الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

«ضى القمر».. المخاطرة بالتغريد خارج السرب أفضل!

منذ أكثر من عام، شاهدت كيف كان «محمد محسن» يعمل على أغنية جديدة، مع الملحن الليبى «تامر العلوانى» الذى استخدم آلة العود، ليذكرنا بالأيام الماضية التى كان يجيد فيها الملحن استخدام الآلات الموسيقية، فى زمن أصبح فيه الملحنون يعتمدون على سياسة «التطبيل» على «الترابيزة».



«محسن» كان قد تحدث معى قبلها بفترة عن نيته لإصدار ألبوم غنائى تسيطر عليه فكرة واضحة، ألا وهى الغناء بكل اللهجات العربية، حتى يتمكن المستمعون من التعرف على الثقافات الموسيقية المختلفة للبلدان العربية، وهى قطعًا فكرة جيدة، ولكن كان السؤال الأبرز هنا.. كيف سيكون التنفيذ؟ وهل الجمهور سيتقبل هذه الفكرة أم لا؟ وخاصة إننا فى زمن تتصدر فيه أغانى الراب والمهرجانات المشهد الموسيقى من حيث الانتشار،  والجماهيرية، بسبب الجرأة غير المعتادة فى صياغة الكلمات والأفكار، باستخدام قوالب موسيقية عصرية ترتكز على الموسيقى الإلكترونية، وفى المقابل تتراجع شعبية أغانى «البوب» العاطفية التقليدية بسبب طريقة طرح المواضيع والتعبير عنها.

وطوال هذا العام لم يغير «محمد محسن» قراره، رغم ضجيج وصخب «الترندات» التى ربما تغرى الآخرين، غير المؤمنين، بتنفيذ مشروع موسيقى خاص بهم، بل صمم على تنفيذ الأغنية التى وصلت نسبة مشاهدتها إلى أكثر من مليون وربع المليون مشاهدة على «يوتيوب»، بالإضافة إلى تصدرها ترند يوتيوب «ليبيا»، ونحن نتحدث هنا عن نسب مشاهدة «حقيقية» وغير ممولة، ومستمعى الأغنية من مصر والبلدان العربية وليسوا من إندونيسيا أو فنزويلا وبلاد أمريكا الجنوبية، كما يفعل كبار مغني «البوب» فى شراء نسب المشاهدات!

ورغم أن فكرة الغناء باللهجات العربية ربما تكون غريبة على واقعنا الحالى، ولكن هذه الفكرة ليست ببعيدة عن المشروع الغنائى لـ«محمد محسن» الذى يعتبر واحدا من أهم الفنانين الذين يتمسكون باللمحة الموسيقية الكلاسيكية العربية ولكنه فى الوقت ذاته يجيد تقديم الأغانى بالطريقة العصرية بما يتماشى مع منهجة والشكل الغنائى الخاص به.

كلمات الأغنية مأخوذة عن قصيدة (متأخرة) للشاعر الليبى «سالم العالم» نشرت ضمن ديوانه (خريف الريح) الصادر عن مجلس الثقافة العام بليبيا سنة 2009، وهذا ليس بغريب عن «محسن»، فتحويل القصائد الشعرية إلى أعمال غنائية يعتبر واحدًا من أهم ركائز المشروع الغنائى الذى يقدمه، حيث قدم قبل ذلك العديد من قصائد «العامية المصرية» للشاعر «مصطفى إبراهيم»، حتى عندما كان يقوم بإعادة إحياء الأغانى القديمة فدائما ما كان يحرص على أن يكون هناك تواجد للأعمال الغنائية المبنية على قصائد فى الأساس.

والأهم فى تجربة أغنية (ضى القمر) هو الإتقان التام للنطق باللهجة الليبية كما أكد وأشاد أساتذة من الصحفيين الليبيين، نذكر منهم على سبيل المثال الناقد الفنى «طارق الشرع»، وأيضا قام فريق كورال «نوا» من تونس بإعادة تقديم الأغنية.. وهو دليل ملموس على انتشار الأغنية فى البلدان العربية.

كذلك الاختلاف الذى نتحدث عنه ليس فقط فيما يقدمه «محسن»، ولكن فيما قدمه باقى فريق عمل الأغنية، فمخرج الأغنية هو «على السطوحى» الصحفى المتميز والذى يعتبر هذا الكليب هو الأول له فى تجارب إخراج الأغانى بعد سنوات من العمل فى الصحافة المصورة، واختياره لـ«سيوة» كان موفقًا لتأكيد على جمال الطبيعة المصرية، وكذلك توزيع الأغنية الذى قدمه «خالد عز»، لا يشبه أى عمل من أعماله الموسيقية السابقة التى قدمها فى سوق موسيقى «البوب»، أو حتى فى مجال الموسيقى التصويرية للمسلسلات الدرامية، فهذا العمل كان مختلفا لكل الذين شاركوا فى تنفيذه!

والنتيجة النهائية هى أن هذا الاختلاف حقق النجاح.. فأحيانا تكون نتائج المخاطرة بالتغريد خارج السرب أفضل!