الأحد 16 يونيو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

حفاظًا على التراث.. بيت أم كلثوم يدخل المرحلة الأولى من مبادرة «حياة كريمة»

سيرة فنية ومَسيرة غنائية ضخمة حملت اسم سيدة الغناء العربى أم كلثوم، ومكانة تاريخية وقيمة ثقافية حظيت بها من خلال التفرُّد فى الموهبة والتميز فى الأداء، فضلًا عن الإرث الفنى الذى حفظته الأفلام ودَوّنته الكتب، والمحتوى الصوتى الملهم بكلماته البديعة وألحانه الدافئة التى لا يزال يستمتع به الكبار فى حفوة وإجلال ويردده الصغار فى حب وانبهار، يتعلم منه الدارسون لمجال الغناء، ويحتذى به المبدعون لصقل مواهبهم فى إتقان، فأيقونة الغناء لم تكن كوكبًا للشرق وحده؛ بل كانت ولا تزال تنير بصوتها العالم بأكمله لتطرب الآذان وتضيف بهاءً وإجلالًا على الألحان.



ولم يكتفِ محبوها ومستمعوها بالإنصات إلى إبداعاتها؛ بل تعلقت قلوبُهم بزيارة المتحف الخاص بها لتأمُّل مقتنياته الزاهية وملامحه الكلاسيكية، بالإضافة إلى التردد دون انقطاع على منزلها بقرية طماى الزهايرة بمحافظة الدقهلية الذى نشأت فيه.

 استغاثة أحفاد أم كلثوم

كما أنه يمثل منبعًا لذكرياتها، ممتلئًا بحكاياتها، شاهدًا على إبداعاتها، مفتخرًا بمكانتها، إلاّ أنه مع مرور الزمان أصبح الآن لا يلائم استقبال الزوار الذين يأتون من جميع البلدان لرؤيته..

 ونتيجة لاستغاثة أحفادها؛ أعلنت مؤسّسة «حياة كريمة» عن إعادة ترميم منزل أم كلثوم بقرية طماى الزهايرة التابعة لمركز السنبلاوين بمحافظة الدقهلية.

وأعرب عدلى سمير، حفيد الشيخ خالد الشقيق الأكبر لأم كلثوم، فى تصريحات خاصة لـ«روزاليوسف» عن سعادته بسرعة الاستجابة لإعادة ترميم المنزل وتوجَّه بالشكر والعرفان إلى مبادرة «حياة كريمة» التى أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسى، والتى تهدف إلى التخفيف عن كاهل المواطنين بالمجتمعات الأكثر احتياجًا فى الريف والمناطق العشوائية فى الحَضَر، كما تعتمد المبادرة على تنفيذ مجموعة من الأنشطة الخدمية والتنموية التى من شأنها ضمان حياة كريمة لتلك الفئة وتحسين ظروف معيشتهم.

 ويقول: «وجدنا سرعة استجابة من أ. آية عمر القمارى رئيس مجلس أمناء مؤسّسة «حياة كريمة» التى أعلنت عن تكفل المؤسّسة بإعادة الترميم، كما أرسلت على الفور بعضًا من أفراد المؤسّسة لمعاينة المكان استعدادًا لاتخاذ الإجراءات اللازمة ولتحديد الدراسات الهندسية الملاءمة لتنفيذ إعادة ترميم المنزل».

ويضيف: «كما أن أهل القرية سعدوا كثيرًا بخبر إعادة ترميم بيت أم كلثوم؛ حيث كانوا يحلمون بمثل هذا الخبر منذ زمن بعيد، وكانوا يطالبون بذلك دومًا، كما أن سرعة الاستجابة جعلتهم يشعرون بالفرحة العارمة ويتوجهون بالشكر إلى مؤسّسة «حياة كريمة» التى لم تنسَ أهل البَلد، كما أن أى تطور يحدث بالقرية نرحب به ونفخر بأننا محور اهتمام من مبادرة «حياة كريمة»، كما أننا نستقبل يوميًا زوارًا من جميع الدول العربية والأجنبية من جماهير أم كلثوم ومحبيها الذين يأتون بشغف ولهفة لرؤية المكان الذى كانت تعيش فيه، والتعرف على ملامحه، وما يسرده من ذكريات وما يتضمنه من حكايات، إلاّ أننا نشعر بالحزن عندما نجد المكان لا يليق باسم سيدة الغناء العربى؛ حيث أصبحت حالته لا تلائم استقبال هؤلاء الزوار من المحبين والمستمعين، لذلك إعادة ترميم هذا البيت أمرٌ غاية فى الأهمية، ومَطلب ضرورى نادَى به أهل البلد جميعًا، كما أننى لم أمتلك ما يكفى من الموارد المالية اللازمة لترميمه وإصلاحه، بالإضافة إلى أننا لم نحصل على ورْث من أم كلثوم ويرجع ذلك إلى أن الشيخ خالد رحل فى حياة أم كلثوم، بينما حصلت على الورْث شقيقتها وزوج شقيقتها، لكننا نفخر بالانتماء إلى كوكب الشرق وحمل اسمها وهذا يكفينا».

ويتابع: «كما أن إقامة متحف لأم كلثوم بقرية طماى الزهايرة يماثل متحفها المقام بالقاهرة أمرٌ نأمل فى تحقيقه؛ حيث إن محبيها وزوارها يترددون بشكل أكبر على بيت العيلة الذى كانت تحيا فيه سائلين عن بلدها ومسقط رأسها للتعرف على المكان الذى نشأت فيه، والقرية التى وُلدت فيها وتربت على أصولها وتقاليدها، لذلك رغبنا فى إنشاء مكان يحمل اسمها ويليق بمكانتها التى تحظى بها حتى الآن، على أن يحدث ذلك وفقًا للرؤية الهندسية التى تراها الجهات المختصة ملائمة للقرية». ويؤكد: «لا تزال أم كلثوم تتمتع بمكانتها العريقة، وتأثيرها الغنائى فى الوجدان العربى والعالمى، كما أن هناك العديد من دراسات الدكتوراه التى يجريها الأساتذة والباحثون عن شخصيتها التاريخية ومشوارها الفنى الذى خلدته الأيام وحفرته فى ذاكرة جماهيرها العريضة من جميع البلدان، كما أنها مثال يحتذى به فى العطاء، فقد منحت للفن الكثير ولطماى الزهايرة الكثير والكثير، ورغم ما وصلت إليه من نجاحات وما حققته من مكانة لم تبخل بنت الريف على أهل قريتها بأى شىء؛ بل كانت تساندهم دومًا دون تردد، وهو أمرٌ عظيمٌ يُعَلمنا قيمة المساعدة والعطاء».

ويفسر: «كما يحظى هذا البيت بمكانة مهمة لدى أم كلثوم؛ حيث إنه يحمل ذكريات الطفولة وأيام الصبا، كما أنه البيت الذى قام ببنائه أبوها الشيخ إبراهيم، وبين جدرانه نشأت، وعلى عاداته وتقاليده وثقافته تربت، ومن خلاله انتقلت إلى القاهرة لتبدأ مشوارها الفنى الغنائى، كما أنها لم تنسه فى يوم من الأيام ولم تتخلّ عنه أو تنقطع عن الذهاب إليه، والاستمتاع بأجوائه، فقد كانت أكثر ارتباطًا به، وتفضل قضاءَ الإجازة فى هذا البيت بين أهلها فى طماى الزهايرة حتى بعد رحيل والدها الشيخ إبراهيم كانت تأتى لأخيها الشيخ خالد الذى كان يتولى منصب عمدة البلد فى ذلك الوقت، وتتردد عليه دومًا دون انقطاع، كما كانت تعشق التصوير مع الحيوانات والمرور على الأراضى الزراعية، والاستمتاع بإجازتها وسط عائلتها».

ومن جهتها تقول آية عمر القمارى، رئيس مجلس أمناء مؤسّسة «حياة كريمة»: إن إعادة ترميم بيت أم كلثوم سيدخل ضمن أعمال المرحلة الأولى لمبادرة «حياة كريمة»، بينما من المتوقع أن تندرج قرية طماى الزهايرة بأكملها تحت المرحلة الثانية من المبادرة، كما أن أعمال الترميم سيتم تنفذها بالتعاون مع جميع الجهات المعنية، والتى يأتى فى مقدمتها رئاسة مجلس الوزراء ووزارة الثقافة، وذلك من خلال التنسيق مع أحفاد أم كلثوم، كما أن مبادرة «حياة كريمة» لا يقتصر عملها على المَحاور المتعلقة برفع مستوى المعيشة الاجتماعية والاقتصادية والبيئية فقط؛ بينما تمتد أعمالها إلى المحافظة على التراث الحضارى والثقافى المصرى بأكمله.

وتوضح مؤسّسة «حياة كريمة» فى بيان لها أن سيدة الغناء العربى أم كلثوم تمثل تراثًا فنيًا وإنسانيًا وتاريخًا عظيمًا للأمّة، كما أن الحفاظ على الفنون والثقافة والتراث المصرى يتساوى فى الأهمية مع أى نشاط تنموى، كما يُعَد ذلك تأكيدًا على الهوية المصرية، بالإضافة إلى أن المؤسّسة تسعى إلى معالجة الجوانب التنموية المهمشة، كما جاء إعادة ترميم منزل أم كلثوم من منطلق الحرص على التراث وصونه والحفاظ عليه، كما أنها خطوة تأمل بها «حياة كريمة» تعزيزَ وغرسَ مفهوم واجب مؤسّسات المجتمع المدنى كشريك تنموى أساسى فى خدمة الوطن.