سعدون البواب يطاردنى فى حفل تتويج الناصر محمد بن قلاوون " الحلقة الثالثة"

توقفت مع عمنا ابن إياس الحلقة الماضية ليحكى لى قصة السلطان الناصر محمد بن قلاوون لكنه رد: 

يا فتى كيف تكون أحد عابرى الزمان وتريد أن أحكى غدًا نبدأ الرحلة من أولها 

بس لازم أرجع البيت يا معلم 

تخاف من زوجتك

مش النظرية بس الواد ابنى عنده تمرين ولازم أوديه 

ما شاء الله تعلمه السباحة أم الرماية أم ركوب الخيل؟ 

لأ حضرتك ده ونج شمال نادى إنبى. 

ماذا؟

متشغلش دماغك قولى امتى نتقابل وأكون عندك فى الموعد.

لم يتبق على الموعد إلا ساعات قليلة تناول العشاء ثم ستصحبك الجارية جلنار لتريك مخدعك 

هرشت رأسى بيدى وأنا أريد الاعتراض لكن نظرة إلى جلنار التى جاءت تحمل الطعام فى صينية من النحاس وتتمايل فى جسد أنثوى قريب الشبه  بـ«صوفيا لورين»  فى عزها جعلتنى أقول وأنا أنظر إلى عينيها الخضراوين بتمعن.

طالما شايف كده خلاص نبات النهاردة وربك يستر 

فى الصباح الباكر استيقظت على يد الجارية جلنار تربت على وجنتى بنعومة وابتسامها تنبئ عن صفين من اللؤلؤ :

سيدى يريدك سأجهز لك الحمام وثيابك الجديدة هل تريد الماء بالجورى أم الورد البلدى: 

أنا بشرب الميه ساقعة من التلاجة علطول

أحدثك عن ماء الاستحمام ياسيدى 

قولى والمصحف؟ هو فيه كده ياجدعان طب اعملى كوكتيل وتعالى ادعكيلى ضهرى 

بعد الحمام ارتديت الملابس المملوكية وخرجت أنا وابن إياس نتلمس طريقنا إلى قلعة الجبل وقمنا بتأجير بغلتين شقتا بنا الطريق المترب القريب من باب النصر مخترقين بعض الدور القليلة المقامة على الجانبين ونعرج على قبة وبيمارستان السلطان قلاوون الكبير ونخترق سويقة اللالا حيث الزحام الشديد فى ميدان القلعة وقد جلس التجار القادمون من الشام يعرضون مقاطع الحرير والدمقس ،بينما رجال تجلس تبيع اللبن الزبادى فى أوانٍ فخارية ونساء يعرضن بعض الحلى المصنوعة من العقيق وسيدات وبنات صغيرات وفى ركن سوق صغير للجوارى.

ناديت على ابن إياس الذى يسبقنى بقليل 

يا معلم ما تيجى نبص على سوق الجوارى ع السريع. 

ليس الآن يا ابن البدوى لا تتعجل الملك الأشرف خليل قتلوه ونريد أن نلحق اجتماع الأمراء فى قلعة الجبل.

منذ الوهلة الأولى لدخولنا القلعة عبر باب العزب والحراس يعاملون ابن إياس بـ احترام شديد وعندما يشيرون نحوى يقول

ابن البدوى مساعدى وحامل الأوراق والأقلام 

لم أعلق دول يا دوب رزمة ورق دشت وقلمين فرنساوى دخلنا مقر الاجتماع وبعد الترحاب جلسنا فى طرف القاعة ودخلت سيدة رائعة الجمال تجاوزت الخمسين من عمرها ومعها طفل لا يتجاوز التاسعة من العمر أسود الشعر والعينين تبدون عليهما إمارات الذكاء 

وقف المجلس كله احتراما للأميرة اشلون خاتون وابنها الأمير محمد بن قلاوون 

وبدأ الأمير زين الدين كتبغا وهو رجل طويل القامة أزرق العينين أشقر شبه العيال بتوع المنصورة

أعزى سيدتى وسيدى الأمير فى مقتل أخيه السلطان الأشرف خليل على يد الخائن حسام الدين لاجين

أشكرك أيها القائد كتبغا وأريد أن أعرف ماذا أنتم فاعلون الآن

قال كتبغا أنت زوجة أستاذى قلاوون الكبير وهذا الأمير ابن أستاذى وسنعلنه سلطانًا عوضًا عن أخيه وسنكون فى ظهره ونحميه  ملت على ابن إياس وقلت بصوت خفيض 

الراجل ده شكله هجاص وبتاع كلام يا معلم 

زغدنى ابن إياس ف اعتدلت ولاحظ الأمير كتبغا ونظر ناحيتى شذرًا.

لكنه اعتدل عندما قالت السلطانة أنا أثق فيكم أرسلوا للخليفة والقاضى ولتبدأ مراسم التتويج ولتكن أنت ياكتبغا الوفى نائبًا للسلطنة  كتبغا: القاضى والخليفة فى الإيوان الخارجى أحضرهم حالًا

دخل رجل يرتدى الزى الأزهرى ومال على ابن إياس قائلاً إنه حضرة القاضى ووقف له الجميع احترامًا 

ثم فوجئت بالبروجى ينفخ فى الترومبيت النحاسى قبل أن يعلن مولانا الخليفة.

وركع الجميع على ركبهم حتى السلطانة انحنت 

انحنيت أيضًا ورمقت القادم بنظرى فوجدت رجل سمين مدور تقريبًا قصير القامة شبه سعدون اللى بيغسللى العربية الصبح.

جلس سعدون على الكرسى وتقدم منه الصبى وقبل يديه فـ ألبسه عباءة طويلة عليه وقال ثبتناك على حكم مصر تحكم فيها بـ اسمنا وتسير بين الناس بالحق والعدل.

وتقدم القاضى ووضع يده على كتفه قائًلا بايعناك على سنة الله وكتاب رسوله الكريم. 

فجأة دقت الطبول والصاجات وذهبت السلطانة إلى سور قلعة الجبل والبروجية ينفخون فى آلاتهم والطبول تصدح ورسل من قبل القصر تخرج من أبواب القلعة تبشر الناس ادعوا بالنصر للسلطان الناصر محمد بن قلاوون.

ووقفت السلطانة ترمى بالدنانير الذهبية على الشعب المتجمع حول سور القلعة.

نظرت خلفى وجدت كتبغا يزيح سعدون من على الكرسى حاولت لفت نظر ابن إياس قال لى 

متشغلش بالك هو ليس الخليفة ده مجرد إعرابى كان تائهًا فى الصحراء المماليك استخدموه ليعطى الشرعية لمن يحكم تحت زعم أنه من نسل الخليفة العباسى.

قلت لـ ابن إياس: عباسى مين ده سعدون مستحيل أتوه عنه الظاهر هو كمان من بتوع السفر عبر الزمن ودينى لأروح أفتح دماغ أمه بياخد ٢٠٠ جنيه فى الشهر وبيليط العربية وأنا كنت حالف أضربه.

أعقل يا ابن البدوى هتودينا فى داهية.

استغللت فرصة ذهاب الجميع إلى سور قلعة الجبل وتركت يد ابن إياس الذى جرى ورائى وعدت إلى الخليفة الذى يقف وحيدًا فى قاعة العرش 

 قلت موجهًا كلامى لسعدون عاملى فيها خليفة يا ابن الصرمة.

أمسك لسانك يا هذا وإلا أمرت الحراس بقتلك 

تدخل ابن إياس عفوًا يامولانا الخليفة هذا مساعدى وقد أصابه مس شيطانى.

تفلت من ابن إياس وهجمت على سعدون ولسعته على قفاه هو فيه خليفة يلبس ساعة كاسيو ديجتال يا ابن الصرمة ودينى لـ أوريك.  ذهل ابن إياس من المشهد ونظر سعدون إلى الساعة وخلعها سريعًا ووضعها فى سيالة الجلابية.

وبصوت فيه استكانة قال استر عليا يا باشا الله يسترك.

فى تلك اللحظة دخل كتبغا يدير النظر فينا وسارع ابن إياس قائلًا نحن ندون هذه اللحظة التاريخية مع مولانا الخليفة.

طب أجهزوا الموكب السلطانى سينزل الآن من قلعة الجبل وليتقدم مولانا الخليفة ليمتطى حصانه.

قلت فى عقل باللى الله يكون فى عون الحصان هيركب شرايح ومسامير فى ضهره بعد ركوب سعدون عليه.

قال لى كتبغا أتقول شيئا ياهذا 

أنا بدعى لمولانا الخليفة.

التحقنا بالموكب الذى يضم المماليك البرجية بخيولها المزركشة على الجانبين تسبقهم مجموعة من الخيول تحمل البوق النحاسى والطبل والتى تضرب إيقاعًا يلفت انتباه العامة ويتقدم الجميع منادى على حصانه يرفع الصوت ادعوا بطول العمر للسلطان الناصر محمد بن قلاوون 

والجماهير المحتشدة على الطريق تلتقط الدراهم الذهبية التى يرمى بها الجمدارية يرددون عاش السلطان العظيم.

وفى قلب المشهد السلطان الطفل وإلى جواره كتبغا.

اخترق الموكب شارع الصليبة حتى قنطرة الدكة ثم عاد إلى ميدان الرميلة وسوق السلاح حتى باب النصر وعاد مرة أخرى إلى القلعة وجلس السلطان على العرش وأعلن كتبغا نائبًا للسلطنة.

وبدأت الجوارى فى إحضار الطعام كمية من اللحوم المشوية مهولة.

ضربت أنا وابن إياس طبقين رز بسمتى وحتتين ريش.

بصيت على سعدون البواب لقيت صينية مخصوص طالعة لابن الصرمة وماسك فخدة من اللى كان الفنان محمود البزاوى بياكلها وهو عامل دور واحد من الكفار.

المصيبة لقيت سعدون مطلع كيسة سمراء وبيغب فيها لحمة وراح دسسها فى جيب السيالة بتاع الجلابية.

انتهت حفلة التتويج وخرجت أنا وابن إياس ناخذ طريقنا إلى منزله. 

فى نفس التوقيت الذى خرج فيه موكب الخليفة سعدون فتركت ابن إياس وذهبت إلى سعدون أوقفت الموكب وقلت له انزل لى ياروح أمك.

سعدون نزل بمعاونة 2 حراس واقترب منى 

أؤمرنى ياباشا.

عايز العربية تبقى فلة وسيبك من اللحوسة بتاع كل يوم

حاضر ياباشا عنيا 

وأم أحمد هتاخد 100 جنيه بس فى المرة اللى هتساعد فيها المدام.

بس كده حرام ياباشا السعر موحد 250 جنيه 

طب خلى السعر الموحد ينفعك وأنا هفضح أمك دلوقتى.

خلاص ياباشا اللى تشوفه 

عدت إلى ابن إياس منتصرًا بينما الرجل متعجبًا وهو بيسألنى يبدو أن عابرى الأزمان قد ازدادوا وأن الخليفة أحدهم.

شكلها كده يا ابن إياس

قلت لـ ابن إياس وأنا أسلم عليه أطير أنا عشان متأخرش ع العيال 

هتيجى إمتى تانى؟

علطول يامعلم

ابن إياس: طب وحياة والدك قلمين فرنساوى ورزمتين دشت وأنت جاى 

عيونى يا معلم

كانت الساعة الواحدة صباحًا وأنا أدير المفتاح فى الباب بهدوء وأدخل المنزل أتفاجئ بزوجتى تجلس فى الظلام تشاهد مسلسل عروس بيروت.

حمد لله على السلامة طبعًا راجع اللوكاندة ومفكرتش تعبر اللى قاعدة فى البيت بتليفون 

اسكتى مش الموبايل واحد خطفه منى وقعدت أجرى وراه لغاية ما رماه.

أوعى يكون اتكسر 

لأ الحمد لله سليم رحت التوكيل فتحه ونضفه وبقى تمام بالمناسبة أم أحمد هتطلع تساعدك مرتين فى الأسبوع.

ودى اجيبلها 500 جنيه فى الأسبوع منين إن شاء الله.

ما تقلقيش أنا اتفقت مع الخليفة تاخد 100جنيه بس. 

اتفقت مع مين 

قصدى سعدون 

ووافق 

أيوه

يبقى تيجى 3 مرات 

مفيش مشكلة معندكيش فوار 

ليه

أصلى وأكل بره عند المعلم ميمى بحه والأكل عامل حرقان فى صدرى

قلت لك بطل رمرمة وأكل شوارع 

حاضر.

دخلت على الأوضة أترميت على السرير ونمت 

صحيت على زغدة فى جنبى.

إيهاب قوم شوف ابنك قاعد ع الموبايل ومش عايز يذاكر .

قمت مفزوع وأنا أقول فى سرى 

الله يصبحك بالخير يا جلنار.

على نفس القهوة فى حارة برجوان كنت أجلس أشرب الشاى أبو نعناع واستعجل القهوجى يغير حجر السلوم عندما دقت الساعة الثانية عشرة منتصف الليل وبدأت رحلتى عبر الزمن. 

هذه المرة كنت أعتقد أننى لا أثير الريبة لأننى أرتدى الجلابية الإماراتى أم كركوشة وبلغة مغربى صفراء لكن أحد الجند المسئولين عن إغلاق باب الحارة هتف جاسوس من الافرنج فعدت أركض من جديد هذه المرة كنت أحفظ مكان منزل ابن إياس طرقت الباب بشدة وفتحت جلنار الباب فدخلت وأغلقت الباب ورائى.

كانت جلنار تحمل فانوس به شمعة ولمحت ابتسامتها وهى تقول وحشتنى يا سيدى.

والختمة الشريفة انتى اللى واحشانى اكتر يا جلنار قوليلى سيدك صاحى ولا نايم ؟

فتح شباك مشربية فى الدور العلوى وسمعت صوت ابن إياس يقول ومين يجيله نوم وأنت بترزع على الباب كده يا ابن البدوى خليك عندك أنا نازل حالاً.

قبل أن ينزل ضربت إيدى فى جيب السيالة وأخرجت زجاجة كولوى فرنساوى وأعطيتها لجلنار .

ما هذا يا سيدى

حاجة مش قد المقام والنبى قبل الهدية ده برفان فرنساوى معتبر .

جلنار وماذا تعنى كلمة بارفان 

عطر يا حاجة عطر 

آه قصدك بيرفيوم 

وهنا نزل ابن إياس مرحبًا ثم قال ما هذا الزى الغريب.

جلابية إماراتى شاريها بعشرة ريال وأنا بعمل عمرة من سنتين.

كالعادة ثياب غير مناسبة 

المهم طمنى أخبار السلطان الناصر محمد بن قلاوون إيه.

هو فى كرب شديد وكتبغا يضيق عليه الخناق ويريد إزاحته وقد طلب اجتماعا عاجلا فى قلعة الجبل غدا مع قاضى القضاة والأمراء والخليفة.

سألته أنت بتشوف ابن الصرمة؟

من تقصد ؟

سعدون البواب بتاعى اللى عامل فيها الخليفة 

دائما آراه فى عزومات كبار الأمراء وألاحظ أنه يحمل دائما شيئًا مثل جلد الغزال لكنه أسود اللون يضع فيه قطعا كبيرة من اللحوم. دى كيسة سمراء يا مولانا ابن الطفسة بيغب لحمة من أبو بلاش بدل ما يدفع ١٤٠ جنيه فى الكيلو.

طب أقوم اريح عشان آجى معاك بكرة واستأذنك جلنار تجهزلى الحمام وتدعكلى ضهرى.

أشار بيده مبتسما فصعدت إلى غرفتى مع جلنار.

فى الصباح الباكر كانت جلنار تقف على رأس السرير ومعها أبريق نحاسى به ماء الورد غسلت وجهى وارتديت ملابسى ووجدت صينية طعام عامرة سألتها.

مش انزل أفطر مع ابن اياس 

سيدى ذهب إلى السوق يشترى دواه ومحبرة ومش معقول أسيبك تنزل على لحم بطنك 

تصدقى وتؤمنى بالله يا جلنار أنا بقالى يجى ١٥ سنة ما حد عبر أمى وفطرنى فى البيت وبفطر كل يوم على عربية الفول بتاع سيد ديناميت اللى فى السيدة زينب.

جاء ابن إياس وجلنار بتولع لى حجر الشيشة أشرت إليه تعالى جابر الزاد يامعلم 

لا أدخن فى الصباح يا ابن البدوى 

أنا مش عارف استعجلت ليه أنا جايب لك طقم أقلام فرنساوى وكشكول ١٠٠ ورقة معايا فى الشنطة أخرجت الأقلام والرجل فرح بها جدا ثم أخرجت الكشكول وأعطيته إياه.

الرجل متعجبًا سألنى هذا الرجل المرسوم صورته على القرطاسية من هو؟

ده مو صلاح أجمد لاعب فى ليفربول 

أهو من الفرنج؟

لأ من نجريج متشغلش بالك وتعالى نشوف كتبغا عايز إيه؟

كنا فى القاعة الكبرى نجلس عندما أعلن الآغا الواقف أمام الباب بصوت جهورى حضرة نائب السلطنة كتبغا المعظم وقفنا جميعا ودخل الرجل ثم جلس فى صدارة المشهد.

لقد جمعتكم لتشهدوا أن أمور الدولة غير مستقرة بسبب السلطان الطفل وتدخل أمه فى قرارات الدولة والمغول إلى أعتاب حدودنا الشرقية وأنا فى انتظار مشورتكم؟

ملت على ابن إياس وقلت له مش قلت لك من المرة اللى فاتت ده عيل ابن جزمة عويل

فى هذه اللحظة أعلن الآغا بصوت جهورى مولانا الخليفة المعظم سعدون الدين. 

لقيت سعدون داخل ووراه حارس شايل كيس عليه لفظ تى اند إن بالإنجليزية ثم أخرج عباءة لونها جملى وضعها على كتف كتبغا وقال أعلن عزل محمد ابن قلاوون ونفيه إلى حصن الكرك وتثبيت كتبغا سلطانا على المسلمين.

قلت لـ ابن إياس الواد ملحقش يا ولداه يتهنى على السلطنة فى أقل من سنة سعدون خلعه بعباية من أم 300 جنيه من تى اند أن. وما هى التى آند إن.

التوحيد والنور ياعم الحاج بعد ما طورت الشعار بتاعها.

أنا لازم أطير عشان عندى شغل بدرى وهرجعلك نشوف حكاية الغلبان ده.

عدت إلى المنزل وفتحت الباب وجدت زوجتى تنتظرنى فى الإنتريه.

إيهاب

نعم يا حبيبتى 

ما شوفتش إزازة الكولوى بتاعتى اللى اشتريتها امبارح راحت فين،؟

كنت أقف على باب ابن إياس فى حارة برجوان أضرب السقاطة وأنا أرتدى قبعة اليانكيز 

فتح الباب وجدت سيدة سمينة تحمل طفل مقلبظ وفتاة تمسك ديل ثوبها وتبكى والست تنهرها.

اسكتى سكتت عليكى حيطة أنت وأبوكى 

نعم يا سيدنا الأفندى عايز مين. 

خلعت قبعة اليانكيز وسمعت شهقة من السيدة السمين. وهى تحاول أن ترقق صوتها.

مين سيدى ابن البدوى وحشتنا طالت غيبتك 

الصوت أعرفه جيدًا لكن الشكل مش قادر يجمع مع الصوت.

قلت لها لا مؤاخذة ياحاجة الظاهر العنوان غلط 

سمعت صوت ابن إياس من أعلى يقول ادخل يا ابن البدوى.

دخلت وأنا أنظر إلى السيدة نعم إنها جلنار أو  من باب أدق هى بقايا جلنار.

قالت وهى تحاول أن تحل اللغز لقد أصبحت من محظيات الخليفة الذى تزوجنى سنتين ثم تركنى أنا والدسوقى والباتعة.

دول مين 

ولاد الخليفة 

دققت النظر فى الدسوقى كان عنده حوالى خمس سنين ونفس الكلاحة بتاع أبوه

قلت فى عقل بالى يا ابن الصرمة ملقيتش غير جلنار 

استقبلنى ابن إياس مرحبا وبعد أن أخرجت دستة الأقلام الفرنساوى ورزم الدشت سألته إيه اللى حصل أسيبكم امبارح زى الفل أرجع آلاقى جلنار فشولت.

إنه يوم واحد بالنسبة لك لكنه ست سنوات بالنسبة لنا. 

إيه اللى حصل يا ابن إياس.

جاءنى مولانا الخليفة وطلب جلنار محظية له ولم أستطع الرفض وعاشت معه سنة كان يتردد علينا قليلا ثم هجرها فعادت تعمل فى منزلى ومعها أولادها 

طب والأمير محمد ابن قلاوون ؟

آخر مرة كنت هنا معنا تم تنحيته عن الحكم وحكم كتبغا عامين كانا فى منتهى السوء وحصلت مجاعة ونقص فى الأقوات والناس ثارت عليه مما جعل الأمير حسام الدين لاجين بنقلب عليه ويعلن نفسه سلطانا على مصر .

طب كان راجل كويس؟

الأمور  فى عهده كانت أفضل من أيام كتبغا وتحسنت الأحوال لكن بعض الأمراء قتلوه ولم يتفقوا على حاكم من بينهم فقرروا إعادة السلطان الناصر محمد بن قلاوون من قلعة الكرك بالأردن ليحكم مصر  ونحن فى انتظار وصول الموكب السلطانى وكويس إنك جيت عشان تحضر معى سأطلب من جلنار أن تجهز لك الفراش. 

بقولك إيه مش كان فيه ميعاد نروح نشترى جوارى من ست سنين وأنت خلعت؟

أنت من خلعت غدا نشترى إن شاء الله 

صعدت إلى فراشى والحاجة جلنار ترتب الغرفة وسألتنى ألا يوجد معك بيرفيوم كلوى مثل المرة الماضية. 

اسكتى أنا شوفت ليلة سودة بسببه مع المدام 

ماذا تعنى بكلمة المدام .

لفظ يطلق عندنا للحاكم العسكرى للإقليم متشغليش بالك .

عموما المرة الجاية اجيبلك معايا تلت خمسات لمون افتر شيف الدكتور الشبراويشى 

ما هذا يا سيدى.

أبدا ده بيرفيوم للحالات الخاصة اللى زى حالاتك بعد ما ضربتى.

فى الصباح الباكر كانت جلنار تحمل الأبريق فى يد والدسوقى فى اليد الثانية وتصب على الماء وأنا أغسل وجهى وخطرت لى فكرة فقلت لجلنار أنا هجيبلك حقك من الخليفة.

أقفى جنب الدسوقى والباتعة عشان أصوركم 

لكن التصاوير تأخذ وقت يا سيدى وتحتاج إلى فرشاة وأوراق ومحبرة وأنا عندى عمل كتير.

ولا وقت ولا حاجة اقفوا جنب بعض وقولوا تشيز ثم أخرحت الموبايل من جيبى وألتقط لهم صورة 

ما هذا ياسيدى؟

مش عارف أشرحلك ازاى بس ده جهاز يخزن الصور.

قصدك موبايل ياعم الحاج 

بدهشة سألتها عرفتى منين ؟

أجابت الخليفة جابلى واحد نوكيا بنانا 

قلت المعفن.

تركتها وذهبت إلى ابن إياس وخرجنا إلى قلعة الجبل واستطعنا الجلوس فى غرفة التتويج ودخل الناصر محمد بن قلاوون وعمره أربعة عشر عامًا تقريبا وانحنى الجميع بينما قام سعدون البواب بإخراج العباية من كيس التوحيد والنور وألبسها للسلطان وأعلنه حاكما على مصر.

وسمعته يقول مولاى السلطان جاءتنى هدية من بلاد الهند وهى لا تصلح إلا لمقام عظيم مثل مقام سموك وخرج كيس آخر من بتوع تى آند إن وأخرج كوتشى بينور.

طبعا السلطان كان طاير بيه وخلع خاتم من يده وأعطاه لسعدون

بدأت الموسيقى تصدح وخرج الأمير يحيى الجماهير وانتهزت الفرصة وذهبت لسعدون.

بقى يا ابن الصرمة تيجى من ورايا وتبوظ جلنار 

رد قائلا معرفش أن عينك منها يا أبوالكباتن وبعدين لم لسانك عشان أنا عارف عنك كتير 

تقصد إيه.

إزازة الريحة الفرنساوى معايا اللى المدام كانت هتشنقك عليها وأنت عملت من بنها ومتعرفش هى فين وكلمة واحدة منى هتبيت فى الجنينة مع الكلب بتاع الجيران.

ضغط على أسنانى وأنا أحاول أن أكون هادئا وقلت والمطلوب إيه؟

تلم نفسك وتبطل شتيمة ومن بكره اليوم بتاع أم أحمد بـ 250 حنيه 

حاضر يا ابن الجزمة 

بتقول إيه؟

بقول حاضر يا ابن الأكرمين 

وجدت ابن إياس عائدا ممتقع الوجه 

سألته مالك يا معلم؟ 

التتار دخلوا دمشق ومولانا السلطان سيسافر ليحاربهم ويريد متطوعين فى القتال وأنا رشحتك لترافق الجند.

متطوعين مين يا مولانا إحنا ماشيين بالأدوية 

وجدت الخليفة يتدخل وبصوت عالى.

يقول أرشح ابن عبدالعظيم البدوى لمرافقة الجند ليكتب عن بطولات مولانا السلطان. 

كان الجمع كله ينظر لى وبيبرس الجاشنكير نائب السلطنة يربت على كتفى ويقول

ونعم الشجاعة سأضعك فى الصفوف الأمامية 

بصيت لسعدون وقلت له.

حسابك معايا بعدين يا ابن 

إيه ابن إيه 

بصيت لقيت الناس كلها بتبص لى فقلت يا ابن الأكرمين 

مكنتش خايف من التتار ولا الموت دى حاجات سهلة ومقدور عليها.

أنا كنت مرعوب من مراتى هقولها أنا كنت فين لما أرجع ودى فيها أسبوع غياب عن البيت ع الأقل 

لقيت السلطان محمد بن قلاوون راجع وبيسأل سعدون البواب.

مكنش فيه من الكوتشى ده بـ استارزات عشان الدورة الرمضانية؟

أسرعت بالرد عندى يا مولاى ده كل المستوردين بتوع الصينى أصحابى.

إدينى مهلة 28 ساعة أجيبلك حاجة آخر آلاجة 

انتهى الجزء الأول