
هناء فتحى
عكس الاتجاه.. الممثلة «آن» والمذيعة «إلين».. وصحافة أمريكا الصفراء
..ولسوف تكتشف أنها من المَرّات غير القليلة، المَرّات المنفلتة التى تُتّهَم فيها الميديا الأمريكية بالتجاوز المهنى، وأن صحافتها (صفراء) فاقعة، وبرامجها فضائحية، الميديا التى- ساعات- تخرج عن وقارها وتحكى وتصور ما يحدث فى غرف نوم المشاهير ولا تترك الموتى فى سكون وتنبش فى تراب القبور وتكسر أقفال التوابيت وتجرح الجثث المقتولة الطرية المعجونة فى دمها، وتنزع قماش سترها فوق العورة ولا تحترم عادات ولا أعرافًا ولا تخضع ولا تمتثل لتقاليد مهنية أو لدستور أو حتى لياقة عامة أو ذوق فرضه هوى القارئ والمُشاهد كعُرف، وهذا أبسط الإيمان.
فما إن تم الإعلان عن وفاة الممثلة الأمريكية الشهيرة «آن هيتش» متأثرة بجراحها إثر حادثة مروعة اصطدمت مقدمة سيارتها المينى كوبر بحائط منزل واخترقته حتى دخلت بحطام سيارتها لبهو البيت- وقد كانت مخمورة- ثم نُقِلت إلى المستشفى ودخلت على إثر الكسور والجروح فى غيبوبة لم تَفِق منها.
الممثلة والمخرجة السينمائية والتليفزيونية والمسرحية وكاتبة السيناريو والحاصلة على جوائز سينمائية ومسرحية عدة وصاحبة الأفلام (ستة أيام سبع ليال) و(القطار) و(رغبة) و(قصص مترو الأنفاق) و(أعرف ماذا فعلت الصيف الماضى) و(سماء مسمومة) و(الرجال الآخرون) و(لا شىء يُترك للخوف) قد ترك الإعلام الأمريكى سيرتها للخوف وللخزى وللعار.
فما إن نبشت الصحف الأمريكية والبريطانية فى قبر ماضيها المشين فى معظمه والحزين البائس فى بعضه المتبقى حتى اشتعلت السوشيال ميديا ببوستات ترفض نشر غسيل ماضيها القديم الذى لا يعنى أحدًا سواها، بينما لم تذكر الصحف موهبتها ولا كواليس أشهر أفلامها ولا شيئًا من هذا القبيل، وقبل أن ينزعوا أجهزة الحياة عن جسدها الميت إكلينيكيًا حتى نشرت الصحافة والمواقع صورًا قديمة لها فى لحظات غرامها مع المذيعة الأمريكية الشهيرة والمثلية الجنس «ألين ديچينيريس» وحكايتها المخزية مع المذيعة ليست السّر الأسوأ والأوحد فى تاريخها المفتوح؛ بل كانت لحكاية اغتصاب والدها المتكرر لها نصيبٌ من التشهير.
ستلاحظ هنا أن مسألة المثلية وزنَى المَحارم رذائل مرفوضة من المجتمع والذى طالب وسائل الإعلام بالكف عن الدخول فى تلك الحكايات.
ولسوف نسأل: ما الذى جَرّأ الميديا على سيرة «آن هيتش» الإنسانية، بينما تجاهلت عن عمد سرد مسيرتها الفنية المهمة والكبيرة رُغْمَ قِصَر عمرها وموتها فى الـ 53 عامًا؟.. والإجابة: فتش عن الأم!
إنها والدتها التى لم تكن (ستر وغطا)، الأم «نانسى» ذات الـ 85 عامًا، المرأة القوية الجبارة قاسية القلب والوجه، فبَعد أن لمع وعلا نجم ابنتها «آن هيتش» وصارت نجمة هوليوودية ذائعة الصيت، استغلت والدتها الأمرَ فقامت فى العام 2006 بتأليف كتاب عن الأسرة المكونة من خمسة أبناء وبنات وزوج، ذكرت فيه أن زوجها «دونالد هيتش» قد مات بالإيدز وكان يتحرش بابنتها «آن» ويغتصبها بعلم الأسرة وأن أربعة من أبنائها ماتوا فى السنوات الماضية وبقيت «آن» وحيدة - فكان أن ماتت الأسبوع الماضى- وكانت الأم هى أول من فضح ونشر على المَلأ حكاية شذوذ ابنتها الفنانة الكبيرة الشهيرة ودخولها فى علاقة جنسية مع المذيعة المثلية الأشهَر فى التليفزيون الأمريكى «إلين ديچينيريس» لمدة ثلاث سنوات منذ 1997 حتى عام 2000.
فى 2005 قطعت «آن» علاقتها بوالدتها تمامًا وكانت قد تزوجت وطُلّقَت وأحبت رجالًا عديدين ونسيت علاقتها الرومانسية المثلية بالمذيعة الشهيرة حتى ماتت الأسبوع الماضى- ماتت الأسرة كلها وبقيت الأم للآن حية- فانفتحت على قبرها كل بيبان جهنم الإعلامية.