الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

يوم التضامن

البنت الخواجاية تقف فى استقبال زبائن السوبر ماركت وفى يدها شنطة فارغة لمن يرغب.. وتسأل فتعرف أن اليوم اسمه «يوم التضامُن».. يعنى يوم التضامُن مع الفقراء.. وتتولى سعادتك تعبئة الشنطة بما لذ وطاب.. ثم تدفع ثمَنها وتُسلمها للبنت السنيورة التى تتولى توزيعها على الفقراء والمحتاجين طبقًا لقوائم مُحكمة تضم أسماء وعناوين المحتاجين.. ومع أن أوروبا لا تعرف ظاهرة الفقر، وعندها الحد الأدنى للراتب وعندها الإعانات الاجتماعية والخدمات الطبية المجانية؛ لكن هناك فقراء من المهاجرين واللاجئين من دون أوراق رسمية.. والمهم أن التوزيع يتم سرًا داخل البيوت دون إحراج أو إهدار للكرامة الإنسانية!



 

لا يعرفون هناك ظاهرة المُحسن الكريم الذى يقف بالميكروفون عند أول الشارع ينادى الفقراء بالاسم.. والذين يتدافعون- يا عينى- فيسقط منهم مَن يسقط.. وعند الخواجة توزيع الشنط تقوم به جمعيات المجتمع المدنى والأحزاب السياسية المختلفة.. تمامًا كما كان يَحدث عندنا أيام زمان؛ حيث كانت الجهود تطوّعية يقوم بها المواطن سرًا مع أهل المَنطقة أو الحى.. هو يعرف مَن الغلبان ومَن المحتاج ومَن المستحق للحَسَنة.. هو يفعل ذلك سرًا.. دون إهانة أو إهدار لكرامة الغلبان!

التضامُن.. أو التكافل الاجتماعى ظاهرة تعرفها الشعوب الشبعانة وتعنى أن تساند أخاك فى محنة الفقر أو العَجز.. تسانده سرًا بحيث لا تعلم شمالك ما تنفقه يمينك.. الإحسان يتم سرًا وليس فى زفة صاخبة أمام السيارة التى توزع الإعانة تعين فيها المُحتاج الذى يمد يده طلبًا للحَسَنة والرزق الحلال!

والخيبة أن عندنا وزارات وأحزاب وأعضاء برلمان.. وأخشى أن يكونوا من طبقة تسكن الأبراج العاجية.. ولا يعرفون عن أحوال الفقراء الكثير.. ليس عندهم إحصاء بالفقراء والمحتاجين.. بدليل أنهم عندما يوزعون «شنطة رمضان» يوزعونها عشوائيًا ويفوز بها مَن يملك القدرة والعضلات.. فتسقط الأرامل والعجائز اللائى تدوسهن الأقدام من فرط الزحام والتدافع!

ما أقصده أنه على الميسورين أن يتحمّلوا مسئوليتهم أخلاقيًا وسياسيًا.. ومصر ليست دولة فقيرة بالمناسبة.. هى فقط تعانى غياب التنظيم والعدالة الاجتماعية.. ولا تنسَى أن الفقراء خرجوا فى ثوراتهم يطالبون بالعدالة الاجتماعية.. والفقراء هم مَن يتحمّلون فواتير الإصلاحات والخطط والتجارب الاقتصادية المتوالية.. وعلى الدولة أن تتحمّل بشجاعة مشكلة فقرائها دون أن تضطرهم للتسوُّل بصريح العبارة!

جمعيات المجتمع المدنى عندنا تشبه المتسوُّل المحترف الذى يجر وراءَه فى جولاته التسولية طفلاً مكسور الذراع.. يبتز به مَشاعر ميسورين.. هو يحتفظ به مكسورًا!.. لا يعالجه أبدًا؛ لأنه يجلب بذراعه المكسورة الفلوس الكثيرة..!!

عيب.. والله العظيم عيب..

كل عام وأنتم بخير.. وقد فعلها الخواجة الذى اقتبس من مجتمعاتنا فكرة «شنطة رمضان» ويطبقها فى خلال أيام مُعيّنة يطلق عليها اسم «يوم التضامُن».. يوزع فيها الهبات والحَسَنات بكرامة وتكافُل بحق وحقيقى.. ودون إهدار للمَشاعر الإنسانية!.