الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
كلمة و 1 / 2.. وسط فنى مصاب بـ(ألزهايمر)!

كلمة و 1 / 2.. وسط فنى مصاب بـ(ألزهايمر)!

بين الحين والآخر أتابع فنانًا يشكو أين أنا على خريطة الفن فى بلادى؟.. قطعًا ليس كل مَن يشكو يستحق العمل، بعضهم فقدَ لياقته الإبداعية سواء أكان كاتبًا أو مخرجًا أو ممثلاً، إلا أن هناك أيضًا من احتفظوا بلياقتهم، إلا أنهم صاروا بعيدين عن ذاكرة المخرجين والمنتجين.



أتذكر نجمة شابة جميلة أجرت جراحة فى أنفها فلم تَعُد ملامحُها كما كانت، لا يهم فى الحقيقة سواء أجرتها بَعد سقوطها من على الحصان أثناء التدريب كما تقول هى، أو لأنها اعتقدت مثل قسط وافر من النساء أن تلك العملية سوف تضفى عليها جمالاً وجاذبية.

التغيير الذى حدث بيَد الجراح لم يكن أبدًا لصالحها، إلا أنه لم يُفقدها جَمالها.

قبل أيام كتبت هذه النجمة على مواقع التواصل الاجتماعى لتكشف قسوة الوسط الفنى؛ لأنها لم تَعُد تستمع إلى رنين التليفون، لا أحد يطلبها من شركات الإنتاج، ولكن ما هو عذر الأصدقاء؟!

النجمة الشابة بتلقائيتها المعروفة فتحت قلبها وقالت كل شىء، فهل هناك من يشعر الآن بالخجل؟ لا أظن.

الحياة قطعًا بها قسوة، ولا ننتظر جرعات مجانية من الدفء والحنان، تذكروا قصة يوسف السباعى (أرض النفاق) التى تحولت فى الستينيات إلى فيلم سينمائى لعب بطولته فؤاد المهندس، وقبل بضع سنوات شاهدناها فى مسلسل تليفزيونى بطولة محمد هنيدى، جاءت نهايتها لتؤكد أن النفاق سيستمر، المَثل الشهير يقول: (كلب العمدة مات ذهب الجميع لتقديم واجب العزاء للعمدة، مات العمدة؛ لم يأتِ أحد)، النفاق كما ترى هو الوجه الآخر للتجاهل، نافقوا العمدة عندما مات كلبه، فمن ينافقون بعد موت العمدة؟

مع سقوط الفنان، أجد أن الزملاء عادة ينسحبون، كم قرأنا عن نجوم مثل جورج سيدهم والمنتصر بالله بعد أن أقعدهما المرض يتساءلون أين الأصدقاء؟ كم فنانًا تابعناه وهو يبث شكواه عبر الفضائيات؟! مؤكدًا أن ما يُعرض عليه مجرد أدوار هامشية لن يرضى أبدًا بها.

قالت لى الفنانة الكبيرة سناء جميل قبل رحيلها ببضع سنوات أنها تواصلت مع المسئولين عندما وجدت أنها أصبحت خارج الخريطة، ولا تُعرض عليها أعمال فنية فلم يتحرك أحد، فطلبت من عادل إمام وأحمد زكى أن تشاركهما البطولة، وهو بالفعل ما حققه لها أحمد زكى بفيلمَى (سواق الهانم) و(اضحك الصورة تطلع حلوة).

الفنان يعانى التجاهل عندما يكبر فى العمر، أو عندما يفقد لياقته الإبداعية، ولكن من الممكن أيضًا أن نجد فنانًا فى عز العطاء ولسبب أو لآخر توضَع أمامه العراقيل.

نتذكر الرسالة الحزينة التى كتبها إسماعيل يس على صفحات الجرائد نهاية الستينيات مستجيرًا بالدولة، طالبًا للعمل رُغْمَ أن أفلامه التى لعب بطولتها فى الأربعينيات والخمسينيات حققت أعلى إيرادات فى تاريخ السينما، ومات «إسماعيل» بحسرته بَعدها بسنوات قليلة!

عبدالفتاح القصرى عاش أواخر أيام عمره فى (بدروم)، يقتات من المارّة قوت يومه بعد أن أصيب بفقدان الذاكرة، فاطمة رشدى التى أطلقوا عليها (سارة برنار الشرق) كثيرًا ما كانت تشكو من العَوز، عماد حمدى قال فى آخر حوار تليفزيونى إن معاشه من نقابة الممثلين لا يكفى للإنفاق على شراء سجائره.

الحياة قاسية هذه حقيقة، ولكن من خلال رصدى للحياة الفنية أستطيع أن أقول إن الوسط الفنى هو الأشد قسوة لأنه بلا ذاكرة بَعد أن أصيب بـ(ألزهايمر) وأيضًا بلا قلب!