الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

عائلة عصرية!!

 فاجأتنى زوجتى بطلب غريب مريب.. هو أنها تريد أن تشترى كلبًا صغيرًا.. يؤنس وحدتها ويلعب مع الأولاد.. ويملأ البيت عليهم؛ ليعوض غياب الزوج الدائم فى العمل.. وشئون الحياة اليومية.



وكزوج مجرّب.. اشتغل الكمبيوتر فى عقلى.. بسرعة.. فتربية كلب فى بيتى.. تعنى مصروفات ونفقات إضافية؛ خصوصًا أن زوجتى تريد كلبًا من النوع الخواجة.. بشهادة ميلاد رسمية موثقة.. وشجرة عائلة معروفة.. وجذور أرستقراطية حتى الجد السابع أو العاشر.

كلب من هذا النوع.. يعنى أنه سيحظى ببرنامج غذائى خاص، يليق بسيادته.. وسوف يفطر «بيض وبسطرمة».. ويتغدى «بفتيك وسلاطة خضراء».. ويتعشى «زبدة وحلاوة طحينية».. ويعنى أنه سيتمشى ويلعب بنظام.. وينام بمواعيد.. و«الويك إند» أو عطلة نهاية الأسبوع.. سوف يقضيها فى إحدى الحدائق العامة.. بعيدًا عن جو المنزل الرتيب.

تربية كلب من هذا النوع.. تعنى الذهاب للطبيب دوريًا.. فالوقاية خير من علاج الكلب المسكين.. وتعنى حجز مواعيد منتظمة مع كوافير القطط والكلاب.. وتعنى تهيئة مسكن صحى مناسب وشراء أوعية وصحون ولعب ولوازم وكماليات.

وحتى لا يصاب المسكين بالمَلل.. ولكى لا نضطر لعرضه على الطبيب النفسانى.. لا بُد أن نستأجر مربية لطيفة لملازمته فى المنزل إذا ما حدث واضطررنا للغياب عن المنزل لعدة أيام.. لسبب أو آخر.

ثم إن تربية كلب فى بيتى المحافظ.. سوف تفتح علينا أبواب المتاعب.. وسوف يتسابق كلاب الجيران لخطب ود كلبنا ابن الحسب والنسب.. فى محاولات منهم للغزل العفيف وغير العفيف.. وكزوج حمش.. لن أسمح بتلك العلاقات الطارئة فى بيتى.

قلت لزوجتى أحاورها: إننى لا أمانع من حيث المبدأ.. فى تربية حيوان أليف فى المنزل.. لكننى أعترض على مسألة الكلاب بالذات.. واقترحت أن نربى بطة «عتاقى» أو زوج «فراخ».. أو نصف دستة أرانب.. أو حتى خروفًا صغيرًا.. وميزة هذه الحيوانات أنها قابلة للذبح بعد أن نزهق منها.. فنستفيد من شوربتها ولحمها وجلدها وعظامها.. وحتى من ريشها.

ردت زوجتى بأنها تعترض على قائمة حيواناتى القابلة للذبح.. لسبب بسيط.. هو أنها لا تذبح أصدقاءها الذين تربيهم فى بيتها.. ولهذا تتمسك بشراء كلب خواجة.. حتى لا أفكر يومًا فى ذبحه.

قلت لزوجتى بحسم يليق بزوج حمش.. إن عليها أن تختار بينى وبين الكلب.. وأن هذا قرار مصيرى.. عليها أن تفكر فيه جيدًا.. قبل أن تتورط فى الاختيار والمفاضلة.. وإننى أحمِّلها المسئولية التاريخية.. فيما لو خالفت أوامرى الصارمة.. لأننى سوف أرد الصاع صاعين.

و.. انسحبتُ إلى حجرتى غاضبًا.

و.. اشترت زوجتى الكلب.. وخصصت له ركنًا مناسبًا فى البلكونة.. زودته بجميع وسائل الراحة والتسلية.. وقد صار الكلب محور اهتمامها.. والقاسم المشترك فى أحاديثها وحكاياتها ونوادرها.. الكلب راح.. الكلب جاء.. الكلب فعل كذا.. والكلب عمل كيت.

وعلى طريقة الخطوة خطوة.. احتل الكلب مكان الصدارة والاهتمام فى عائلتى السعيدة.. وقد صرت أشعر تجاهه بالغيرة والحسد.

ومن الواضح أن الكلب قد أحس بمشاعرى العاطفية تجاهه.. لأنه كرهنى منذ اللحظة الأولى.. بينما تآلف واندمج مع الأولاد.. ومع زوجتى.. وتجنبنى وتحاشانى.. مع أننى رب الأسرة.. ومصدر رزقها.. وصاحب الفضل عليهم جميعًا.

على أن ما غاظنى حقًا.. ورفع الضغط فى عروقى.. هو ذلك الطلب الذى طالبتنى به زوجتى.. وهو أنها تريد شراء قطة من النوع السيامى المستورد.. ليكتمل شكل العائلة السعيدة.. بوجود الأب والأم والأولاد.. والكلب والقطة.. قلت لزوجتى بحسم يليق بزوج حمش.. إن عليها أن تختار بينى وبين القطة.

.. وانسحبتُ إلى حجرتى غاضبًا..!!