الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

روضة رمضان.. مع المفتى إشاعة السعادة فى أيام العيد فريضة إسلامية.. وصيغة تكبيرات المصريين شرعية

مع توديع شهر رمضان المبارك وحرصًا على استكمال تقديم الرؤية الدينية الواعية كان لابد فى لقائنا الخامس مع فضيلة المفتى الدكتور شوقى علام الحديث عن عيد الفطر، وكيفية الاحتفال به، والثواب المنتظر للصائمين فيه عقب شهر كامل من الطاعة والعبادة.. وكيفية ثبات المسلم على الطاعة عقب رمضان.



كما تطرق اللقاء مع المفتى لعدد من القضايا المهمة التى تمثل انحرافات فى فهم الأحكام الشرعية، والخوض فى الفتوى، وتأويل بعض العبارات بصورة توقع المسلم فى العديد من المحاذير الشرعية.

وفى بداية اللقاء تحدثنا مع فضيلة المفتى عن كيفية ثبات المسلم على الطاعة عقب شهر رمضان، وأهميته، حيث أوضح «أن المسلمَ الحقَّ لا يَمَلُّ من الطَّاعة والمداومة عليها وإنْ قَلَّتْ، ولا يعقب الصَّالحات بسيئات الأقوال ومنكرات الأخلاق، بل يواصل الخير بالخير والحسنات بالحسنات، فعلى المسلم أن يعلم أن فعل الخير، وأداء الطاعات شأنُهُما الاستمرارُ والدوام؛ فإن الخير والطاعة من المطلوبات على الدوام؛ كالإنفاق فى سبيل الله، وإطعام الطعام، ومواساة المحتاجين، وسَدِّ حاجتهم، من أفضل الأعمال وأحبها إلى الله تعالى. 

وعن عيد الفطر قال المفتى: إن عيد الفطر يمثل جائزة للمسلم حيث يحظى فيه بفرحتين عظيمتين هما: فرحة أداء ركن من أركان الإسلام الخمسة، وفرحة اليقين بجزيل الأجر والثواب بين يدى ربه عزَّ وجلَّ؛ كما فى قول النبى صلى الله عليه وسلم: «لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ: فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ، وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ»، كما أن فرحة العيد تشمل الغنى والفقير، وفيه يتجلى التكافل والتآخى بين أفراد المجتمع، فالمواطنون يبسطون أيديهم بالجود والسخاء، إلى إخوانهم الفقراء وتتحرك نفوسهم بالشفقة والرحمة، وتسرى فى قلوبهم روح المحبة والتآخى، فتذهب عن الناس الضغائن وتسودهم المحبة والمودة.

 استفت قلبك 

ومع انتهاء فضيلة المفتى من الحديث عن عيد الفطر والسنن المستحبة فيه توقفنا لنتعرف على أحد الأمور المهمة والتى انتشرت بين الناس وهى التطبيق الخاطئ لمقولة «استفتِ قلبك» كمن يحرم القنوت، أو من يعطى لنفسه الرخصة للإفطار فى غير رخصة، حيث أوضح المفتى أن تلك العبارة ليس معناها أن تختار لنفسك ما تشاء دون علم ولكن معناها الحقيقى أنك إذا خيِّرت بين أمرين كلاهما صحيح من عالم حق فاستفت قلبك فى أى الرأيين يكون مناسبًا لحالتك، والحالة التى يستفتى فيها المؤمن قلبه دون الرجوع لأحد عندما لا يجد من العلماء الصالحين من يفتيه - وهذا نادر الآن، فالعلماء كثيرون فى زماننا هذا فى المؤسسات الدينية الرسمية - فحينها يستفتى قلبه ويعمل بما يرتاح له، ولكن أيضًا عن علم بالله عز وجل ومعرفة بدينه.

ولفت إلى أنه فى فتاوى الفطر بسبب المرض لابد من الرجوع للطبيب الثقة فى الحالات التى تتطلب الإفطار، فهو المرجع الأول وعلى المريض المرخص له بالفطر أن يفطر حفاظًا على صحته وإذا كان يريد اغتنام ثواب العبادة فعليه أن يعلم أن حفظ نفسه وبدنه عبادة فهى ضمن المقاصد الخمسة المفروض عليه الحفاظ عليها.

 الفساد الإلكترونى 

ولم يكن من الممكن فى طرح القضايا تجاهل انتشار الفساد الإلكترونى وموقف الإفتاء من مواجهته، وهنا يوضح د. شوقى علام أنَّ وسائل التَّواصل الاجتماعى والفضاء الإلكترونى رغم أنها حازت قيمةً كبيرة فى حياتنا، إلا أنها أصبحت فى أغلب الأحوال بوابة لافتعال المعارك والخلافات والابتزاز والسبِّ والقذف والتدخُّل فى حياة الناس الخاصة؛ ولذا ينبغى أخذ الحِيطة والحذر والابتعاد عن الاستخدام السلبى لها، وعدم الاغترار بعالمها الافتراضى وغير الواقعى.

ولذلك علينا، وفق ما يراه مفتى الجمهورية، عدم الانزلاق إلى أمراض وسائل التواصل الاجتماعى، كالاجتراء على الحقِّ والخصوصية، وكذلك اجتزاء الحقيقة وتحريفها عن موضعها، التى تعد سياسة المتطرفين فى التعامل مع النصِّ الشرعيِّ وفى قراءتهم له، وفى قراءتهم للفتاوى والأحداث التاريخية وكل شيء، وهى النظرة المخالفة قطعًا لمسلك النبى الكريم.

 التحول الرقمى وتغير الفتوى 

وهنا كان لابد من السؤال حول التحول الرقمى، ومدى تغير الأحكام فى ظل التطور التكنولوجى، حيث أوضح مفتى الجمهورية أن مؤسساتنا الدينية اليوم تسعى لإعطاء تصور حول كل متعلقات التحول الرقمى، وما ينتج عنه من مسائل وأحكام، مثل مسائل الطلاق التى تقع عبر وسائل التواصل الحديثة، فقد أثيرت تلك المسألة فى الآونة الأخيرة، وكذلك قضية التواصل المرئى عبر تلك الوسائل، هل يقوم مقام الرؤية الحقيقية، وبالتالى هل يكون بديلًا عن رؤية الطفل مثلًا؟ وكذلك الجنايات التى يُعلَم من الشرع أنها تسقط بالشبهات، هل يمكن إثباتُها عن طريق الكاميرات والتقنية الحديثة أم لا؟ كل تلك المسائل تحتاج إلى نظر شرعى وَفْقَ القواعد والأصول المرعية فى الفقه الإسلامى.

 وهنا يرى المفتى أن النظر الفقهى لابد وأن يقارنه رؤية تشريعية قانونية، حتى يتوافر فيها جانب الإلزام والدقة، فيجب أن ينظر المُشرِّع بعناية إلى تلك التطورات المتلاحقة والتغيرات الكبيرة التى شكَّلت واقعًا جديدًا تمامًا، ومن ثم العمل على تعديل القوانين الحالية إن لزم الأمر وسن تشريعات جديدة مناسبة لذلك التطور؛ فقضايا مثل قضايا رؤية الطفل، والاعتداءات، وغيرها من القضايا أصبح للتقنية الحديثة ووسائل التواصل والاتصال تعلقٌ كبير بها، ولا بد للمشرِّع من مراعاة ذلك فى الجانب التشريعى».

 فتاوى تيك توك 

وعن مدى تأثر مجال الفتوى بالانحراف الإلكترونى أفاد المفتى أن الإفتاء المصرية مسئوليتها كبيرة فى هذا الصدد كونها أكبر مؤسسة إفتائية فى العالم لمواجهة غزو هذا الفضاء، والتعامل معه بذكاء وأن نكون مؤثرين، وقال فى حسم للأمر: نسعى دائمًا إلى إيجاد موضع قدم لنا على كل وسائل التواصل الاجتماعى. ومؤخرًا أنشأنا حسابًا على موقع «تيك توك» بعدما لاحظنا وجود عدد من الفتاوى الصوتية والأفكار الشاذة التى تنشر عبر هذا التطبيق.

ووفق ما أوضحه المفتى فإن تواجد دار الإفتاء المصرية إلكترونيًا شمل كل وسائل التواصل الاجتماعى بلا استثناء، وأهمها موقع الفيس بوك بعدد 18 صفحة بأكثر من لغة، ومنها الصفحة الرسمية للدار بعدد متابعين تخطى الـ 11 مليون متابع، وبإجمالى 15 مليون متابع تقريبًا على كل المنصات والمواقع، مؤكدًا قيام وحدات مختصة داخل الدار بتحليل ودراسة التفاعلات المختلفة من الجمهور والمتابعين على ما تكتبه الدار على وسائل التواصل الاجتماعى.

وبسؤال المفتى عن حقيقة الهجوم على دار الافتاء عقب اقتحامها مجال الفضاء الإلكترونى أجاب أنه بالفعل ظهرت بعض التعليقات والتفاعلات المسيئة التى يقف خلفها أعداء الوطن من أصحاب الفكر الإخوانى المتطرف وغيرهم، إلا أن الإفتاء أوضحت جميع شبهاتهم فى كثير من الفتاوى والإصدارات كالتأسلم السياسى والدليل المرجعى.

إلا أن المفتى يرى أن الأهم من ذلك كله وجود صنف ثالث من التفاعلات وهو صاحب النصيب الأكبر من الاهتمام والعناية، وهم أصحاب النقد البناء، قائلًا: «نحن نقدِّر ونثمِّن أى مقترحات أو نقد بنَّاء قائم على المنهجية والموضوعية يوجَّه للدار».