الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

استكمالاً لمسيرة التجديد.. الأوقاف ترسخ الخطابة العصرية دورات تدريبية لجميع الأئمة حول بناء الخطبة العصرية.. وفن الإلقاء

تعكف وزارة الأوقاف منذ ثمانى سنوات على إحداث نقلة نوعية فى عمل الخطابة والدعوة المنبرية، الأمر الذى أحدث تغييرًا نوعيًا، وبدأت بالاهتمام بالخطابة العصرية بإصدار أول موسوعة للخطب العصرية كى يستفيد منها الدعاة فى إنشاء خطب عصرية توافق الواقع واهتمامات العصر.



فى ظل هذا الاهتمام بالتجديد الدينى، فى مجال الدعوة والخطابة قامت الأوقاف بالإعلان عن عقد دورات لجميع الأئمة والدعاة على الخطبة العصرية التى تتنوع وفق رؤية الأوقاف ما بين قضايا إيمانية وتربوية وأخلاقية، تهدف إلى إيقاظ الضمائر وتهذيب الأخلاق، وقضايا اجتماعية تسهم فى دعم وتقوية أواصر المودة والرحمة بين أبناء المجتمع، وتسهم فى حفظ تماسكه وتلاحم نسيجه، وأخرى تتصل بالمعاملات التى تعد جزءًا لا يتجزأ من السلوك القويم للمسلم، وقضايا وطنية تهدف إلى تقوية الانتماء الوطنى والحفاظ على أمن الوطن واستقراره، إضافة إلى ما لا غنى عنه من بعض خطب المناسبات، مع مراعاة السهولة واليسر، والبعد عن التقعر والتكلف.

وكان د. محمد مختار جمعة وزير الأوقاف عقد اجتماعًا مع كل من: الدكتور هشام عبدالعزيز على رئيس القطاع الدينى والدكتور عبدالله حسن مساعد الوزير لشئون المتابعة، وكل من: مديرى مديريات أوقاف القاهرة والجيزة والقليوبية لترتيب انطلاق دورات تدريبية تعقدها الوزارة بأكاديمية الأوقاف ومراكز التدريب التابعة لها وبرامج التدريب عن بُعد، وبالتعاون مع كلية الدعوة بالقاهرة، وأقسام الدعوة بكليات أصول الدين بالأقاليم.

ومن المقرر أن تنطلق أولى تلك الدورات الأحد 28 أغسطس بكلية الدعوة بالقاهرة لأئمة محافظات القاهرة والجيزة والقليوبية بواقع 200 إمام يوميًا، وستشمل هذه الدورات الواعظات وخطباء المكافأة، ثم تنطلق الدورات تباعًا فى مختلف محافظات مصر. 

فيما أوضح د. محمد مختار جمعة وزير الأوقاف أن جميع الدورات تركز على أسس بناء وأداء الخطبة العصرية، وبخاصة ما يتصل بأحْكام بناء الخطبة فى المقدمة، والدخول إلى الموضوع، وحسن الخاتمة، بما يجعل من الخطبة بناء قويًّا ونسيجًا محكمًا متماسكًا، والتأكيد على أن مهمة الإمام والخطيب البناء لا الهدم، وأنه يجمع ولا يفرّق، وينتقى عباراته وألفاظه بحكمة ودقة، وأن يكون دائم التطوير لأساليب أدائه، ولا يركن إلى مجرد جمل وعبارات محفوظة، دون أن يدقق فى معنى كل جملة وكلمة، ومدى اتساقها مع الموضوع ومناسبتها للزمان والمكان والمجتمع الذى يخاطبه.

واستطرد: نهتم بتدريب وتأهيل الأئمة والواعظات لترسيخ الفهم الوطنى والدينى والإنسانى الموافق للعصر، وأن صحيح العقل لا يصادم صحيح النقل، وأن قضية التجديد قضية حياتية لا تتوقف.

أضاف أنه لا ينبغى أن ينسى الخطيب أبدًا أن مهمته هى الدعوة بالحكمة والموعظة الحسنة، حيث يقول الحق سبحانه وتعالى: «‌ادْعُ ‌إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِى هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ».

وشدد أن مهمة العلماء هى البيان والبلاغ المبين وليس الهداية ولا الحساب، فالهداية أمرها إلى الله (عز وجل) وحده، حيث يقول سبحانه: «إِنَّكَ لَا تَهْدِى مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِى مَن يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ»، أما الحساب فدنيوى وأخروى، الأول مجاله القانون والدستور، والآخر أمره ومآله إلى الله (عز وجل)، حيث يقول سبحانه: «فَإِنَّمَا عَلَيْكَ الْبَلَاغُ ‌وَعَلَيْنَا ‌الْحِسَابُ».

تجديد الخطاب 

فيما يوضح د. عبدالله حسن المتحدث باسم وزارة الأوقاف أن برامج التدريب التى تهتم بها وزارة الأوقاف تأتى ضمن خطة منهجية تعمل بها وزارة الأوقاف نحو تجديد الخطاب الدينى، بدأتها بعقد العديد من الدورات فى أكاديمية الأوقاف، وقال: إن الهدف من برنامج التدريب للأئمة  على الخطبة العصرية هو التدريب على كيفية بناء الخطبة الكيفية القويمة بناءً من المقدمة للمتن والختام والدعاء بحيث تخرج الخطبة الدعوية متكاملة، وموافقة للعصر.

وعن نموذج الخطبة العصرية  التى تستهدفها وزارة الأوقاف يوضح د. أشرف فهمى المسئول عن برامج تدريب الأئمة أن نموذج الخطبة العصرية يشمل الإعداد الجيد للخطبة فيقوم بوضع خطبته بوقت كافٍ لمراجعتها، ولا بد أن تكون هناك مقدمة مناسبة للخطبة، ومحققة لتقديم الموضوع، كما لا بد أن يشمل المتن قضية وموضوعًا مع حسن توظيف الآيات والأحدايث فى موطنها ووفق الموضوع. 

أضاف أن الخطبة العصرية لا بد أن تحتوى على عناصر تنتقل من عنصر إلى عنصر يصل المستمع فيها إلى فائدة من الخطبة، ثم ختام الخطبة بحيث يكون هناك حسن لخاتمة الخطبة بالاعتدال فى الدعاء وتخير ألفاظ الدعاء فى نهاية الخطبة، وعدم الدعاء بأدعية غير مأثورة عن النبى صلى الله عليه وسلم، كما لا بد أن تكون هناك مراعاة لأحوال المصلين وعدم إطالة الخطبة.

وأوضح أن دورات التدريب فى الخطبة العصرية ستشمل البناء التكوينى والبناء التجديدى، أما فيما يتعلق بالتدريب على فن الإلقاء فسيتم بشكل عملى، بحيث يقوم الإمام بإلقاء الخطبة ويتم تقييم طريقة الإلقاء  بحيث يتعرف الإمام على نقاط القوة والضعف فى إلقائه للخطب.

أساليب نبوية لتدريب الدعاة

من جانبه أكد د. علاء الشال من علماء الأزهر الشريف أن تدريب الدعاة موضوع مهم جدًا ويعتبر من أهم القضايا فى الشأن العام والطريق طويل فيه، ولا يزال يحتاج إلى مزيد من ويتطلب حشد الجهود ولمَّ الصفوف بين الدعاة والمدربين؛ لوضع علم التدريب الدعوى.

وشدد أنه ينبغى التفرقة بين التدريس، الذى يقتصر غالبًا على تلقى وتلقين المعلومات والمعارف؛ وبين التدريب الذى هو الجانب العملى والتطبيقى للتعليم، موضحًا أن هناك أساليب نبوية على تدريب الدعاة، حيث درب الرسول صلى الله عليه وسلم أصحابه على أساليب متعددة للدعوة إلى الله.

ففى حديث جبريل الطويل ومطلعه فى كتب الحديث: ((بينما نحن جلوس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، إذ طلع علينا رجل شديد بياض الثياب، شديد سواد الشعر))، فكان أسلوب التمثيل أو المحاكاة المعمول به فى التدريب، وإن موقفًا كهذا لن ينسى بسهولة من أذهان الصحابة.

أضاف أن هناك فى التدريب النبوى أسلوب العصف الذهنى فى حديث ((أتدرون من المفلس؟)) فيبدأ الكل يفكر من المفلس، سيظن أحدهم أنه سؤال سهل، ويعطى الإجابة المعروفة: ((من لا درهم له ولا دينار))، وسيتساءل آخر: إنه سؤال سهل؛ ما يعنى أن الجواب حتمًا غير ما نظن، أو هناك فى الأمر ما فيه، وقد يتعجب آخر لسؤال كهذا منتظرًا ما المقصود من ورائه، فبربكم جلسة كهذه: هل كان سيُنسى ما طرح فيها، أو هل كان أحدهم سيملّها، أو ينشغل عنها؟

ولفت إلى أن هناك أيضًا التدريب بالتقليد ففى الحديث ((صلوا كما رأيتمونى أصلى))، ولما حج وقال: ((خذوا عنى مناسككم)).

وشدد أن تدريب الدعاة العصرى تأتى أهميته لما يتطلبه الشأن المعاصر من مسايرة له؛ حتى تلائم الدعوة اليوم إنسان اليوم، وحتى تؤكد أن الإسلام صالح لكل زمان ومكان، ويلائم كل الأجناس والشعوب، كما تأتى أهمية التدريب لتجديد الدين فى نفوس أتباعه والداعين له بما لا يدع مجالاً للشك أن الإسلام يواكب تطورات العصر وساعة الزمن.

وفى رصد لأهم السلبيات فى خطب الدعاة الحالية، وفق ما يراه د. علاء الشال، التقليد الممقوت والمتكلف، وتقمص شخصيات الآخرين، والإطالة فى الخطبة فى حين أن الخطيب الناجح لا يطيل فى خطبته مراعاة لأحوال وظروف المستمعين، فيكون من بينهم المرضى وأصحاب الحاجات والمهمات.

وشدد أن من السلبيات كذلك التكرار الممل، وإثارة العواطف فى مواقف لا تحتمل، وعدم مخاطبة الناس على قدر عقولهم، والحديث فى الأمور الخلافية التى تثير الشحناء والبغضاء والحساسية.

وأكد الشال أنه يمكن القول بأن الإلقاء فن يعتمد أولاً على الموهبة وتصقلها المهارات التدريبية، حيث يتوقع النجاح الباهر إذا زرعنا فى الإمام لدى حديثه عددًا من النصائح علميًا وعمليًا أهمها التمهل فى الإلقاء، وتغيير نبرة الصوت، والتوقف قبل وبعد الأفكار المهمة، والاتصال بالجمهور بصريًا، كما أن الابتسامة من أبرز مظاهر الشخصية، فهى تكسب الثقة فى الحال، وتُظهر حسن نية المرء بسرعة.