السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

أحد عظماء صناعة الضحك يتحدث: محمد عبدالعزيز أعشق الكوميديا ولكن دخولى لها كان «صدفة»

اسمُه لا يشكل فقط علامة مميزة فى تاريخ السينما والتليفزيون؛ بل يشكل ذاكرة جمهور وأجيال عديدة تربت على فنه.. فالمخرج القدير «محمد عبدالعزيز» استطاع أن يخترق كل بيت وأن يخلد اسمه بأعمال خفيفة على القلب نحبها ونحفظها لمبدعى الزمن الجميل.



تاريخ طويل من الأعمال المختلفة يسيطر عليها الطابع الكوميدى.. لتختاره إدارة مهرجان الإسكندرية لسينما البحر المتوسط لمنحه وسام المهرجان فى الدورة التى تم تخصيصها للكوميديا.

وفى حواره مع «روزاليوسف» فتح «عبدالعزيز» قلبَه ليُحدثنا عن تكريمه وعن تلاميذه وعن الحال الذى يجد عليه الفن حاليًا..فإلى نص الحوار:

حدّثنا عن تكريمك بالدورة الأخيرة من مهرجان الإسكندرية لسينما البحر المتوسط.

- فوجئت به لأنى كُرِّمت من قبل فى الدورة التى حملت اسم الراحل محمود ياسين، ولكنهم قالوا لى إن هذه الدورة مخصصة للكوميديا كفرع مهم جدًا من فروع الدراما.. فأرادوا الاحتفاء بكل من كانت له بصمة فى هذا اللون ومنهم الراحلان «فطين عبدالوهاب» و«إسماعيل يس»، وبالتالى كانت الدورة ككل مهداة لكل من قدّم جهدًا فى صناعة الفيلم الكوميدى. حتى بوستر المهرجان الذى صممه الفنان «عمرو فهمى» جاء على شكل كاريكاتيرى جميل، لذلك أعطوا لى هذا الوسام بما أننى عملت لسنوات بالكوميديا.

 وكيف ترى خطوة تخصيص دورة لمهرجان سينمائى للفيلم الكوميدى؟

- هذا القرار كان رائعًا جدًا من إدارة المهرجان، وأتوجه لهم بكل الشكر.. ولكن هذه ليست المرة الأولى التى يقوم مهرجان بهذا الأمر، فالفنان «حسين فهمى» خصص الدورة الـ23 من عمر مهرجان القاهرة السينمائى الدولى للكوميديا.. وتم تكريمى أنا ومجموعة من الفنانين، ومنهم الراحل «فؤاد المهندس».

 لماذا لا تتم مشاركة الأعمال الكوميدية بالمهرجانات؟

- بشكل عام فكرة أن النقاد والكتاب والقائمين على المهرجانات يلتفتون لأهمية الفيلم الكوميدى هذا أمر صحى جدًا؛ لأن له دورًا مُهمًا جدًا فى صناعة السينما ومُهدرٌ حقه جدًا.. فمن قبل التاريخ أول كتاب تحدّث عن فنون الدراما كان بعنوان (فن الشعر) لـ«أرسطو».. وقال إن الكوميديا أدنى مرتبة من المأساة وتتعامل مع أنماط منخفضة من المجتمع. وكان هذا رأيًا خاطئًا مثل بعض الأخطاء التى قالها.. ولكن عبر التاريخ أصبحنا مقتنعين بأن الكوميديا أقل مرتبة من الأنواع الأخرى.. حتى إن الطلبة الجُدد نادرًا ما يقدم أىٌ منهم عملاً كوميديًا كمشروع للتخرج. فالتراچيديا أصبحت برّاقة.. والكوميديا فن أصعب بشكل كبير فى تعاملها وتأثيرها وفى صناعها. 

 ما تقييمك لاستفتاء «أفضل 100 فيلم كوميدى» الذى قدمه عدد من النقاد؟

- لى تحفظات كثيرة عليه.. يبدو أن هذا التقييم تم بسرعة شديدة جدًا وعلى عَجَل، فالأمر يحتاج لوقت كبير لرصد كل الأعمال وإعطاء الرأى النهائى.. فهناك أعمال ظُلمت وهناك أعمال خرجت من القائمة وأعمال أخرى لم تكن تستحق متواجدة.. وتم الخلط بين الأفلام التليفزيونية والسينمائية.. فالسرعة الشديدة جدًا كانت واضحة وجعلته غير دقيق.

هل يضايقك تصنيفك كمخرج كوميدى رغم أنك قدمت كل النوعيات الدرامية؟

- لا.. فالكوميديا بالفعل سيطرت على أغلب أعمالى؛ حيث قدمت 67 فيلمًا روائيًا سيطرت عليها الروح الكوميدية.. وفى المسرح أيضًا قدمت 3 مسرحيات كوميدى، فأنا أعشق الكوميديا.. ولكن بشكل عام كان يأتينى أحيانًا حنين لفيلم رومانسى فأقدم (بريق عينيك). أو لدراما نفسية فأقدم (الحكم آخر الجلسة) أو فيلم ملىء بالقضايا الاجتماعية مثل (الجلسة سرية).. ولكنى كنت أعود سريعًا للكوميديا مرة أخرى.

 هل توجهت للكوميديا بسبب انتشار تلك التيمة فى سينما السبعينيات؟

- لم يكن فى ذهنى أن أقدّم كوميديا فى بداية طريقى وتتلمذت على يد أساتذة الواقعية، ولكنى دائمًا كنت أقول إن الكوميديا هى مَن جاءت إلىّ ولم أذهب أنا إليها. فلقد توجهت بناءً على ترشيح البعض، ومنهم أساتذتى، بتقديم الفيلم الكوميدى.. وكانت رؤيتهم صائبة لا أعرف وقتها هل السبب فى الحس الكوميدى الذى كنت أتمتع به، ولكن كانت لهم رؤية عميقة وسليمة. ومنذ ذلك الوقت عشقتها وعشقت رد فعلها المباشر مع الجمهور.

 ما رأيك فى الأعمال الكوميدية التى تقدم حاليًا؟

- لا توجد سينما كوميدية حاليًا، فالكوميديا لا تركض وراء الضحك، ولكن آخر هَمّها هو الابتسامة.. فهى تحمل أهدافًا وموضوعات عميقة، ولكنهم الآن يبحثون عن الشىء السهل الملىء بالإفّيهات والنجاح المؤقت بدُور العرض. ويقولون «الجمهور عايز كده»، بينما الجمهور يحتاج فيلمًا راقيًا ويعطى له اهتمامه الكافى فالجمهور محروم من الأعمال التى تحترم تفكيره.

 هل وجود «الورش» أفاد المهنة أمْ أضرها؟

- هذه الورش زاد عددها ومصادرها بشكل كبير لكل المجالات الفنية لصناعة الفيلم، وقد أثرت على المهنة بشكل سلبى لأنها تختلف عن الدراسة الأكاديمية بالطبع. وفى النهاية الفيصل هنا هو العمل الذى سيقدم وثقافة المخرج واجتهاداته واستكمال ثقافته بمجهوده الشخصى.

 لماذا توقفت عن الإخراج منذ عام 2010؟

- قدمت تاريخًا كبيرًا من الأعمال السينمائية وصل إلى 67 فيلمًا بالإضافة إلى 20 مسلسلاً و3 مسرحيات.. ولكنى فجأة وجدت أن المناخ العام بالمهنة أصبح مختلفًا، وجهات الإنتاج اختلفت، والعلاقات بين الناس أصبحت مختلفة، فى ظل عدم وجود موضوعات جديدة.. فقررت الذهاب لبيتى الأول وهو معهد السينما وأعيش بسعادة بين تلاميذى وأعطى مجهودى لأجيال جديدة تحمل فكرًا مختلفًا وجديدًا.

 هل توافق لو عُرض عليك إعادة إنتاج واحد من أفلامك؟

- هذه الظاهرة منتشرة على الرغم من أنها لم تحقق أى نجاح ملحوظ.. فمثلاً هناك أعمال لى أعيد تقديمها مثل: (على باب الوزير) والعديد من كلاسيكيات السينما، ولكن لم يتذكرها أحد. وبشكل عام مَن يحمل على عاتقه فكرة إعادة تقديم عمل ناجح يجب أن يحمل فكرًا جديدًا ورؤية مختلفة للعمل، ولكن ما يحدث مجرد استغلال لنجاحات سابقة.

 هل هناك عمل قدمته وتمنيت لو أنك لم تخرجه؟

- ندمت على تقديم فيلم (رحلة الرعب) لـ«حسين فهمى» و«مديحة كامل»، فعلى الرغم من أنه حقق نجاحًا كبيرًا فإننى لا أحبه ولا أحب مشاهدته لأنه لم يضف لى الكثير.

وما رأيك فى حال المسرح الآن؟

- لم يعد لدينا مسرح، فقد كنا ننتج عشرات العروض ويأتى السائحون من الخارج لمشاهدتها.. بينما حاليًا لا يوجد إنتاج يذكرـ حتى إنتاج الدولة قليل للغاية، حتى الأغنية لم نعد نمتلكها والسينما أيضًا تراجعت للأسف فى ظل المناخ الذى نعيش فيه.

 وما الحل لعودة الفنون والثقافة مثلما كانت؟

- ستحدث انتفاضة فى الإبداع فى كل الفنون.. فمثلما حدثت طفرة فى الأدب فى بداية الثلاثينيات وحتى الخمسينيات.. وتأثير السينما بكل هذه الروائع وظهور كُتّاب كبار للمسرح مثل «توفيق الحكيم» و«سعد الدين وهبة» وظهور أجيال غنائية جديدة مثل «عبدالحليم» وغيرهم.. ستحدث طفرة فى الإبداع وثورة ثقافية كبيرة لا محالة.