السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

زواج حالات التأخر العقلى ما بين الرفض والقبول

«يا رب أنس يتجوز».. كلمات تخشاها كل أسرة لديها ابن مصاب بالعجز العقلى، ويثقل صدورهم التفكير فى مجىء تلك اللحظة التى يرغب فيها الابن أو الابنة بالزواج ويعلن عن رغبته فى الارتباط بشريك الحياة حتى وإن لم يكن مدركًا لما وراء تلك الكلمة من معانٍ. فتقف الفتاة أمام المرآة وترتدى ملابس العُرس وتضع مستحضرات التجميل استعدادًا للزواج مثل قريناتها فى نفس السّن. فالزواج حاجة بشرية أكيدة ورغبة إنسانية زرعها الله فى قلوب مخلوقاته دون استثناء، فكل منا يبحث عن شريك وقرين ليكون أليفًا ومكملاً له ولا يجوز منعه عن ممارسة حقه. فالأشخاص المصابون بحالات العجز العقلى على اختلاف أنواعهم يظلون بَشرًا لديهم حاجات إنسانية واجب تلبيتها؛ لكنْ يظل هناك تخوف دائم من إمكانية ولادة أطفال آخرين مصابين بتأخر عقلى فيصبحون حملًا على أسرهم وعلى المجتمع. وفى هذا الصدد أصدرت دار الإفتاء المصرية فتوى بجواز الزواج من الأشخاص المصابين بحالات التأخر العقلى على أن يلجأوا إلى الطبيب المختص فى حالة الإنجاب؛ ولكن يظل هناك تساؤل: ماذا عن الشروط الواجب توافرها لهذا الزواج؟ «روزاليوسف» تفتح ملف زواج حالات التأخر العقلى وتستعرض جوانب إنسانية لحالات تزوجت بالفعل، وكيف تعايشت، وما هى المخاطر والعقبات التى تعرضت لها، وكيف تخطت مسألة الخوف من إنجاب معاقين جدد؟؟.



 

 الإهمال والاحتيال والاعتداء بالضرب 

تقول إحدى أقارب خالد البالغ من العمر40 عامًا: «حينما ظهرت عليه أعراض الزواج رغب إخوته فى تزويجه لكى يؤسّس بيتًا ويستقر. وبحثوا له عن عروس، فدلتهم إحدى المعارف على سيدة مطلقة تصغره فى العمر طبيعية تمامًا ولديها طفلة وحياتها المادية بسيطة. أطلعوها على حالته وهى وافقت على الزواج؛ بل إنها كانت سعيدة بالأمر لأنها وجدت من يوفر لها حاجاتها المادية هى وابنتها. وقبل أن يتم الزواج توجهت به الأسرة إلى الطبيب لإجراء الفحوص للتعرف على إمكانية قدرته على الإنجاب، وقال الطبيب إنه لا يعانى من أى مشاكل، ولن يؤثر على عملية الإنجاب. وبالفعل تم الزواج بشكل طبيعى تمامًا عام 2016، ولم يكن هناك أى اعتراضات أسرية من الناحيتين على الارتباط، وسرعان ما أصبحت الزوجة حاملاً وأنجبت ابنًا طبيعيًا تمامًا يبلغ الآن 4 سنوات».

تضيف قريبته: «كانت له شقته الخاصة ومعاشه المخصص لذوى الهمم، وإلى جانب هذا كان يعمل فى أحد المحال. فيما كانت زوجته ربة منزل ترعى الأسرة، وكان لها التحكم فى كل الأمور المادية. استمرت الحياة لفترة ولاحظ الإخوة تدهور أحوال الأخ وكانوا يطلبون منها الاهتمام. وبعد فترة ذهب «خالد» لزوجته يشكو لها عدم الراحة فى العمل رافضًا العودة لتقول له لا تجلس فى البيت وعد أدراجك.. وهنا ذهب إلى إحدى أخواته وقال لها كل شىء كان البوح به. فاتضح أن زوجته لم تكن تهتم بطعامه وشرابه، وكان يتعرض للضرب منها ومن أسرتها حتى إن أسرتها أقدمت على قرض باسمه يتم تسديده من معاشه وقبل هذا القرض كان هناك قرض آخر أو اثنان. وكانت والدتها هى من تحصل على القرض لتسديد ديون متراكمة عليها. وعندها سعى أشقاؤه فى إجراءات الطلاق. وقع الطلاق فعليًا منذ عام والآن هو يقيم مع أخته ويدفع لزوجته مصاريف الابن. وهى ترغب فى الرجوع على أن يتولى أحد أفراد الأسرة الأمور المادية، لكن الأسرة فقدت الثقة فيها».

 الإنكار والخداع

وقد يستغل الأهل سُلطتهم من أجل إنكار وجود مشاكل فى الأبناء. فتقول السيدة أم أحمد عاملة بسيطة ترعى اثنين من حالات التأخر العقلى: «حينما كان ابنى فى الـ28 ظهرت عليه أعراض الزواج فرغبت فى عفته. دلتنا إحدى الأقارب على عروس مناسبة. التقت العائلتان وأخبرتهم عن وضع ابنى العقلى، وحينما سألت عن وضع الفتاة أخبرتنى الأسرة أنها بخير وأن فارق العمر بينها وبين ابنى أشهُر. وافقت أسرة العروس ميسورة الحال على ابنى؛ لكن طلب والدها العديد من الطلبات المادية التى أثقلت كاهلى وما زلت أسدد فى الديون حتى الآن، وقمنا بالإمضاء على قائمة منقولات بها بضع جرامات من الذهب، وقمت بتجهيز شقة العروس فى بيت أسرتها بناء على رغبة أهلها. وبعد الزواج تبين لنا أن العروس لديها تأخر عقلى بدورها، وإنها تكبر ابنى ببضع سنوات. كنت أقوم على رعاية ابنى وزوجته وأمدهما بالمال والطعام باستمرار، وكانت أسرة العروس تطالبنى بالمستحقات المادية والرعاية بشكل مستمر فكانت المشاكل كلها لاحقًا على النقود. بعد شهر من الزواج حملت العروس. لم أستطع إجراء فحوص الحمل اللازمة لارتفاع تكاليفها، فتركت الأمور لإرادة الله. وبعد ولادة الطفل تم حجزه فى الرعاية لمدة شهر لأن والدته أطعمته طعامًا جافًا فى عمر أيام. وحينما سألنا الأطباء عن وضع أهل الطفل أنكرت أسرة العروس وجود مشاكل؛ لكننى خشيت حدوث خطأ له فأخبرت الطبيب أن والديه وعمته لديهم تأخر وتم إنقاذ الطفل حمدًا لله».

تضيف السيدة أم أحمد: «بعد الإنجاب بدأت المشاكل فى الظهور فأسرة العروس أصبحت تعامل ابنى بطريقة أزعجته، وبدأوا فى تهديده وطالبوه بالعمل وتحمل المسئولية. فلقد حاولت على مدار سنين أن أؤهله للعمل، وبالفعل عمل فى الكثير من الأماكن؛ لكنه غير كامل الأهلية بشكل كلى فلا يمكنه تحمل مسئولية. فيما كان للزوجة نشاط جنسى زائد، وهو ما كان يزعجه، وكنت أخشى أن ينجبا طفلاً آخر، وأنا ما زلت مثقلة بالديون. بدأت المشاكل تتوالى فترك ابنى البيت وجاء للبقاء عندى، ولم يكن يرغب فى العودة. طالبته الأسرة بالعودة أو الطلاق والحرمان من رؤية ابنته، فأصبح يبكى كل ليلة لرغبته فى رؤيتها. والآن تهددنا الأسرة إما دفع مستحقات القائمة والمؤخر، وأنا غير قادرة على الدفع، أو الحبس. ولا أعلم ماذا أفعل.

 الرغبة فى وجود أليف وأنيس

وقد يبحث البعض فى الزواج عن وليف وأنيس فتقول والدة أنس: «كان ابنى مصابًا بمتلازمة داون وكانت بنسبة تأخر ما بين البسيطة والمتوسطة. لم يتلقّ تعليمًا، ولم يكن يعمل؛ لكنه كان ملتزمًا يصلى، وكانت أخلاقه حميدة. حينما كان فى عمر 25 بدأت تراوده فكرة الزواج، فكلما كان يجلس مع أصدقائه كان دائمًا يذكر الزواج ويقول: «يا رب عمرو يتجوز» ويصبح شغوفًا كلما رأى عريسًا. كان يُلِح علينا أن نزوجه. وعلى الرغم من أن قدرته على الكلام لم تكن منضبطة؛ لكنه كان دائمًا يعبر عن رغبته فى الزواج حتى بدأ والده فى البحث عن عروس توافق على حالته. وبالفعل وجد له فتاة طبيعية تمامًا كانت تكبره بـ10 أعوام، ولم يسبق لها الزواج. كانت مقيمة مع أسرتها، لكنها كانت تعانى من زوجة أبيها فقبلت الزواج. اعترض إخوتها على قرار الزواج على الرغم من أنهم لم يكونوا ميسورى الحال؛ لكنها كانت موافقة. وقبل الفرح ذهب والد عمرو للمأذون لكى يعقد القران؛ لكن رد المأذون بالرفض قائلًا: «إننا لا نعقد لشخص مصاب بالتأخر»، فقال له الأب إن العروس على علم بالأمر وموافقة؛ إلا أن المأذون رفض الأمر. فأرشده البعض بالذهاب للمحكمة وهناك قيل له إنه سيكون وصيًا عليه؛ لكن هذا الحل فشل. وانتهى الأمر بأن ذهبنا لمحامٍ لكى يعقد القران، وكتب اتفاقًا بين الطرفين أن فلانة تزوجت فلانًا بشكل عرفى؛ ولكن بحقوق. وحدث الإشهار وكانت هناك احتفالية.

وتضيف والدة عمرو: «لم يكن أنس مدركًا للناحية الشرعية فى الزواج، وكان الوضع بالنسبة له مجرد ونس وصحبة. وعندما سألت الزوجة عن الأمر كانت تقول أنا تزوجت على هذا الوضع وموافقة عليه لا أرغب فى شىء آخر. ونحن كنا قد أطلعناها قبل الزواج أننا لا نعرف إذا كان مدركًا لحقه الشرعى أم لا. حينما كنا نجلس معه ونسأله عن رأيه فى الزواج كان دائمًا يشكر فى الزواج قائلًا: «الجواز كويس». وبعد مرور سنتين من الزواج توفاه الله وفاة طبيعية تمامًا فأقامت معنا العروس لمدة خمس سنوات إلى أن طلبها أحدهم للزواج فتركناها تذهب للحصول على حقها الطبيعى».

 الهروب من الأوضاع الأسرية القاسية

وفى بعض الأحيان يكون الزواج حلاً للهروب من الظروف الأسرية القاسية. تحكى السيدة ليلى زوجة لإحدى حالات التأخر العقلى وربة منزل: «كنت فى عمر المراهقة حينما أنهيت تعليمى المتوسط ولم تكن الأوضاع فى بيت أسرتى مريحة بالنسبة لى، فلم يكن والدى مُرحِبًا بى فى وجود زوجة أب وخصوصًا بعد زواج أختى الصغرى. وحينما تقدم لى زوجى الذى يكبرنى بعشرة أعوام كان يبدو طبيعيًا تمامًا وشعرت بالراحة فوافقت مباشرة. لم تعترف أسرته بحقيقة مشكلته؛ وإنما قالوا إن لديه مشكلة بسيطة لن تؤثر على شيء فى المستقبل. استمرت الخطبة 3 أشهر، لم نلتق فيها سوى مرتين، وكان زوجى دائمًا محاطًا بأسرته. وقبل الفرح بأسبوعين شعرت بالضيق، وطلبت من والدى إنهاء الأمر؛ لكنه رفض وتم الزواج بشكل طبيعى تمامًا وحصلت على كافة حقوقى كعروس. بعد الزواج لم يكن زوجى يعمل، وكان والده هو من يتولى مسئولية الأسرة؛ فتبين لى أن زوجى مصاب بتأخر عقلى متوسط ناتج عن إصابة تعرض لها وهو صغير. اعتدت الأمر وأكملت زواجى».

تضيف السيدة ليلى: «لم نهتم بإجراء التحاليل الخاصة بالإنجاب، وبعد ستة أشهر من الزواج حملت فى الابن الأول، وبعد بضع سنوات تبين لى أنه مصاب بتأخر عقلى بسيط. ثم أنجبت الثانية وهى فى عمر الأشهر ارتفعت حرارتها مما نتج عنه حدوث تأخر عقلى بسيط. فأصبحت أرعى 3 أشخاص زوجى وأبنائى. فى بعض الأحيان أشعر بالتعب وأرغب فى الرحيل والنجاة بنفسى فليس هناك من يساندنى فى أمور الحياة وأشكو إليه؛ لكننى أتحمل وأتأقلم من أجل أبنائى. كما أننى لم أر أى سوء من عائلة زوجى، فهم يقدمون لى كل الدعم المعنوى والمادى. الآن مر على زواجى 12عامًا أقوم على خدمة زوجى وأسرته، ولديّ اثنان من الأبناء مصابان بالتأخر العقلى، وأحاول تأهيلهما قدر الإمكان، ولا أرغب فى تكرار تجربة الإنجاب مرة أخرى. إذا كبر ابنى ليصبح مثل والده لن أسمح بتزويجه فأنا لا أريد لفتاة أخرى أن تمر بما مررت لأن الحمل ثقيل، وسأقوم على رعايته هو وأخته إلى أن يتوفانى الله؛ لكن لا نعلم ما يخبئه لنا المستقبل. 

 الزواج للحماية من طفرات البلوغ

فيما تقول السيدة أم وائل معلمة للقرآن الكريم: «لدىَّ اثنان من الأبناء مصابان بالتأخر العقلى، الأكبر 26عامًا لديه كف بصرى إلى جانب التأخر، والأصغر21 عامًا يدرس فى مدارس التربية الفكرية. بعد وفاة زوجى وابنى الأكبر انصبت رعاية الاثنين عليّ، ولم يعد ابنى الأوسط يخرج من البيت وأصبح يقضى الكثير من الوقت بمفرده. ولم يمر الكثير من الوقت حتى جاء لى وطلب الزواج كان ذلك فى عمر 25. توجهت لمعالجه النفسى لأخبره عن رغبتى فى تزويجه، كان مرحبًا بالأمر؛ لكنه يخشى الإنجاب خوفًا من انتقال مشاكل الإبصار الجينية للأبناء. فبدأت أبحث له عن عروس، وأخبرتنى إحدى المعارف أن هناك عروسًا مناسبة ومتدينة تصغره بعامين لديها فقط مشكلة صرع بسيطة؛ لكن تم علاجها. كان الوضع المادى لأسرة الفتاة متدنيًا، فتكفلت بالخطبة والزواج وشراء كل حاجيات العرس وتم الزواج بشكل طبيعى تمامًا».

تضيف أم وائل: «بعد الزواج أقاما معى فى البيت، فلأبنائى معاش والدهم وابنى الأكبر معّين فى إحدى المدارس على قوة 5%؛ لكنه لم يكن عملًا حقيقيًا. كنت أنا من أقوم بإدارة أمور الحياة، حتى أننى كنت على علم بمواعيد اللقاءات الحميمية بينهما. بعد فترة من الزواج بدأت ألاحظ معاملة سيئة من الفتاة لابنى الذى بدأ بدوره فى الابتعاد عنها ويرفض الاقتراب منها. وبعد بضعة أشهر أصبحت الفتاة حاملًا وفرحت كثيرًا فذهبنا للطبيب وتأكدنا من صحة المولود حتى بدأت المشاكل. فكنا نلاحظ اختفاء مقتنيات من البيت، وحينما واجهت الفتاة بالأمر تركت البيت وطلبت الطلاق. وفى أحد الأيام جاءتها نوبة صرع وفقدت الجنين، وعرفت حينها أنها لم يتم علاجها كما أخبرتنا الأسرة، واكتشفت بضعة أمور أخرى تم خداعنا بها. وبعد فترة وقع الطلاق. استمر زواج ابنى لمدة عام متقطع. لم أندم على خوض التجربة. ربما كان الاختيار خاطئًا؛ ولكن ابنى يرفض تكرارها مرة أخرى؛ لكننى بالتأكد سأكررها مع الأصغر وسأتروى فى البحث عن الشخص المناسب. فأنا أرغب فى إنجاب أحفاد يقومون على رعايتهم بعد أمد بعيد. وسأقوم بكل الفحوص والإجراءات الطبية من أجل التأكد من سلامة الطفل. 

 التأخر العقلى أسباب وأنواع 

فتقول د. منى الكومى المدير التعليمى والتنفيذى لمركز أبناء المعادى: «يُقصد بالتأخر العقلى التصنيف حسب نسبة الذكاء عند أى شخص. وتنقسم الإعاقة الذهنية وفقًا للتشخيص التربوى لدرجات إعاقة بسيطة ومتوسطة وشديدة. فالنسبة وصولًا إلى 90 تخص الشخص العادى القادر على خوض تجارب بالحياة؛ أما النسبة من 80 إلى 70 فهى فئة بينية يُطلق عليها «البوردر لاين» أى أنها على حدود الذكاء الطبيعى وفى نفس الوقت على حدود الذكاء الأقل من الطبيعى. وهى من الفئات التى تستطيع بشكل أو بآخر أن تعيش حياتها بدون مشاكل كبيرة فيما يتعلق بالمسئولية الاجتماعية. وأقل من ذلك ندخل فى فئات الكفاءة العقلية الأقل من الطبيعى. أقل من 70 تأخر بسيط، وأقل من 50 تأخر متوسط، وأقل من 20 تأخر شديد. وتقترن الإعاقة، فهى تأتى فى صورة مجموعة من الأمراض. فقد يكون الشخص مصابًا بمتلازمة داون ولديه نسبة تأخر، أو مصابًا بالتوحد ولديه نسبة تأخر، أو لديه شلل دماغى معه نسبة تأخر، أو يكون لديه ضعف سمعى أو كف بصرى مع نسبة تأخر. علاوة على مجموعة مشاكل عضوية قد يُصاب بها فقد يكون لديه مشاكل فى الكلى أو القلب وخلافه. 

وتتنوع أسباب الإعاقة العقلية فمنها ما هو وراثى ينتج عن مشاكل وراثية تنتقل جينيًا من الآباء للأبناء، أو يحدث بسبب خطأ فى الجينات ناتج عن زواج الأقارب، أو ينتج عن تعاطى الأم للأدوية أثناء الحمل أو إصابتها بفيروس يؤدى لضرر الطفل. ومن الأسباب التى اكتشفها الأطباء كذلك الإنجاب فى عمر متأخر. وهناك بعض الأسباب غير الوراثية أيضًا. كأن يتعرض الطفل لحمى وهو صغير ينتج عنها تضرر خلايا المخ، أو يتعرض لإصابة فى الرأس وتتشعب الأسباب. 

لا يدُرِك طفل التأخر غالبًا حقه فى الزواج؛ لكنه ينظر لها كشكل اجتماعى وتطور طبيعى بمثابة خطوة ترتيبية. كأن يكون الشاب قد أنهى التعليم وذهب للعمل مع والده، وبالتالى يرى أن الخطوة التالية هى الزواج لاستكمال مسيرته. ولا ينطبق هذا على كل الحالات؛ وإنما يرجع لنسبة التأخر وأسلوب التربية، فهناك حالات تمر عليهم سنوات ولا يشغلهم الأمر. وهناك آخرون يُلِح عليهم الأمر وقد يتطور لعلاقة فعلية. وغالبًا ما يكون هذا النوع قد تعرض لاحتكاك مباشر بالرؤية أو اللمس. كأن يرى فيديو، أو يرى شخص فى البيت دون دراية من أحد، أو يكون قد تعرض للتحرش لا قدر الله. فهذا الأمر لا يظهر لديهم تلقائيًا؛ ولذلك نقوم بعمل برامج التربية الجنسية منذ الصغر من أجل تجنب حدوث مشاكل سلوكية مبكرة. 

وتضيف د. منى: «يختلف رد فعل الأهل على هذا الأمر فمنهم من يرفض الأمر رفضًا تامًا، ومنهم من يقوم بتخويف الأبناء من فكرة الزواج، ومنهم من يقوم بعقد خطبة الابن لسنوات، وهذه الفكرة فى حد ذاتها تجعل الابن يصمت، أو تلجأ الأسرة للزواج. وغالبًا ما تكون حالات الزواج لطرفين لديهما إعاقة؛ إلا إذا كانت هناك إغراءات فى المقابل. ويكون 90 % من الحالات التى تُقدِم على الزواج فى منتصف العشرينيات فيما فوق؛ ولكن إذا تم المنع من الزواج سترجع على كل حالة بنتيجة فردية، فإذا كان الأمر ملحًا ستكون له آثار نفسية سلبية لأن نسبة الإحباط والاكتئاب لديهم أعلى من الإنسان العادى. وأحيانًا قد يؤدى لأضرار فسيولوجية كأن يصدر عنهم تصرفات غير لائقة. 

 الزواج للذكور 

فيما يوضح د. محمد حسنى، باحث فى مجال التربية الخاصة والمدير الفنى لجمعية حبات القلوب أن نسبة حالات الزواج قليلة جدًا لا تتخطى 10%، لأن هذه التجارب تحتاج لتنازلات، علاوة على أن هناك بعض الأسر يكون لديها ثقافة أن هذا الشخص غير آهل للزواج. وغالبًا ما تكون لفئة البسيط الذى يتراوح مستوى ذكائه من 70 إلى 90. وتكون أغلب الحالات الشائع زواجها للذكور وليس الإناث، ويقترنون بإناث طبيعيات من طبقات فقيرة أو من خارج القاهرة باتفاق أسرى. ويمكن أن تكون الفتاة المقبلة على الزواج غير راضية وتوافق أو يتم إرغامها لأسباب اقتصادية أو اجتماعية. فقد يكون السبب احتياجًا ماديًا، أو الرغبة فى نسب اجتماعى، أو تأخر سن الزواج، فتشعر أن فرصها فى الزواج أصبحت قليلة، فتوافق على أن تكون إدارة أمور الحياة لطرف ثالث الأب أو الأم أو الأخ الأكبر للزوج، أو أيًا كان الطرف على قيد الحياة. لم يقابلنى سوى حالة واحدة فقط لفتاة تأخر عقلى بوردر لاين وهى تُعتبر مؤهلة اجتماعيًا؛ لكن لا يمكن الاعتماد عليها بشكل مباشر فى الأمور المالية وفى اتخاذ القرارات. وتزوجت من شخص طبيعى وأنجبت طفلًا سليمًا. وغالبًا ما تنتهى تلك الزيجات بالفشل، لأن الزوجة لا تستطيع التحمل لفترات طويلة، لأنها تتحول بمرور الوقت لمعيل للزوج تخدمه فى كافة تفاصيله، ويمكن أن تحدث مشاكل تعدّى على الشرف، فبناء على ما ذكرته إحدى الحالات التى تزوجت من شخص معاق ذهنيًا وأنجبت ابنًا معاقًا أن والد الزوج كان يحاول التحرش بها، وقد يكون هناك تخوفات لدى أسرة الشاب من الفتاة أن تتصرف تصرفات غير لائقة بدون علمه، لأنه لن يكون قادرًا على فهم الخيانة، علاوة على هذا فإن تدخلات الأهل يكون بها الكثير من التحكم. وأكثر فترة زواج استمرت على حد علمى لمدة 15 عامًا انتهت بوفاة الزوج. كانت لشخص من عائلة ثرية وذات وضع اجتماعى، وأنجب ابنة سليمة عقليًا، تخرجت فى الجامعة. كان الأب مؤهلًا اجتماعيًا بشكل جيد، وكانت علاقته بابنته جيدة جدًا.

وتتعدد الأسباب التى تدفع الأسر لخوض تجربة الزواج منها وجود مصالح مشتركة بين الأهل، أو أمور تتعلق بالميراث، أو إنكار وجود مشاكل فى الأبناء حفاظًا على الشكل الاجتماعى، أو رغبة الأهل فى إنجاب طفل عاقل يُعيل والديه على الحياة فيما بعد؛ لكنها عملية غاية فى الصعوبة ولا تتناسب مع أوضاع كل الأسر، أو نتيجة لحدوث مشاكل جنسية للشاب فى فترة البلوغ وما بعدها، وتكون مع الذكور على وجه الخصوص، حيث يبدأون فى مواجهة خطر ممارسة العادة السرية بنهم دون توقف. وهى من الأسباب الرئيسة لتوجه العائلات نحو الزواج. فيكتشف الشاب الأمر بالمصادفة، ويبدأ فى تكرار تلك العملية، وقد يحدث له اضطراب جنسى لدرجة التلامس. وعندها يتم وضع برنامج فى العلاج السلوكى الخاص به فنقوم بعمل إعادة توجيه للفهم كى لا يفكر فى الأمر، ولا نعرض عليه المواد المثيرة التى تكون محفزة جنسيًا له، ونحاول أن نُقدم له طعامًا متوازنًا، وبالطبع قد نلجأ للتدخل الدوائى. وبالتالى فإن المنع من الزواج سيضر. وأنا مع فكرة الزواج لحقهم فى الغريزة مع عمل تعقيم لتجنب إنجاب أطفال معاقين. لأن أغلب الأسر تغامر ولا يكون لديها فكرة إيقاف الإنجاب. 

 توفير المساعدة ودراسة النماذج الناجحة

ومن جانبها توضح د. زيزى السيد إبراهيم، أستاذ مساعد علم النفس العيادى بجامعة الفيوم ومعالج نفسى أن أصحاب الكفاءة العقلية المنخفضة لديهم مشكلات تجعلهم مختلفين عن الآخرين، مثل عدم قدرتهم على التفكير التجريدى، وتحمل المسئولية الاجتماعية، وإدارة العمليات المعقدة مثل رعاية النشء والتفاهم والتواصل مع الآخرين. فجزء كبير منهم لا يكون لديه فكرة عن مفهوم الحميمية أو تكوين أسرة؛ ولكن قد يكون لدى البعض تبادل للمشاعر والرغبة فى إكمال علاقة زواجية، فلابد حينها من توفير المساعدات اللازمة. ويتوقف قدر المساعدة التى يحتاجها على قدر الإعاقة العقلية، ويحتاجها فى أى جانب من حياته. وفى تلك الحالة لا بد أن تتضافر جهود المجتمع التربوية والتشريعية والطبية والصحية والاجتماعية لإعداد الأشخاص الراغبين فى الزواج. وذلك بتوفير نوع من التدريب اليومى على مهارات الاتصال والتواصل، ومهارات إقامة العلاقات، ومهارات رعاية الذات، ومهارات رعاية الآخرين. ويكون ذلك تحت إشراف جهات مسئولة مسئولية شبه كاملة عن حياة هؤلاء الأفراد مثل المنظمات الاجتماعية لرفع الوعى بتلك التفاصيل، والتفاعل سواء كان تفاعلًا شخصيًا بين الشخص وشريك حياته أو تفاعلًا بين تلك الأسرة والمجتمع المحيط. على أن نظل قريبين منهم ونتدخل ونساعدهم قبل أن يصدر عنهم تصرفات غير محسوبة العواقب حتى التأكد من نجاح التجربة. ويمكن حينها دراسة النماذج الناجحة وملاحظة العوامل التى انتهجتها وتطبيقها على الآخرين. وقد نكتشف حينها أن ليس كل الحالات ترغب فى الزواج بمفهومه الحقيقى، فقد يبحث البعض عن رفيق. وحينها يمكن أن يتم وضعهم فى خبرات تعويضية مثل إقامة جماعات عمل من الجنسين، بحيث تشبع عندهم فكرة التعرف على النصف الآخر وتصبح كافية. 

 قوانين منظمة لعملية الزواج

ومن جانبه يوضح أ. حربى حسن محمود، المدير الإدارى لجمعية صوت المعاق ذهنيًا أن هناك الكثير من حالات الزواج غير المعلومة فى مصر، ولا يوجد لدينا أى قوانين عامة أو خاصة منظمة لعمليات زواج المتأخر عقليًا. وليس هناك مبادرات أو مؤسسة تحدد أهليتهم للزواج؛ وإنما يرجع ذلك لرغبة الأسرة فى المقام الأول. وإذا وضعت الدولة مبادرات لا بد أن تراعى الصحة النفسية والجسمانية للراغب فى الزواج، وأن يكون على قدر من الإدراك ليساعد على تحمل المسئولية، ويكون لديه حد أدنى من الأمان كى لا يعرض نفسه أو من حوله للمخاطر، وألا يقل معدل الذكاء عن 50 درجة.

وكانت جمعية صوت المعاق تبنت موضوع زواج المعاقين منذ ما يقرب من 14 عامًا. وتم تدشين مؤتمر كبير تحت رعاية الدكتور أحمد عمر هاشم، الذى كان رئيس جامعة الأزهر ذلك الوقت، وتبنى الفكرة وقيد بعض الحالات. وتمت الإجراءات كالتالى: أن يتم عرض الشاب الراغب فى الزواج على الطبيب النفسى فى المكان الذى يتم تأهيله به، وهو يحدد إذا كان الشاب يحتاج لزيارة طبيب باطنة أو جلدية وتناسلية. ثم نأخذ هذه التقارير الطبية ونقدمها للجنة الخماسية فى وزارة الصحة، حيث يتم الكشف على الحالة، ثم تتحول للطب الشرعى وهو يحدد نسبة الذكاء ونسبة الإدراك ويأخذ القرار هل الشخص مؤهل للزواج أم لا؟.

 الوعى يُنجى 

وفى السياق تؤكد د. مريم فكرى، أخصائى الصحة النفسية وتعديل السلوك بجمعية الطبيب لذوى القدرات الخاصة على أهمية أن يكون أهل المصاب بالتأخر العقلى مثقفين وعلى وعى بحالة ابنهم. فهناك حالات من الإعاقة يمكن علاجها إذا تم اكتشافها مبكرًا، فالتوحد على سبيل المثال عَرَض قد يؤدى للتأخر العقلى، فيمكن أن يكون لدى الطفل بعض سمات التوحد التى يمكن علاجها. فإذا تم إهماله والتسبب فى مشاكل كبيرة له قد يؤدى هذا إلى حدوث تأخر ذهنى. وهناك حالات يكون لديها ما يُعرف بالبؤرة الصرعية فى المخ يتم اكتشافها فى التحاليل البسيطة ويمكن علاجها؛ ولكن إذا لم يتم اكتشافها تؤدى لحدوث كهرباء فى المخ ينتج عنها ضمور فى خلايا المخ وتبدأ الحالة فى التدهور تدريجيًا وصولًا للتأخر العقلى. 

عند الحديث عن زواج حالات التأخر العقلى لا يمكن الجزم بحتمية الزواج من عدمه. فلكل حالة فى الإعاقات العقلية وضع متفرد بذاته، ويتم التعامل معها بشكل مختلف. فهناك حالات زواج متعددة تمت فى دول مختلفة حول العالم لفتيان وفتيات مسلمين ومسيحيين على السواء، وحياتهم تسير بشكل جيد؛ لكنهم لا يستطيعون إقامة زواج عادى سوى فى وجود أشخاص حولهم لمراعاتهم وتوجيههم وإدارة أمورهم. لأن حالات التأخر العقلى مهما بلغت من النضج الجسدى أو الزمنى لا يزداد العمر العقلى لديهم عن 11 إلى 15 عامًا فكيف أجعله مسئولًا عن حياة زوجية وهو لا يستطيع أن يتكفل برعاية كاملة لنفسه.

تتوقف إمكانية نجاح الزواج على حسب من سيتزوج، وكيف ستتم عملية الزواج. فهناك شخص متيسر ماديًا لديه ابن مصاب بمتلازمة داون قام بتزويجه من فتاة لديها نفس المتلازمة، ووفر لهما شخص يقوم على رعايتهما؛ فالزواج هنا ما هو إلا نوع من اللعب؛ وبالتالى ليس هناك مشاكل ناتجة عنه. وهناك حالات أخرى لا يمكنها تحمل مسئولية الزواج والعمل وإدارة أسرة فيكون الأمر صعبًا عليهما؛ وبالتالى لا بد من التأهيل قبل الزواج على المهارات الحياتية البسيطة، ولا بد من تعهد الأب والأم من الأسرتين برعاية المقبلين على الزواج بشكل إجبارى على ألا تسمح الكنيسة أو الأزهر بالزواج إذا لم يحدث هذا الأمر. ولابد من وجود تشريعات تجّرم الأهل الذين يقومون بالكذب والخداع. 

ولا بد من إضافة تحليل إضافى للمقبلين على الزواج إذا لاحظ الطبيب وجود أمر غير طبيعى على الشاب أو الفتاة، وهو إجراء اختبار ذكاء للتأكد من العمر العقلى له ليقرر إذا كان مؤهلًا للزواج أم لا؟. ويمكن تشجيع الأهالى الراغبين فى ذلك بتوفير دورات تنمية مهارات ما قبل الزواج، يشبه كورس المخطوبين الذى أطلقه بيت العيلة لتأهيل الشباب الطبيعيين للزواج على أن يتم عمل إرشاد أسرى وتعديل سلوك للشاب أو الفتاة المقبلين على الزواج والأسرة التى ستقوم على رعايته. 

 شروط الزواج والمشكلات الاجتماعية

فيما يؤكد د. رشاد أحمد عبداللطيف، أستاذ تنظيم المجتمع بكلية الخدمة الاجتماعية جامعة حلوان أنه لا قيود مجتمعية على زواج أى شخص من ذوى الهمم، كما أن القوانين الدولية لا تمنع ذلك. وفى حالة المتأخر عقليًا ليس هناك مانع إلا إذا كانت درجة التأخر قد وصلت لمرحلة المرض العقلى، فلا يكون فى استطاعته التفكير أو الإنجاب أو حتى القيام بعملية الحب التى من المفترض أن تقوم بين طرفين.

وبالتالى يمكن الزواج لحالات التأخر البسيط المتقدمة سلوكيًا والقادرة على التعايش اجتماعيًا. فمريض التأخر البسيط قابل للعلاج والتأهيل؛ لكن لن يكون لديه الأهلية الكاملة فيتم الزواج بشروط وهي: أن تكون نسبة التأخر ما فوق 70 درجة إذا حددناها وفق المنحنى الجرسى للذكاء، أن ترعاه الأسرة والأطباء، أن ترعاه الجمعيات الأهلية داخل المناطق السكنية المحيطة، أن ترعاه الدولة بتوفير الدعم المناسب لمثل هذه الفئات سواء كان دعمًا ماديًا أو أسريًا، أو دعمًا فى إصدار قوانين منظمة لرعايتهم والحد من استغلالهم. لأنه يمكن أن يتم استغلاله فى السرقة لأنه غير مدرك للأمر. ليعيش مثل أى شخص عادي؛ ولكن تحت ظروف معينة وتحت علاج مستمر. 

 الصحة الإنجابية

وفيما يتعلق بالصحة الإنجابية لحالات التأخر العقلى تشير د. آمال محمود محمد، أستاذ الوراثة البشرية فى معهد الوراثة البشرية وأبحاث الجينوم فى المعهد القومى للبحوث إلى أنه يمكن سن قانون منظم لعملية زواج حالات التأخر العقلى بتشكيل لجنة مشابهة للجنة الموجودة فى وزارة الصحة المختصة بتشخيص حالات اضطراب الهوية الجنسية يكون من بين أعضائها متخصص فى علم النفس، ومتخصص فى علم الوراثة، ومتخصص فى علم الجينات، من أجل تقييم الحالة. ولا بد أن يعرف الطبيب المتخصص فى الوراثة أو الوراثة الإكلينيكة الذى يقوم بتقييم سبب الإعاقة عند الشخص المصاب بالتأخر العقلى وهل هو سبب وراثى أو مُكتسب. فإذا كان السبب مُكتسبًا ناتجًا عن خطأ أثناء الولادة، أو إصابة الطفل بالحمى وهو صغير نتج عنها ضرر فى الدماغ؛ فى تلك الحالة لن تكون هناك مشكلة فى الطفل المولود. أما إذا كان التأخر العقلى لسبب وراثى ناتج عن مرض وراثى متواجد فى التكوين الجينى للمريض، سيخضع المريض حينها لما يُعرف ب genetic councling أو نصح وراثى لمعرفة نسبة الوراثة للمرض، وهل سينتقل المرض للابن أم لا، فالأمراض الوراثية كثيرة ولكل مرض نسبة مختلفة. فإذا كانت صفة المرض سائدة فهذا يعنى أن نسبة التكرار فى كل حمل 50 %، وإذا كانت متنحية فإن نسبة التكرار فى كل حمل 25 %، أوقد تكون مشكلة فى الكروموسومات تورث بنسبة 50 %. وفى حالة حدوث حمل وكانت نسبة وراثة المرض كبيرة يمكن للأسرة إنهاء الحمل فى الأشهر الثلاثة الأولى، وهو قرار يرجع للأسرة فى المقام الأول. أو يمكن القيام بعملية تلقيح خارج الرحم، وذلك بتخصيب أكثر من بويضة. وتخضع البويضات المخصبة لاختبار ونأخذ البويضة المخصبة السليمة ويتم زراعتها فى الرحم ويكتمل الحمل. فبالتشخيص الوراثى الصحيح يمكن تقديم نصح وراثى سليم، ونمنع تكرار حدوث الأمر مرة أخرى.

وتضيف د. آمال: حتى تلك اللحظة لم نصل لعلاجات لحالات التأخر داخل بطن الأم؛ لكن يمكن مع المصابين بمتلازمة داون تقديم بعض العلاجات مبكرًا لتنمى نسبة الذكاء، وتعالج بعض خلايا المخ، وتمنع تدهور الحالة لن يصل لمرحلة الطفل العادي؛ لكنها تساعده على التحسن كثيرًا، ومن الجدير بالذكر أن علم الوراثة فى تقدم مستمر وسريع ويمكن اكتشاف علاجات فى المستقبل. ومنذ وقت قريب اكتشفت أستاذ الوراثة الإكلينيكية بالمعهد القومى للبحوث د. مها زكى طفرة جينية تصيب الأجنة وتتسبب لهم فى الإعاقة أطلق عليها «متلازمة زكي» نسبة لها، وتم اكتشاف طرق محتملة لمنع حدوث هذه الطفرة عن طريق إعطاء دواء أثناء الحمل فلاحظ الباحثون شفاء الأجنة من الإعاقات تمامًا بعد تعاطى الدواء وما زالت التجارب مستمرة. 

 الناحية القانونية لزواج حالات التأخر

وفيما يتعلق بالوضع القانونى لزواج حالات التأخر العقلى يقول أ. عمرو فاروق فرج، المحامى بالنقض والإدارية والدستورية العليا: «إن الحالات المصابة بالتأخر العقلى تفتقد شرطًا من شروط عقد الزواج لأنها غير مؤهلة للقيام بتبعات عقد النكاح؛ إلا إذا كانت هذه الآفة العقلية بدرجة لا تؤثر على العقد، وهذا الشق يحتاج إلى إفادة طبية نفسية أو عقلية؛ ولكن عقود النكاح جميعها لها ذات العقد والشروط ولا يوجد طبيعة خاصة للعقد فى حالة الاختلال العقلى لأى من طرفى الزواج. وهذا ينطبق على كل حالات التأخر العقلى كمبدأ عام.

بينما يؤكد د. سامح محمد الجعبرى، المحامى بالاستئناف العالى ومجلس الدولة على جواز زواج المتأخر عقليًا طالما لم يتم تشخيصه طبيًا على أنه خطر؛ لكنه لا يباشر عقد زواجه بنفسه، إنما يقوم النائب القانونى عنه بتولى هذا الأمر. وتكون الولاية للأب أو الجد أو الابن الأكبر إذا كان الأب هو المصاب بالآفة العقلية.