السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
رئيس مجلس الإدارة
هبة الله صادق
رئيس التحرير
أحمد الطاهري
كلمة و  2/1 .. عبدالحليم ليس شيطانًا ولا ملاكًا!!

كلمة و 2/1 .. عبدالحليم ليس شيطانًا ولا ملاكًا!!

الأخ الحبيب الأستاذ كامل الشناوي



دار أخبار اليوم 

‏CAIRO EGYPT

‏U.A.R

من أمريكا عبر المحيط أكتب لك معبرًا عن شوقى وحبى وشكرى على كلمتك الحلوة الرقيقة ولأقول لك كل سنة وأنت طيب وأنت سعيد وأنت بكامل صحتك وكل سنة وأنت تملأ الدنيا شعرًا وحياة وكل سنة وأنت معنا نحبك وتحبنا وتملأ حياتنا بكلماتكم الحلوة..  أقبلك وإلى اللقاء القريب 

إن شاء الله 

أخوك 

عبدالحليم 

ما تقرأه هو الرسالة  تلك التي بعث بها «عبدالحليم حافظ» إلى «كامل الشناوي» فى مطلع شهر ديسمبر 1963 لكى يشاركه احتفاله بعيد ميلاده، واحتفظت بها فى أوراقى الخاصة وقررت فى الذكرى   45  لرحيل عبدالحليم التي تحل 30 مارس،  أن تقرأها أيضًا عزيزى القارئ، كان «عبدالحليم حافظ» حريصًا على أن تتأكد أواصر صداقته بكبار الكُتَّاب وعلى متابعة ما يكتبونه حتى لو كانت كلماتهم نشرت فى غيابه، فى وقت كانت المسافات الجغرافية تلعب دورًا لا ينكر، فأنا أتحدث عن رسالة يصل عمرها إلى نحو 60 عامًا،  تؤكد إلى أى مدى كان «عبدالحليم» دائمًا فى حالة يقظة.. تجد فى كلمات الرسالة شيئًا خاصًا حميمًا يعبر عما كان يجمع بين الكاتب والشاعر الكبير  و«عبدالحليم»، حيث منح «كامل الشناوي» قوة دفع  لعبدالحليم فى بداية مشواره بعد أن قدم أغنية «على قد الشوق اللى فى عيوني» عام 1954 اعتبرها «كامل الشناوي» فى مقال نشره على صفحات جريدة «الأخبار» بمثابة الطائر الذي حلق بعبدالحليم إلى سماء النجومية.. وكان «كامل الشناوي» صديقًا للأربعة الكبار فى دنيا النغم.. كثيرًا ما كان بينهم صراعات معلنة ومستترة «أم كلثوم»،  «عبدالوهاب»،  «فريد»،  «عبدالحليم»، ورغم ذلك كان لكل منهم فى قلب «كامل الشناوي» مساحة خاصة وغنى حليم لكامل الشناوى ثلاث قصائد «لاتكذبي» و«لست قلبي» و«حبيبها»!!

فى حياة «عبدالحليم» كان حريصًا على أن يظل محاطًا بالكبار «كامل الشناوي»،  «مصطفى وعلى أمين»،  «إحسان عبدالقدوس»،  «أحمد بهاء الدين»،  «صلاح جاهين»  ومحمود السعدنى، ثم ينتقل إلى الجيل التالى  مفيد فوزى «وجدى الحكيم»،  «منير عامر»،  «محمود عوض» ليظل فى بؤرة الإعلام. ونكتشف أن الإعلام  كان يمنح «عبدالحليم» مساحات تتجاوز حتى ما هو ممنوح لأم كلثوم.. لا يمكن أن نعزى ذلك سوى لسبب واحد إنها جاذبية «عبدالحليم».. نعم فى حياته كان قادرًا على أن يسيطر على الإعلام مرئيًا ومسموعًا ومقروءًا.. الموهبة لا تكفى،  لكى تحافظ على نجاحك، ينبغى أن يتوفر لها حماية أخرى من خلال الإعلام!! عندما نسأل فنانًا عن مكانته بين زملائه يقول لك تلك الإجابة التي صارت «كليشيه» ليس لى دخل بالآخرين أنا فقط لا أفكر إلا فى اختياراتى وربنا يوفق الجميع.. «عبدالحليم» كان يراقب الجميع، النجاح الذي يحققه أى فنان يتابعه ويتأمله ويحاول أن يعثر على أسبابه،  ولا ينكر أنه يتابعهم وكان أحيانًا يتدخل بذكاء فى إشعال التنافس بين منافسيه حتى يبددوا طاقاتهم فى الصراع فيما بينهم، بينما هو يواصل التقدم بمفرده.

 نعم لم يكن «عبدالحليم حافظ» هو فقط هذا الفنان الحالم المتسامح كما كنا نشاهده دائمًا من خلال تلك الصورة الذهنية التي صدَّرها لنا فصارت راسخة فى الوجدان حتى الآن،  فلم يكن الملاك الشفاف،  كما أنه قطعًا لم يكن الشيطان الرجيم. 

كبار الكتَّاب كانت لديهم أيضًا قدرة على أن يرسموا بدقة صورة «عبدالحليم» يكتشفون المناطق السهلة والممنوعة،  وهذا هو ما دفع «كامل الشناوي» أن يطلق عليه تعبير صار لصيقًا به وكأنه مفتاحًا لشخصيته (عبدالحليم يصدق إذا غنى ويكذب إذا تكلم).. البعض يرى فيها نصف الكوب الفارغ فهو إنسان كاذب ولكنك إذا تأملت النصف الثانى ستجده «ملآن» يؤكد أن «عبدالحليم»  فنان صادق، وأنه خلق لكى يبدع فنًا كل شىء بالنسبة لعبدالحليم كان لديه وظيفة واحدة ووحيدة وهى أن يضع «عبدالحليم» فى مكانة خاصة، قد يضحى بصداقة،  قد يلجأ إلى الضرب تحت الحزام قد يسطو على لحن أو ملحن أو شاعر من الممكن أن يستخدم سلاح السخرية أو حتى التشنيع، قد تبدو مثل هذه الكلمات ظاهريًا،  تحمل قدرًا من القسوة لكن دعونا نتفق أن كل العمالقة لهم مناطق ضعفهم وهكذا «عبدالحليم»  الذي لم يعرف الصدق إلا فقط عندما يغنى، وهكذا عاش فى حياتنا ولا يزال  وعاشت معه كلمات كامل الشناوى ولا تزال!!>