الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

أحمد مظهر فارس الحقيقـــــة و برنس الـسينمــــا

لا يمكن أن ننسَى فى شهر أكتوبر شهر الانتصارات أعظمَ فرسان الحقيقة وبرنس السينما أحمد مظهر، فاليوم هو الذكرى 105 لميلاد الفارس الفنان أحمد مظهر الذى وُلد يوم 8 أكتوبر عام 1917 تخرّج فى الكلية الحربية عام 1938 ولحُسن الحظ كان على رأس دفعته الرئيسان جمال عبدالناصر وأنور السادات بالإضافة للوزيرَيْن عبدالحكيم عامر وثروت عكاشة، كانت دفعة مميزة للجيش المصرى، شارك «مظهر» كضابط فى الحرب العالمية الثانية وفى حرب فلسطين عام 1948، ثم انتقل لسلاح الفرسان، وبَعد ثورة يوليو 1952 تم تعيينه قائد مدرسة الفروسية، غير أنه قدّم استقالته فيما بعد استجابة لنصيحة صديقه الرئيس جمال عبدالناصر الذى شاهده فى أحد الأفلام وأعجب به ونصحه بالتفرغ للفن، فمن المعروف أن الرئيس عبدالناصر حُبّه الشديد للسينما.



 

تفرّغ «مظهر» للفن بكل أشكاله، فمما لا يعرفه الكثيرون أن أحمد مظهر لم يظهر بدور واحد فى صناعة السينما المصرية؛ بل قدّم- بالإضافة لدوره كممثل كبير- نفسه منتجًا ومؤلفًا ومخرجًا؛ بل مكتشفًا للنجوم، فهو أول من قدّم ميرفت أمين فى فيلم من تأليفه وإنتاجه وإخراجه وبطولته متقاسمًا البطولة معها لأول مرّة وكان اسمها على الأفيش: «ميرفت» وكتب بجواره «وجهًا جديدًا».

أمّا هو فبدايته الحقيقية حين اختاره المخرج إبراهيم عز الدين ليلعب دور فارس فى فيلم (ظهور الإسلام) عام 1951، بعدها رشحه يوسف السباعى لدور البرنس علاء فى فيلم (رد قلبى) وحقق هذا الفيلم نجاحًا كبيرًا، وبدأت نجومية أحمد مظهر بعده وعاد ليقدم شخصية البرنس شوكت لكن هذه المرّة البرنس المفلس فى فيلم (الأيدى الناعمة)، لكن هذا لم يمنعه من تقديم شخصية اللص الظريف فى (لصوص لكن ظرفاء) مع عادل إمام، والنصاب المحتال فى (العتبة الخضرا) مع إسماعيل يس، وقدم الأدوار الجادة العظيمة مثل (الناصر صلاح الدين) مع يوسف شاهين وبجاد فى فيلم (الشيماء) وكوستا فى (النمر الأسْوَد) مع أحمد زكى وقطز فى (وا إسلاماه) ومهندس الرى فى (دعاء الكروان) وعبدالمطلب جد الرسول فى مسلسل (محمد رسول الله).

هذا الثراء والتنوع الفنى لم يكن من فراغ، فأحمد مظهر الذى زامل قادة مصر وضباط الجيش فى الكلية الحربية جاور صاحب نوبل نجيب محفوظ وموسيقار الأجيال محمد عبدالوهاب فى حى العباسية؛ حيث كانوا جيران، وأسّس مع نجيب محفوظ شلة الحرافيش التى كانت لها جلسة ثابتة بمقاهى القاهرة، وأحمد مظهر هو من أطلق هذا الاسم الشهير على المجموعة التى كانت تضم نجيب محفوظ وهو وصلاح جاهين والمخرج الكبير توفيق صالح، وعاصر فى الفن فاتن حمامة وسعاد حسنى وشكرى سرحان وإسماعيل يس وصلاح ذو الفقار.

الملفت جدًا فى مسيرة «مظهر» الفنية هو القوس المفتوح على مصراعيه، فالفنان الكبير قدّم الأدوار الجادة الميلودرامية باحترافية شديدة، كما قدّم الأدوار الكوميدية الهزلية بخفة دم كبيرة، وهذه مغامرة كبيرة لنجم وُلد فارسًا للسينما المصرية لكنه لم يخشَ تعثر جَواده الفنى فى الأدوار البعيدة عن الجدية؛ بل لعل أدواره التى لا تنسى بجوار الناصر صلاح الدين هو دوره «حامد» فى (لصوص لكن ظرفاء) ودور «يوسف» فى (العتبة الخضرا)، وهذا يجعلنا نلتفت لشجاعة نجوم الماضى فى السينما التى تنقص وتعوز بشدة نجوم الحاضر فى السينما؛ حيث يخاف الكثير منهم أن يقدم أدوارًا متنوعة، ويظل قيد قالب التنميط الدرامى.

الملفت فى حياة الفنان أحمد مظهر أن الدراما لم تَغِب أيضًا عن حياته الشخصية؛ فقد تسبب حادث أليم فى فقدان حياة صديقه، وحياته الشخصية هو، فذات يوم كان طفله يلعب بمسدس أبيه المحشو برصاص حقيقى مع صديق الوالد، ولم يكن أحد يدرى أن الرصاص حقيقى فانطلقت رصاصة بعد أن ضغط الطفل على الزناد لتصيب صديق أحمد مظهر، الذى يفجع بوفاة صديق عمره على يده طفله، فما كان من أحمد مظهر إلا بالدخول فى نوبة اكتئاب حادة انفصل على أثرها عن زوجته وحبيبة عمره أم أولاده الأربعة؛ لأنه رأى أن ما حدث كان بسبب إهمال منها، ومع ذلك ظل يحبها وأخلص لذكرى زواجهما، حتى إنه لم يتزوج طيلة حياته غيرها حتى وفاته عام 2002 بعد أن عاش حياة حافلة ثرية من ضابط شارك بمعارك الحرب العالمية الثانية وحرب فلسطين فى الحقيقة وبمعارك وحروب الناصر صلاح الدين وقطز فى السينما.. تحية أكتوبرية بطعم النصر لفارس الحقيقة وبرنس السينما أحمد مظهر.