السبت 18 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

بعد 60 عامًا من الانتظار.. حلم برنامج الفضاء المصرى يتحقق الرئيس السيسى يضع مصر على خريطة الفضاء العالمى

منذ أن تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى وهو يحرص على أن تتواجد مصر على خريطة الفضاء العالمى، وأن يحقق حلمنا الذى تأخر كثيرًا، فمصر تعتبر أول دولة بدأت علوم الفضاء الأساسية فى إفريقيا والشرق الأوسط عن طريق المنظار 30 بوصة والذى بدأ العمل به عام 1905 فى (مرصد حلوان) ورصد ومتابعة الأقمار الصناعية بالتليسكوبات البصرية ثم تطورنا إلى استخدام الكاميرات الفوتوغرافية فى بداية الستينيات فى القرن العشرين والتى تطورت إلى رصد ومتابعة الأقمار الصناعية بأشعة الليزر بدقة عالية فى حلوان بالتعاون مع دولة التشيك.



 

الاستشعار عن بعد

كما أننا من أوائل الدول التى استخدمت الاستشعار عن بعد فى خدمة المشاريع القومية بإنشاء مركز الاستشعار عن بعد بأكاديمية البحث العلمى والتكنولوجيا عام 1972 والذى تم تطويره وأصبح الآن الهيئة القومية للاستشعار عن بعد وعلوم الفضاء.

الاهتمام بعلوم الفضاء

ومنذ الستينيات ولمصر حلم كبير فى أن تصبح رائدة فى علوم الفضاء، وكان اهتمامنا أن يكون لدينا برنامج فضائى مصرى، وبدأ هذا البرنامج فى عام 1960، لكنه سريعًا ما توقف عام 1967 بسبب النكسة، وما بين عامى (1980-1982) حاول الوزير مصطفى كمال حلمى، وزير التعليم العالى والبحث العلمى فى هذه الفترة إعادة إحياء المشروع لكنه لم يكتب له النجاح، ثم حققت الدولة نجاحات متفرقة وكانت الريادة لمصر على مستوى العالم العربى فى عالم الفضاء بإطلاق القمر الصناعى المصرى نايل سات 1 فى إبريل 1998. 

دخول مصر عالم تكنولوجيا تصنيع الأقمار الصناعية

وفى عام 1998 كانت الخطوة الملموسة الأولى فى دخول مصر عالم تكنولوجيا تصنيع الأقمار الصناعية والتعاون مع دول صديقة مثل أوكرانيا وكازاخستان وروسيا لتدريب الكوادر المصرية. وتم إطلاق أول قمر صناعى مصرى نايل سات 101 فى 28 أبريل 1998 لتصبح مصر الدولة رقم 60 فى دخول مجال الفضاء، وأنشئ مجلس بحوث الفضاء داخل أكاديمية البحث العلمى فى 16 مايو 1998 بقرار من وزارة التعليم العالى والدولة للبحث العلمى.

إطلاق القمر الصناعى نايل سات 102

تم إطلاق القمر الصناعى نايل سات 102 فى 17 أغسطس 2000، وبدأ تشغيله رسميًا فى 12 سبتمبر 2000، والمخصص لأغراض الاتصالات على الصاروخ «أريان 4» من قاعدة جويانا الفرنسية لنقل مئات القنوات التليفزيونية. وتوالت أنشطة مصر مجال الفضاء لكن دون خطة محددة أو قانون ينظم النشاط.

وفى 2004، تم إطلاق «نايل سات 103» وهو قمر صناعى مصرى لأغراض الاتصالات ويعرف أيضًا باسم أطلانتيك بيرد 4.

ثم القمر «إيجيبت سات 1»، وهو أول قمر مصرى للاستشعار عن بعد أطلق فى 2007، والذى تم تصنيعه بالتعاون بين الهيئة القومية للاستشعار عن بعد وعلوم الفضاء فى مصر ومكتب تصميم يجنوى الأوكرانى، وأطلق من على متن صاروخ «دنيبر- 1» فى شهر إبريل عام 2007 من قاعدة باكينور لإطلاق الصواريخ بكازاخستان، وكان يدور حول الأرض كل 90 دقيقة منها أربع مرات يوميًا فوق محطات الاتصال الأرضية المصرية وعلى ارتفاع 668 كيلومترًا، ويصور فى كل مرة شريطًا مساحته 46 كيلومترًا ليصور مصر كلها بمعدل 70 مرة كل يوم.

وبلغت تكلفة القمر، حوالى 21 مليون دولار، من بينها 6 ملايين دولار تكلفة الإنشاء، و11 مليون دولار أبحاثًا ورواتب وإقامة للخبراء والمهندسين، و3 ملايين دولار تأمينًا، وفى 22 أكتوبر 2010، أعلنت الهيئة القومية للاستشعار عن بعد، فقدان السيطرة على القمر الصناعى واختفاءه من أجهزة المراقبة فى موقع التحكم.

والقمر «إيجيبت سات 2»، الذى أطلق فى أبريل 2014 وفُقِد فى فبراير 2015، ويبلغ حجم القمر 1 متر، ووزنه 1050 كيلوجرامًا، ويدور فى فلك مساره من 500 إلى 800 كيلومتر، وله نفس تصميم القمر السابق ولكن بمواصفات فنية زادت من قدرة ذاكرته باستخدام سعات أكبر، وشارك فى أعمال تصنيعه مجموعة كبيرة من الباحثين المصريين، ويبلغ عمره الافتراضى 11 عامًا، لكن فقد الاتصال به بعد أقل من عام واحد من إطلاقه.

القمر الصناعى «إيجيبت ساتA »

وتم إطلاق القمر الصناعى المصرى «إيجيبت ساتA »، ويًُعتبر بديلًا للقمر الصناعى السابق «إيجيبت سات 2»، والذى تم إطلاقه فى فبراير 2019 (وعمره الافتراضى نحو 11 عامًا)؛ من قاعدة الإطلاق الفضائى الروسية «بايكونور» بكازاخستان، وهو قمر للاستشعار عن بعد وليس قمرًا عسكريًا، حيث يتم استخدام البيانات والمعلومات الواردة عنه فى العديد من المشروعات التنموية للدولة، مثل البحث عن المياه الجوفية، الثروات الطبيعية، زيادة الرقعة الزراعية، التخطيط العمرانى، والبيئة، لتصب فى مصلحة المواطن المصرى.

ويدعم القمر الصناعى المصرى «إيجيبت سات A»، دور مصر على المستوى العربى والإفريقى فى مجال البحث العلمى ودعم المشروعات التنموية فى المنطقة العربية والقارة الإفريقية. 

إطلاق القمر الصناعى «طيبة - 1»

وفى 26 نوفمبر 2019، تم إطلاق القمر الصناعى «طيبة - 1» من قاعدة جويانا Guiana Space Centre على ساحل المحيط الأطلسى بأمريكا الجنوبية عبر صاروخ الإطلاق «آريان- 5». 

وتم إنتاج القمر من خلال تحالف شركتي إيرباص وتاليس ألينا سبيس، وتم التعاقد على تصنيعه فى مايو 2006، ويبلغ وزنه الكلى 5.6 طن، ويقدر العمر الافتراضى للقمر بـ 15 عامًا.

وهو أول قمر صناعى مصرى لخدمة القطاعين الحكومى والتجارى فى مجال الاتصالات، وهو الأول فى سلسلة الأقمار الصناعية طيبة سات. 

إنشاء مدينة الفضاء المصرية

وفى عام 2022 حققت مصر العديد من الخطوات الناجحة فى مجال الفضاء بأيادٍ وعقول مصرية كان حلمًا يعتقد بأنه لن يتحقق، لكن بفضل الإرادة السياسية تم تصميم وبناء المدينة الفضائية العالمية والتى تتكون من 20 مبنى على مساحة 123 فدانًا، بينها مبنى وكالة الفضاء المصرية، ووكالة الفضاء الإفريقية والمكتبة الرئيسية وقاعة المؤتمرات، ومركز الحراسات المشددة وأكاديمية «الفضاء» التى سيتم من خلالها تأهيل الكوادر المصرية فى مجال الفضاء فى مرحلة التعليم بعد الجامعى.

ومنذ 2014، بدأت مصر استضافة أعضاء لجنة إعداد سياسة واستراتيجية الفضاء بإفريقيا، لمناقشة تخطيط وتنفيذ أول استراتيجية إفريقية للفضاء، واعتبرت هذه اللقاءات العلمية أكبر تجمع علمى تكنولوجى فى مجال علوم الفضاء فى إفريقيا، وأسفرت اللقاءات عن وضع وثيقة سياسة الفضاء فى إفريقيا والمعتمدة من مجلس وزراء البحث العلمى الأفارقة (الإمكوست). ودعمًا لطلاب الجامعات الإفريقية أهدت «مدينة الفضاء المصرية» أقمارًا للأغراض التدريبية لخمس دول إفريقية.

مركز تجميع واختبار الأقمار الصناعية

أما عن «مركز تجميع واختبار الأقمار الصناعية»، والذى تم إنشاؤه بموجب اتفاقية مع الجانب الصينى فيقع داخل المدينة الفضائية العالمية التى تقع على مساحة 123 فدانًا، ليكون المركز التخصصى الأول من نوعه على مستوى المنطقة العربية، والثانى من نوعه على المستوى الإقليمى، فى مجال تجميع الأقمار الصناعية بوزن حتى 750 كيلوجرامًا، وإجراء جميع الاختبارات البيئية والوظيفية، عبر أحدث الوسائل التكنولوجية فى مجال علوم الفضاء والاستشعار عن بعد، بعقول وخبرات مصرية متميزة.

ويستهدف المركز أيضًا إنتاج أقمار صناعية بأياد مصرية خالصة، وخدمة عدد من المشروعات القومية المصرية، التى تعمل الحكومة على تنفيذها خلال الفترة الحالية.

وكالة الفضاء المصرية

كانت وكالة الفضاء المصرية، حلم العلماء المصريين منذ عام 2001، وتم إعادة إحيائه بعد ثورة 30 يونيو ودعم الرئيس عبدالفتاح السيسى الذي حوّل الحلم إلى حقيقة فى عام 2017. وأنشئت الوكالة بالعاصمة الإدارية الجديدة، باعتبار أن تلك الخطوة ضرورة ملحة لدخول مصر فى التكتلات الفضائية، والتعاون مع جهات ومؤسسات الأبحاث العلمية والتطبيقات التكنولوجية فى الداخل والخارج بما يخدم أهداف التنمية التى تقوم بها الدولة.

وخرج قانون إنشاء وكالة الفضاء المصرية رقم (3) لسنة 2018، وخرجت اللائحة التنفيذية للنور فى مايو 2019، وبدأ تفعيل دور الوكالة فى أغسطس 2019، وتهدف الوكالة إلى استحداث ونقل وتوطين وتطوير علوم وتكنولوجيا الفضاء وامتلاك القدرات الذاتية لبناء وإطلاق الأقمار الصناعية من الأراضى المصرية بما يخدم استراتيجية الدولة فى مجالات التنمية وتحقيق الأمن القومى.

مجلس إدارة وكالة الفضاء المصرية

ويُشكل مجلس إدارة الوكالة برئاسة رئيس الوزراء ويضم 6 وزراء ورئيس كل من: جهاز المخابرات العامة، هيئة الرقابة الإدارية، الهيئة العربية للتصنيع، الرئيس التنفيذى للوكالة، وللوكالة شخصيتها الاعتبارية المستقلة ولها الحق فى التعاقد مع الأشخاص الطبيعية أو الاعتبارية المحلية والأجنبية مع مراعاة متطلبات الأمن القومى. على أن يرفع مجلس إدارة الوكالة لرئيس الجمهورية، تقريرًا سنويًا خلال شهر يوليو من كل عام يستعرض فيه كافة أعمال وإنجازات الوكالة والمقترحات والتوصيات.

وتختص الوكالة بـ 16 اختصاصًا رئيسيًا، فى مقدمتها وضع الاستراتيجية العامة للدولة فى مجال علوم وتكنولوجيا الفضاء وامتلاكها، ووضع برنامج الفضاء الوطنى والتصديق عليه من المجلس الأعلى للوكالة ومتابعة تنفيذه، كذلك توفير الميزانيات والاستثمارات اللازمة لتنفيذ برنامج الفضاء الوطنى فى إطار الموازنة العامة للدولة، والوقوف على الإمكانيات العلمية والتكنولوجية والبحثية والتصنيعية والبشرية فى مجال علوم وتكنولوجيا الفضاء على مستوى الدولة، وضع خارطة طريق مشروعات الفضاء ودعم تنفيذها من خلال الأجهزة المعنية بالدولة، تمويل الاستثمارات فى المؤسسات التى تعمل على تطوير صناعة الفضاء وبراءات الاختراع فى هذا المجال وتشجيع وتحفيز الاستثمار فى مجال الصناعة علوم وتكنولوجيا الفضاء.

ويتم تمويل الوكالة من عدة مصادر رئيسية فى مقدمتها الاعتمادات التى تخصصها لها الدولة، والقروض والمنح التى تعقد لصالح الوكالة من خلال الأجهزة المعنية بالدولة، إلى جانب التبرعات والإعانات التى يقبلها مجلس إدارة الوكالة، مقابل الأعمال والخدمات التى تؤديها الوكالة، وعوائد استثمار أموال الوكالة.

حققت الوكالة العديد من الإنجازات كان أبرزها فوز مصر فى المسابقة الدولية للجنة الأمم المتحدة لشئون الفضاء، وذلك عن طريق تصميم كاميرا فضائية فائقة التكنولوجيا لتثبيتها على محطة الفضاء الدولية، التى جعلت مصر أول دولة فى إفريقيا والشرق الأوسط، تكون لها حمولة فضائية (كاميرا)، لتثبيتها على محطة الفضاء الدولية، يملكها وقائم على تشغيلها 5 جهات هى أمريكا وروسيا واليابان وكندا إلى جانب وكالة الفضاء الأوروبية، وتعتبر مختبرًا للأبحاث والتجارب فى الفضاء، مما يؤكد قدرة العلماء والباحثين المصريين العلمية والعملية فى المجال الفضائى. تم تصميم وتصنيع الكاميرا الفضائية بأياد مصرية بنسبة 100 %، حيث شارك فى تصميمها وتصنيعها نحو 13 باحثًا مصريًا من بين مهندسين وفنيين، وسيتم وضع تلك الكاميرا على محطة الفضاء الدولية وسيتيح لمصر الحصول، بلا مقابل، على الصور الفضائية عالية الدقة التى تستخدم فى الأغراض الجيولوجية والاستشعار عن بعد، والاستكشافات وغيرها من التطبيقات التى تخدم جهود التنمية فى مصر.

وتدرس الوكالة حاليًا تنفيذ مشروع للتنبؤ بأماكن وأنواع التجمعات السمكية فى المياه المصرية، باستخدام صور الأقمار الصناعية وتقنية الذكاء الاصطناعى من أجل زيادة إنتاج الثروة السمكية.

وفى 15 يناير 2017، استطاع المعهد القومى للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية تحقيق اكتشافات فريدة من نوعها فى مجال الفلك، وهى تغير 6 نجوم من خلال الأرصاد بمنظار القطامية، فى سابقة هى الأولى من نوعها، وتم تسجيل هذه النجوم بالموقع الدولى للجمعية الأمريكية لراصدى النجوم المتغيرة AAVSO، وأطلق عليها اسم مصر ومنظار القطامية، وتكمن أهمية هذا الاكتشاف فى معرفة المزيد من الخصائص الفيزيائية والهندسية والكيميائية لهذا النوع من النجوم، الذى يقدر وجوده بالكون بنسبة تفوق 80 %، ويفتح هذا الاكتشاف الباب للعديد من الدراسات لحساب المسافة والبيئة الفيزيائية المحيطة بمثل هذه النجوم ومقارنتها بالشمس.

ولا تزال مصر تضع الكثير من المشروعات التنموية فى مجال الاهتمام ببحوث الفضاء، لتحقيق المزيد من الإنجازات والعمل على الارتقاء بمستوى الأجيال القادمة لمواجهة كل التحديات المستقبلية، وبناء قدرات فضائية تتواكب مع خطط مصر لتحقيق برامج التنمية المستدامة 2030.

برنامج الفضاء

برنامج «الفضاء المصرى» تتراوح مدته ما بين عامى 2020 و2030، يحدد خطوات مصر الفضائية خلال تلك الفترة، فى ضوء استراتيجية التنمية المستدامة 2030، ويضم البرنامج مشروع قمر «مصر سات 2»، الذى سيتم إطلاقه عام 2030 بالتعاون مع الصين، والذى يشهد ارتفاع نسبة المكون المحلى المصرى إلى 60 %، وذلك فى إطار خطط التعاون المثمر مع الصين، فى إنشاء وتشغيل «مركز التجميع» بتكنولوجيا صينية، والذى تعطلت عمليات تشييده بسبب تأثيرات فيروس كورونا، ليعود الفريق الصينى مرة أخرى ويستأنف العمل، وبصحبته فريق مصرى وفرنسى، وبعد تجميع وتركيب واختبار القمر يتم تسليمه إلى الجانب الصينى لإطلاقه من المنصات المحددة.

وقد تم إطلاق أقمار صناعية من نوعية «نانو سات» فى مارس 2022، بهدف مراقبة وقياس التغيرات المناخية، مع تحديد نسبتى ثانى أكسيد الكربون والغازات فى الغلاف الجوى المسببين الرئيسيين لتلك التغيرات.

وكان العمل على الاستفادة القصوى من القمر الصناعى «طيبة 1-» الذى تم إطلاقه فى 2019، له دور مهم فى تأمين خدمة الإنترنت، خصوصًا فى الأماكن الحساسة، هذا ووجه الرئيس بالاستغلال الأمثل لتطبيقات القمر الصناعى المصرى «طيبة-1» لصالح قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات بالدولة، خصوصًا ما يتعلق بشبكات التراسل الحكومية الجارى تنفيذها لربط الجهاز الإدارى للدولة بالكامل، لتطبيق النظم الحديثة للعمل الحكومى، وتمهيدًا للانتقال إلى العاصمة الإدارية الجديدة.