرائية وتناول المحاور اللازمة للمجابهة القانونية للإرهاب بإجراءات ناجزة وعقوبات رادعة.

كما صدر القانون رقم 14 لسنة 2020 بتعديل بعض أحكام قانون الكيانات الإرهابية رقم 8 لسنة 2015، وذلك حرصًا من المشرع المصري أيضًا على اتساق أحكام هذا القانون مع المعايير الدولية.

المواجهة الفكرية

كانت مصر سباقة في التحرك بشكل عملي فيما يتعلق بالشق التوعوي الوقائي؛ حيث أطلق رئيس الجمهورية مبادرة في عام 2014 لتصويب الخطاب الديني، انطلاقًا من الاقتناع بضرورة إيلاء المواجهة الفكرية الاهتمام اللازم لتحصين المجتمع، خاصة الشباب، من مخاطر الاستقطاب الفكري، فى إطار المقاربة الشاملة التي تنتهجها الدولة في تصديها للإرهاب.

وقام مرصد الأزهر خلال عام 2020 بنشر 13 دراسة ذات طابع أكاديمي، تُعنى بالقضايا التي يتابعها خاصة مكافحة التطرف، ومنها على سبيل المثال «استراتيجية القاعدة في استقطاب الشباب»، و«استراتيجية جماعة الإخوان في استقطاب الشباب» بخلاف جهود الأزهر ووزارة الأوقاف، ورمزية تشييد أكبر مسجد وكاتدرائية في أفريقيا والشرق الأوسط بالعاصمة الإدارية الجديدة، ومشاركة الأزهر الشريف في بلورة وثيقة «الأخوة الإنسانية» التي تم توقيعها بين فضيلة الإمام الأكبر شيخ الأزهر وقداسة بابا الفاتيكان في فبراير 2019 بأبوظبي.

 

المواجهة الأمنية

فيما يتعلق بالاستراتيجية الأمنية لمكافحة الإرهاب،  تم ولا يزال اتخاذ العديد من الإجراءات لملاحقة تنظيم الإخوان الإرهابي والتنظيمات الإرهابية الأخرى بهدف تقويض قدرتها على ارتكاب العمليات الإجرامية وفقا للعديد من المحاور منها :

- كشف هياكل الجناح المسلح لتنظيم الإخوان الإرهابي والوقوف على مخططاته وتوجيه الضربات الاستباقية لتقويض حركة عناصره وقطع الدعم اللوجيستي عنها وملاحقة عناصره الهاربة.

- أيضًا مكافحة ظاهرة المقاتلين الإرهابيين الأجانب من خلال إحكام الرقابة على المنافذ الشرعية واكتشاف أية محاولات لدخول العناصر الإرهابية للبلاد.

بخلاف ذلك هناك تنسيق مستمر مع المنظمة الدولية للشرطة الجنائية (إنتربول) والكيانات الإقليمية والعربية لإدراج وإصدار نشرات حمراء للقيادات والكوادر والعناصر الهاربة على المستوى الدولي.

من جهة أخرى، نجحت جهود قوات إنفاذ القانون لمكافحة الإرهاب بسيناء في إحكام السيطرة الأمنية بها، مما أدى إلى محدودية تنفيذ عمليات إرهابية خلال الفترة الأخيرة مقارنةً بالسنوات السابقة.

مكافحة تمويل الإرهاب وتجفيف منابعه

تجرم مصر تمويل الإرهاب وفقًا لقانون مكافحة الإرهاب رقم 94 لسنة 2015، الذي تطرق إلى تعريف الجريمة الإرهابية والعمل الإرهابي، حيث نصت المادة 3 من القانون على تعريف تمويل الإرهاب بأنه «يقصد بتمويل الإرهاب كل جمع أو تلقي أموال، وذلك بقصد استخدامها كلها أو بعضها في ارتكاب أية جريمة إرهابية أو العلم بأنها سوف تُستخدم في ذلك أو بتوفير ملاذ آمن لإرهابي أو أكثر أو لمن يقوم بتمويله بأي من الطرق المتقدم ذكرها».

أيضًا تعمل وحدة مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب المصرية بموجب القانون رقم 80 لسنة 2002 ووفقًا لقرار رئيس الجمهورية رقم 164 لسنة 2002. وتُعد الوحدة سلطة إدارية مركزية مستقلة تتلقى الإخطارات والمعلومات عن أي من العمليات التي يشتبه في أنها تشكل متحصلات أو تتضمن غسل الأموال أو تمويل الإرهاب. 

كما شهد عام 2021 قيام مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا بتقييم نظم مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب المصرية، وذلك في إطار تنفيذ التزامات جمهورية مصر العربية بالمعايير والاتفاقيات الدولية المطبقة في مجال مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب وتمويل انتشار التسلح، حيث تمت عملية التقييم وفقاً لمنهجية تقييم الالتزام الصادرة عن مجموعة العمل المالي ، والتي تسعى لوضع المعايير الأساسية وتعزيز التنفيذ الفعال للتدابير القانونية والتنظيمية والتشغيلية لمكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب والتهديدات الأخرى ذات الصلة.

المواجهة الاقتصادية والاجتماعية

لم تتقاعس الدولة المصرية عن التعامل مع أبعاد الوضع الاقتصادي والاجتماعي الصعب، وذلك من خلال تكثيف العمل الجاد والمتواصل، الذى يرتكز على تخطيط شامل ورؤية طموحة للمستقبل، فأطلقت الدولة «استراتيجية التنمية المستدامة: رؤية مصر 2030» في فبراير عام 2016 لتمثل النسخة الوطنية من الأهداف الأممية للتنمية المُستدامة 2030 وأجندة أفريقيا 2063، والإطار العام المُنظم لخطط وبرامج العمل المرحلية خلال السنوات المقبلة، فحرصت الدولة على أن يكون إعداد وصياغة وتنفيذ وكذلك عملية التحديث الجارية لهذه الرؤية وفقًا لنهج تشاركي يضم إلى جانب الحكومة كلًا من القطاع الخاص والمجتمع المدني وكافة الشركاء، مع إيلاء اهتمام خاص بدور كل من الشباب والمرأة في تحقيق التنمية.

كما انتهت وزارة التضامن الاجتماعي في عام 2020 من دراسة حول «الاحتياجات التنموية لمحافظة شمال سيناء ومراكزها الستة»، أجراها المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، حيث تضمنت هذه الدراسة عرضًا لتفصيلات الأوضاع المعيشية والاحتياجات التنموية لشمال سيناء، واستجابةً لنتائج الدراسة خصصت وزارة التضامن الاجتماعي موازنة تقدر بحوالي 25 مليون جنيه لعام 2021، لتنفيذ مجموعة من تدخلات الحماية الاجتماعية والأنشطة التنموية التي تهدف إلى تعزيز المشاركة المجتمعية وثقافة وممارسات المواطنة للمواطنين في شمال سيناء. وتشمل التدخلات جوانب اجتماعية واقتصادية وصحية.

حقوق ضحايا الإرهاب

تم إنشاء المجلس القومي لرعاية أسر الشهداء والمصابين بقرار السيد رئيس مجلس الوزراء رقم 1485 لسنة 2011 انطلاقًا من التزام الدولة المصرية بضرورة حماية حقوق ضحايا الإرهاب في إطار المُقاربة الشاملة التي تنتهجها في مُكافحة ظاهرة الإرهاب والتداعيات المترتبة عليها، ويتبع المجلس مجلس الوزراء، ويضطلع بدور مُهم فى توفير المُساندة والرعاية لأسر الشهداء والمصابين، ويشمل ذلك الخدمات الصحية والعلاجية المجانية، بالإضافة إلى تقديم خدمات التأهيل النفسي لأسر الشهداء وأطفالهم والمصابين بعجز كلي جراء الهجمات الإرهابية ومن تعرضوا لأزمات ما بعد الصدمة، ومساعدة شباب أسر الشهداء على الحصول على فرص عمل مُناسبة وفقًا لمُؤهلاتهم وإقامة مشروعات صغيرة لأسر الشهداء والمصابين بالتعاون مع الجهات المُختصة.

كما تقوم الدولة المصرية بتوفير مزايا ومعاشات استثنائية لضحايا الإرهاب منها: صرف تعويضات لضحايا العمليات الإرهابية بواقع 100 ألف جنيه مصري لكل أسرة شهيد، و100 ألف جنيه مصري لكل مصاب بعجز كلي، و5 آلاف جنيه لكل مصاب ليس لديه نسبة عجز، فضلاً عن صرف إعانات أخرى فورية.

إضافة إلى صرف معاش استثنائي لأسر الشهداء ومصابي العجز الكلي، مع مراعاة حق الأسرة فى الجمع بين هذا المعاش وأي معاش أو دخل آخر، وذلك طبقًا لقرارات استثنائية منها القرار رقم 915 لسنة 2015 وتعديلاته. بخلاف إصدار كارنيهات لأسر الشهداء والمصابين، والتي يحصلون بموجبها على العديد من الخدمات والمزايا المختلفة . 

الجهود المبذولة على المستويين الإقليمي والدولي

وضعت مصر قضية مكافحة الإرهاب والفِكر المتطرف كإحدى أولويات سياستها الخارجية، حيث كثفت الدبلوماسية المصرية من جهودها، سواء من خلال مُشاركتها النشِطة في مختلف المحافل الإقليمية والدولية، حيث استمرت مصر في الاضطلاع بدورها الفعال في دعم الجهود الأفريقية في مجال مكافحة الإرهاب والتطرف، والتي كانت إحدى الأولويات الأساسية لرئاستها للاتحاد الأفريقي عام 2019.

كما أطلق رئيس الجمهورية «منتدى أسوان للسلام والتنمية المستدامة»، والذي عقدت نسخته الثانية خلال الفترة من 1 إلى 5 مارس 2021 ، تحت عنوان «صياغة رؤية للواقع الأفريقي الجديد:  نحو تعاف أقوى وبناء أفضل».

على صعيد الأمم المتحدة، فخلال فترة شغل مصر كمُمثل عن القارة الأفريقية لمقعد العضوية غير الدائمة في مجلس الأمن لعامي 2016 و 2017، بالإضافة إلى ترؤسها للجنة مكافحة الإرهاب التابعة لمجلس الأمن، نجحت مصر في استصدار عدد من قرارات مجلس الأمن المهمة في مجال مكافحة الإرهاب، أبرزها القرار رقم 2354 الصادر في عام 2017 الذي أقر «الإطار الدولي الشامل لمكافحة الخطاب الإرهابي»، وكذلك القرار رقم 2370 الصادر في نفس العام بشأن منع حصول الإرهابيين على السلاح، مع استمرارها في مطالبة المجتمع الدولي بضرورة تنفيذ هذين القرارين من خلال خطوات عملية ملموسة، بما يكفل ضمان فاعلية الجهود الدولية لمُكافحة الإرهاب.

هكذا لم تكن مصر تحارب الإرهاب بالسلاح فقط كما يتصور البعض ولكنها مواجهة شاملة فكرية واجتماعية واقتصادية وإقليمية ودولية في سبيل الحفاظ على وحدة الأرض وسلامة المجتمع من المخاطر المحيطة.