الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

على حلقات مسلسلة.. ننشر سيناريو فيلم البوسطجى للكاتب الكبير/ صبرى موسى الحلقة "5"

 63 - حقول على السكة



- خارجى/ نهار

حقول فول لم تظهر قرونه بعد وأزهاره فى مقتبل العمر.. بعضها أبيض وبعضها ضارب للحمرة.. كلها تهتز فى حركة خفيفة لا نستطيع أن نحس بها من لقطة قريبة، بل لا بد أن تشمل نظرتنا الحقل على امتداده لنرى الحركة تجول فيه مختلفة النمط.. كأنما العيدان كلها فى هزة المرتلين تشترك فى أنشودة معسولة.. يتم تصوير الحقل من وجهة نظر شخص لا نراه يعبر على السكة.. فتشمله هذه الحقول بعطرها فينسى همومه ويسرح بذهنه.. ويشعر بأن ما بينه وبين الله عمار.. والمطلوب أن تعطينا صورة الحقل هذا الشعور.

 64 - مكتب البوسطة

- داخلى- نهار

حسنى مغمض العينين أمام الشباك وظهره إلى عباس.. كأنما يتنسم عبير زهور الفول.. فتملأ كيانه بالأسى.. ويقول لعباس:

حسنى: دربت نفسى على الرضا علشان الحياة تهون وشوية بشوية بقيت أشوف الحاجات الحلوة جنب الحاجات الوحشة.. الواحد مش لازم يسيب عينه تسرح على الطين والوساخة بس.

عباس يستمع إلى حسنى واجمًا.

حسنى لايزال معطيا ظهره لعباس يطل من النافذة على الخضرة الممتدة فى تلك الحقول البعيدة وراء البيوت.

(هى لقطة خيالية لا يشترط أبدًا أن تطابق الواقع.. تمهدنا لتلقى رحلة الهروب من سجن التقاليد.. التى قامت بها جميلة خلال زيارة النخيلة).

 65 - الطريق إلى النخيلة

- خارجى/ نهار

لقطة طويلة لريف الصعيد فى بداية الصيف يظهر بها نهر النيل.

من مكان ثابت بالقرب تتابع الكاميرا طائر الماء وهو يطير مغردًا بالقرب من سطح النيل مهاجرًا مع التيار.

 66 - بيت العمة بالنخيلة

- داخلى/ نهار

شباك يفتح أمام الكاميرا.. وضوء الشمس يصدم العين بتوهجه المفاجئ ثم نتمكن من رؤية أغصان شجرة عظيمة خارج الشباك، مليئة بالطيور.. جميلة داخل الحجرة المخصصة لها فى بيت العمة تواصل فتح الشباك وتنظر منه تتأمل الحديقة.

جميلة تندفع بسرعة وتغادر الغرفة إلى الصالة..

فى الصالة.. جميلة تندفع نحو عمتها المنشغلة بشيء من أعمال البيت.

جميلة: ياللا والنبى يا عمتى نروح.

العمة: اعجلى يا جميلة أمال.. أبوكى جايل خروج مافيش.

جميلة تتدلل على عمتها وترجوها

جميلة: والنبى يا عمة.. عشان خاطرى.. دى سهير صاحبتى الروح بالروح وكلنا عيش وملح سوا فى المدرسة..

وادكى حاتتعرفى على أمها كمان.

العمة: دنك زنى على ودانى يا بت.

جميلة: ما هو عمى مش عايرجع جبل الليل، زمانهم مشغولين واصل فى نجاوة الدودة.

العمة: طب اجعدى ساكتة بجى لما نشيع لهم الغدا فى الغيط، اخطف رجلى معاكى تشوفى صاحبتك، ونرجع جرى. جميلة لا تتمالك نفسها من الفرح لموافقة عمتها، فتقبلها.

 67 - بيت سهير بالنخيلة

- داخلى/ نهار

غرفة نوم ريفية بها سرير بأعمدة حديدية وأشياء تشبه الأيقونات معلقة على الحوائط.

والدة سهير نحيلة شاحبة ممدة على السرير وظهرها قائم.. ونصفها مغطى.

جميلة وعمتها تهمان بالجلوس وسهير فرحانة بالزيارة.

عمة جميلة تجلس بجوار فراش المريضة رفعت العباءة عن رأسها وتركتها تسقط حول وسطها.

والدة سهير: أهلاً وسهلاً.

عمة جميلة: أهلاً بك يا ختى.. خلليكى مرتاحة.. أنا حاقعد جارك هنا.

الأم: هى دى تبجى جميلة صاحبتك يا سهير؟

العمة: هى دى.. ودى عمتها اللى مشعلجاها فى ديلها علشان تشوف صاحبتها.

الأم: دى زيارتك لينا غالية جوى.. من زمان أسمع عليكى وأتشوج أزورك.. لكن صحتى مش مساعدانى.

جميلة إلى جوار سهير فى جانب وكل منهما فرحانة بوجود الأخرى.. تتهامسان بينما المرأتان الكبيرتان تتبادلان المجاملة.

العمة: شدة وتزول ياختى.

الأم: نحمد ربنا.. شرفتى النخيلة يا جميلة.

تخجل جميلة نوعا.

جميلة: يشرف مقدارك يا خالة.

الأم: يخليهم لبعض يارب.

العمة: سهير عاجلة وكاملة.. ما شاء الله.

وتنصرف البنتان من الغرفة..

سهير: يامه حفرج جميلة عالدار.

 68 - خارج بيت سهير

- نهار

ربما فى حديقة جافة أو حوش داخل سور البيت أو بجوار برج حمام أو جرن.

جميلة وسهير تدخلان الكادر جاريتين بمرح وهما تتبادلان كلمات المداعبة والترحيب.

أصوات زقزقة عصافير تملأ جو المشهد.

جميلة: (وهى تجرى بفرح) أنى فى النخيلة يا ولاد والنبى ما مصدقة نفسى.

سهير: اجفى يا جميلة نتحدث.

جميلة: عايزة أطير يا بت.. فرحانة جوى إنما جلبى عمال يدج يدج.. جسى يا بت.. عايفط من صدرى.

تتوقف جميلة وتمسك بيد سهير وتضعها على قلبها.

يدخل خليل قادمًا من الخارج فيفاجأ بوجود جميلة فيرتبك.. ويتعثر وهو يحدق فيها مبهوتًا، فيسقط ما بيده (مشتروات من السوق مثلاً).

البنتان تفاجآن بظهوره.

سهير تضحك على ارتباك شقيقها.

جميلة تضحك بخجل.

خليل يشاركهما الضحك.

لقطة لجميلة من وجهة نظر خليل وجهها وشعرها وعينيها.. تختلس النظر لخليل بحياء.

لقطة لخليل وهو يجمع ما سقط وينظر لجميلة بخجل «هو مراهق مكبوت منطوى.. خلاصة مميزة لتربية الصعيد الصارمة».

لقطة لوجه سهير تنظر لجميلة نظرة ذات معنى.

لقطة لوجه خليل.. يحاول الكلام فلا يستطيع.

لقطة لوجه جميلة.. شديدة الخجل والارتباك.

كل منهما يزداد ارتباكه كلما تلاقت عيناه بعينى الآخر.

يسمع صوت العمة مناديًا من الداخل فترتبك البنتان.

ص. العمة: يا جميلة.. إنتى فين؟

خليل يسرع بدخول البيت.

 69 - منطقة أثرية

- خارجى/ نهار

سهير وجميلة بين الآثار.. تقفزان فوق التماثيل المكسورة على الأرض، وهما تدخلان المشهد جريًا.. ثم تلحق جميلة بسهير وتجلس البنتان على جدار أثرى وهما تلهثان.

يظهر خليل فجأة خلفهما.

خليل: بت يا سهير.

سهير: كده يا خليل.. خضتنا....؟ إيه اللى جايبك دلوكيت..؟

خليل يتطلع إلى جميلة فتخفض وجهها

خليل: إزيك يا جميلة.. منورة النخيلة.

جميلة: (بخجل) تسلم.

خليل: اتفرجتوا عالأثرات..؟

جميلة: شوية حجر مكسر.. مافاهماش فيهم حاجة!

خليل: ده كان جصر كبير جوى.. أنى عارف حكايته.. احكيها لكم..؟

جميلة: هنا كان جصر.

خليل: آيوه.. سراية تيجى فدانين من زمان جوى.. جبل ما يسكنوها العفاريت.

سهير تنزعج ويبدو الخوف على جميلة.

سهير: عاتخوفنا بجى..

خليل: أنى بحكى عاللى عارفه.

أنتى خايفة يا جميلة.. ماتخافوش.. أنى معاكو.

جميلة: احكى لنا حكاية الجصر.

خليل يتبادل مع جميلة النظرات وهو يحاول أن يؤثر ويثير انتباهها.

جميلة تتأمل خليل سارحة فى حكايته.

خليل يختلس إليها النظر.

خليل: كان فيه ملك زمان جوى، كانت حداه بنت جميلة جوى جوى.. وكانت كل الملوك تطلب يدها وهو ما يرضاش.. كان عاوز يجوزها لابن واحد ملك من أصحابه الملوك.. لكن بنت الملك كانت بتحب واحد من الرعية وأبوها عرف بالحكاية دى جام بنالها الجصر ده بعيد جوى بره البلد وحبسها فيه وحرج عليها الخروج.. وكان مالى لها الجصر بالجواهر والدهب والأكل اللى تشتهيه.. لكن بنت الملك كانت رايده حبيبها وكانت تكتب له جوابات عالحجر بمية الدهب.

خليل: مش مصدجين.. طيب عاجيب لك حتة من جواب.

يتحرك خليل بين الآثار جاريا قافزًا ويبحث بين الحجارة حتى يعثر على قطعة من الحجر عليها كتابة بالرسم فينادى على سهير وجميلة.

خليل: تعالى شوفى يا سهير.. تعالى يا جميلة.

سهير وجميلة تغادران مكانهما وتتجهان إلى خليل.. وتتأملان الرسم على الحجر.

خليل: أجرالكم الجواب.

سهير: ده جواب ده.. دى عصفورة مرسومة.

خليل: أيوه يا عبيطة.. ما همه جواباتهم كانت تصاوير.

جميلة: احكى لنا يا خليل.. وبعدين بنت الملك عملت إيه..؟

خليل: بنت الملك.. أيوه.. بقت تشيع لحبيبها جوابات وبعدين هربت معاه وراحوا مملكة تانية؟

سهير: مالك يا جميلة مسهمة كده؟

جميلة: عاجول إيه.

خليل: تيجوا نتكلم إنجليزى.

سهير: فرجها يا خليل جلمك الأبنوس.. الخواجة كارتر عطاله جلم أبنوس هدية عشان بيتكلم إنجليزى مليح.

خليل: يا بت يا معرفته.

جميلة: «بحياء» فرجهولى كده.

سهير: إنت شايله معاك واصل فرجهولها.

خليل يتردد ويخجل

يخرج خليل قلم الأبنوس ويقدمه لجميلة.

جميلة تمسك بالقلم وتتأمله بإعجاب.. تفتحه وتكتب به على كف يدها.

جميلة: وعاتعمل إيه دلوكيت بعد ما خلصت مدرسة.

سهير: (بفخر) عايستوظف.

جميلة: يستوظف فين.

خليل: ماعارفش.. لكن نجيب أفندى واصف جوز أختى اللى فى إسكندرية، كان مواعدنى بوظيفة لما آخذ الشهادة وادينى كتبت له ومستنظر الرد.

جميلة تحدق فى وجه خليل بيأس.

جميلة: «بخوف» وعاتستوظف فى إسكندرية؟

 70 - حقل نخيل

- خارجى/ نهار

مساحة كبيرة من النخيل..

خليل وجميلة وسهير يدخلون المشهد جريًا بمرح.

خليل يقذف إحدى النخيل بالطوب ويسقط لهم بلحا.

سهير وجميلة تجريان إلى البلح..

جميلة: أنت موش حداكم أرض هنا.. ما تجعد تأخذ بالك منها.. 

خليل : وأنى كنت بتعلم عشان أخد بالى من الأرض.. أنى باتعلم علشان أسافر وأشتغل فى البلاد الكبيرة.. 

 الوجوم يستولى على جميلة.. سهير تلاحظ بينما خليل مشغول فى إسقاط البلح.. 

 سهير : تيجو نلعب استغماية.. 

 خليل : أيوه.. نلعب استغماية.. 

الثلاثة يمدون أيديهم يد كل منهم فوق يد الآخر، ثم يقلبونها فيطلع دور الماسكة على سهير

 الثلاثة : كلو بامية 

 سهير : أنى الماسكة

سهير تخفى عينيها وتستند مغماة على نخلة.. 

 خليل وجميلة يبتعدان داخل النخل.. 

رؤوس نخيل فى سماء صافية تلاعبها نسمات الصيف.. 

خليل ينطلق جاريا بمرح.. وجميلة خلفه.. 

جميلة وخليل يجريان ويد كل منهما فى يد الآخر داخل النخيل المرتفع إلى السماء بأغصانه تتسلل منها أشعة الشمس.. 

الكاميرا تجرى وعدستها مرفوعة وتحت سماء النخيل.. 

سهير تبتعد عن النخلة باحثة عنهما. 

 71 -حقل القمح 

- خارجى / نهار 

- خليل وجميلة يختبئان بين الأعواد.. 

- خليل يتعمد الاقتراب من جميلة ويلمس يدها.. وذراعها.. 

- سهير تبحث عنهما على حافة الحقل..

جميلة تقتحم سنابل القمح كأنها تسير بين السحاب.. كأنها تطير كالريشة

منتشية وخجولة، وخليل يتبعها كالمسحور.. 

سهير تنادى على الاثنين وقد اختفيا داخل القمح.. بعيدا عنها.. 

سهير: جميلة.. خليل.. يا ولاد.. 

سهير تدور حول نفسها باحثة عنهما.. 

72 - مخزن أو طاحونة مهجورة

– خارجى / نهار 

 خليل وجميلة مختبئان عند مدخل الطاحونة المهجورة أو مخزن الحبوب الفارغ.. كل منهما يشعر بجسد الآخر وهو ملتصق به أثناء الاختباء.…

 خليل يتحسس ذراع جميلة ويحاول تقبيلها.. 

 خليل يجذبها من يدها ويغيبان معا بمرح خائف فى ظلام المخزن كأنهما يواصلان اللعبة.. 

 سهير تخرج من حقل الذرة تنظر حولها باحثة عن خليل وجميلة.. تتجه ناحية ثم تعود لناحية أخرى.. ثم تكف عن البحث عنهما وتقفز ممسكة بالأغصان المدلاة..  >73 - بيت العمة بالنخيلة 

- داخلى / ليل 

غرفة جميلة مضاءة بالقمر الداخل من زجاج البلكونة المفتوحة الشيش.. من وراء الزجاج المغلق يضىء القمر الأغصان الكثيفة الأشجار خارج النافذة..

جميلة على سريرها.. حالمة ساهمة عيناها معلقتان بالأشجار خارج الغرفة وراء الزجاج.. 

صوت حصاة.. ثم أخرى.. يطرق الزجاج

جميلة تنتبه لصوت الحصى.. فتنهض وتلتفت لباب غرفتها الداخلى المغلق وتتجه إلى زجاج البلكونة فتفتحه.. 

ترى خليل بين الأشجار يلوح لها بالجواب وهو فرحان.. 

 جميلة تلتفت حولها بقلق وخوف 

جميلة : خليل.. إيه اللى جايبك دلوكيت.. ؟!

 خليل : (يهمس لها) لازم أتكلم معاكى يا جميلة، أنى حاسفر الصبح.. 

 جميلة : (بانزعاج) هتسافر ؟ 

 خليل : إسكندرية.. جواب جوز أختى جه النهارده العصر بيقول لى أسافر له (يسألها) أطلع لك.. 

جميلة: (بلهفة) لالا أوعى اعمل معروف.. 

خليل: عاوز أجعد معاكى حبة.. 

جميلة: حانزل لك أنى.. 

جميلة وخليل بين الأشجار.. لا يستطيع ضوء القمر أن يشملهما تماما.. 

وهمسهما المبحوح يسمع بوضوح.. 

جميلة تتعلق برقبة خليل كأنما توشك أن تفقده.. وتسند رأسها على كتفه وتهذى كالمحمومة.. 

جميلة: عاتسفر وتسيبنى يا خليل.. يا خليل أنا فى عارضك إوعى تسيبنى.

خليل يحاول تهدئتها، ويحتضنها.

خليل : ما تبجيش عبيطة أمال.. دنتى بجيتى فى جلبى من جوه.. موش عاغيب أبدا.. وأول ماهية جبضتها من عرج جبينى حاجى كوم النحل وأخطبك من بوكى.. 

جميلة: أنا بجيت فى يدك أعمل فيه اللى تعمله.

خليل: إنتى خايفة يا جميلة.. ؟ (يخرج من 

جيبه ورقة يناولها لها).. عنوان نجيب أفندى جوز أختى أهه اكتبى لى عليه.. جميلة (تتناول الورقة وتقرأها) بصعوبة على ضوء القمر.. 

خليل: عاوزك تكتبى لى وأنا أول ما تبعتيلى عنوان ح أكتب لك على كل حاجة..

جميلة: (تمزق الورقة التى فيها العنوان).. 

خليل (بدهشة).. بتجطعيها ليه.. ؟ 

جميلة: عنوانك يستحيل أنساه.. ما تخافش.. 

  74 - وسعاية السوق

– خارجى / ليل

رجلان يعبران الوسعاية الخالية المظلمة ويتجهان إلى بيت المعلم سلامة.. يسيران فى صلابة متجاورين.. متشابهان فى الملامح تقريبا.. كأنما يعتزمان أمرا.. 

زوجة المعلم سلامة ترقب الطريق من خلف حديد النافذة.

الرجلان ينعطفان إلى حوار الكنيسة ويتوقفان عند بيت المعلم سلامة ويرى أحدهما النافذة التى تطل منها زوجة المعلم..

زوجة المعلم سلامة تومئ للرجلين برأسها وتختفى.. 

الرجلان يتقدمان من الباب فى حركة واحدة متفاهمة..

 75 - دار المعلم سلامة 

- داخلى /ليل 

- زوجة المعلم سلامة تفتح الباب من الصالة فيتسلل الرجلان إلى الداخل.. أحدهما شابا نوعا.. وتغلق حليمة الباب بسرعة.. 

حليمة: من عشية وأنا مراجبة الطريج..!

الشاب: توما وصلنا.. 

الرجل: المعلم هنا.. ؟ 

حليمة: لع فى النخيلة.. 

الرجل : كان مرادى نتحدث معاه.. 

حليمة: (بانزعاج) تتحدثوا فى إيه يا شعلان..؟ 

الرجلان ينظر كل منهما للآخر بصمت فتتحرك بقلق.. 

حليمة: جولوا اللى فكركم ولا تخبوش.. ؟ 

الرجل: بدنا نعرف هى سايرة مع مين.. 

تقول حليمة بلهجة باردة وقاطعة كالسكين 

حليمة: أنى ما عارفاش.. البلد أهى بتجول.. والمعلم مالوش صالح فى حاجات من دى.. صح.. ؟

الشاب: صح 

الرجل: طب نادى لها..

 حليمة : أسمع يا شعلان.. بتكم تأخذوها داركم وتعرفوا صالحكم معاها هناك.. العجل زينة.. جالوها جبلنا.. والعاجل يشترى صالحه.. صح.. ؟ 

 الرجل : صح.. 

 حليمة تقترب من الباب الداخلى بالصالة فى جمود وصلابة ثم تفتح الباب الموارب فنرى الخادمة مريم نائمة على الأرض مغطاة.. حليمة تزغدها لتوقظها.. 

حليمة:.. بت يا مريم.. جومى ناسك بره.. أخوكى وخالك بيسألوا عليكى.. 

 الخادمة تفاجأ وتنهض فتسند ظهرها للحائط كأنها تلقت لطمة.. تنظر لأم جميلة لحظة وكأنها تتساءل هل وشت بها.. ولكن الأم تتعجلها ببرود..

الأم: عاتسيبيهم يستنظروا يا بت.. !

تنهض مريم وتتحرك إلى صالة البيت مذهولة مترددة.. بينما تختفى الأم داخل البيت.. ترى مريم الرجلين وتقترب بفرح ممزوج بالخوف وتمد يدها تسلم عليهما بلهفة.. يسلمان عليها باقتضاب.

مريم: خالى.. أخويا.. يا مرحبا.. 

الخال: مشتاجين لك جوى يا مريم ؟ 

الأخ: عاتيجى معنا لجصر دلوكيت يا مريم.. 

 مريم : خير يا خوى.. حصل حاجة.. ؟!

الخال : حدانا ناس اتكلموا عليكى، وجرينا فاتحة..

نظرته ولهجته تكذبانه.. مريم لا تصدق فتتلفت مذعورة.. 

الأم تجىء من الداخل تحمل ربطة ملابس الخادمة بنفسها ثم تلقى بها إلى أحد الرجلين فليقفها الشقيق والخال يجذب مريم إلى الخارج وهى تستغيث وقد فهمت أن أم جميلة قد وشت بها وتصيح.

مريم: أنى مليش ذنب.. حرام عليكم.. إنى ماليش ذنب.. 

الأم: (ببرود) يا بت عاتتجوزى بتزعطى ليه..؟

مريم: منك لله.. إنت عارفة أنى مابيديش حاجة.. 

الأم تلقى على كتفى مريم شال الخروج وتدفعها من ظهرها إلى الخارج وتغلق الباب.

 

76 - محطة كوم النحل

- خارجى/نهار

عزيز ناظر المحطة جالس خارج الكشك يلف سيجارة ثم يشعلها وهو ينظر ناحية السكة..

البوسطجى عباس على حماره يصعد السكة مقتربا من كشك المحطة.. ينزل عباس من الحمار مسلما على عزيز ويربط الحمار فى نافذة الكشك ويحمل عنه شنطة الصادر فيضعها على الأرض ويجلس بجوار عزيز ويتكلم وقد بدا عليه الإرهاق.

عباس: سلام عليكو..

عزيز: مرحبا يا عباس أفندى يعنى يا خويا ما جيتش امبارح تاخد الوارد..

عباس: والله كسلت يا عزيز أفندى بينى وبينك قرفت من دى شغلانة..

يقوم عزيز ويدخل الكشك ثم يعود بظرف كبير يناوله لعباس.

عزيز: الظرف ده جالك مع سواق القطر امبارح..

عباس: لازم المجلات اللى كنت طالبها من واحد صاحبى فى مصر.

عزيز: «ضاحكا» ناظر بوسطة وجواباتك تيجى باليد..

عباس: يطوح بيده بينى وبينك أسهل من هذه التسجيل والشحططة فى أكياس البوسطة.

تسمع صفارة القطار..

القطار يدخل محطة كوم النحل..

المعلم سلامة وابنته جميلة يغادران القطار إلى الرصيف.. وخلفهما بعض الركاب..

عباس يتجه إلى إحدى العربات ويتسلم حقيبة الوارد ويسير بها إلى الحمار..

ناظر المحطة يتكلم على البعد مع سائق القطار..

عباس يضع كيس الوارد على الحمار ويركبه مغادرا المحطة وهو يتحسس الظرف فى تلذذ مبتسمًا فى رضاء.

على السكة النازلة إلى البلد، يظهر المعلم سلامة فى المقدمة.. وخلفه ابنته جميلة فى عباءتها السوداء.. وحولهما بعض القادمين من المحطة وخلف الجميع يجيء البوسطجى عباس على حماره محتضنا كيس البوسطة.

عباس على حماره وسط السكة يمسك بالظرف ثم يفتح أحد جوانبه ويلقى نظرة بداخله من هذه الفتحة دون أن يخرج شيئا من الظرف ويبتسم وهو يغمغم.

عباس: دلوقت نروح والقاعدة تحلو.

 77ـ مكتب البوسطة

- داخلى/نهار

يدخل عباس من الخارج وهو يحمل كيس الوارد على ذراع والظرف المفتوح فى يده الأخرى.. يضع الظرف على جانب من الترابيزة ويقلب كيس الوارد أمامه ويستعد لعملية ختم الخطابات.

رشدى جالس على قرافيصه ينظر إلى عباس نظرة ليس لها معنى.

عباس: فز اعمل شاى بدل ما تبحلقلى كده!

رشدى يقوم لعمل الشاى ومن مكانه بجوار النار يكشف الظرف الكبير المفتوح على الترابيزة وتلفت نظره قدم امرأة عارٍ يظهر من فتحة الظرف.. حب الاستطلاع يدفع به بجوار الترابيزة يتلصص ودون أن يشعر به عباس يسحب صورة القدم العارية من داخل الظرف رويدا رويدا فيكشف أنها امرأة عارية على غلاف لأول مجلة من مجموعة لنساء عاريات داخل الظرف..

عدد من الفلاحين يظهر خلف النافذة تسأل عن خطاباتها فيستغل رشدى انشغال عباس ويسرق مجلة من المجموعة فى حركة واحدة سريعة..

ويخبئها فى صدر جلبابه.

رشدى يعود لعمل الشاى ويضعه باهتمام وبراءة مصطنعة أمام عباس الذى يردد أسامى الكفور والقرى فى قرف وملل أثناء فرزه للخطابات.. عباس يشرب الشاى فى عجل ثم يتجه للخروج ويأخذ معه كيس البريد للتوزيع ومظروف المجلات.

رشدى أصبح بمفرده بالمكتب يلقى نظرة من الباب ليتأكد من ابتعاد عباس، ثم يسحب المجلة من داخل جلبابه ويفتحهما ثم يقلب صفحاتها فى متعة صامتة عبر عن انفعالاته الداخلية ولا يستطيع النطق أو الحركة.. يجرى رشدى إلى باب البوسطة.