الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
حقك.. الحضارة الغربية رافد للتقدم.. وليس للانسحاق (4-3)  هدم الأسرة.. ليس صدفة

حقك.. الحضارة الغربية رافد للتقدم.. وليس للانسحاق (4-3) هدم الأسرة.. ليس صدفة

تعتبر مؤسسة الأسرة النواة المحركة للمجتمعات الشرقية، فهى تتمتع بوضع دينى ينظم العلاقة بين الرجل والمرأة، ويتساوى فى ذلك المنتمون للديانة المسيحية والإسلامية على حد سواء، إلا أن الطابع المؤسسى للأسرة الشرقية يتعرض لضربات عنيفة متعددة الجهات، منه ما هو قادم من الخارج وهو خطير وما هو قادم من الداخل وهو الأخطر.



وكانت الأسرة الشرقية  لقرون عديدة مضرب الأمثال فى التماسك والترابط العائلى، لدرجة التباهى بين الأقران بالانتماء إلى أسر وعائلات بخلاف الأسر والعائلات المالكة، وحافظ الشرق على وجود شجرة العائلة المعبرة عن الالتزام بالأسرة حتى فى حالة الهجرة والابتعاد عن الموطن الأصلى، وعززت الأديان السماوية ذلك بالحديث عن صله الرحم وتحريم قطع الصلات العائلة.

ورغم ذلك التراث الثرى لمؤسسة الأسرة فى الشرق؛ فإنها أصبحت تعانى من تأثير قضايا خلافية تخص الدين وتطور المجتمعات، ومحاولات إخضاع من جانب تيارات دينية متطرفة مع توجهات غربية تتسرب عبر أعمال درامية تبثها منصات أمريكية مثل ديزنى  ونتفليكس تحاول تغيير شكل الأسرة التقليدى فى أذهان المراهقين والأطفال بما يسمح بالاعتراف بالشواذ وعلاقاتهم غير السوية والمخالفة بشكل كامل لثوابت الشرق الدينية والأخلاقية والاجتماعية.

ولا يخفى على أحد وجود منظمات دولية ومؤسسات حقوقية غربية تمارس ضغوطًا هائلة فى الاجتماعات الأممية وتستخدم وسائل متعدده للنفاذ للمجتمعات الشرقية من أجل قبول العلاقات المحرمة وزواج الشواذ رغم تحريم الكتب المقدسة والديانات السماوية لها وهو ما ينتهك بالأساس حق الإنسان فى حرية العقيدة والتزامه بتعاليم دينه؛ حيث نص الإعلان العالمى لحقوق الإنسان فى المادة 18 منه على أن لكل إنسان الحق فى حرية الفكر والوجدان ولا يجوز تعريض أحد لإكراه يؤثر على اتباعه لتعاليم دينه.

وحسنًا فعل المجلس الأعلى  لتنظيم الإعلام فى مصر بإصدار قرار بإلزام المنصات التليفزيونية بأعراف وقيم الدولة وتحذيرها باتخاذ الإجراءات اللازمة حال بث مواد تتعارض مع قيم المجتمع، وهو ما ذهبت إليه أيضًا دول خليجية تشعر بالقلق من الوافد الأجنبى الذى تحدث عن أجندة صريحة تدعم أفكارًا تهدد تنشئة الأطفال وكيان الأسرة بما يخالف الاتفاقيات الدولية المعنية بحقوق الطفل.

ومن زاوية أخرى تعيش مصر ودول عربية حالة من الجدل المستمر حول قضايا خلافية تخص الأسرة مثل الحديث الأخير الذى تحول إلى تريند وهو «الزوجة غير ملزمة»، دون أن يتوقف أحد ليسأل نفسه هل ذلك مفيد بالفعل للأسرة المصرية والعربية، خاصة أنها تعانى من إشكاليات عديدة مع تزايد أرقام الطلاق وضغط الزيادة السكانية على موارد الدول والأزمة الاقتصادية وظلالها الممتدة على الأوضاع الاجتماعية.

ويحتاج تريند «الزوجة غير ملزمة» إلى توقف ودراسة لما يجرى على وسائل التواصل الاجتماعى وكيف يتم استهداف وتصفية الشخصيات العامة المدافعة عن حقوق المراة ولصالح من يتم تشويه الجهد المبذول من جانب مؤسسات الدولة المصرية للارتقاء بالمرأة والاحتفاء بها سواء بإنصافها فى التشريعات أو تمكينها السياسى.

وربما ما حدث مع نهاد أبوالقمصان المحامية وعضو المجلس القومى لحقوق الإنسان والأمين العام السابق للمجلس القومى للمرأة من اجتزاء لما قالته يتسحق التوقف بالفحص خاصة مع الانتشار الرهيب للكوميكس الذى اجتزأ كلامها من سياقه من أجل التريند وهو ما علقت عليه على صفحتها الشخصية حيث أكدت أنها لم تصرح أبدًا بأن المرأة غير ملزمة بالرضاعة أو لا بُد أن تأخذ أجرًا عن رضاعة أطفالها، وأشارت إلى أنها على مدار أكثر من ٣٠ سنة تعمل على دعم تعليم البنات وعمل السيدات واستقلالهن المادى لتمكينهن من اتخاذ جميع القرارات المتعلقة بحياتهن بحرية سواء فى الارتباط والزواج والإنجاب والعمل المهنى والوظيفى والعمل العام والمشاركة السياسية والنقابية وألا يقبلن الإهانة أو المساس بكرامتهن.

وذكرت أنها تحدثت فى حوار صحفى عام 2017 عن استخدام النصوص الدينية وتأويلها بما ينتهك حقوق الإنسان ويرهب النساء من خلال القراءة الانتقائية للنصوص الدينية والاعتماد فى ذلك على عدم الوعى، وتقديم رموز التيارات المتطرفة والجماعات الإرهابية لأفكار تضر المجتمع وتبرر العنف مثل التعدد بلا قيد أو ضرب الزوجات، بل وشرح كيفية ضربها وهو أمر مرفوض تمامًا وأنها ضربت مثالًا لهؤلاء من واقع منهج الاجتزاء ووجود أحكام لا يتم ذكرها لمجرد أن فيها ذكر النساء ببعض الحقوق من أول دفع المهر كشرط للزواج والإنفاق على النساء حتى أجر الرضاعة وهو أيضًا (رأى لا أوافق عليه حتى لو كان هذا آراء الأئمة الشافعى وابن حنبل وأبوحنيفة) وهو ما تعرضت بسببه للهجوم فى حينها.

وأردفت نهاد أن التيارات الظلامية التى رحبت بما قالته دكتورة فى حفل تخرج الطبيبات بأن مكان الزوجة هو البيت وكأنها تحرض على إهدار ثروة مصر التعليمية وتعاملاو وكأنها بطل قومى لإخراج الشابات من سوق العمل وهدر ثروة مصر البشرية، ورغم أن الدكتورة نفسها قالت إنه خطاب عفوى قديم وتعجبت من استخدامه من جانب اللجان الإلكترونية مؤخرا، ثم فبركت صورة لى عليها هذا المقولة المتخلفة والمفبركة (المرأة غير ملزمة بالرضاعة) رغم أنه اجتزاء من حوار طويل كنت أدين ما يقومون به من تدليس واجتزاء وقص ولزق.

وأشارت أبوالقمصان إلى رد الأزهر الذى تحدث عن وجود أجر رضاعة للمطلقة طبقًا للإمام أبوحنيفة ودعوته للحديث عن ما يجمع الأسرة ولا يفرقها.

ما يحدث مع نهاد أبوالقمصان وغيرها من الناشطات من محاولات إرهاب وتخويف يحاول إسكات أى صوت يدافع عن المرأة وعن كيان الأسرة لا يخدم سوى تيارات الإرهاب التى تحاول تشويه المجتمع المصرى وتفخيخ العلاقات الأسرية بلغط مصطنع حول قضايا من اختيار لجانهم الإلكترونية تحاصر عقول الناس وتسمم أفكارهم ويؤكد أن محاولات هدم الأسرة ليست صدفة بأى حال من الأحوال.

إن استقرار وتقدم أى مجتمع يبدأ من الأسرة وقوامها العلاقة السوية بين الزوج وزوجته، القائمة على المودة والرحمة كما أخبرتنا الديانات السماوية، وحسن تربية الأب والأم للأبناء عبر ترسيخ قيم الانحياز للحق والأمانة فى التعامل والتزام الصدق وغيرها من القواعد المؤسسة لأى مجتمع سوى يريد أن ينهض ببلاده.

إن النظرة المجردة لحوادث قتل الإناث الأخيرة وانتحار القاتل بعدها، ورغم أنها حوادث فردية لا تعبر بحال من الأحوال عن واقع المجتمع على عكس ما يروجه البعض يكتشف أن الحب كقيمة وسلوك كان غائبًا عن عقول هؤلاء المجرمين، وأن المسألة تحولت فى نظرهم إلى شهوة امتلاك تعاقب التمرد عليها بالقتل، وانتهاء الحب لا يعنى عقاب الطرف الذى قرر إنهاء العلاقة بقتله لأن ذلك يعبر بوضوح عن خلل فى شخصية القاتل لكنه لا يعبر بحال من الأحوال عن الشعب المصرى.

أتصور أن الأسرة المصرية حاليا تحتاج إلى أن تحصن نفسها مما يبث على مواقع التواصل الاجتماعى أو القادم عبر منصات البث المباشر الغربية، وأن هذا التحصين هو دور أصيل للأسرة نفسها بالتضامن مع مؤسسات الدولة المعنية الدينية والثقافية والتربوية، وأن تعمل العقل فيما يمكن التعامل معه بجديه وما يمكن الانصراف عنه وتجاهله، وأن الحفاظ على تماسك الأسرة والعلاقة السوية بين الزوج وزوجته، أهم من مليون تريند.