الأربعاء 15 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري

50 % زيادة فى معدلات الاستهلاك مقارنة ببقية أشهر السنة 100 مليار جنيه فاتورة موائد المصريين فى رمضان ثلثها يذهب إلى سلات القمامة

يأتى رمضان هذا العام بالتزامن مع موجة التضخم العالمية إثر الحرب الروسية الأوكرانية، وهى حرب لا يمكن تحديد سقف زمنى لانتهائها، وما يزيد الأمر صعوبة أن استهلاك المصريين يزيد خلال شهر رمضان بنسبة 50 % وفقا لما أعلنته وزارة التموين. 



وأكد عدد من الخبراء لـ«روزاليوسف»، أن المصريين يستهلكون طعاماً فى شهر رمضان يفوق معدلات الاستهلاك العادية، حيث تبلغ الفاتورة الرمضانية 100 مليار جنيه، والمؤسف أن ثلثها، أى أكثر من 30 مليار جنيه يذهب إلى سلة المهملات.

ويقول الدكتور أبو بكر الديب، الخبير الاقتصادى، مستشار المركز العربى للدراسات والبحوث: إن 100 مليار جنيه فاتورة طعام المصريين فى رمضان يذهب ثلثها لسلات القمامة، وتعد معارض «أهلا رمضان» خطوة مهمة لتوفير عشرات السلع الغذائية للمواطنين بتخفيضات كبيرة، فضلا عن وجود 8 آلاف منفذ لها بمشاركة كبرى الشركات المنتجة للسلع الغذائية، بجانب تخصيص أجنحة بفروع السلاسل التجارية الكبرى والشركات الحكومية، ومنافذ المجمعات الاستهلاكية وفروع مشروع «جمعيتى» لطرح المنتجات بأسعار مخفضة تتراوح من 25 إلى 30%، خاصة السلع الغذائية ومنتجات رمضان (الياميش)، وكذلك اللحوم والدواجن والسلع الأساسية مثل الزيت والأرز والسكر، وغيرها من السلع الأخرى، وعلى الحكومة بذل المزيد للتخفيف على المواطنين أكثر.

ترشيد مطلوب

ويطالب الديب، الشعب المصرى بالترشيد فى شهر الصيام؛ مراعاة للظروف الدولية والتوترات الجيوسياسية والحرب الروسية الأوكرانية، وارتفاع الفائدة وسعر الدولار. وبالتالى ارتفاع أسعار السلع الغذائية بجميع أنواعها عالميا، كما أن إنفاق المصريين فى رمضان يتخطى 150 مليار جنيه، بما يزيد بنسبة تصل إلى 50 % عن باقى شهور السنة، كما أن الإنفاق على الطعام فقط يصل إلى 100 مليار جنيه بسبب العزومات والولائم الجماعية التى تزداد بالمقارنة بالأشهر العادية، فيما يؤدى بدوره إلى الهدر الغذائى وهو عبارة عن طعام يتم التخلص منه دون أن نتناوله. وتتعدد أسباب هدر أو إضاعة الطعام وتحدث فى مراحل عدة: كالإنتاج، والمعالجة، وتجارة التجزئة.

تأثير الحرب

ويضيف، أن الحكومة بكل أجهزتها المعنية، تراقب عن كثب التطورات الجارية على الصعيد العالمى، وما تشهده من اضطرابات بسبب الأزمة الروسية الأوكرانية وتداعياتها التى ألقت بظلالها على مختلف الأصعدة، لا سيما نقص عدد من السلع وارتفاع الأسعار على مستوى العالم تنفيذا لتوجيهات القيادة السياسية بشأن استمرار وجود مخزون استراتيجى طوال الوقت.

ويشير إلى أن اقتصاد العالم والفقراء بالدول المختلفة لم يتنفسوا الصعداء من فيروس كورونا COVID-19، وهى الأزمة التى لم يشهد لها العالم مثيلاً فى العقود الأخيرة والتى أدخلت نحو 49 مليون شخص إلى دائرة الفقر المدقع خلال عام 2020 حتى اندلعت الحرب الروسية الأوكرانية، والتى تهدد الاقتصاد العالمى بشكل خطير وتنذر بفقدانه تريليون دولار هذا العام، ورفعت أسعار كل شىء كالطاقة (النفط والغاز والفحم)، والمعادن كالذهب والفضة والنحاس، والحبوب كالقمح والذرة، وأحدثت اضطرابا فى أسواق المال والتجارة الدولية، وسارعت البنوك المركزية لرفع الفائدة على نهج الفيدرالى الأمريكى، ما رفع أسعار الدولار أمام العملات الوطنية. 

إجراءات الحماية

ويوضح الديب، أن دولاً عدة اتخذت إجراءات لحماية الفقراء من تداعيات ارتفاع الأسعار والدولار الأمريكى، وقدمت البنوك المركزية سيولة إضافية للنظام المالى، عن طريق عمليات السوق المفتوحة، وسط تخوفات كبيرة من المواطنين من استمرار تداعيات الحرب على حياتهم، واتخذت الحكومة المصرية مجموعة من الإجراءات الكبيرة لضبط السوق وتقليل الارتفاع المبالغ فيه فى الأسعار، كما أن الحكومة تضخ عشرات الآلاف يوميا من اللحوم والأسماك ومستلزمات رمضان فى منافذ وزارة التموين والداخلية، ومنافذ القوات المسلحة، وعدد من الوزارات الأخرى من خلال المجمعات الاستهلاكية؛ لمحاربة الغلاء.

ويقول إنه فى هذا المجال وجه الرئيس الحكومة المصرية بالإعداد الفورى لحزمة من الإجراءات المالية والحماية الاجتماعية؛ لتخفيف آثار التداعيات الاقتصادية العالمية على المواطن المصرى، وعلى الحكومة أن تعمل على مد شبكة الحماية للمواطنين المستحقين، ومنهم العمالة غير المنتظمة، وأن تسعى لخفض معدلات الفقر فى مصر، وحماية الطبقات الفقيرة وتمكينها اقتصاديا ومساعدتها على الاندماج فى العملية الإنتاجية وصرف دعم مالى مباشر للعائلات الأكثر احتياجا، وتعزيز خدمات الرعاية الصحية، وتصميم برامج تعليمية محددة للمتسربين من التعليم، مرتبطة ببرامج تدريب مهنى، وإكسابهم مهارات جديدة، تساعدهم على الاندماج فى سوق العمل، وإجراء ربط حقيقى لقواعد بيانات برامج الدعم المختلفة التى تشرف عليها وزارات عدة فى إطار السياسة الجديدة، وتحقيق حلم الرئيس برفع الصادرات المصرية لـ 100 مليار دولار. 

 الاعتناء بمحدودى الدخل

ويؤكد على أنه عند النظر لأبرز المؤشرات النهائية لمشروع موازنة العام المالى 2022 - 2023، نجد أن هناك محاولات حكومية مشكورة؛ للاعتناء بمحدودى الدخل، مثل خفض العجز الكلى إلى نحو 3.%6 من الناتج المحلى، والاستمرار فى تحقيق فائض أولى قدره %1.5 من الناتج المحلى، وخفض نسبة دين أجهزة الموازنة العامة إلى الناتج المحلى إلى حوالى %80.5، إلى جانب ارتفاع معدل نمو الإيرادات إلى حوالى %17 لتصل إلى قرابة تريليون و447 مليار جنيه، وكذا زيادة المصروفات بمعدل نمو %16 ليصل إلى حوالى 2 تريليون و7 مليارات جنيه، بما فيها 365 مليار جنيه مخصصات للاستثمار، و400 مليار جنيه لبند الأجور، و323 مليار جنيه لمنظومة الدعم. 

استهلاك مكثف 

يرتفع حجم استهلاك المواطنين للسلع الغذائية فى شهر رمضان من كل عام بمعدلات كبيرة مقارنة بباقى شهور السنة، حيث يقول الدكتور رشاد عبده، الخبير الاقتصادى، رئيس المنتدى المصرى للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية: إننا أنفقنا العام الماضى أكثر من 43 مليار دولار على السلع الغذائية فى رمضان، وما يزيد الأمر صعوبة أننا نستورد الكثير من الخارج، وما زلنا نستورد اللحوم من الخارج أيضا، وهذا لا يخدم بدوره المنتج المحلى، كما أن الاستيراد من الخارج يتطلب صرف عملات أجنبية، وليس لدينا فائض فى ذلك.

ويرى أن الاستفادة الحقيقية التى نحصدها تكون اجتماعية أكثر منها اقتصادية؛ حيث تكثر أعمال الخير وشعور الغنى بالفقير، وهكذا.

وعن كيف يمكن لمصر أن تعتمد على نفسها فى إنتاج ما تحتاج إليه؟ يبين رشاد، أننا نستورد %85 أو %86 من زيت الطعام، فضلا عن غيره من المنتجات التى يمكننا تصنيعها بمنتهى السهولة، ويمكننا تشجيع القطاع الخاص والتصدير للخارج، لكن للأسف أغلبنا نتكاسل ولا يعمل إلا بتوجيهات السيد الرئيس، والمشكلة التى تحدث فى شهر رمضان تتمثل فى زيادة استهلاك الناس للسلع بخلاف بقية الأشهر، وفى الخارج لاحظت أن الناس تشترى احتياجاتها فقط، ولكى نستفيد من الناحية الاقتصادية علينا إنتاج ما نأكله، والعمل على الإكتفاء من ذلك.

ويضيف، أن هناك اعتقاداً خاطئاً فى هذا الشهر بأن علينا أن ندخر سلعا كثيرة، فتضطر الدولة لكى تكفى احتياجات المواطنين أن تجلب من الخارج، فنجور على الاحتياطى النقدى للبنك المركزى، حتى تأكل الناس وتقيم العزومات.

ويشيد د. رشاد، بمعارض «أهلا رمضان» المنتشرة حاليا فى جميع أنحاء الجمهورية، ويعتبرها مكسبا للمواطن البسيط؛ لطرحها السلع الغذائية بأسعار مخفضة، ويطالب الأسر المصرية بوضع خطة نفقات خلال هذا الشهر، وتحديد الالتزامات المهمة فى رمضان.

 زينة وياميش 

فى السياق يقول شريف، صاحب إحدى محلات الزينة فى شارع الخيامية بالدرب الأحمر: أضفنا أشكالا ورسومات جديدة هذا العام، وأعمل على تجهيز التصميم للطباعة من عيد الأضحى المبارك، أى قبلها بقرابة العام، وتصنع فوانيس رمضان فى حى السيدة زينب من خامات مختلفة، فمنها الصاج الذى يتراوح سعره من 20 إلى 2000 جنيه، والخيش الذى يتراوح سعره من 100 إلى 150 جنيها، والخيامية الذى يتراوح سعره من 50 إلى 150 جنيها، أما الخشب فيتراوح سعره من 35 إلى 100 جنيه.

 معارض أهلاً رمضان

من جهته يقول محمد المصرى، نائب أول رئيس الاتحاد العام للغرف التجارية، إن هناك 27 غرفة تجارية على مستوى المحافظات ساهمت فى معارض أهلا رمضان التى انطلقت منذ أيام بالتعاون مع كافة الجهات؛ لإتاحة السلع للمواطنين بأسعار مخفضة، وتهتم الدولة بتوفير السلع الاستراتيجية للمواطنين خلال هذه الفترة، كما أن هناك 3.6 مليون فدان قمح سيساهم إنتاجهم بـ 10 ملايين طن؛ ليكفى السوق المصرى لنهاية العام.

 تسهيلات 

من جانبه يوضح أحمد كمال، معاون الوزير، المتحدث الرسمى باسم وزارة التموين والتجارة الداخلية، أن نسبة التخفيضات على السلع بمعرض «أهلا رمضان» تصل إلى 30 %، كما أن المجمعات الاستهلاكية بها 3 أنواع من اللحوم وهى اللحوم السودانية الطازجة بـ 95 جنيها للكيلو، واللحوم الهندية المجمدة بـ 55 جنيها، واللحوم البرازيلية المجمدة بـ 85 جنيهاً، وتم تحرير 7000 قضية متعلقة بالدقيق والمخابز، ويفرض جهاز حماية المستهلك عقوبات رادعة على المحتكرين قد تصل للحبس والغرامة 2 مليون جنيه.

وأعلنت وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى استعدادها لاستقبال شهر رمضان، نظرًا للإقبال الكبير على شراء السلع الاستهلاكية، وعلى رأسها اللحوم والدواجن؛ لذا تم اتخاذ عدد من الاحتياطات المهمة منها: الإشراف على جميع الأغذية واللحوم والدواجن الموردة للمستشفيات، وشن حملات مكثفة على الأسواق للكشف عن اللحوم الفاسدة وغير الصالحة للاستهلاك الآدمى.

وأكدت وزارة التنمية المحلية، أن غرفة العمليات المركزية بالوزارة تتابع الجولات الميدانية المفاجئة للمحافظين والأجهزة التنفيذية، على المعارض والمنافذ والأسواق؛ للتأكد من توافر السلع الأساسية وضبط أسعارها والمواد الغذائية، والتأكد من عدم المغالاة وزيادة المعروض أولًا بأول للتخفيف عن كاهل المواطنين.