الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

العمل يدافع عن الهوية المصرية: (الباب الأخضر).. عندما سبق «عكاشة» عصر التكنولوجيا

عندما يدفع الإنسان حياته دفاعًا عن قضية وطنية، فلا يهمه الموت فى سبيل إنقاذ بلده وأهلها الطيبين.. هكذا يمكننا وصف قصة فيلم (الباب الأخضر) الذى كتبه العبقرى الراحل «أسامة أنور عكاشة» فى ثمانينيات القرن الماضى.. وبعد مرور سنوات والعمل حبيس الأدراج، قرر المخرج «رءوف عبدالعزيز» أن ينتجه بنفسه ليخرج إلى النور، خاصة أن هذا الفيلم كانت له مكانة خاصة لدى عكاشة.



ورغم انتظار الجمهور له بقاعات العرض السينمائى، فإن منصة «Watch It» تحمست لفكرة العمل والذى يعرض قضية وطنية مهمة وهى الحفاظ على الهوية المصرية ومحاولة محو تاريخ الإنسان وأصله مما يؤدى لهلاكه.

وقد شارك الفيلم بالمسابقة الرسمية بمهرجان الإسكندرية لسينما البحر المتوسط وشهد عرضه إقبالاً كبيرًا من جماهير المهرجان وأقيم بحضور أبطاله.

 حرب الهوية التكنولوجية

فى الوقت الذى يُعانى منه المواطن المصرى من حرب تكنولوجية شرسة تصيب الأطفال والشباب، فتؤثر على عقولهم وتجعلهم يتبرأون من تاريخهم ومن أصلهم.. فالتكنولوجيا فعليًا تستطيع أن تمحو فكرًا وتستبدله بآخر، خاصة من خلال مواقع التواصل الاجتماعى.. وهذا ما قدمه «عكاشة» فى فيلمه (الثمانيناتى).

أحداث العمل قد تبدو روتينية فى بدايته فهناك طفل ولد وليس له هوية أو اسم.. والأم تصر على أن يقوم أبوه بتسميته بنفسه، ولكن مع الوقت وبمرور الأحداث نكتشف أن هناك عصابة تعمل فى مجال الدواء وتقوم بصنع لقاح يمحو ذاكرة الإنسان تدريجيًا ليكون عقلاً جديدًا ويمدوه بالمعلومات التى يريدونها، فيجعلونه ينكر أبناءه وأمه وأباه ويمحوا اسمه وهويته وأيضًا وطنه.

مغامرة من التوتر العصبى والضغط النفسى يعيشها البطل الطبيب الذى يحاول إنقاذ مريضة وقعت ضحية فى يد الفساد، وكأنها رمز للأرض المصرية الطيبة.. فتقع فى حب شاب يدعى النضال، ولكنه باع صديقه واعترف عليه فى مقابل ترقيته لمنصب جديد، مغيرًا اسمه وهويته ومبادئه، ومن ثم ينكر زواجها منه.

ثم يتعرض الفيلم لنماذج الفساد فى كل مكان فى الشرطة، الطب، الصحافة، رجال الأعمال وغيرها.. فكلهم يتواطأون مع أصحاب المشروع والمجهولين والذين غالبًا يمثلون منظومة خارجية، تحاول التأثير على هوية مصر. ولعل الأمل فى أول الفيلم وآخره يكمن فى تواجد البطلة عند (الباب الأخضر) فى مسجد الحسين وكأنه يرمز من خلاله بالأمل القادم والطيبة المصرية التى لن تضيع بسبب وجود شرفاء ومناضلين.

لم يغير حرفًا واحدًا

فى البداية قال المخرج «رءوف عبدالعزيز»: إنه تمنى تقديم عمل للراحل «أسامة أنور عكاشة»، وتحدث مع ابنة الكاتب الراحل واختار من بين الأعمال التى قدمتها إليه (الباب الأخضر) لما له من رسالة وطنية تصلح لكل الأجيال، مؤكدًا أنه كان يريد أن يتم تقديم النص بكل تفاصيل الكاتب الراحل، فرفض فكرة إعادة كتابته أو تغيير مشهد أو جملة حوارية به.

ورغم اتهام بعض جمهور مهرجان الإسكندرية له بأن هناك أحداثًا قد تبدو غير منطقية، فإن «عبدالعزيز» دافع عن نص العمل مؤكدًا أنه يصلح لكل عصر ونهايته منطقية ومتسلسلة بشكل طبيعى. وأضاف: إن فكرة عدم تغييره لأى حرف جعلت العمل ذا قيمة حقيقية لأنه حمل اسم «أسامة أنور عكاشة» فقط.. وهذا فى اعتقاده أكثر ما شجع منصة «Watch It» على المطالبة بعرضه.. حيث قال إنه تحمس بإنتاجه بنفسه فى الوقت الذى كان لا يعرف أين سيتم توزيعه سينمائيًا.. ليجد المنصة تطالب بعرضه عليها.

العمل سيصل للشباب

قالت «نسرين أنور عكاشة» ابنة الكاتب الراحل: إن هذا العمل كان يشغل مكانة خاصة لدى والدها، مؤكدة أنهم اكتشفوا وجوده هو ومجموعة من الأفلام السينمائية بمكتبة أبيها عن طريق الصدفة. وقالت: إنها فوجئت بطلب المخرج «رءوف عبدالعزيز» بأن يقوم بإخراج هذا الفيلم. وأضافت فى تصريحاتها لـ«روزاليوسف» إنها لم تتوقع اختياره لهذا الفيلم تحديدًا، حيث إنها أعطت له ثلاثة أعمال لوالدها لكى يختار من بينها.

وأضافت قائلة: «لو شاهد أبى الفيلم بعدما تم الانتهاء منه مثلما كتبه، فأكيد سيكون سعيدًا.. خاصة أن العمل تم تسويقه على منصة إلكترونية مما يُتيح وصوله لأكبر قدر من الجماهير حول العالم، بالإضافة إلى وصوله لفئة الشباب الذين لا يعرفون الكثير عن تاريخ «عكاشة»، ولكى يظل اسمه معروفًا بين كل الأجيال، كما أن العمل يحمل حالة وطنية فريدة لا تخضع لقوانين السوق السينمائى فهو مثل فيلم (كتيبة الإعدام) يحمل طابعًا وطنيًا إنسانيًا».

ونفت «نسرين» ما تردد حول منعها المخرج «رءوف عبدالعزيز» من تغيير نص الفيلم مؤكدة أنها سعدت بقراره وسعدت أكثر بخروج هذا الفيلم للنور بعد سنوات من تركه فى مكتبة أبيها. مؤكدة أن بجعبتها الكثير من القصص والأعمال التى تركها الراحل، مما سيجعل إبداعه ممتدًا ومستمرًا.. خاصة أن القصص التى يكتبها تصلح لكل زمان ومكان.

العمل تم تصويره فى استوديوهات مدينة السينما وبعض الديكورات الداخلية والخارجية، وذلك للوصول لصورة مصر فى فترة الثمانينيات وشارك ببطولته كل من «إياد نصار، خالد الصاوى، سهر الصايغ، حمزة العيلى ومحمود عبدالمغنى».