الثلاثاء 6 مايو 2025
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

بالعباءة والفستان.. أهلًا رمضان

يأتى شهر رمضان محملًا بالخير والبركات، وتأتى معه الكثير من المظاهر الرمضانية التى قد تقتصر على هذا الشهر فقط. ومن عادات هذا الشهر الكريم تناول أطعمة مخصصة له فقط مثل الياميش، وشراء الفوانيس، وانتشار الأضواء، وموائد الرحمن، والمسحراتي. ومن بين المظاهر التى ترتبط بالشهر الكريم أيضًا تغير شكل الأزياء فى رمضان، واختلافها عن باقى أيام العام، ويعمم الأمر على الرجال والنساء؛ لكنها تتضح بشكل أكبر فى النساء فتبدأ النساء فى ارتداء الملابس الواسعة الفضفاضة، وقد تلجأ غير المحجبات لارتداء غطاء الرأس مع إزالة مكياج الوجه والظهور بوجه طبيعى خال من المستحضرات. ومن ناحية أخرى تمتلئ صفحات الأشخاص على مواقع التواصل وصفحات مدوني الموضة بالملابس الواسعة الفضفاضة المحتشمة والعباءات المناسبة لأجواء الصيام لتصبح عادة تغير الأزياء طابعًا رمضانيًا من أبرز عادات رمضان.



فيقول الحاج رزق محمد 59 عامًا، مدير أحد محلات الملابس بمنطقة 26 يوليو فى وسط البلد: «لا تختلف الأزياء المعروضة فى رمضان عن باقى العام؛ لكن يزيد الإقبال على الفساتين والعباءات والجيبات فى شهر رمضان، ولا يكون هناك إقبال كثيف على البنطلونات. يكون حجم الشراء خفيفًا فى أول 10 أيام ثم يزداد الإقبال فى منتصف رمضان. تكون الفساتين أكثر القطع المباعة مع دخلة العيد؛ بينما يكون الإقبال على الملابس الرجالى آخر أسبوع فى رمضان ويقل الإقبال على القطع بشكل عام بعد العيد. 

بينما يقول أيمن إبراهيم 40 عامًا مدير فرع محل «t.k  ببور فؤاد» بمنطقة وسط البلد: «تقل نسبة البيع قبل رمضان وتزداد نسبة الإقبال على الملابس الواسعة الفضفاضة فى رمضان. فتكون العباءة الأكثر مبيعًا، ويكون هناك إقبال على ملابس أخرى لغير الراغبات فى العباءة مثل التونيك بنطلون، الهاف تونيك، التوينزات، وكل ما يُطلق عليه موديلات ليدى تلبيس كبير أو واسع. وفى آخر 15 يومًا يبدأ الإقبال على الملابس الكاجوال. غالبًا تكون الفتيات الصغيرات من 15 إلى 25 عامًا هن الأكثر إقبالًا على شراء العباءات. وأيضًا يكون هناك إقبال كبير فى آخر أسبوع فى رمضان على الملابس السواريه والعباءة السواريه.. لا تختلف الأسعار فى رمضان عن أى وقت آخر فى العام، وتبدأ أسعار العباءات من 300 جنيه. 

أما محمد أنور عامل فى محل ملابس بمنطقة العتبة أول شارع الموسكى فيقول: «ليس هناك ملابس مخصصة لرمضان فنحن نبيع العباءة والفستان والمينى دريس الشعبى والمستويات لكل الفئات طوال العام؛ لكن يمكن أن يكون هناك ضغط من السوق على الإسدال والخمار والنقاب من أجل طقوس رمضان. تكون العباءة هى الأكثر مبيعًا على مستوى طوائف الشعب؛ ويكون الإسدال للمحجبات الراغبات فى الصلاة والالتزام. وتبدأ أسعار العباءة من 80 جنيهًا وتكون خاماتها الكريب والحرير والشيفون. 

لم يقتصر الأمر على الملابس الحريمي؛ لكن يكون لملابس الرجال نصيب فى الأمر، فيقول محمد الجعفرى 45 عامًا تاجر ملابس رجالى جاهزة فى منطقة المعز: «يزيد إقبال الجماهير فى رمضان على الملابس البيضاء، فالجلاليب الرجالى يكون عليها إقبال طوال العالم شتاءً وصيفًا؛ لكن يزيد الأمر فى رمضان، فيشترى الجميع الجلاليب البيضاء وطاقية الرأس والسبحة لصلاة التراويح وصلاة العيد. ويكون ذلك فى نصف أو آخر رمضان. وغالبًا يكون كبار السن هم الأكثر شراءً للطاقية والجلابية البيضاء أو السادة، فى حين يُقدم الشباب على شراء الجلاليب المطرزة. تتراوح أسعار الجلاليب الشعبى من100 إلى 120 وطالع؛ إنما النوع الغالى يبدأ من 170 وحتى 200. ويقل بيع الجلاليب بعد شهر رمضان فتكون فترة الإقبال عليها فى آخر 15 يومًا.

 صراع مستمر

ترى أ. ندى جمال أخصائية نفسية، أن هناك تفسيرات متعددة للأمر، «يمكن تفسير الأمر على أنه احترام للشهر الكريم مثلما تفعل الفتاة غير المحجبة عندما تدخل إلى المسجد فإنها تقوم بتغطية شعرها احترامًا للمكان؛ لكن إذا كنت أرى أننى أفعل الشيء الصحيح ولا أقوم بأى شيء خاطئ، فلن أحتاج لتغيير ملابسى فى رمضان. وقد يكون الأمر مجرد تقاليد مرتبطة بالشهر الكريم مثلما يقوم بعض الأشخاص بارتداء الحجاب أو الاحتشام عند السفر إلى السعودية؛ لكنها تخلعه عندما تعود إلى بلادها فيكون فى الأمر احترام للمكان أو التوقيت. لا بد من الإشارة إلى أن الإنسان فى حالة صراع مستمر بين الصحيح الذى يعرف أنه صحيح فيحاول الالتزام به حتى لو لمدة شهر وبين ما يرغب فى فعله ويفعله طوال العام. فإذا كانت هناك امرأة غير محجبة مقيمة فى دولة أوروبية فإنها لن ترتدى الحجاب فى رمضان وتخلعه بعد رمضان؛ وإنما ستستكمل سواء كانت بالحجاب أو بدونه، فالأمر يعود فى المقام الأول لتقاليد المكان الذى تتواجد فيه ونظرة المجتمع. فإذا رآكِ الناس ترتدين ملابس ضيقة فى رمضان سينظرون لكِ نظرة عتاب وكأنهم يقولون: «حرام عليكِ إيه اللى انت عاملاه ده؟» على الرغم من أن نفس الشخص خارج رمضان قد ينظر بل ويعاكس».  

«العصابيون» الأكثر تأثرًا

وفى السياق يوضح د. جمال فيرويز استشارى الطب النفسى بالأكاديمية الطبية العسكرية، أن الأمر لا يتعدى كونه دافعًا عاطفيًا لرغبتنا فى عيش الأجواء الرمضانية مع دخول رمضان. فيبدأ كل شخص فى قراءة القرآن وارتداء الجلباب الأبيض والحجاب، وهكذا. يستمر هذا الوضع أول أيام رمضان ثم يعود الجميع لممارسة حياتهم العادية، وهذا لأن التغيير غير مبنى على أسس واقعية؛ إنما مبنى على أسس عاطفية فقط. ونحن شعب عاطفى نميل للعاطفة أكثر من العقلانية. وهى حالة يمر بها الكثير من الناس تعاطفًا مع الحدث. مثلما تدخل المسيحيات الكنيسة فيرتدين الحجاب احترامًا للمكان؛ لكنهن تخلعنه بمجرد خروجهن. فالمسلمة غير المحجبة ترتدى الحجاب وبعد مرور بضعة أيام تخلعه، ويرتدى الشاب الجلابية أو الطاقية البيضاء أو يمسك السبحة ويستمر الأمر لبضعة أيام، وغالبًا ما تكون فى الأيام الأولى. فمدخل رمضان يجعل الأشخاص يشعرون بالفرحة ثم يصبح الوضع تقليديًا، ويرجع الجميع للحياة النمطية التقليدية.

 ويضيف: «كل الطبقات تميل لتغيير الملابس فى رمضان، وتختلف البيئات الريفية عن البيئات العمالية عن البيئات الراقية فى هذا الأمر. فيميل الأشخاص فى النواحى الريفية للناحية الدينية بشكل أكبر من الحضر. يكون الشباب والمراهقون هم الأكثر تأثرًا بفكرة تغير الأزياء وبشكل خاص «العصابيين» منهم، وهى شخصيات تميل للفت الانتباه والتعاطف، وتتساوى هذه الشخصية فى الولد والبنت. فعندما تتعرض الشخصيات العصابية لضغوط يحدث لها تدهور سن مراهقة وأول ما تفكر فيه هو التخلص من الذات. ويمكن أن يحدث هذا إذا تم منعهم من فعل ما يُريدون فيشعرون أن هذا انتقاص منهم. ويمكن أن تكون هذه هى الشرارة التى تبدأ بها المشكلة.

 عودة للجانب الهوياتي

فيما يوضح د. مصطفى مندى الأزهرى مدرس الصحافة بكلية الإعلام جامعة الأزهر، «ترجع بداية التغيير الحقيقى فى الزى مع الاحتلال الإنجليزى لمصر خلال القرن الماضي. فالنخبة المثقفة ارتدت زى المحتل، كما قال ابن خلدون فى مقدمته بأن المغلوب مولع دومًا بتقليد المنتصر. ثم جاء نظام يوليو 52 الذى منع الطربوش باعتباره رمزًا عثمانيًا. ومع انتشار الأفلام السينمائية والتليفزيونية التى ربطت الزى المصرى التقليدى بالتخلف والرجعية، فى مقابل التقدم والثقافة فى الزى الأوروبي؛ بدأ الزى التقليدى ينحسر شيئًا فشيئًا وهذا الأمر لا يختلف فيه الرجل عن المرأة؛ لكن رغم هذا الانحسار وخاصة فى المدن الكبيرة مثل القاهرة والإسكندرية والجيزة يبقى الجانب الهوياتى الدفين فى الشخصية حاضرًا فى المناسبات الدينية والاجتماعية. فمثلًا نرى الكثير من الرجال يحرصون على أداء صلوات الجمعة والأعياد فى الجلباب، وأيضًا فى المناسبات الاجتماعية من أفراح وعزاء. بينما يحرص الرجال فى الصعيد والوجه البحرى على لبس الجلباب، وتحرص الفتيات على ارتداء العباءة والطرحة. فربما تكون الفتاة أو المرأة لا ترتدى الحجاب وتلبس الجينز والسويت شيرت طوال العام، ثم نجدها فى رمضان أو عند الذهاب للحج أو العمرة تحرص على ارتداء العباءة والطرحة. فهذه الحالة تمثل العودة للجانب الهوياتى فى الملابس. ولا يمكن تعميم حالة القاهرة على كل المحافظات، فما زالت هناك محافظات تحافظ بشكل كبير على عاداتها وتقاليدها وهوياتها فى الزى والملابس. والإنسان بطبعه يتصالح مع هويته فى حالات ومناسبات ما. وتعد الملابس من أهم مكونات الهوية الثقافية للفرد والمجتمع لهذا نشعر بالراحة النفسية والهدوء عند ارتدائنا الجلباب للرجل والعباءة للمرأة. 

ومن جانبه يقول هانى البحيرى مصمم أزياء مصرى: «يستدعى شهر رمضان الكريم أن يلتزم الجميع بالزى المستتر الذى يناسب الصيام والصلاة، ولا يجب أن نغير فى طبيعة ملابسنا من أجل رمضان؛ لكن الأفضل أن نلتزم دائمًا بزى لطيف وشيك طوال العام وتحديدًا فى رمضان فتظهر المرأة بشكل لطيف بدون فجاجة. وفيما يتعلق بالأزياء الرمضانية أنا أصمم أزياء كثيرة على أن يقوم العميل باختيار القطع وتنسيقها بما يتناسب مع الشهر الكريم. وفى هذا السياق كنت أول مصمم يصمم فستان بالمونتو، «جاكيت طويل مثل البالطو من نفس نوع الفستان» عام 2000 وهو كقطعة محتشمة يعطى للطقم احتشامًا، وعادة ما يتم صنع القطع الرمضانية قبل رمضان.

يضيف البحيرى: «مرت الأزياء الرمضانية بمراحل تطور عبر الزمن، ففى الماضى كنا نرى الحارة المصرية فى رمضان فى أفلام الأبيض والأسود وكانت الناس ترتدى ملابس بسيطة، ومع بداية الألفية مع بداية انتشار الحجاب كان شكل الفتاة يختلف عند دخول شهر رمضان فترتدى الفتاة الحجاب والعباءة السوداء، ومع نهاية رمضان يختلف الشكل تمامًا فتخلع الفتيات الحجاب استعدادًا للعيد. ومع انتشار السوشيال ميديا والإنستجرام والفاشونيستات بدأت الجماهير ترى المرأة المحجبة فى أحدث طراز وترتدى ملابس رمضانية أنيقة ومناسبة لتقاليد الشهر، فترتدى التايير أو البنطلون الفضفاض أو الفستان الواسع وغير ذلك فتطور شكل الحجاب وأصبح مظهره جميلًا وحديثًا. وأصبحت ملابس المحجبة ملائمة لغير المحجبة كاحتشام للجسد. 

هناك أقمشة معينة يُصنع منها الملابس الرمضانية لرمضان مثل القطنيات بأنواعها كلها كالجوبير، الدانتيل، القطن، الخامات الناعمة. وهناك بالطبع الخامات الأرقى للسحور مثل الكريب والشيفون. نبتعد عن التفتان، الستان، والتول. فكل الخامات السابقة بها فخامة وأناقة كما أنها لا تشف ولا تصف. وتختلف أسعار الأقمشة حسب المواسم فتعلو فى مواسم محددة. فالتول والدانتيل أسعاره تزيد أحيانًا قبل موسم الأفراح والأعياد وأيضًا قبل رمضان، لأن عادة رمضان يعقبه عيد فالأسعار تزيد. وحاليًا زادت الأسعار بشكل كبير مع ارتفاع سعر الدولار.

 ملامح لتعويض ما فات

فيما ترى د. سامية خضر أستاذ علم الاجتماع بكلية التربية جامعة عين شمس أننا فى مصر عمومًا نميل للجوانب الدينية ونميل لتطبيقها بطريقة وسطية. فنجد أن لدينا شهرًا فى السنة نتفرغ فيه للطقوس الدينية بالصلاة والصوم وقراءة القرآن، ونحافظ على إقامة الشعائر بشكل سليم. فنقلل من وسائل الترفيه، ونركز أكثر على الطقوس الدينية. وهناك ملامح لذلك منها ارتداء الجلباب عند الذهاب للجامع كأنه الرداء الرسمى لرمضان. فيشعر الفرد أنه يرغب فى بذل المزيد من الجهد فى هذا الشهر أكثر من أى وقت آخر، ومن لم يكن يُصلى أو يذهب للمسجد سيفعل ذلك. أصبحت الحياة صاخبة جدًا؛ وبالتالى يحاول الأشخاص تفريغ أنفسهم هذا الشهر لإقامة الشعائر الدينية المتعمقة لتعويض ما فاتهم طوال العام، من هنا نجد الفتيات غير المحجبة تضعن غطاء للرأس والتى تترك شعرها تقوم برفعه وتتفرغ لقراءة القرآن. عادة يظهر هذا الأمر بشكل أكبر فى الفتيات والشابات. كما يستخدم الأشخاص طوال الوقت مصطلحات بها ذكر الله مثل اتق الله، اعطف على الفقراء، اهتم بنظافتك أثناء الصلاة، وابتعد عن الغضب، كل هذه القيم تخرج فى الشهر الكريم مع التغيرات التى تظهر على الأشخاص. أنا شخصيًا أتمنى أن تكون تلك لمحة من لمحات القدرة على الاستمرارية إلى حد معقول فى هذه الحياة. فدائمًا يتمسح الإنسان فى رحمة الله فيؤجل الصلوات؛ لكن فى رمضان يستيقظ ويحافظ على صلواته فى مواعيدها، ويضغط نفسه لكى يُغطى ملامح الحياة الصعبة التى نعيشها. فيعلم الإنسان أنه مهما انشغل هناك رب كريم، وهناك فترات لا بد فيها أن ينقطع إلى حد ما للقدرة على مسح بعض أخطائه الإنسانية المعقولة، من هنا تظهر الملامح مثل لبس الحجاب أو العباءة أو إزالة المكياج.

عادة سلوكية إيجابية يقننها العرف

ومن جانبه يؤكد د. جمال أبو شنب أستاذ الاجتماع السياسى بجامعة حلوان: «ترتبط الملابس عند الإنسان باحتياج غريزى وهو المحافظة على درجة حرارة الجسم صيفًا وشتاءً؛ إنما طريقة اللبس هى عادة سلوكية مكتسبة من المجتمع يتم التعود عليها من خلال أساليب التنشئة والتربية واكتساب خبرات على مدار عمر الإنسان وخلال نشأته ومن خلال العادات والتقاليد وقيم المجتمع والنظام الأخلاقى المرتبط بالدين الذى يختلف من مجتمع لآخر. فعلاوة على موسم الصيف والشتاء هناك موسم رمضان الدينى فيه يأخذ نمط الملابس شكل العادة وهى نمط سلوكى يرسخ بالتكرار فى شخصية الإنسان، ويرتبط بتلبية عادات وتقاليد وقيم فى المجتمع. ومن عادات اللبس الخاصة بالدين فى رمضان أن يرتدى الرجل الجلباب عند النزول للصلاة وألا يرتدى بنطالًا ضيقًا، وأن ترتدى النساء ملابس تغطى الجسد والشعر وترتدى الحجاب حتى وإن كانت غير محجبة. ويختلف الأمر من أسرة لأسرة حسب الإمكانيات والظروف؛ لكن ما يهم هو ألا ترتدى ما هو ضيق أو ملفت ولا يتناسب مع تقاليد وقيم المجتمع والصيام».

وهذا الأمر يُعتبر عادة جماعية وليس ظاهرة، لأنها لا تنطبق على كل أفراد المجتمع بل تنتمى لجماعة المسلمين فى المجتمع. ويمكن أن تكون عادة سلوكية إيجابية فى المجتمع. فإذا كانت الأسرة تحرص على نقل الخبرات لأولادها وربطها بالمناسبة الدينية والترتيبات القيمية والأخلاقية المرتبطة بالدين، من هنا تبدأ عادة إيجابية فى سلوك النشء والتربية والأولاد، وقد تستمر الفتاة فى ارتداء ذات الزى بعد رمضان عندما تشعر باقترابها من رحاب الله. فمن الممكن أن يتعود الإنسان خلال شهر كامل سواء رجلًا أو سيدة أن يرتدى ملابس فيها نوع من الالتزام والحشمة. 

لا بد من الإشارة إلى أن العادات الاجتماعية المرتبطة بعادات وتقاليد المجتمع مثل الملبس والمأكل تكون مؤقتة، أى أنها قابلة للتغيير فى النمط السلوكى لأن بها استحداثًا كبيرًا؛ بينما أنماط السلوك المأخوذة من الدين تكون ثابتة مثل صلاة التراويح عادة دينية ثابتة مرتبطة بالجماعات المسلمة والنمط السلوكى لها ثابت فى المجتمع على الدوام لأنها مرتبطة بالأخلاق. وهى لها علاقة بالقانون لأن ما يرتبط بالعادات الأخلاقية المرتبطة بالدين فى كثير من الأحيان يقنن إلى قانون مجتمعى يجرم هذا الأمر لضبط سلوك الأفراد لأنه مرتبط بالأخلاق والدين.

وعليه فإن السلوك الاجتماعى ونمط السلوك المرتبط بالعادات الدينية الرسمية تقنن له الدولة قوانين، كأن تتزوج امرأة اثنين وهو ما يتعارض مع الدين؛ بالتالى يكون له قانون رسمى رادع؛ لكن هناك سلوكًا آخر يرتبط بعادات اجتماعية وقيم اجتماعية لا تستطيع الدولة أن تقنن له قانون، وهو يُعتبر من العادات غير الرسمية التى لا يكون العقاب عليها بقانون رسمي؛ وإنما يكون العقاب نظرة ازدراء، اشمئزاز، رفع حاجب، استنكار. وهو عقاب؛ لكنه بدون قانون من خلال العرف. 

 مرحبًا بقوافل العائدين 

ومن جانبه يقول د. محمود الصاوى أستاذ الثقافة الإسلامية والوكيل السابق لكليتى الدعوة والإعلام جامعة الأزهر، يقول الله عز وجل (من يُعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب)، ولا شك أن احترام قدسية أيام الله عز وجل التى هى مواسم للطاعات والعبادات مما يجب على المسلم والمسلمة فعله والالتزام به، وإن كان هذا واجبًا عليها وعليه طوال العام؛ لكن وجوبه يتأكد خلال مواسم الطاعات كشهر رمضان المعظم والأشهر الحرم. ورمضان له خصوصية عظيمة كما أخبرتنا بذلك النصوص المؤسسة للإسلام، فجاء فى القرآن والسنة: (شهر رمضان الذى أنزل فيه القرآن) (من أدى فى رمضان فريضة كان كمن أدى 70 فريضة فيما سواه ومن أدى نافلة كمن أدى فريضة) يتضاعف الثواب وتُضاعف الأجور فيه، ولله فيه عتقاء من النار فى كل ليلة. وعليه نقول: أهلًا ومرحبًا بقوافل العائدين إلى الله عز وجل وعسى أن يكون التزامهم فى رمضان تدريبًا لهم وتعود على الطاعة بعد رمضان وطوال العام. 

ويضيف د.محمود: «علينا أن نتذكر أنه ليس من حقنا أن نعاير المقصرين بتقصيرهم فى أداء حقوق الله؛ لكن نشكرهم ونشجعهم على إقبالهم على الله فى رمضان وتنعمهم بأجوائه الإيمانية والروحية. وندعوهم للمزيد من ذلك. ونأمل إن ذاقوا حلاوة الطاعة أن يستمروا بعد رمضان. ولنتذكر جميعًا دعاء سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالخيبة والخسران على بعض طوائف من العصاة منهم (من أدرك رمضان ولم يُغفر له) فنبادر جميعًا بالطاعة والاقتراب من ساحاتها العامرة بالرضا والرضوان.