الثلاثاء 14 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

بداية أسبوع الحزن والآلام الكنائس المصرية تتشح بالسواد وتتذكر آلام المسيح

تحتفل الكنائس المصرية اليوم ببداية أسبوع الآلام والذي يعد أقدس أيام السنة وأكثرها روحانية،فهو أسبوع مملوء بالاحتفالات الحزينة والتي تخص آلام المسيح.



وقد اختارت الكنيسة لهذا الأسبوع قراءات معينة من العهد القديم والجديد؛ كلها مشاعر وأحاسيس مؤثرة للغاية توضح علاقة الله بالبشر كما اختارت له مجموعة من الألحان العميقة ومن التأملات والتفاسير الروحية.

 

ويسمي هذا الأسبوع بأسبوع الآلام، أو أسبوع البصخة المقدس، أو الأسبوع المقدس وذلك لأن كل يوم فيه هو أقدس يوم بالنسبة إلي اسمه في السنة كلها.

وقديمًا كان هذا الأسبوع مكرساً كله للعبادة، يتفرغ فيه الناس من جميع أعمالهم، ويخدمون ويجتمعون في الكنائس طوال الوقت للصلاة والتأمل.

وكانوا يأخذون عطلة من أعمالهم، ليتفرغوا للعبادة. ولا يعملون عملًا علي الإطلاق سوي المواظبة علي الكنيسة و السهر فيها للصلاة،

وكان الملوك والأباطرة المسيحيون يمنحون عطلة في هذا الأسبوع وكان السادة أيضاً يمنحون عبيدهم عطلة للعبادة والسيدات تحرم عليهن الزينة خلال هذا الأسبوع لما يحمل من ذكريات مؤلمة.

أما عن تسميته فقد ظهر تعبير «أسبوع الآلام الخلاصية» مع أواخر القرن السابع الميلادي كما ذكر في قوانين مجمع «ترولو» الذي انعقد عام 692 م، ولكن هذا التعبير لم يرد في كتابات آباء كنيسة الإسكندرية ولا في قوانينهم ولا في قوانين بطاركة الكنيسة القبطية فى العصور الوسطي ،ولكن التعبير الذي أستخدم في هذه الفترة كان «جمعة البصخة» والوحيد الذي ذكر تعبير «جمعة الآلام» هو يوحنا بن سباع في القرن الثالث عشر.

ومع مرور الوقت شاع هذا التعبير بين الأقباط ويشترك معهم أيضاً في هذا التعبير (الكنيسة الروسية) أما الكنيسة اليونانية فيدعونه «الأسبوع المقدس العظيم» أما الكنيسة اللاتينية فتدعوه «الأسبوع العظيم أو الأسبوع المقدس» لكنهم يطلقون تعبير «أسبوع الآلام» علي الأسبوع الذي يسبق أحد الشعانين وهو الأسبوع الذي يدعوه اليونانيون «أسبوع الشعانين».

ويذكر المؤرخون أن أورشليم كانت هي أول من عرف الاحتفال بهذا الأسبوع المقدس في القرن الرابع الميلادى ومنها خرج الاحتفال بهذا الأسبوع شرقاً وغرباً.

وعلي الرغم من أن الأسبوع يبدأ فعليًا من أحد السعف والذي تحتفل فيه الكنيسة بتذكار دخول المسيح لأورشليم حيث استقبله اليهود استقبال الملوك وهم يهتفون أوصنا فى الأعالى هوشعنا يا ابن دواد أى خلصنا يا ابن دواد إلا أن الكنيسة الأرثوذكسية تحتفل بإقامة لعازر في يوم السبت وتسميه سبت لعازر، بينما المعتقد أن المسيح أقام لعازر قبل يوم السبت بعدة أيام.

ولكن الكنيسة تفضل الاحتفال به قبل أسبوع الآلام ويوم أحد الشعانين مباشرة. فإقامة لعازر كانت السبب المباشر لاستقبال الجماهير الحافل للمسيح يوم الأحد، وكانت السبب المباشر لهياج رؤساء الكهنة وإصرارهم على الإسراع بقتل المسيح بل قتل لعازر أيضًا حتى لا يذهب الناس وراءه ويؤمنون به.

أما أحد الشعانين فى القدس فكانت الاحتفالات تبدأ عشية أحد الشعانين بخدمة طقسية في كنيسة تسمي «لازاريوم» في بيت عنيا، ويوم أحد الشعانين يخرجون إلي جبل الزيتون وينطلقون منه في موكب حافل وبأيديهم سعفً وأغصان زيتون، ثم يذهبون إليه مرة أخرى يوم الثلاثاء حيث يقرأ لهم الكهنة نبوءة خراب أورشليم،ويوم الأربعاء يقرأون قصة خيانة يهوذا، أما يوم الخميس فإنهم يقضون ليلتهم إلي صباح الجمعة علي جبل الزيتون وفي الجثسيمانية،أما يوم الجمعة فيخرجون الصليب ويقرأون قصة الآلام مدة ثلاث ساعات كاملة بحانب نبوءات العهد القديم، أما يوم السبت فكان يصام من المؤمنين في كل الكنائس ومن ليلة السبت لصباح الأحد فهى سهرة مليئة بالصلاة والترانيم.

ويذكر كتاب «الدسقولية السريانية» في القرن الثالث «أقيموا صلوات وابتهالات وأقروا الأنبياء والإنجيل والمزامير بخوف ورعدة مع ابتهال حار حتى الساعة الثالثة من الليل التى تلى يوم السبت».

ويقول يوسابيوس القيصرى في كتابه «حياة قسطنطين الكبير» أنه أمر بحفظ هذه الأيام وأصدر حكمًا ملكيًا بذلك ويؤيده في ذلك المؤرخ سوزومين وهو أحد مؤرخى القرن الخامس.

أما الآن فتبدأ صلوات البصخة المقدسة يوم أحد الشعانين بعد القداس بدءاً من صلاة التجنيز ويعقبها صلاتا التاسعة والحادية عشر من يوم الأحد،بعض الكنائس تصلي هاتين الصلاتين عقب صلاة التجنيز والبعض الآخر يصليها مساءً قبل صلوات ليلة الاثنين.

وينقسم اليوم إلي خمس ساعات نهارية وهي (باكر – الثالثة -السادسة – التاسعة – الحادية عشر) وخمس صلوات ليلية وهى ( الأولى – الثالثة – السادسة – التاسعة – الحادية عشر).

ويوم الجمعة العظيمة تضاف الساعة الثانية عشر.

وكانت الكنيسة قديماً تصلى كل صلاة فى وقتها ثم يرتاح الشعب بعدها إلى وقت الساعة التالية، ومازالت الأديرة القبطية تتبع هذا النظام إلى الآن، أما الكنائس فأنها تجمع الصلوات النهارية معاً والمسائية معاً أو النهارية علي فترتين والمسائية كذلك .

وفى هذا الأسبوع يحتسب اليوم من الغروب إلى غروب اليوم التالى.

كما تقام الصلوات خارج الخورس الأول (خورس الشمامسة والهيكل) وذلك لأن المسيح تألم وصلب علي جبل الجلجثة خارج أورشليم وكقول بولس الرسول «فلنخرج إذاً إليه خارج المحلة حاملين عاره (عب13،12:13) ولأن ذبيحة الخطية كانت تحرق خارج المحلة (عب 11:3)

وكذلك يقرأ إنجيل متي بأكمله يوم الثلاثاء، وإنجيل مرقس يوم الأربعاء،وأنجيل لوقا يوم الخميس، وإنجيل يوحنا قبل تسبحة نصف الليل يوم أحد القيامة المجيدة.

ومن ليلة الأربعاء إلي آخر يوم السبت لا يقبل الكهنة والشعب بعضهم بعضاً وذلك استنكارًا لقبلة يهوذا الخائن.

كما تغلق أبواب الهياكل وينزع المذبح من الأغطية الثمينة ويوضع ستر أسود على كل منجلية، وتوشح أعمدة الكنيسة أيضاً بالستور السوداء، وتوضع فى وسط الكنيسة أيقونة الصلبوت ويوضع أمامها 3 شمعات إشارة إلي قراءت البصخة الثلاث «النبوات ( العهد القديم )، المزامير، الإنجيل (العهد الجديد)».

وفي هذا الأسبوع لا تقام جنازات وذلك لأن الكنيسة خصصته للصلاة والصوم والتسبيح وهى حزينة علي صلب المسيح لذلك تصلى صلاة الجناز العام في قداس أحد الشعانين وإذا توفي أي شخص يدخل الجثمان إلي الكنيسة ويحضر الصلاة المقامة ثم يتم دفنه بعد ذلك.

وخلال هذا الأسبوع لا تقام قداسات في أيام الاثنين والثلاثاء والأربعاء ،وذلك لأنه حسب شريعة العهد القديم كانوا يشترون خروف الفصح في اليوم العاشر من الشهر ويحفظونه عندهم 3 أيام ثم يذبحونه في اليوم الرابع عشر، وكان أحد الشعانين الذي دخل فيه المسيح أورشليم يوافق 10 أبريل وبقي هناك حتي يوم الخميس الموافق 14 أبريل وهو يوم ذبح خروف الفصح.

وكذلك لا تصلي الكنيسة بالأجبية كعادتها في أيام البصخة، حيث  تتفرغ تماماً لآلام لتذكار آلام المسيح فلهذا  أختارت منها ما يناسب أحداث سواعي البصخة ورتبت استعمالها قبل قراءة الإنجيل في كل ساعة ووضعت تسبحة « لك القوة والمجد» 12 مرة في كل ساعة بدلاً من المزامير.

كما تصلي الكنيسة يوم خميس العهد اللقان تذكار لغسل السيد المسيح أرجل. تلاميذه، حيث يقوم البطريرك أو الأسقف بغسل أرجل الشمامسة والشعب في ذلك اليوم.

ومن مظاهر حزن الكنيسة عدم  استخدام «الدف و التريانتو» في الألحان حيث ترتل بالطقس الإدريبي أي الحزايني كذلك لا تصلي صلاة الصلح في قداس خميس العهد وقداس سبت النور لأن الصلح لم يكن قد تم بعد.

وفي يوم الجمعة العظيمة تسهر الكنيسة حتي فجر السبت في ليلة تعرف باسم «أبو غلمسيس» حيث تقرأ فيه سفر الرؤيا استعدادًا لاستقبال احتفالات عيد القيامة المجيد.