الجمعة 26 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

بكره وبعده

غدًا وبإذن الله واحد أحد.. عندما ترغب فى الزوغان والهروب من عش الزوجية متحججًا بمشاغل العمل.. فإنك ترفع سماعة التليفون تحادث المدام متصنعًا لهجة الجد والزعل.. تختفى مشاعر الفرح والانبساط.. معلهش يا حبيبتى.. لن أستطيع الحضور الآن.. شغل يا حياتى.. عندى شغل.. مع السلامة.. وقبل أن تقفل السماعة يمكنك أن تطبع على جبينها قبلة حارّة بالتليفون!



والموضة الأحدث التى تدق الأبواب بشدة هى التليفون باللمس.. يعنى وأنت تحادث المدام أو الست الوالدة أو صديقك فى البلدة البعيدة.. لن تكتفى بسماع صوت الآخر فى التو واللحظة.. ولا تقنع برؤية من تحادثه على شاشة محمولك؛ وإنما فوق هذا وذاك.. تستطيع مصافحة الطرف الآخر يدًا بيد.. عبر التليفون الجديد!

والله العظيم إن التجربة حدثت بالفعل منذ أسابيع قليلة عندما قام علماء روس مع علماء أمريكان بهذه التجربة العبقرية التى تعد فتحًا جديدًا وخطوة علمية خارقة؛ حيث تصافح اثنان من العلماء عبر هذا التليفون المعجزة.. والحكاية أسهل من شكة الدبوس؛ حيث قام العالم الأمريكانى بالضغط بشدة على سمّاعة التليفون المزودة بشرائح كهرومغناطيسية خاصة.. التى نقلت ضغط اليد للعالم الأمريكانى عبر الأسلاك.. لتنتقل بمد الأثير وموجات الكهرباء واللا سلكى.. ومن خلال شبكة الأقمار الصناعية المنتشرة والمبعثرة فوق رؤوسنا فى السماء ترصد دَبّة النملة.. فاستقبلها واحد من تلك الأقمار المتخصصة ليعيد بثها من جديد إلى سماعة تليفون العالم الروسى الذى يمسك بها ويشاهد زميله على الشاشة أمامه.. فإذا بالسماعة تهتز بالموجات الكهرومغناطيسية التى سرت فى يد العالم الروسى الذى تلقى السلام باليد على بُعد آلاف الأميال!

الاختراع الجديد ليس فقط هو آخر اختراعات العلماء الذين لا يقفون على الحياد أبدًا لإعادة الأزواج الهاربين من عش الزوجية إلى قواعدهم سالمين.. ولن يستطيع حضرة الزوج بعد الآن التحجج بمشاغل العمل للهروب من فخ الزوجية.. وعليه عبر التليفون أن يمارس بعض واجباته ومنها طبع قبلة حارّة على جبين المدام!

ما يقلقنى حقًا هو تلاحُق الاختراعات وتتابعها بسرعة مذهلة.. وأقصد أنه كانت فى الماضى مراحل زمنية مقبولة وكافية تسمح للفرد العادى باستيعاب الاختراع ومعايشته حتى يستطيع تطويره وتغييره إذا لزم الأمر.

الآن الاختراعات بسرعة الصاروخ.. ومنذ ربع قرن ظهر التليفون المحمول كآخر صيحة فى دنيا الاتصالات.. فإذا بالمسألة تتطور ساعة بعد ساعة.. وعندك الآن التليفون المرئى والموبايل الساعة والموبايل الراديو والكاميرا والمسجل وفى الغد يخترعون ذلك الموبايل المزروع فى سِنّة بالفم!

إننا نقفز قفزات هائلة فى عالم الاتصالات.. فى حين أننا نتباعَد على أرض الواقع.. وإذا لم تصدقنى فراقب أربعة أشخاص يجلسون معًا فى مكان عام.. وستكتشف بسرعة أن ثلاثة منهم مشغولون تمامًا بالحوار والمحادثة مع آخرين.. أمّا الرابع فهو يجلس حائرًا يعصر تفكيره.. يحاول أن يتذكر أسماء أصدقائه الثلاثة!