الثلاثاء 16 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

‏Blonde .. حكاية هروبها منها إليها

«تحتاج كل فتاة إلى أب.. أيمكن أن تكون أنت أبى».. جملة عند قراءتك لحروفها أو سماعك لها ستشعر بالحزن واليأس الذى يكمن فى نفس قائلها، تشعر بمعاناة حقيقية وصراع داخلى عميق لا يلتئم جرحه مَهما حدث.. هى جملة من فيلم (blonde ) الذى يُعرض على منصة netflix للمخرج والمؤلف «أندرو دومينيك» والمأخوذ عن رواية (blonde) للكاتبة «جويس كارول أوتيس» والذى من المفترض أنه يحكى قصة حياة «مارلين مونرو» نجمة إغراء القرن العشرين فى هوليوود.



الجملة من أغنية استخدمها المؤلف كجزء من سرد أحداث العمل الفنى أو بمعنى أصح هى جزء من شرح الصراع النفسى الأكبر فى حياة «مارلين مونرو» أو «نورما چين»- اسمها الحقيقى- ذلك الصراع النابع فى الأساس من فقدانها والدها وعدم معرفتها مَن يكون، أزمة عاشتها منذ طفولتها فظلت باقى حياتها تبحث عنه فى كل رجُل تقابله على أمل أن يعوضها غيابه، مما خَلق لديها احتياجًا وضعفًا واستسلامًا تامًا لأى رجُل إلى جانب عدم نسيانها جملة والدتها لها بأنها «طفلة غير مرغوب فى وجودها وأن والدها تركها بسبب ولادتها»، مما خلق لديها أزمة نفسية أخرى تكمن فى البحث عن القبول والحب من كل من يحيطها ومن بينهم المعجبون الذين يلهثون وراءها.

وذلك جعلها فى صراع دائم بين حقيقتها كـ«نورما چين» الطفلة الباحثة عن رجل وبيت واستقرار والنجمة «مارلين مونرو» التى تتغذى روحها على إعجاب وحب الجميع مَهما كان نوع هذا الحب، ففى حالتها يتحول المعجبون إلى عبيد لها. وقد جَسَّد المخرج ذلك فى مشهد اصطفافهم أمامها فى العرض الخاص لفيلم (some like it hot، البعض يفضلونها ساخنة)؛ حيث ينادون باسمها وأفواههم مفتوحة بشكل مخيف كأنهم يريدون التهامَها كما لو كانت قطعة لحم مثلما وصفت نفسها فى مشهد نقلها لحجرة الرئيس الأمريكى آنذاك.

صراعات وأزمات نفسية تعانى منها شخصية مضطربة عقليًا ونفسيًا- كما صورها العمل- أى شخصية مُرَكبة صاحبة الكثير من التفاصيل والتقلبات تحتاج لممثلة قوية كى تنقل لنا كمُشاهدين تلك الحالة، وذلك ما جسّدته «آنا دى ارماس» بإحساس وإبداع كأنك ترى «مارلين مونرو» أمامك بلغة جسدها وطريقة نطقها للكلام ونظرة عينيها إلى جانب لمْسك كمُشاهِد لنفسية «نورما چين» وكل ما تحمله من تعقيدات، وذلك أقسَى ما فى العمل؛ فقد نقلت لك البطلة العنف والقسوة والمهانة التى تعرضت لها أيقونة الإغراء طوال حياتها ما جعل بعض النقاد العالميين يصفون (blonde) بأنه العمل الأكثر حزنًا فى 2022. بصرف النظر عن التساؤلات المنتشرة فى كل مكان عن حقيقة تلك الحكاية وهل هى بالفعل قصة حياة «مارلين مونرو» أمْ مستندة على مجرد شائعات طالتها طوال حياتها وبعد مماتها؟

والسؤال الأهم من وجهة نظرى: هل من حق أى عمل فنى فى الأساس أن يتطرق لتلك التفاصيل الدقيقة والمشوِهة لأيقونة من أيقونات هوليوود؟ وما الهدف أو الداعى لذلك؟ هل استغلال تلك المرأة كان وبات اعتياديًا حتى أيامنا هذه؟

لكن بعيدًا عن الحقيقة الكاملة، ذلك العمل فنيًا يتمتع بجماليات مبهرة وعلى رأسها تبادُل المَشاهد بين الأبيض والأسْود والألوان، فى محاولة من المخرج لنقل تيهة البطلة الداخلية طوال أحداث حياتها التى تجمع بين الإشراقة والقسوة، وأيضًا لتعكس حياة «نورما چين» المتلونة والمتقلبة فلا تستطيع تحديد لون محدد لها، لكن الأكيد أنها حياة تلمس فيها مشاعر الحزن والقسوة والذل إن صدقت روايتهم.