السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

مسلسلات وفوازير رمضان.. أفلام تجارية.. و«بسم الله» ليست أول أغنية: ماذا شاهد وسمع المصريون يوم 6 أكتوبر؟

كان العام السادس على تذوق مرارة الهزيمة والانكسار، والعام الثالث على رحيل الزعيم الذى عشقه كل المصريين، جمال عبدالناصر. فى عام 1973 كان قد بدأ الإحساس بـ«النكسة» يخفت والحزن على الرئيس يهدأ. بدأ المصريون - إلى حد ما - يشعرون بأجواء شهر رمضان، طبعًا كانت رائحة الحزن لا تزال تسكن البيوت، واليأس يملأ النفوس من إمكانية قيام الحرب، والعقل يقول حتى وإن كانت هناك حرب، فلن تحدث فى شهر رمضان. 



لكن على خلاف كل أنواع التوقعات وقعت الحرب. وتم العبور وجاء النصر ليملأ القلوب المكسورة بالفرحة المنتظرة.

 

 التليفزيون المصرى يقدم..

بدأ شهر رمضان فى عام 1973 يوم 27 سبتمبر، مرت الأيام الأولى بشكل عادى جدًا، باستثناء خطاب للرئيس «أنور السادات» فى اليوم الثانى من الشهر، بث على شاشة التليفزيون بمناسبة الذكرى السنوية الثالثة لرحيل الزعيم «جمال عبدالناصر».

بالطبع كانت الأعين تتجه نحو شاشة التليفزيون، لمتابعة مسلسلات رمضان والتى وصل عددها فى هذا العام إلى 12 مسلسلًا، كلها مسلسلات قصيرة، ما بين دراما اجتماعية ودينية ومسلسلات أطفال وتمثيليات سهرة.

كان للتليفزيون المصرى قناتان فى تلك الأيام، القناة الأولى والثانية، يبدأ إرسال القناة الأولى بداية من الثانية ظهرًا ويستمر حوالى 12 ساعة حتى الثانية والنصف صباحًا. أما القناة الثانية فكان يبدأ إرسالها بعد أذان المغرب فى السادسة والربع مساء وتنتهى ساعات الإرسال فى الثانية والنصف صباحًا مثل القناة الأولى.

المسلسلات التى بدأ عرضها مع بداية الشهر، توقفت بعد بداية الحرب بعشرة أيام، حيث انخفض عدد ساعات الإرسال التليفزيونى. بعد أن صارت كل اهتمامات الناس بمتابعة أخبار وبيانات الحرب على الراديو.

بالنسبة للمسلسلات الاجتماعية فقد عرض فى ذاك العام مسلسلات (الحواجز الزجاجية) الذى عرض فى ثماني حلقات من تأليف «يحيى زكى» وإخراج «حمادة عبدالوهاب» وبطولة «نور الشريف»، «بوسى» و«زيزى البدراوى» وتدور أحداثه حول شاب يفقد والده فى حادث سيول فيقرر الدراسة بالقاهرة حتى يتعلم كيف يتم تحاشى السيول وفى المدينة يقع فى حب فتاة لا يستطيع الزواج منها بسبب تعرضها لحادث اغتصاب من ميكانيكى تتزوجه فيما بعد رغمًا عنها. أيضًا عرضت حلقات جديدة من مسلسل (عادات وتقاليد) من تأليف «عبدالله بركات» وإخراج «حمادة عبدالوهاب»، «محمود عبدالرازق» و«كمال زعزع» وكان هذا المسلسل قد بدأ عرض حلقاته منذ عام 1966. وتدور أحداثه فى حلقات منفصلة حول القيم الاجتماعية. وقد عرض فى عام 1973 أربع حلقات فقط من المسلسل. أيضًا عرض مسلسل (البحث عن فردوس) من تأليف «عاصم توفيق» وإخراج «نور الدمرداش» وبطولة «محمد صبحى»، «صفية العمرى» و«عزة كمال». وقد عرض من المسلسل ثماني حلقات فقط.

ومن نوعية الدراما الدينية عرضت مسلسلات (جنود الخفاء) فى 15 حلقة، (قافلة النور) المأخوذ عن مسرحية شعرية لـ«عزيز أباظة» قام بكتابة معالجتها التليفزيونية «أنور أحمد» وأخرجها «عادل صادق» من بطولة «يوسف وهبى»، «شكرى سرحان»، «سهير المرشدى» و«يوسف شعبان» وقد عرض المسلسل فى 11 حلقة، (جامع وكفاح شعب) وقد عرض فى ثلاث حلقات فقط. كما عرض مسلسل عن سيرة الشيخ الصوفى «عبدالرحيم القناوى» بعنوان (سيدى عبدالرحيم القناوى) وكان من بطولة «أشرف عبدالغفور» و«عايدة كامل» ومن إخراج «محمد دياب». 

أما عن مسلسلات الأطفال فقد تم عرض مسلسل (مغامرات وليد وراندا فى الفضاء) فى 13 حلقة وكان من تأليف «سميحة عبدالرحمن» وإخراج «محمد الأسود» وبطولة «عبدالمنعم ابراهيم»، «نبيلة السيد» وكانت البطولة الرئيسية لـ«ممدوح عبدالعليم» الذى قدم هذا المسلسل وهو فى السابعة عشرة من عمره.

من ناحية أخرى عرض المسلسل الكوميدى (عزوز وزوربا) من بطولة «محمد رضا» و«سيد زيان» فى ثلاث حلقات فقط، ومسلسل (4 مدرعات وكلب) فى أربع حلقات.

أما عن تمثيليات السهرة، فقد عُرضت سهرتان دراميتان هما (أريد هذا الرجل) و(الخندق)، أما الأول فكان عن مسرحية لـ«توفيق الحكيم» كتب له السيناريو «أحمد صالح» وقام بإخراجه «بركات» والبطولة لـ«فاتن حمامة» و «أحمد مظهر» وقد عرضت على جزئين فى يومى 6 و7 أكتوبر. وسهرة (الخندق) التى عرضت يوم 2 أكتوبر.

موجات الإذاعة

ورغم سحر التليفزيون إلا أن الاهتمام فى تلك الفترة كان لا يزال بالإذاعة، سواء فى كم البرامج والمسلسلات أو فى إعجاب الناس بالمحتوى الذى تقدمه، لذلك قدمت الإذاعات المختلفة فى رمضان 1973 عددًا كبيرًا من البرامج والمسلسلات والفوازير. كانت أهم تلك المسلسلات الإذاعية مسلسل (أرجوك لا تفهمنى بسرعة) إخراج «محمد علوان» وبطولة «عبدالحليم حافظ»، «عادل إمام» و«نجلاء فتحى» وقد أذيع على موجات إذاعة «الشرق الأوسط» لكنه توقف مع اندلاع الحرب. أيضًا تم إذاعة مسلسل (أجدع جواز فى العالم) على إذاعة «الشعب» من بطولة «فريد شوقى»، وعلى موجات نفس الإذاعة المسلسل الدينى (كفاح وإيمان) عن تاريخ الأزهر الشريف.

 

وعلى موجات «صوت العرب» أذيع مسلسل (عبده كاراتيه) تأليف «وحيد حامد» وإخراج «أحمد شوقى» وبطولة «عبدالمنعم مدبولى»، و(لمن يسهر القمر) تأليف وإخراج «أحمد عبدالحميد» وبطولة «محمود ياسين» و«نجوى إبراهيم». وعلى موجات إذاعة «البرنامج العام» بثت حلقات مسلسل (دنيا بنت دنيا) إخراج «محمد عثمان» وبطولة «فؤاد المهندس» و«شويكار». 

أما عن الفوازير فكان أشهرها ما قدمته الفنانتان «شادية» و«وردة»، فالفنانة «شادية» كانت تقدم فى ذلك العام الفوازير بدلًا من «آمال فهمى» وكان موضوع الفوازير عن الشخصيات الأدبية والفنية. أما الفنانة «وردة» فكانت تقدم فوازير (وردة بتفطر فين) والتى كتبها الكاتب الكبير «مفيد فوزى» وكان موضوعها عن أسماء الأماكن.

بالإضافة لكل ذلك كان أثير الراديو يذيع يوميًا الكثير من البرامج منها (سيد مع حرمه فى رمضان لـ«سهير البابلى»، أيام فى حياة أم كلثوم لـ«وجدى الحكيم»، ابن الوز لـ«محمد صالح»، أنا حواء لـ«نادية صالح»، دعوة خاصة لـ«أبوبكر عزت»، وراء الكواليس لـ«عبدالله أحمد عبدالله أو ميكى ماوس»، مهرجان النجوم لـ«إبراهيم نصر»، والله العظيم أقول الحق لـ«سمير صبرى». بالإضافة إلى (ألف ليلة وليلة)، (خواطر عبدالوهاب)، (ابتهالات سيد مكاوى) و(دعاء النقشبندى).

 أول أغنية 

فى تحقيق للكاتب الصحفى «محمد دياب»، نشر فى مجلة الكواكب، كشف أن الإذاعى «إبراهيم حفنى» قدم محاولة تأريخية موثقة من أرشيف الإذاعة من خلال برنامجه (منتهى الطرب) عندما حاول رصد الأغنيات التى سجلت خلال شهر أكتوبر عام 1973 من واقع سجلات الإذاعة، حيث يدون على كل شريط أغنية، متى سجلت ومتى تم إجازتها وإذاعتها. ومن هنا تم تصحيح معلومات خاطئة كثيرة ظلت متداولة لأعوام طويلة، وتحديدًا فيما يتعلق بأن الأغنية الأولى كانت (بسم الله.. الله أكبر) من كلمات «عبدالرحيم منصور» وألحان «بليغ حمدى».

 

صحيح إنها كانت أول أغنية تصنع عن الحرب لكنها كانت ثانى أغنية يتم إذاعتها، كذلك لم تسجل الأغنية يوم 6 أكتوبر وإنما سجلت يوم 10 أكتوبر. أما أول أغنية جديدة سمعها الناس عن الحرب عبر الإذاعة فكانت نشيد (رايات النصر) المعروفة بـ(رايحين شايلين فى إيدنا سلاح.. راجعين رافعين رايات النصر) وقد أذيعت أيضًا يوم 10 أكتوبر ولكن قبل إذاعة (بسم الله). نشيد (رايات النصر) قام المخرج «يوسف شاهين» بإهدائه للإذاعة، وكان مسجلًا قبل نشوب الحرب ليكون ضمن أحداث فيلم (العصفور) الذى لم يكن قد عرض بعد لأسباب رقابية، وهى من تأليف الشاعرة «نبيلة قنديل» وألحان زوجها الموسيقار «على إسماعيل».

 على خشبة المسرح

فى عام 1973 كانت الفنانة الكبيرة «سميحة أيوب» هى مديرة المسرح الحديث. والتى حكت فى حوار لها مع «روزاليوسف» أجرته الزميلة «هبة محمد على»، قائلة: «عندما جاء نبأ العبور، عقدت جمعية عمومية طارئة، وأوقفت مسرحية (100 بوسة وبوسة) التى كانت تُعرض وقتها من بطولة «سمير صبرى» و«نجوى وفؤاد»، وقلت لجميع العاملين، الجنود تحارب على الجبهة، ونحن سنحارب على خشبة المسرح، من يرغب فى العمل معى فليبقى، ومن لا يرغب يُعلمنى فورًا من الآن، لأن من سيتقاعس فيما بعد (هقطم رقبته) فهلل الجميع بحماس، وقررنا المبيت فى المسرح حتى نخرج ليلة نضالية تصبح جاهزة للعرض أمام الجمهور خلال 48 ساعة، واستدعيت «عبدالغفار عودة» و«محمد نوح» لهذه المهمة فكانت (مدد مدد.. شدى حيلك يا بلد) التى لا تزال تذاع حتى الآن، وكان العرض كل ليلة تتخلله نشرة أخبار لأن الناس فى المسرح كانت متعطشة لسماع الأخبار، وخرجت وكالات الأنباء تعليقًا على المسرحية تقول (مصر تغنى تحت قصف المدافع).

 وعلى شاشات السينما

كان عدد الأفلام التى أنتجت فى هذا العام حتى لحظة الحرب قد وصل إلى 28 فيلمًا عرضت جميعها قبل شهر أكتوبر. أما الأفلام التى عرضت قبل أيام من اندلاع الحرب فكانت (شيء من الحب) تأليف «على الزرقانى»، إخراج «أحمد فؤاد» وبطولة «نور الشريف»، «سهير رمزى» و«عادل إمام» وكان الفيلم قد بدأ عرضه فى 6 أغسطس واستمر لمدة 9 أسابيع أى بعد قيام الحرب بأسبوع. وحقق إيرادات وصلت إلى 15363 جنيهًا.

أيضًا فيلم (الشحات) إخراج «حسام الدين مصطفى» والذى بدأ عرضه فى 20 أغسطس واستمر فى القاعات لمدة 6 أسابيع.

ومعهما كان يعرض فيلم (أبناء للبيع) إخراج «نيازى مصطفى» والذى بدأ عرضه فى 17 سبتمبر بسينما «ريفولى»، واستمر لمدة 8 أسابيع. وهو عن قصة «سعد شنب» وسيناريو وحوار «عبدالحى أديب، رؤوف حلمى ورأفت الخياط» ومن بطولة «رشدى أباظة» و«عماد حمدى».

أما عن الأفلام الأجنبية التى كانت تعرض فى ذاك اليوم فى مختلف قاعات العرض السينمائى فكانت أفلام (الضيف الغاضب – the angry guest) وهو فيلم صينى من نوعية أفلام الكاراتيه من إخراج «كونج مون» وقد بدأ عرضه فى 17 سبتمبر واستمر لخمسة أسابيع محققًا إيرادات وصلت إلى 9352 جنيهًا. والفيلم اليابانى (خط العرض صفر – latitude zero)، خيال علمى، من إخراج «انيوشيرا هوندا» وقد بدأ عرضه فى 24 سبتمبر واستمر لمدة 4 أسابيع بإجمالى إيرادات 4705. والفيلم الأمريكى (الذئب والعقاب – passion for danger) إخراج «باز كيوليك» وهو فيلم بوليسى، بدأ عرضه أيضًا فى 24 سبتمبر واستمر لمدة أسبوعين محققًا 2397 جنيهًا. والفيلم الميلودراما الهندى (توك جايا) الذى عرض مع بداية أكتوبر واستمر أسبوعًا واحدًا. أيضًا الفيلم الفرنسى البوليسى (لقاء المحترفين – and hope to die) إخراج «رينيه كليمان» والذى عرض هو الآخر فى بداية أكتوبر واستمر أسبوعين ومعه كان يعرض فيلم إيطالى – إسبانى، من نوعية أفلام رعاة البقر بعنوان  (المطارد العنيد – the price of power) إخراج «تونينو فاليرى» وقد استمر من بداية أكتوبر ولمدة أسبوعين أيضًا.  

وعلى هامش العروض السينمائية، عرض نادى سينما القاهرة، الفيلم السوفيتى (أنشودة الجندى) يوم 10 أكتوبر. وهو فيلم يبدو حربيًا، لكنه يحمل قصة إنسانية عن جندى روسى أثناء الحرب العالمية الثانية. الغريب أن الجمهور الحاضر للفيلم وذلك وفقًا لرواية شيخ النقاد «كمال رمزى»، انفعل جداً واستاء بعد العرض متهمًا المنظمين بأنهم يعرضون فيلمًا بائسًا عن الهزيمة بينما يعيش الناس فى حالة نصر.