الخميس 16 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

بعد أن توجت بالذهبية فى بطولة إفريقيا التى أقيمت بالمغرب: ناردين إيهاب «السلاح» ليست رياضة عنيفة

نجحت ناردين إيهاب، بطلة مصر فى سلاح سيف المبارزة، فى التتويج ببطولة إفريقيا التى أقيمت أواخر يونيو الماضى فى المغرب، بعدما فازت بميداليتين ذهبيتين على مستوى منافسات الفرق والفردية. ناردين (26عامًا) لاعبة نادى سبورتينج السكندرى والمنتخب الوطنى للسلاح انطلقت فى اللعبة وهى فى التاسعة من عمرها حتى انضمت للمنتخب عام 2010، حصدت خلال سنواتها الماضية على العديد من الميداليات المحلية والدولية.



 

«ناردين» فازت بأول ميدالية فى تاريخ رياضة السلاح المصرية للبنات عام 2016 من بطولة العالم بإيطاليا، ثم توالت المشاركات فى البطولات الدولية لتحصل على تصنيف الـ33 على العالم وفقًا للاتحاد الدولى لرياضة السلاح والمنصفة الأولى محليًا.

من المؤكد صناعة بطل رياضى تحمل خلفها مشوارًا طويلاً من الاجتهاد والمثابرة، يتجاوز هذه اللحظات القليلة التى نرى فيها التتويج للبطل وحصوله على الميدالية.. عن المشوار الصعب تحدثت «ناردين إيهاب» لـ«روزاليوسف»، عن دعم أسرتها، ودور الاتحاد وطموحاتها فى المستقبل.

فى البداية.. كيف جاء اختيارك لممارسة رياضة السلاح؟

- الصدفة! كنت طفلة صغيرة عمرى لا يتجاوز السنوات التسع، لا أحب الدراسة ومولعة بتجريب رياضات مختلفة فى النادى، وكنت ألعب سلة آنذاك، عندما طلبت صديقتى الذهاب معها لمشاهدتها فى تمرين السلاح، وربما تعجبنى وأشاركها اللعبة، ذهبت فعلاً وطلب المدرب تجربة أكثر من حركة، ونفذتها بسهولة جدًا. لفت نظره أدائى، وحاول يقنعنى بالانضمام للتدريب فى المرة المقبلة، وطلب الحديث مع أبى ليوضح له إمكانية تفوقى باللعبة وأنها تحظى بمستقبل أفضل؛ لأن فيها منافسات فردية بجانب الفرق وهكذا. أقنعنى أبى بتجربة التدريب على السلاح بجانب السلة التى كنت أتمسّك بها أكثر خلال هذه الفترة، وضاعف من ارتباطى بالسلاح مع الوقت تشجع المدرب ودعمه وشرائه لى الأدوات اللازمة للعبة.

وبعد أربعة شهور من التدريب اشتركت فى بطولة محلية ووصلت للدور الـ16، وكان ذلك إنجازًا لطفلة فى بداية التدريب ومن دون خبرة، وهنا كان يلزم التركيز على السلاح وترك «كرة السلة»، لم أوافق فى البداية ولكن نجح أبى فى إقناعى بفرصتى فى السفر لبطولات عديدة مع «السلاح»، حتى وافقت وبدأت فى التدريب والتطور حتى التحقت بالمنتخب الوطنى عام 2009، واشتركت فى بطولات جمهورية ومحلية كثيرة حتى جاءت أول بطولة دولية أشترك فيها، وهى بطولة العالم فى بلغاريا 2010 ولا أستطيع نسيان المرة الأولى فى اللعب الدولى، ثم توالت البطولات وحصد الميداليات.

ما الفرق بين سلاح السيف والمبارزة وسلاح الشيش؟

- المبارزة بشكل عام تضم هذه الأنواع الثلاثة من الألعاب، والفارق بينها هو شكل السيف ومكان الإصابة الذى يحرزه فى اللاعب المنافس أو فيما يُعرَف بالهدف القانونى فى الأسلحة الثلاثة (مناطق اللمس). «سلاح الشيش»: الهدف فى سلاح الشيش الجذع والصدر والظهر ومثلث البطن، ويتم تسجيل اللمسة بحرف السيف؛ أمّا «سلاح السيف» فالهدف فى سلاح السيف الجزء العلوى من الجسم ويشمل الجذع والرأس والذراعين، وتكون اللمسة صحيحة بحَرفه أو بحدّه، وهو قريب الشبه بالسيف الذى كان يستخدم سابقًا فى الحروب.

والنوع الثالث وهو «سلاح سيف المبارزة» الهدف فى سلاح سيف المبارزة جميع أجزاء جسم اللاعب بما فى ذلك الملابس والأدوات الخاصة باللاعب عدا السلاح، ويتم تسجيل اللمسة بحَرف السيف.

لو تكلمينا عن أهمية التتويج بميداليتين ذهبيتين؟

- أهمية هذه البطولة تعود لإثباتك لكل المنافسين بإفريقيا بأنك تسيرين على خطة محددة، وتتمتعين بتركيز وتحضير قوى، الفوز بهذه البطولة يعتمد أكثر على الجانب الذهنى أكثر من السلاح؛ خصوصًا مع اللعب فى مباريات مع زملائك المصريين، ومن ثم كلما كنتِ جاهزة ذهنيًا نجحت. والتتويج الذهبى مهم ومحفز ومحطة تذهب بى لمحطة جديدة فى اللعبة.

تغلبتِ فى المباراة النهائية على زميلتك المصرية شرويت جابر.. ما الفرق بين المنافس المصرى والأجنبى؟

- المنافس المصرى يعرف جيدًا طريقة لعبك وتكنيكها، ومسافتك وسرعتك وإيقاعك باللعب، فى النهاية «انتِ وشطارتك لو عرفتى كلاعبة تغيرى كل ذلك هتسيطرى على المباراة من بدايتها لآخرها، لو فشلتِ المنافس سيكون أذكى بلا شك ويفوز بالمباراة»؛ أمّا المباريات الخارجية فهى تحتاج لامتلاك الخبرة الكافية لتتمكنى من اللعب مع كل منافس ومَدرسته؛ لأن المدارس بالخارج فى رياضة السلاح مختلفة ومتنوعة وكل بلد له مَدرسة باللعب.

أنتِ مُصنفة رقم 33 عالميًا وفق «FIE» الاتحاد الدولى لسلاح مبارزة السيف والأولى محليًا.. كيف كانت رحلتك لتحقيق ذلك؟

- الرحلة لم تكن سهلة على الإطلاق، بدأت اللعب الدولى عام 2016 وكان مجرد دخولى التصنيف فى مربع الأربعينيات والخمسينيات آنذاك خطوة قوية ومهمة جدًا؛ لأن المنافسة شرسة وليست سهلة مع اللاعبين الدوليين، الذين يتلقون الدعم من بلادهم والإنفاق لكى يتفرغوا فقط للرياضة وتدريباتها، عكس اللاعب فى مصر فهو يدرس ويعمل ويكافح بجانب الرياضة، فضلاً عن أن مدارس رياضة السلاح بالخارج قوية جدًا. لذا كلاعبى/ لاعبات السلاح المصرى حاليًا فخورون بما حققناه من تصنيفات دولية فى أنواع اللعبة المختلفة، والمؤكد أن خبرة اللاعب/ اللاعبة التى يكتسبها عبر سنوات، والتدريب المستمر والمشاركة والاحتكاك ببطولات عديدة خارجية ومحلية تصقل مهاراته وتضعه فى تنصيف مميز.

ما أهم البطولات التى فزتِ بها وتتوقفين أمامها؟

- لن أنسى «برونزية» كأس العالم عام 2016 فى إيطاليا، هى من أهم البطولات فى حياتى لعدة أسباب؛ كانت أول بطولة أفوز بها بعد وفاة «أبى»، وهى تعنى لى الكثير معنويًا، وأول ميدالية فى تاريخ رياضة السلاح المصرية للبنات، أخيرًا لكونها أول ميدالية دولية أفوز بها فى مشوارى الرياضى الاحترافى واقتنصتها بصعوبة بعد تغلبى على أربع لاعبات إيطاليات فزت عليهن على أرضهن.

أمّا ثانى بطولة فكانت «كأس العالم للفرق»، واكتسبت فيها خبرة من نوع مختلف، عشنا كفريق لحظات قوية مع بعض، وكان هدفنا واحدًا وهو «المكسب». وأخيرًا وصولى لدور الـ16 كأول لاعبة مصرية فى تاريخ سلاح المبارزة فى بطولة كأس العالم لسلاح سيف المبارزة سيدات، التى نُظمت فى بولندا مايو 2022؛ لكونها أول بطولة دولية أشارك فيها بعد شهور من مرحلة التعافى بعد إصابتى بالرباط الصليبى أواخر 2021، كان لدىّ شعور بعدم الثقة وحركتى ليست الأفضل بعد الإصابة ومشاعرى مضطربة بين الرغبة فى إثبات عودتى بقوة وبين الخوف من الخسارة ولكن وصولى لدور الـ 16 والمنافسة مع أهم لاعبات دوليات فى مباريات قوية أعادت لى الثقة، جعلت هذه البطولة تُمثل محطة مهمة فى مشوارى الرياضى.

ما التحديات التى تواجه لاعبى السلاح، وما دور الاتحاد المصرى للمبارزة فى تذليل العقبات؟

- نحظى فى هذه الفترة بجهاز متكامل يوفره الاتحاد وهذا ما يحقق النجاح، لدينا fitness coach وmental coach على أعلى مستوى بالإضافة إلى المدربين والجهاز الفنى، الجميع يبذل كل ما فى وسعه لتذليل كل شىء يحتاجه لاعبي/ لاعبات المنتخب. ولكن نأمل فى توفير معسكرات خارجية أكثر وهو ما يسمح لنا الاحتكاك بخبرات لاعبين لدول مختلفة؛ لأن اللعب مع زملاء المنتخب المصرى لن يخرجنا من المنطقة الآمنة. 

كما نطالب كلاعبات سلاح بتغيير التصور النمطى الذى اعتاده الاتحاد منذ سنوات طويلة تجاه اللاعبات الفتيات، من حيث إتاحة فرص أكثر للذكور بالسلاح للسفر والمشاركة فى البطولات عكس البنات، فمثًلا لماذا نُحرَم كلاعبات من المشاركة فى بطولة ألعاب البحر المتوسط  الأخيرة بالجزائر، لمجرد أنه لم يتوقع حصول الفتيات على ميداليات تؤهلهن للبطولة عكس الذكور؟! 

ولكن حدث العكس تمامًا، حصل الفتيات على ميداليات ذهبية، بل خضت كأس العالم للسيدات ووصلت لدور الـ 16، إذن ما ذنبى كلاعبة سلاح مبارزة سيف تدربت وبذلت كل طاقتى وجهدى فى الأداء والمكسب مثل الذكور تمامًا ولم أسافر فى النهاية لبطولة البحر المتوسط؟!. المعادلة تغيرت الآن ونريد أن تتغير الخطط أيضًا، الفتيات فى السلاح يُحرزن ميداليات ونجاحات لا تقل عن الرجال. 

ما رأيك فى تصنيف البعض للرياضات بين ألعاب تصلح للنساء وأخرى للرجال، من بينها السلاح مثلاً؟

- أولاً «مفيش حاجة اسمها رياضة للبنات فقط وأخرى للأولاد، أرفض هذا التنميط».. المعيار هو الكفاءة والخبرة والميداليات، أمّا من يعتقد أن السلاح رياضة عنيفة لمجرد أنه يرى فتيات يرتدين خوذة وبذلة وسيف، عفوًا هو لا يعرف اللعبة جيدًا ولم يشاهد مباراة واحدة لها! السلاح هى لِعبة فرنسية لها قواعد صارمة وإتيكيت فى اللعب، لو لاعب قام بهجوم attack على المنافس يحصل على إنذار، إمساكنا بالسيوف ليس معناه دخولنا معركة أو حربًا، فالمسألة ليست بهذه البساطة.

كيف كان الدعم العائلى لطموحك الرياضى فى ظل مخاوف بعض الأُسَر من تأثير الرياضة على الدراسة الأكاديمية لأبنائهم؟

- «من دون عائلتى لما استطعت الوصول لأى نجاح».. أبى تولى جزءًا كبيرًا من المسيرة حتى وفاته استكملته أمى بحب ودعم، ولا أنكر أن عائلتى كانت تحمل ذات المخاوف على مستقبلى الدراسى؛ خصوصًا مع انخفاض مستواى التعليمى بالمقارنة مع شقيقتى الكبرى، ولكن كان تعامل الأسرة مختلفًا تمامًا، اصطحبونى لدكاترة ومعالجين نفسيين لمعرفة ما سبب عدم إجابتى فى الامتحانات رغم المذاكرة والمراجعة الجيدة، واهتمامى الدائم بالذهاب للنادى ولعب الرياضة، حتى شخصنى الأطباء بأن لدىّ نسبة من اضطراب فرط الحركة ADHD، وهو ما يصرف تركيزى عن كل شىء غير مهتمة به على رأسها كان الدراسة طبعًا، لسنوات ومع تفهم ووعى أسُرتى بهذا الاضطراب من خلال اتباعهم لتعليمات الأطباء، ساعدونى على التعايش معه، والسيطرة عليه، لم يكن هناك صراخ عائلى أو تعنيف تجاهى أو اتهامى بالفشل لو تعثرت فى الامتحان أو لم أذاكر دروسى، ولكن مع الوقت واحتوائهم بدأت أستوعب اختلافى وهذه الطاقة الكبيرة و«الهيبرة» التى بداخلى وتعلمت كيفية ترويضها، وبالفعل نجحت فيما بعد بالثانوية العامة وحصلت على مجموع 84% من دون درجات الحافز الرياضى، ثم تخرجت فى «الأكاديمية العربية لتكنولوچيا العلوم والنقل البحرى»، وتوازى النجاح الدراسى نجاح رياضى وبطولات عربية وإفريقية ودولية، وكل ذلك كان لن يتحقق من دون دعم أسرتى ورعايتها. 

ما رأيك فى التجنيس الرياضى التى أثارها لاعب الاسكواش محمد الشوربجى واللعب لصالح المنتخب الإنجليزى.. هل تلعبين يومًا لبلد آخر؟

- بلا شك أتمنى اللعب تحت عَلم مصر دائمًا ولكن لو الاتحاد مُقصر تجاهى كلاعبة محترفة لها متطلبات، وأثّر هذا التقصير على حياتى ماديًا ومعنويًا، وحاولت مِرارًا إبلاغهم بحصولى على عرض مميز وطلبت كثيرًا توفير الإمكانيات المطلوبة لى كلاعبة ولم يستجيبوا «ومحدّش ساعدنى ولا حَطنى فى الخطط.. طبعًا هروح ألعب لبلد آخر، مروحش ليه؟!».

علينا أن ننظر لما حدث مع «الشوربجى» بموضوعية، لا أحد يعلم معاناته وما تعرّض له، وفى النهاية «مفيش رياضى يتمنى يلعب باسم بلد ثانية وهو مولود فى مصر، لكن الضغوط هى من تجبرنا كلاعبين على الرحيل، ولا نمشى بإرادتنا».

 هل يزعجكم غياب الشهرة والجماهيرية رغم تحقيق منتخب السلاح سواء فرق أو فردى على ميداليات ذهبية وبطولات دولية عديدة؟

- بالعكس نشعر الآن بالتقدير الإعلامى والجماهيرى لم يكن هناك من يعرف ما هو الشيش أو لعبة السلاح، أتذكر عندما حصلت على أول ميدالية للسلاح فى كأس عالم عام 2016 لم يتحدث أحد معى من الإعلام، الآن الأمر اختلف، وأظن أن هذه المعرفة حققناها خلال السنوات من خلال نتائجنا وبطولاتنا، وكلما اجتهدنا أكثر ورفعنا عَلم مصر عاليًا عرف الجمهور هذه الرياضة سنة تلو الأخرى.

 

ما خططك المقبلة؟

- تَعلَمت أن وضع خطة وهدف لا يجعلنى أنسى المحطة المقبلة، أجهز نفسى منذ 8 سنوات للحاق بالأولمبيك ولكن كل أربع سنوات يُصيبنى ظرف لا إرادى يمنعنى من المشاركة، لم أيأس ولكن حريصة على استكمال المشوار. وأركز استعدادى حاليًا لبطولة العالم للسلاح، التى تُقام فى مصر منتصف يوليو الجارى.